Вы находитесь на странице: 1из 145

‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫حمص‬
‫بين الحاضر والماضي‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬

‫‪1‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫حاضرا ً‬

‫‪Top of Form‬‬
‫‪Bottom of Form‬‬

‫حمص كبرى المحافظات السورية وثالثة المدن من حيث الهمية و إحدى أشهر الحواضر العربية‬
‫و السلمية يصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى ما يزيد على ‪ 450‬كيلو مترا ً تمتاز بمناخ رائع‬
‫متنوع وتشتهر بهوائها العليل يمر بها نهر العاصي فيقسمها الى قسمين شرقي وغربي‬

‫حمص كبرى المحافظات السورية وثالثة المدن من حيث الهمية و‬


‫إحدى أشهر الحواضر العربية و السلمية يصل ارتفاعها عن سطح البحر‬
‫إلى ما يزيد على ‪ 450‬كيلو مترا ً تمتاز بمناخ رائع متنوع وتشتهر بهوائها‬
‫العليل يمر بها نهر العاصي فيقسمها الى قسمين شرقي وغربي تقع‬
‫حمص في وسط سوريا الغربي وتبعد عن العاصمة دمشق ‪ 160‬كم‬
‫وعن حلب ‪ 190‬كم وعن تدمر عروس الصحراء ‪ 150‬كم وعن‬
‫طرابلس اللبنانية ‪ 90‬كم لحمص حدود دولية مع لبنان غربا و مع العراق‬
‫شرقا ويحدها من المحافظات السورية حماه شمال وريف دمشق‬
‫جنوبا وطرطوس غربا والرقة ودير الزور شمال شرقيا وشرقا يصل‬
‫عدد سكان المحافظة الى ‪ 1800,000‬نسمة حسب إحصائيات السنوات‬
‫الخيرة يتوزعون بين الريف والمدينة بشكل متقارب ’ يشتهر الحمصيون‬
‫خلقهم وشغفهم بطلب العلم ‪,‬كما تعرف‬
‫ببشاشتهم وكرمهم وحسن َ‬
‫حمص بأنها من أكثر المدن محافظة على القيم الدينية و الخلقية ‪ .‬تشير‬
‫اللقى الثرية في موقع قلعة أسامة )قلعة حمص ( وسط حمص أن هذا‬
‫الموقع قد سكن منذ منتصف اللف الثالثة قبل الميلد وهو أقدم موقع‬
‫في المدينة كما تثبت الدراسات ‪ .‬تعد حمص أهم مدن المنطقة ثقافيا ً و‬
‫صناعيا ً و تجاريا ً وزراعيا ً الثقافة والتعليم في حمص حمص مدينة‬

‫‪2‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫العلماء و الدباء و الشعراء والعلم مطلب لزم لكل حمصي يدل على‬
‫ذلك كل حجر وزاوية وتكاد تنعدم نسبة المية فيها تنتشر في حمص‬
‫المراكز والمنتديات و الجمعيات والملتقيات الثقافية ول يمر يوم عليها‬
‫دون تظاهرة أو مهرجان ثقافي وتشمخ على رباها جامعتها العتيدة التي‬
‫أنشـأت عام ‪ 1979‬م ) جامعة البعث( وقد أفتتح فيها حاليا العديد من‬
‫الجامعات الخاصة ‪.‬أما بالنسبة الى عدد البنية المدرسية فى جميع‬
‫مراحل التعليم ما قبل الجامعي بلغت ‪ 1672‬مدرسة تشمل رياض‬
‫الطفال و مرحلة التعليم الساسى و الثانوى و المهنى و المعاهد‬
‫المتوسطة الرسمية و الخاصة و بلغ عدد الشعب الصفية ‪ 15‬الفا و ‪220‬‬
‫قاعة صفية كما بلغ عدد الطلب الجمالى للعام الدراسى الحالى ‪436‬‬
‫الفا و ‪ 490‬طالبا ً ‪ .‬الزراعة والثروة الحيوانية في حمص تتربع حمص‬
‫على مساحات هائلة من الراضي الخصبة المزروعة حسب أحدث‬
‫الساليب العصرية حيث تبلغ المساحة المستثمرة المروية ‪/‬‬
‫‪/424252‬هكتار و يمر في حمص نهر العاصي الشهير كما تمتاز‬
‫بمخزونها الكبير من المياه الجوفية وأهم الحاصلت الزراعية ‪:‬القماح –‬
‫الشوندر السكري‪ -‬القطن‪ -‬البطاطا – الذرة الصفراء – الحمص – الخضار‬
‫– الفاصولياء الحب‪ -‬البندورة – الشعير –العدس – الفول – البصل ‪.‬أما‬
‫بالنسبة للشجار المثمرة فأهمها ‪ :‬الزيتون –الكرمة – المشمش – التفاح‬
‫– اللوز – الدراق – الفستق الحلبي – الحمضيات ‪.‬بالنسبة للنتاج‬
‫الحيواني ‪:‬رؤوس البقار‪ /93000/‬رأس أغنام ‪ /1885849/‬رأس ـ‬
‫الماعز ‪ /96931/‬رأس الجمال ‪ /2200/‬خليا النحل ‪ /25500/‬خلية‬
‫الدواجن ‪ . /3210000/‬ويبلغ إنتاج اللحم من جميع أنواع الحيوانات ‪/‬‬
‫‪ /52000‬طن سنويا" والسماك بحدود ‪/350/‬طن حمص صناعيا ً تحتضن‬

‫‪3‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫حمص صناعات هامة جدًابدءا من تكرير النفط وتصديره من مصفاة‬


‫حمص الشهيرة أنشئت عام ‪ /1958/‬بطاقة تكريرية مليون طن سنويا"‬
‫وقد تم توسيعها عدة مرات وآخرها في عام ‪ /1989/‬الذي يعتبر بمثابة‬
‫مصفاة جديدة حيث تم إقامة محطة القو الحرارية على الغاز وأنشئت‬
‫وحدة لنتاج الغاز ومعمل لمزج الزيوت ووحدة معالجة ويبلغ عدد العمال‬
‫مرورا ً بمعامل السمدة الزوتية ويعتبر أكبر مجمع‬ ‫فيها ‪ /4731/‬عامل‬
‫صناعي كيميائي في سوريا وتأسست الشركة عام ‪ /1967/‬واستثمرت‬
‫أول معاملها وهو معمل السماد الزوتي عام ‪ /1973/‬وشهدت الشركة‬
‫توسعات كبيرة حيث تم إنشاء معمل المونيا يوريا ومعمل السماد‬
‫الفوسفاتي ووضعت في الستثمار في عام ‪ /1981/‬ويبلغ رأس مال‬
‫الشركة حوالي ‪ /5/‬مليارات ليرات سورية وعدد العاملين ‪/3300/‬‬
‫عامللشركة العامة للفوسفات والمناجم أحدثت عام ‪ /1970/‬وبدأ تصدير‬
‫الفوسفات عام ‪ /1973/‬وحاليا" تصدر كمية ‪/2000/‬طنشركة الوليد‬
‫للغزل – شركة حمص للغزل والنسيج والصباغة – شركة الرستن‬
‫للسمنت – شركة ألبان حمص‪ -‬الشركة العامة للسكر – الشركة العامة‬
‫للمطاحن – الشركة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب محلج الوليد للقطان‬
‫الشركة العامة للمخابز اللية – شركة توليد الطاقة – الشركة‬ ‫–‬
‫السورية للنفط – شركة تصنيع العنب – شركة الغاز والصناعات‬
‫العسكرية وغيرها كثير ‪ ......‬وتسير حمص بخطوات ثابتة في تعزير هذا‬
‫الجانب وتطويره بدعم القطاع الخاص و الستفادة منه وهذا ما كان إذ‬
‫أقيمت في محافظة حمص بمنطقة حسياء المدينة الصناعية والتي تعد‬
‫إحدى أكبر و أهم المدن الصناعية في الشرق السط‬

‫المدينة الصناعية بحسياء وقد تم التركيز عليها بسبب موقعها‬


‫‪4‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الجغرافي المتميز إذ أنها تتمتع بالميزات التالية ‪ -1 :‬موقعها المتوسط‬


‫بين محافظات القطر العربي السوري‪ -2.‬الرتباط المباشر بشبكة‬
‫الطرق القليمية والمحلية والخطوط الدولية عبر طريق حمص – دمشق‬
‫الدوليحيث تبعد عن لبنان بحدود‪ 100 /‬كم‪ /‬وعن الردن حوالي‪250 /‬كم‪/‬‬
‫و عن العراق بحدود‪ 500 /‬كم ‪ /‬و عن تركيا بحدود‪ 250 /‬كم‪-3 ./‬‬
‫ارتباط المدينة الصناعية بمحطة القطار المتوضعة على الحدود الشمالية‬
‫الشرقية للمدينة ووجود المرفأ الجاف الذي يخدم المدينة الصناعية بكافة‬
‫الخدمات اللزمة للوصول إلى الموانئ الساحلية السورية حيث يبلغ طول‬
‫الخط الحديدي بين محطة القطار في حسياء و محطة طرطوس ‪160/‬‬
‫كم ‪ /‬و بين المحطة في حسياء و محطة طرابلس ‪ 170/‬كم‪. /‬بالضافة‬
‫توفر مصادر المياه والطاقة‬ ‫إلى المميزات الخرى نذكر منها ‪-1 :‬‬
‫الكهربائية حيث تغذى المدينة بالمهرباء عن طريق محطة جندر الحرارية‬
‫والتي تبعد بحدود ‪ 13‬كم إضافة لوقوع المدينة الصناعية فوق مصدر‬
‫مائي وفير مما أمن احتياجات المدينة الصناعية من المياه لكافة‬
‫الستخدامات ‪ -2‬وجود أراضي واسعة شمال وشرق المدينة الصناعية‬
‫تؤمن الحاجة المستقبلية للتوسع المخطط الهيكلي والتنظيمي‬
‫للمدينة الصناعية‪ :‬بلغت مساحة المدينة الصناعية ‪/ 2495/‬هكتار‬
‫موزعة على مختلف الفعاليات على النحو التالي‪-1:‬جزء مخصص‬
‫للصناعات المتوسطة و الكبيرة بمساحة ‪/1328/‬هكتار‪.‬وعدد‬
‫المقاسم الصناعية فيه ‪ /1290/‬مقسم تتراوح مساحة هذه المقاسم بين‬
‫‪ 100000 -600‬م ‪2‬تقسم هذه المنطقة على أربع أنواع من الصناعات‬
‫حسب التي‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الصناعة‬ ‫المساحة ‪/‬‬ ‫النسبة‬


‫هكتار‬
‫منطقة الصناعات‬ ‫‪433‬‬ ‫‪32%‬‬
‫النسيجية‬
‫منطقة الصناعات‬ ‫‪330‬‬ ‫‪25%‬‬
‫الغذائية‬
‫منطقة الصناعات‬ ‫‪305‬‬ ‫‪23%‬‬
‫الهندسية‬
‫منطقة الصناعات‬ ‫‪260‬‬ ‫‪20%‬‬
‫الكيميائية‬
‫‪ -2‬جزء مخصص للصناعات الخفيفة بمساحة ‪ 165‬هكتارعدد‬
‫المقاسم ضمن هذه المنطقة ‪ 1488‬مقسم تتراوح مساحة هذه المقاسم‬
‫بين ‪ 72‬وحتى ‪ 1728‬م ‪ -3. 2‬المنطقة السكنية بمساحة ‪440‬‬
‫هكتارموزعة لسكن عمالي وسكن شبابي وسكن ترفيهي ) فيلت(‬
‫ومؤهلة لستيعاب ‪ 66000‬نسمة ‪ -4.‬منطقة المركز الداري‬
‫للمدينة الصناعية بمساحة ‪ 57‬هكتارتشمل المبنى الداري وفنادق‬
‫ومطاعم ومهبط للمروحيات ومشفى وصالت عرض ومراكز ثقافية‬
‫ومراكز للخدمات العامة ) كهرباء – مياه – هاتف – مصارف – مركز‬
‫شرطة ‪ -5(.....‬المنطقة الترفيهية والخدمات الجتماعية‬
‫بمساحة ‪ 56‬هكتار ‪ -6‬منطقة الملعب الرياضية بمساحة ‪33‬‬
‫هكتار ‪ -7‬الطرق الئيسية ضمن المخطط الهيكلي بمساحة‬
‫‪ 187‬هكتار ‪ – 8.‬و نتيجة للتطلعات المستقبلية و التوجيهات الجديدة‬
‫نقوم الن بإعداد الدراسة الهيكلية للتوسع المستقبلي للممدينة الصناعية‬
‫‪6‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫بمساحة حوالي ‪10000/‬هكتار‪ /‬و الدراسة القليمية للتنمية العمرانية‬


‫لمحور حمص – حسياء من خلل التعاون بين فريق وطني من أكفأ‬
‫الخبرات المحلية و بين فريق استشاري ألماني مختص بهذا العمل‬

‫الفتح السلمي لحمص‬


‫‪Top of Form‬‬

‫الفتح السلمي لحمص‬

‫لعل هذا الحدث العظيم هو نقطة التحول الحقيقي في تاريخ مدينتنا الغراء ففي‬
‫عام ‪ 14‬للهجرة أكرم الله حمص أعظم تكربم بانتصار جيش المسلمين والفتح‬
‫المبين على يد أمين المة أبي عبيدة بن الجراح وسيف الله خالد بن الوليد رضي‬
‫الله عنهما‪.‬‬

‫الفتح السلمي لحمص‬

‫لعل هذا الحدث العظيم هو نقطة التحول الحقيقي في تاريخ مدينتنا الغراء ففي‬
‫‪7‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫عام ‪ 14‬للهجرة أكرم الله حمص أعظم تكربم بانتصار جيش المسلمين والفتح‬
‫المبين على يد أمين المة أبي عبيدة بن الجراح وسيف الله خالد بن الوليد رضي‬
‫الله عنهما‪.‬‬
‫و تشير كتب التاريخ إلى أن أول من دخل حمص رجل من ذي الكلع و أول راية‬
‫إسلمية طافت أرجاء حمص في موقف مهيب هي راية ميسرة بن مسروق‬
‫و يروى أن أول مولود في حمص بعد الفتح كان أدهم بن محرز بن أسد الباهلي‪.‬‬

‫و في ما يلي نقل عما جاء في فتح حمص في كتاب ) الروض المعطار في أخبار‬
‫القطار (‬

‫وافتتحها أبو عبيدة بن الجراح صلحا ً سنة أربع عشرة في خلفة عمر رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬وذلك أنه لما تم الصلح بينه وبين أهل بعلبك وكتب لهم كتابًا‪ ،‬خرج نحو حمص‬
‫فجمع له أهلها جمعا ً عظيما ً ثم استقبلوه بجومية فرماهم بخالد بن الوليد رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬فلما نظر إليهم خالد قال‪ :‬يا أهل السلم الشدة الشدة‪ ،‬ثم حمل عليهم خالد‬
‫وحمل المسلمون معه فولوا منهزمين حتى دخلوا مدينتهم‪ ،‬وبعث خالد ميسرة بن‬
‫مسروق فاستقبل خيل ً لهم عظيمة عند نهير قريب من حمص فطاردهم قليل ً ثم‬
‫حمل عليهم فهزمهم‪ ،‬وأقبل رجل من المسلمين من حمير يقال له شرحبيل فعرض‬
‫له منهم فوارس فحمل عليهم وحده فقتل منهم سبعة‪ ،‬ثم جاء إلى نهر دون حمص‬
‫مما يلي دير مسحل فنزل عن فرسه فسقاه‪ ،‬وجاءه نحو من ثلثين فارسا ً من أهل‬
‫حمص فنظروا إلى رجل واحد وأقبلوا نحوه‪ ،‬فلما رأى ذلك أقحم فرسه وعبر الماء‬
‫إليهم‪ ،‬ثم ضرب فرسه فحمل عليهم فقتل أول فارس ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع‬
‫ثم الخامس ثم انهزموا وتبعهم وحده‪ ،‬فلم يزل يقتل واحدا ً واحدا ً حتى انتهوا إلى‬
‫دير مسحل وقد صرع منهم أحد عشر رجل ً فاقتحموا جوف الدير واقتحم معهم‬
‫فرماه أهل الدير بالحجارة حتى قتلوه رحمه الله‪ ،‬وجاء ملحان بن زياد وعبد الله بن‬
‫قرط وصفوان بن المعطل إلى المدينة فأخذوا يطيفون بها يريدون أن يخرج إليهم‬
‫أهلها فلم يخرجوا‪ ،‬وجاء المسلمون حتى نزلوا على باب الرستن فزعم النضر بن‬

‫‪8‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫شفي أن رجل ً من آل ذي الكلع كان أول من دخل مدينة حمص‪ ،‬وذلك أنه حمل من‬
‫جهة باب الرستن فلم يرد وجهه شيء فإذا هو في جوف المدينة‪ ،‬فلما رأى ذلك‬
‫ضرب فرسه فخرج كما هو على وجهه‪ ،‬ول يرى إل أنه قد هلك حتى خرج من باب‬
‫الرستن فإذا هو في عسكر المسلمين‪ .‬وحاصر المسلمون أهل حمص حصارا ً‬
‫شديدا ً فأخذوا يقولون للمسلمين‪ :‬اذهبوا نحو الملك فإن ظفرتم به فنحن كلنا لكم‬
‫عبيد‪ ،‬فأقام أبو عبيدة رضي الله عنه على باب الرستن بالناس وبث الخيل في‬
‫نواحي أرضهم فأصابوا مغانم كثيرة وقطعوا عنهم المادة والميرة‪ ،‬واشتد عليهم‬
‫الحصار وخشوا السبي فأرسلوا إلى المسلمين يطلبون الصلح‪ ،‬فصالحهم‬
‫المسلمون وكتبوا لهم كتابا ً بأمان على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وعلى أن‬
‫يضيفوا المسلمين يوما ً وليلة وعلى أن على أرض حمص مائة ألف دينار وسبعين‬
‫ألف دينار‪ ،‬وفرغوا من الصلح وفتحوا باب المدينة للمسلمين فدخلوها وأمن بعضهم‬
‫بعضا ً‬

‫‪http://www.flickr.com/photos/29630435@N04/3320060460/‬‬

‫تقع حمص في القسم الوسط الغربي من سورية‪ ،‬على طرفي وادي العاصي الوسط والذي يقسمها إلى قسمين‪،‬‬
‫القسم الشرقي وهو منبسط والرض تمتد حتى قناة ري حمص‪ .‬والقسم الغربي وهو الكثر حداثة يقع في منطقة‬
‫الوعر البازلتية‪ .‬تبعد حمص عن دمشق ‪162/‬كم‪ /‬وإلى الجنوب من حلب على مسافة ‪190/‬كم‪ /‬وإلى الشرق منها‬
‫تبعد تدمر ‪150/‬كم‪ /‬وإلى الغرب منها طرطوس على مسافة ‪96/‬كم‪ . /‬و ‪ / 45/‬جنوب حماة على خط العرض‬

‫‪9‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪ ٣٤.٧٤ .‬درجة شمال خط الستواء ‪ ٣٦.٨٥‬درجة شرقي غرينتش‬


‫يخترقها نهر العاصي زراعًا الحياة في جانبها الغربي أما جانبها الشرقي فهو بادية صحراوية الطابع تقريبًا‬
‫لكن سهوبه المتموجة غنية بالمواقع الثرية المتميزة‬
‫ترجع أصول النسان المكتشفة في هذه المحافظة إلى العصر الحجري حيث اكتشفت آثاره وأدواته الحجرية‬
‫على ضفاف العاصي‬
‫وقد توالت عليها عدة حضارات حيث كانت موطنًا للعرب الكنعانيين مرورًا بالموريين والحثيين ثم خضعت‬
‫‪.‬للسكندر المقدوني والسلوقيين والرومان إلى أن أصبحت منذ عام ‪636‬م جزءًا من المبراطورية السلمية‬
‫ل في السهول منعشًا في الجبال دافئًا في البادية‬
‫مناخها متباين في مناطقها المختلفة فتراه معتد ً‬

‫) لها العديد من السماء في التاريخ )إميسا ‪ ،‬مملكة ميساء ‪ ،‬صوبا ‪ ،‬حمث الكبرى ‪ ،‬خالد بن الوليد‬
‫ولفظة حمص أرامية وتعني الرض اللينة الواطئة وقد يكون ُأخذ اسمها عن ) حمص بن المهرب بن مكلف‬
‫‪ ( Emesa) .‬العميلقي ( سماها الرومان قديمًا إيميسا‬
‫وقيل اسمها )حمث ( نسبة لسم قبيلة سنتها قديمًا ‪.‬وروى المؤرخ يوسيفوس أن حمث بن كنعان بنى مدينتي‬
‫‪ ) .‬حمث الكبرى ( حمص و) حمث الصغرى ( حماة وقيل أن أرام بن سام اسسها بنفسه‬
‫ذكرها الول حين تمكن الفرعون المصري نخو الثاني بن بساماتيك من هزيمة مملكة ناطفة الشورية فلما نزل‬
‫بجهات حمص بلغه تمرد اليهود في فلسطين فعزل يهو آخار ملكهم وولى أخاه يهوه باقيم وعاد إلى مصر في‬
‫اللف الول قبل الميلد أما سوبيليوما الحثي ‪ ١٣٤٧-١٣٨٧‬ق‪.‬م فقد أمتدت فتوحاته إلى نهري دجلة والفرات‬
‫‪ .‬ومملكة كركميش ودمر مملكة قطنا واستولى على مملكة قادش‬
‫في القرن الرابع عشر ق‪.‬م وقع سيتي الول ابن الفرعون رعمسيس الول معاهدة صلح مع موتناز ملك قادش أما‬
‫الفرعون المصري رعمسيس الكبير ابن سيتي الول ‪ ١٢٣٤-١٣٠٠‬ق‪.‬م فمن أهم أعماله فتح قادش وتذكر هذه‬
‫المناسبة بتحايل أعوان متناز وموتل الحثي عليه وكان الفرعون أن يقع بالسر ) ذكرت الحادثة في صخور‬
‫القصر وعلى جدران الكرنك( عاهد حاتوشيل الثالث الحثي في عام ‪ ١٢٨٧‬ق‪.‬م رغمسيس الثالث فزوجه ابنته‬
‫إثر معركة قادش‬
‫لعل أقدم موقع سكني في مدينة حمص هو تل حمص أو قلعة أسامة‪ ،‬ويبتعد هذا التل عن نهر العاصي حوالي‬
‫‪2.5‬كم‪ ،‬ولقد أثبتت اللقى الفخارية أن هذا الموقع كان مسكونًا منذ النصف الثاني لللف الثالث ق‪.‬م‪ ،‬ولقد ورد‬
‫اسمها حمص محرفًا في وثائق ايبل‪ .‬وتدل أخبار موثقة التي تمت في تل النبي مندو قرب حمص‪ ،‬أن مدينة‬
‫حمص عادت للحضور‪ ،‬وما زالت الدراسات الثرية قاصرة عن تحديد تاريخ حمص في العصر البرونزي‬
‫والحديدي‪ ،‬ولكن تاريخ حمص في العصر السلوقي يبدو أكثر وضوحًا‪ ،‬ذلك أن قبيلة شمسيغرام كانت قد أقامت‬
‫‪.‬سللة ملكية عرفنا أسمائها من عام ‪99‬م وحتى عام ‪133‬م‪ .‬ثم كانت قبيلة كويرينا وقبيلة كوليتا في حقبة متأخرة‬

‫كانت أسرة شمسيغرام قد انتزعت السلطة من أيدي السلوقيين عام ‪96‬م واتخذت مقرًا لها مدينة الرستن‪ ،‬واشتدت‬
‫سيطرتها على المنطقة حتى أصبحت خطرًا على روما‪ .‬إذ صك ملوك هذه السرة النقود باسمهم‪ .‬وإلى عصر هذه‬
‫‪.‬السرة يعود بناء صومعة حمص‬
‫ورد اسم حمص ايميزا في العصر السلوقي والعصر الروماني حيث حظيت حمص برعاية الباطرة الرومان‬
‫وبخاصة الباطرة السوريون الحمصيون الذين حكموا روما‪ .‬كما كانت‬
‫علقة حمص بتدمر وشيجة وكان الشاعر جوفينال ) شاعر روما الساخر ( يتحدث باستنكار عن نفوذ سورية‬
‫على روما وقال ‪ ) :‬لقد أصبح نهر العاصي يصب في نهر التيبر أتيًا معه باللغة والعادات والفن (‪ .‬وفي العصر‬
‫المسيحي تبنت حمص رسميًا المسيحية وهي ديانة السلطة البيزنطية الحاكمة منذ القرن الخامس الميلدي‪ .‬وكان‬
‫‪.‬منها رجال كنيسة مرموقون‬

‫سكنت حمص قبل السلم‪ ،‬قبائل عربية من بني تنوخ وبني كلب وقبائل يمنية‪ ،‬ازداد نفوذ اليمانيين في حمص‬
‫بعد السلم‪ .‬وخلل قرنين قبل الميلد كان في حمص معبد الشمس‪ ،‬واكتشفت حجرة مذبح هذا المعبد في قلعة‬
‫‪10‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫حمص‪ ،‬وهذا المعبد مخصص لله الجبل ايلغابال وكان في هيكله الحجر المقدس الذي نقل إلى روما في عصر‬
‫المبراطور السوري إيلغابال الذي حمل اسمًا مقدسًا بوصفه حامي الهيكل‪ .‬ابتدأ العصر السلمي في حمص‬
‫بعد أن فتحها خالد بن الوليد ‪637‬م وإليه تنسب المدينة‪ ،‬ولعل قبره فيها‪ .‬وشهدت منطقة حمص عام ‪ 1281‬إحدى‬
‫المعارك الفاصلة الظافرة بقيادة السلطان قلوون ضد المغول وهي معركة الخزندار وفي تقرير لمدير آثار حمص‬
‫ذكر أنه‪ :‬لم يبق من حمص القديمة إل الشيء القليل‪ ،‬فلقد زالت مدافن ونصب أسرة شمسيغرام‪ ،‬واختفت المقابر‬
‫الرومانية وتخرب ما بقي من سور حمص الشرقي‪ ،‬وردم خندق السور في الستينات‪ ،‬وزالت معالم البواب‬
‫القديمة‪ ،‬باب تدمر وباب الدريب وباب السباع وباب هود وباب السوق‪ ،‬وأتى الهدم على أجزاء كاملة من أحياء‬
‫المدينة القديمة‪ ،‬وكان آخرها في عام ‪ 1986-1985‬حي الربعين‪ ،‬ولم يبق إل بضعة أبنية سكنية تعود إلى‬
‫عصور متأخرة‪ ،‬وقلعة حمص أو قلعة أسامة والباب المسدود‪ ،‬في الجنوب الغربي من السور‪ ،‬وجزء من سور‬
‫باب هود وأبراجه في موقع حي الربعين شرقي دار الحكومة‪ ،‬وجزء من السور الشرقي بين باب تدمر وباب‬
‫الدريب‪ .‬ومن المباني التي تذكر مبنى جامع خالد بن الوليد الذي شيده السلطان عبد الحميد على أنقاض جامع‬
‫مملوكي‪ ،‬وقبله الجامع النوري الكبير الذي جدد زمن نور الدين زنكي‪ ،‬وهناك بضعة دور سكنية في المدينة‬
‫‪.‬القديمة لها صفة القدم‪ ،‬وتحمل الطابع المعماري المحلي مثل دار آل الزهراوي‬
‫اما دار البلدية القديمة التي أنشئت في بداية القرن العشرين فقد أصبحت مقرا لمتحف حمص‪ .‬وحمص القديمة كما‬
‫يصفها التقرير‪ ،‬متطاولة من الغرب إلى الشرق تظهر في بعض أطرافها أجزاء صغيرة من السور القديم‪،‬‬
‫وبخاصة في الشرق وفي الغرب‪ ،‬يتألف المخطط العام من‬
‫محورين رئيسيين متعامدين‪ ،‬ومحاور ثانوية أخرى تنفذ إلى الجهات الربع وإلى الجهات الفرعية الخرى خارج‬
‫مسار السور‪ .‬وفي بقاع صغيرة داخل المدينة القديمة انتشرت البيوت المبنية على النحو الوربي‪ ،‬وكذلك في‬
‫أحياء الطراف التي ظهرت في أواخر العصر العثماني‪ ،‬وأثناء النتداب الفرنسي ظهرت أحياء باب هود‬
‫والبغطاسية وجورة الشياح ووادي السباع والمريجة وغيرها‪ .‬ويجري تنظيم حمص الحديثة وفق المخطط الجديد‬
‫لعام ‪ ،1962‬الذي قامت بوضعه شركة دوكسيادس اليونانية‪ ،‬ثم المخطط المعدل عام ‪ .1985-1975‬وتمتد البنية‬
‫الحديثة الن في حمص باتجاه أطرافها الشمالية والشرقية والجنوبية‪ ،‬وفي الجزء الواقع غرب نهر العاصي أي‬
‫في منطقة الوعر‪ ،‬وفي غرب المدينة تقوم المصفاة‪ .‬وقد شهدت المدينة اتساعًا واسعًا في الربع الخير من القرن‬
‫العشرين‪ ،‬مع ظهور أحياء جديدة شعبية بناها القادمون من الريف‪ ،‬إلى جانب أبنية القسم الغربي من مركز المدينة‬
‫التجاري وأحياء الغرب وبخاصة أحياء الغوطة والحمراء والملعب البلدي والمحطة وجزء من حي النشاءات‬
‫وبخاصة الوعر‪ ،‬حيث أخذت تنتشر البنية المنفردة المترفة الواسعة المساحة‪ .‬ومن مظاهر هذا التساع الكبير‬
‫اتصال أبنية المدينة بالقرى المجاورة لها مثل بابا عمرو في الجنوب الغربي ودير بعلبه في الشمال وزيدل في‬
‫الشرق‪ .‬وظهرت على أطراف الشارع الرئيسي وفي مداره وفي الشوارع الخرى المتفرعة منه نحو حي الغوطة‬
‫وجورة الشياح الجديدة وشارع طريق حماة والميماس وشارع طريق الشام أبنية تجارية وإدارية ومساحات‬
‫‪.‬خضراء وحدائق مثل أبنية دار الحكومة ودار البلدية والمركز الثقافي والبنك التجاري‬
‫وتأتي حمص في المرتبة الثالثة بعدد السكان بعد مدينتي دمشق وحلب‪ .‬وتشهد المدينة‪ ،‬شأنها في ذلك شأن مراكز‬
‫المحافظات ومراكز المناطق والمدن الخرى في القطر استقبال أعداد كبيرة من المهاجرين إليها من الرياف‪،‬‬
‫‪.‬لوجود فرص عمل في المشروعات المختلفة‪ ،‬وللستفادة من مغريات المدينة‬
‫ومدينة حمص ملتقى لعدد كبير من النشاطات السياحية والثقافية‪ ،‬فهي من ناحية هدف سياحي ترويحي عن النفس‬
‫يقصدها أو يمر بها الراغبون في التوجه إلى مراكز الثار في تدمر أو قلعة الحصن‪ ،‬أو المسافرون إلى شاطئ‬
‫البحر‪ .‬وتتوفر على نهر العاصي وقناة الري وبحيرة قطينة للزائرين أو لهلها الراغبين بالنزهة والترفيه عن‬
‫النفس خدمات سياحية‪ .‬فقد أشتهرت بمنتزهاتها ومقاصدها السياحية موقع‬
‫عاصي الميماس وعاصي الجديدة وعاصي الخراب والمقاهي والمطاعم القائمة على قناة الري وبحيرة قطينة‪.‬‬
‫بالضافة إلى المنطقة التي توفرها الخضرة في البساتين والمزارع الصغيرة والمحيطة بالمدينة‪ .‬ولقد وصف‬
‫‪.‬موريس باريس هذه المناطق في كتابه على ضفاف العاصي ‪1921‬‬
‫تزايد دورها الثقافي منذ أن بدأ إنشاء جامعة البعث في عام ‪ ،1980‬وافتتاح كليات الداب والهندسة والمعصر‬
‫البتروكيميائي‪ ،‬والقيام بتشييد البنية الجامعية فيها‪ .‬وفيها قصر الثقافة ومتحف حمص‪ .‬الذي يشغل حاليًا قصر‬

‫‪11‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪.‬البلدية‪ .‬ويحوي مجموعات من التماثيل والتحف‬


‫‪:‬الكنائس‬
‫وفي حمص كنسية مار إليان وهي تخلد ذكرى ضابط روماني حكم حمص ودان بالمسيحية فقتله أبوه‪ ،‬وفي عام‬
‫‪ 1970‬اكتشف في هذه الكنسية لوحات جدارية تعود إلى القرن الثاني عشر‪ ،‬وتحت الرسم لوحات فسيفسائية من‬
‫القرن السادس ‪ .‬ويضاف إلى هذه الكنيسة كنسية أم الزنار وكنسية سعده باب السباع وكنسية القديس انطونيوس‬
‫الكبير‬
‫‪:‬لمقامات‬
‫ومن المقامات ‪ ،‬مقام كعب الحبار الصحابي شيد في العصر العثماني‪ ،‬ومقام أولد جعفر الطيار وهو مملوكي‪،‬‬
‫ومقام أبو موسى الشعري والملك المجاهد‪ ،‬وضريح الصحابي عمرو بن عبسه ومقام النبي هود‪ .‬فلقد انتقل إلى‬
‫حمص بعد الفتح السلمي عدد كبير من الصحابة بلغ خمسمائة حسب بعض المصادر‪ ،‬كان منهم معاذ بن جبل‪،‬‬
‫وعياض بن غنم وعون بن مالك الشجعي وثوبان مولى الرسول‪ ،‬وأثلة بن السقع وشرحبيل بن السمط وكعب‬
‫الحبار‪ .‬وكان الخليفة عمر قد عصر بحكم حمص إلى سعد بن عامر ‪647-637‬م‪ ،‬ثم ولى عليها الخليفة معاوية‪،‬‬
‫شرحبيل بن السمط‪ .‬ثم انتقل الحكم فيه إلى النعمان بن بشر وخالد بن يزيد الذي بنى فيها قصرًا وتوفي فيها‪. .‬وفي‬
‫‪.‬عصر مروان الثاني تم دعم أسوار حمص‬
‫‪:‬أسوار وأبواب حمص‬
‫عند الفتح السلمي‪ ،‬كانت حمص مسّورة وكان فيها أربعة أبواب هي‪:‬‬
‫باب الرستن ·‬
‫وباب الشام ·‬
‫وباب الجبل ·‬
‫‪.‬وباب الصغير ·‬
‫وكان باب الرستن أو باب السوق يقع عند الزاوية الشمالية الغربية للجامع النوري الكبير‪ .‬ولعل باب الشام هو‬
‫نفسه باب الدريب أو باب السباع‪ .‬ثم أصبح لحمص في عصر المنصور إبراهيم سبعة أبواب‪ ،‬هي باب السوق أو‬
‫الرستن وزال في نهاية القرن الماضي‪ ،‬وباب تدمر‪ ،‬وباب الدريب وباب السباع ويقع إلى الشرق من القلعة‬
‫ويفضي إلى المدينة القديمة‪ ،‬وباب التركمان ويقع في الزاوية الشمالية الغربية للقلعة وباب المسدود ويقع إلى‬
‫الشمال مباشرة من باب التركمان وكان عليه كتابة تشير إلى تاريخه في عصر المنصور إبراهيم ‪644-637‬ه‪/‬‬
‫‪1246-1239‬م وباب هود ولم يبق منه إل بعض المداميك وقريب منه مقام النبي هود‪ .‬اما آثار قلعة حمص فهي‬
‫تعود إلى عصر الحمدانيين أو لعلها تعود إلى بني منقذ وأنشئ فوقها قلعة أيوبية وانهارت القلعة إثر زلزال ‪565‬ه‪/‬‬
‫‪1169‬م‬
‫‪:‬الدياميس‬
‫من أبرز الثار القديمة التي اكتشفت في مدينة حمص‪ ،‬الدياميس أو ما تسمى في العصر الروماني باسم‬
‫الكاتاكومب‪ ،‬نسبة إلى القديس كاتاكومبوس الذي قتله الرومان في بداية المسيحية‪ ،‬وهذه الدياميس هي كهوف‬
‫تحت الرض يمارس فيها المسيحيون ديانتهم بعيدًا عن ملحقة السلطة الرومانية القاسية التي كانت تقاوم الديانة‬
‫المسيحية‪ .‬ولقد كشف عن هذه الدياميس في حمص في حي الشرفة وفي حي باب تدمر في عام ‪ 1960‬وتعود‬
‫إلى القرنين الثالث والرابع الميلدي‪ .‬تتألف دياميس حي الشرفة من أروقة مبنية عقودها السقفية من الحجار‬
‫السوداء‪ ،‬طولها ‪18‬م وعرضها ‪12‬م ومتوسط العمق عن السطح ‪5.25‬م‪ ،‬وتتفرع من الدهاليز الوسطى دهاليز‬
‫جانبية تؤدي إلى معازب وضعت فيها قبور المسيحيين مع آثاثهم الجنائري‪ .‬ولقد زينت بعض الجدران بألواح‬
‫)الفسيفساء أو بالتصوير الملون الفريسك تمثل مواضيع دينية‪1)0.‬‬

‫‪:‬القناع الفضي‬
‫ولقد عثر في حمص على كثير من القطع الثرية تعود إلى العصور الكلسية لعل أبرزها قناع القائد العسكري‪،‬‬
‫ل عن الحجم الطبيعي فهو ‪×20×20‬‬ ‫المحفوظ في المتحف الوطني بدمشق‪ ،‬وحجم هذا الثر الهام والثمين يزيد قلي ً‬
‫‪25‬سم‪ .‬والقناع مؤلف من إكليل معدني مغلف بالفضة يحيط الرأس ويغلف القذال بواقية مزخرفة‪ .‬ويعلو من‬

‫‪12‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الوسط شعار وفي أسفله مفصلة لرفع القناع عن الوجه‪ .‬والوجه يمثل الوجه النساني بشكل واقعي رائع التعابير‬
‫ودقيق التنفيذ‪ ،‬وهو من معدن الفضة الصرف‪ .‬ويغطي القناع كامل أقسام الرأس حتى الذنين‪ ،‬أما العينان فلقد‬
‫انفتح فيها شق عرضاني لتسهيل الرؤية‪ .‬ويعود هذا القناع إلى عصر أسرة شمسيغرام‪ ،‬ولعله مخصص لحد‬
‫ملوك هذه السرة‪ ،‬ويعتقد أنه صنع في إنطاكية إذ كانت مشهورة بمثل هذه الصناعة الدقيقة‪ ،‬ولقد عثر على هذا‬
‫القناع الثمين في المقبرة الملكية التي تقع في جورة أبي صابون‪ .‬حيث عثر أيضًا على نفائس ذهبية وفضية‪ .‬كما‬
‫اكتشف أثاث جنازي في أحياء مدينة حمص وفي مقبرة تقع في طريق حماة مقابل جامع خالد بن الوليد‬
‫‪:‬المساكن‬
‫من أبرز المباني القديمة قصر الزهراوي‪ ,‬ويتألف من طابقين وله باحة مربعة وايوان‪ ،‬وتحت الدار أقبية وقاعات‪.‬‬
‫ومن الصعب تحديد تاريخ إنشاء عناصر المعمارية‪.‬وثمة قصر آخر يعود إلى العصر المملوكي هو قصر مفيد‬
‫المين وقصر ثالث هو بيت عبد ال فركوح المبني في بداية القرن العشرين‪ ،‬وبيت آل نسيم في حي الورشة غرب‬
‫قصر المين‪.‬ومعظم البنية بنيت جدرانها الخارجية من الحجر السود الصم أو بني أساسها من الحجر السود‪,‬‬
‫وفوقها جدران من الجر المجفف بالشمس المستور بطبقة من الطين وسقوف المنازل من العقود الحجرية‬
‫والتراب أو من الخشب والطين‪.‬إن أبنية السواد العظم متواضعة قليلة المرات صغيرة المساحة ذات باحة داخلية‬
‫صغيرة تكثر في بنائها مادة الطين‪.‬أما البنية القديمة لدى الموسرين فكبيرة المساحة لها باحة داخلية واسعة أرض‬
‫الدار رصفت أرضها بالحجارة السوداء الملساء المزينة أحيانًا بحجارة بيضاء‪ ،‬وفي جانبها أو في وسطها بئر أو‬
‫بركة للماء‪ ,‬تصطف حولها حجرات تشرف عليها‪ ،‬لها أبواب ونوافذ واسعة وجدران سميكة قوامها‬
‫الحجروالطين‪ ،‬وتتميز من بين الحجرات القاعة لكبيرة للضيوف واليوان المكشوف نحو جهة الشمال وحجرة‬
‫‪.‬المطبخ‬

‫‪ :‬صومعة حمص‬
‫حتى الحرب العالمية الولى‪ ،‬كان ثمة صومعة نستطيع‬
‫تحديد ملمحها من المصادر التاريخية‪ ،‬تعود هذه الصومعة‬
‫‪.‬إلى عصر أسرة شمسيغرام‬
‫كانت الصومعة ضريحًا تذكاريًا أنشئ تخليدًا لهذه السرة‬
‫‪.‬وهكذا يعود تشييدها إلى عام ‪79‬م كما هو منقوش عليها‬
‫والصومعة بناء مربع عند قاعدته‪ ،‬ويتألف من طابقين‪ ،‬ويعلو الطابق الثاني هرم تدمري الطابع ‪ .‬ويتألف الطابق الرضي من‬
‫قاعة مضاءة عبر ثلث فتحات‪ ،‬وكان سقفها عقد يقوم على ثمانية محاريب‪ ،‬وامتازت واجهة الطابقين بوجود خمسة‬
‫أهم المواقع الثرية في مدينة حمص‬

‫‪:‬قلعة حمص‬
‫تقع في الطرف الجنوبي الغربي من حمص القديمة على رابية طبيعية يحيط بها خندق وهي أقدم موقع تم السكن فيه من حوالي‬
‫‪2400‬ق‪.‬م )وجود قرائن أثرية عبارة عن كسر فخارية تعود إلى هذه الفترة( لعبت قلعة حمص دورًا مرموقًا في التاريخ خاصة‬
‫في عهد الدولتين التابكية واليوبية وفي عهد المماليك ‪ .‬وقد اهتم اليوبيون بالقلعة خاصة الملك المجاهد شيركوه بن محمد‪،‬‬
‫حيث خلد ذكره بكتابين على أبراجها في عامي ‪ 1173‬و ‪1178‬م‬

‫‪:‬كنيسة أم الزنار‬

‫‪13‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫من أقدم الكنائس في العالم شيدت في عام ‪59‬م كانت قبوًا تحت الرض وكانت العبادة تتم فيها بالسر خشية‬
‫الحكم الوثني الروماني ‪ .‬ثم وسع بناؤها في العهد المسيحي ‪ ،‬وتضم اليوم ذخيرة ثمينة هي زنار السيدة العذراء‬
‫‪.‬المكتشف عام ‪1953‬م في جرن حجري تحت مذبح الكنيسة‬

‫‪14‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪15‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪16‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪17‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪18‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪19‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪20‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪:‬الجامع النوري الكبير‬

‫‪21‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫يقوم قرب باب السوق )وسط المدينة الحالية( ويظن انه كان يشغل مكان هيكل الشمس المقدس الذي بني في عهد آل‬
‫‪.‬شمسغرام‪ ،‬السرة الوثنية التي حكمت حمص أواخر العهد السلوقي‬

‫‪22‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪:‬جامع خالد بن الوليد‬

‫بني في عهد الملك الظاهر بيبرس وجدد بناؤه في أواخر العهد العثماني على الطراز البيزنطي العثماني‬

‫‪23‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الممزوج بالطراز العربي حيث انتهى في عام ‪1910‬م وفيه ضريح الصحابي الجليل خالد بن الوليد‬

‫‪24‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪25‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪26‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪27‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪28‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪29‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪30‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪31‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪:‬أسواق حمص القديمة‬

‫تشغل مساحة السواق الثرية من المدينة القديمة حيزًا واسعًا ويعود تاريخ تشييد جزء كبير منها إلى العهدين اليوبي‬
‫والمملوكي والعثماني‬

‫‪32‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪33‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪34‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪35‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪36‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫كما أن هناك عددًا من الحمامات الثرية التي تعود إلى نفس الفترة كالحمام الصغير وحمام العصياتي والحمام‬
‫العثماني ‪ ،‬وفي حمص مباني وقصور قديمة من أشهرها قصر الزهراوي الذي جرى تحويله إلى متحف تقاليد‬
‫‪.‬شعبية‬

‫‪37‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪ :‬القصور‬

‫‪38‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫قصر الزهراوي( الذي يجري تحويله إلى متحف تقاليد شعبية(‬


‫‪:‬الماكن السياحية‬
‫السورية فعندما‬ ‫تتنوع الطبيعة في محافظة حمص من بوادي إلى سهول غنية إلى جبال تعتبر من أجمل المصايف‬
‫نتحدث عن بلدات الكفرون و مرمريتا و مشتى الحلو كأننا نتحدث عن أجمل مصايف سورية ‪ .‬و النشاطات السياحية عديدة فيها‬
‫‪ .‬و تنتشر المطاعم و المنتزهات في هذه المناطق والموجودة على ضفة العاصي في ضواحي مدينة حمص‬

‫متحف حمص‬
‫مبنى المتحف الوطني في حمص مبنى قديم يعود تاريخه إلى بداية القرن العشرون وكان مبنى البلدية‬
‫قطع من متحف حمص‬

‫‪39‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫نماذج للبيوت الطينية القديمة‬

‫‪40‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫اسم القطعة‪ :‬إبريق ‪.‬‬


‫الموقع‪ :‬المشرفة‬
‫‪.‬التاريخ‪ :‬اللف الثاني قبل الميلد – العصر السوري الوسط‬
‫المادة‪ :‬فخار‬
‫‪41‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫القياس‪ :‬ارتفاع‪43 :‬سم – قطر القاعدة‪1.8 :‬سم‬


‫‪/‬مكان العرض‪ :‬القاعة الولى – الخزانة رقم ‪26/‬‬
‫الوصف‪ :‬إبريق جميل من الفخار‪ ،‬الجذع زجاجي والعنق طويل ورفيع‪ ،‬زين بنطاقين من رسوم منفذة باليد تؤلف‬
‫‪.‬خطوط بينها دوائر‬
‫‪.‬اسم القطعة‪ :‬جرة زينة ‪3.‬‬
‫‪.‬الموقع‪ :‬حسياء‬
‫‪.‬التاريخ‪ :‬روماني‬
‫‪.‬المادة‪ :‬رخام‬
‫‪.‬القياس‪ :‬ارتفاع‪54 :‬سم‬
‫مكان العرض‪ :‬القاعة الثانية‬
‫الوصف‪:‬جرة من الرخام الخالي من الشوائب‪ ،‬لها قبضتان حلزونيتان تنتهيان بزخرفة مؤلفة من زهرتين إحداهما‬
‫فوق الخرى‪ .‬زين جذعها بنطاقين من زخارف نافرة ضمن إطار‪ ،‬عليها وشاح يلف الجذع بشكل جزئي ويتدلى‬
‫‪.‬حتى نهاية القاعدة‬
‫‪.‬المعارض التي شاركت بها‪ :‬ليوجد‬

‫‪42‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫اسم القطعة‪ :‬مطرة ‪4.‬‬


‫الموقع‪ :‬حمص – حي الربعين‬
‫التاريخ‪ :‬إسلمي – العهد المملوكي‬
‫المادة‪ :‬فخار‬
‫‪43‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫القياس‪ 32 :‬سم‪ ،‬ارتفاع – ‪22‬سم قطر البطن‬


‫مكان العرض‪ :‬القاعة الثانية – الخزانة ‪5‬‬
‫الوصف‪ :‬مطرة فخار لها قبضتان‪ ،‬زين بطنها بأطر من زخارف نافرة تحيط بها ضفيرة‪ .‬من الوسط رنك السيف‬
‫‪.‬المعارض التي شاركت بها‪ :‬ليوجد‬

‫‪44‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪45‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪46‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪47‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪48‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪49‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪50‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الكاثوليك بناء رائع‬ ‫في منتصف الشارع تقريبا تقع مطرانية السريان‬ ‫من المتحف إلى شارع الحميدية‬
‫بالحجر البازلتي السود‬

‫‪51‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪52‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪53‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪54‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫بالقرب من كنيسة أم الزنار رأيت هذا المشهد الرائع هلل يعلو قبة ناقوس‬

‫‪55‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪56‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫المدرسة الخالدية‬
‫‪Top of Form‬‬
‫‪Bottom of Form‬‬

‫مدرسة الصحابي خالد بن الوليد رضي الله عنه‬


‫يعود بناء جامع خالد بن الوليد إلى العهد العثماني أيام الوالي ناظم باشا في عهد السلطان عبد‬
‫الحميد الثاني ‪ ,‬وقد تم هدم البناء القديم الذي بناه السلطان الظاهر بيبرس في عام ) ‪ 644‬هـ ‪-‬‬
‫‪( 1265‬‬

‫المدرسة الخالدية‬

‫مدرسة الصحابي خالد بن الوليد رضي الله عنه‬


‫يعود بناء جامع خالد بن الوليد إلى العهد العثماني أيام الوالي ناظم باشا في عهد السلطان عبد‬
‫الحميد الثاني ‪ ,‬وقد تم هدم البناء القديم الذي بناه السلطان الظاهر بيبرس في عام ) ‪ 6644‬هـ‬
‫‪( 1265 -‬‬

‫‪57‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫و كان خارج مدينة حمص حيث تكية أنشأها الظاهر بيبرس وفيها يتم تدريس التلميذ و إطعام‬
‫الفقراء الذين يؤمون المسجد أو الجوالين ‪ ,‬و بعد هدم الجامع و التكية في أوائل القرن العشرين‬
‫أقيم المسجد الحالي‬

‫‪58‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫و مدرسة في الجهة الشرقية و الشمالية من المسجد‬

‫‪59‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫وتم بناء المدرسة الشرعية الحالية التابعة إلى دائرة الوقاف بحمص عام ‪ 1948‬الذي أسهم في‬
‫تأسيسها الشيخ عبد القادر الخوجة ومعه الشيخ عبد العزيز عيون السود ومن دّرس فيها الشيخ‬
‫راغب الوفائي و الشيخ طاهر الرئيس و الشيخ عبد الفتاح الدروبي و الشيخ محمود جنيد و الشيخ‬
‫محمود السباعي‬

‫‪60‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫زار المدرسة من العلماء‪:‬‬


‫‪ -‬الخياري ‪ 1669‬م‬
‫‪ -‬العلمة عبد الغني النابلسي ‪ 1693‬م‬
‫‪ -‬المير عبد القادر الجزائري ‪ 1861‬م‬

‫من أشهر من درس في المكتبة‪:‬‬


‫‪ -‬الشيخ سليم نجيب صافي‬
‫‪ -‬الشيخ أحمد صافي‬
‫‪ -‬الشيخ ابراهيم محمد اتاسي‬
‫‪ -‬الشيمح محمد الشيخ زين‬
‫‪ -‬الشيخ محمد عبد الواحد الحراكي‬
‫‪ -‬الشيخ درويش الخوان‬
‫‪ -‬الشيخ أمين الجندي‬
‫‪ -‬محمد ابو الجود الخانقاه ) الخانكان (‬
‫‪ -‬الشيخ محمد كامل المدني‬
‫‪ -‬الشيخ محمود جنيد‬

‫‪61‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪62‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪63‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪64‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪65‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪66‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪67‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪68‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪69‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪70‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪71‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫قصر الزهراوي في حمص‬


‫‪Top of Form‬‬

‫في حي باب تدمر العريق وفي شارع عمر المختار تحديدا ً يطل‬

‫‪72‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫علينا قصر الزهراوي الشهير بعمارته المميزة و طابعه الصيل ‪,‬‬


‫بني القصر في القرن السابع للهجرة حيث توجد لوحة منحوتة‬
‫على الباب الشرقي تؤرخ بناء القصر في عام ‪ 661‬هجري ‪.‬‬

‫كما تدل الدراسات أن أول من سكن القصر هو التاجر علي بن‬


‫أبي الفضل الزهري في أواخر العهد اليوبي‬
‫وهناك زاوية ملحقة فيه أنشأت في القرن التاسع الهجري سكنها‬
‫الشيخ موسى الزهراوي‬

‫و أحدث قسم فيه يقع بجهة الغرب والذي سكنه الشيخ عبد‬
‫الحميد الزهراوي أواخر العهد العثماني ‪.‬‬

‫أما موقع القصر فهو قديم جدا ويعود للعهد البيزنطي كما يدل‬
‫المدفن الموجود تحت الجناح الجنوبي‬

‫‪73‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫عمارة القصر مميزة اذا تدخل القصر عبر بوابة تعلوها قنطرة‬
‫لتجد نفسك أمام ساحة مربعة الشكل‬

‫ويظهر على الداخل قسمان رئيسان‬


‫الول ‪ :‬و يسمى بالدار الكبيرة وهو البناء القديم على شكل‬
‫طابقين في أدناهما أقبية وتتألف الدار الكبيرة من ثلثة أجنحة‬
‫شمالية وشرقية وغربية‬
‫الثاني ‪ :‬القصر ويقع في جهة الجنوب‬

‫‪74‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫وهناك ملحقات بالقصر الزاوية التي ذكرنا ومسكن الشيخ عبد‬


‫الحميد‬

‫تكثر في القصر القواس والقباب والعقود والمقرنصات‬


‫والشرفات‬

‫‪75‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫وتشير الدراسات أن هناك تغيرات طالت القصر مما أدت الى‬


‫طمس الكثير من الزخارف والنقوش والكتابات ‪.‬‬
‫القصر هو وقف لل الزهراوي كما تشير الوثائق التاريخية وتظرا‬
‫للهمية التاريخية استملكت الدولة القصر عام ‪1976‬‬
‫و أجرت له حملة ترميم كبيرة و أصلجت قاعاته و أجنحته ليصبح‬
‫أخيرا ً متحفا ً للتقاليد الشعبية ‪.‬‬
‫صور لبئر الماء الموجود في القصر‬

‫‪76‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫أبواب حمص‬
‫‪Top of Form‬‬
‫أبواب حمص السبعة‬

‫أبواب حمص السبعة‬

‫باب السباع‪:‬‬

‫يقع في الجانب الجنوبي بعد القلعة مباشرة و يتجه نحو الجنوب‪ ,‬و من موقع باب السباع يبدأ‬
‫سور المدينة الجنوبي من جهة الغرب و هو الباب المؤدي إلى حسيا و دمشق الشام‪ ,‬وهو المنفذ‬
‫التجاري للمدينة‪ ,‬و منه تخرج قافلة الحج‪ ,‬وهو المدخل العسكري الول الذي يجاور القلعة و‬
‫مدخلها الرئيسي‪ ,‬و موضعه الن في وسط الطريق )شارع باب السباع( و قد أزالت البلدية هذا‬
‫الباب عند توسيع الطريق المؤدي إلى ظاهر المدينة سنة ‪1925‬م بعد طول الهمال‪ ,‬و بقى من‬
‫آثاره عدة صخور كلسيه كبيرة في الجهة الغربية من السور المحاذي للباب‪.‬‬

‫باب الدريب‪:‬‬

‫يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية للسور و يتجه نحو الشرق‪ ,‬و من موقع باب الدريب يبدأ سور‬

‫‪77‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫المدينة الشرقي من الجنوب‪ ,‬وهو الباب المؤدي إلى القرى الشرقية و الشرقية الجنوبية من‬
‫المدينة و الراضي الزراعية المجاورة بواسطة عدة طرق فرعية )دروب( غير معبدة و لعله‬
‫اكتسب اسمه لهذا السبب‪ ,‬و قد أزالت البلدية هذا الباب سنة ‪1925‬م و لم يبق من آثاره ما يدل‬
‫عليه‪.‬‬

‫باب تدمر‪:‬‬

‫يقع في الزاوية الشمالية الشرقية للسور و يتجه نحو الشرق‪ ,‬و عنده ينتهي سور المدينة الشرقي‬
‫في الشمال و من موقع باب تدمر يبدأ سور المدينة الشمالي من الشرق‪ ,‬و موضعه الن وسط‬
‫الشارع المؤدي إلى ساحة باب تدمر الداخلية‪ ,‬و أطلقت عليه هذه التسمية لنه الباب المؤدي‬
‫إلى تدمر عاصمة الصحراء و هو الطريق ذو الهمية التجارية الكبيرة‪ .‬و قد أزالت البلدية هذا‬
‫الباب سنة ‪1925‬م بعد طول الهمال و لم يبق من آثاره ما يدل على وصفه المعماري‪.‬‬
‫باب السوق‪:‬‬
‫و يطلق عليه كذلك تسمية باب المدينة أو باب الرستن و يقع في وسط السور الشمالي تقريبا‪ ,‬و‬
‫إلى الغرب من الجامع النوري الكبير‪ ,‬و يتجه نحو الشمال و هو الباب الوحيد في السور الشمالي‬
‫للمدينة و الذي يؤدي إلى مدينة حماه و حلب و المدن الشمالية و مقر دار الخلفة العثمانية‬
‫)الستانة( و أتت تسميته بذلك لنه يؤدي إلى أسواق المدينة كافة و يعتبر المنفذ التجاري في‬
‫المدينة و موضعه في وسط شارع باب السوق قديما ساحة الشهداء حاليا‪ ,‬و قد أزيل هذا الباب‬
‫بعد التوسع العمراني الذي شهدته المدينة بعد سنة ‪1869‬م ‪ ,‬وهو الباب الذي دخل منه جيش‬
‫الفاتحين المسلمين بقيادة البطل هشام بن عتبة بن أبي وقاص‪.‬‬

‫باب هود‪:‬‬

‫يقع في السور الغربي للمدينة و في وسط الشارع الرئيسي و يتجه نحو الغرب و هو الباب الذي‬
‫يؤدي إلى تلكلخ و الحصن و المدن الساحلية و طرابلس و هو المنفذ التجاري الرئيسي القريب‬
‫من أسواق المدينة باتجاه الساحل و الميناء‪ ,‬و قد أهمل هذا الباب بعد التوسع العمراني للمدينة‬
‫ثم أزيلت بعض أجزائه فيما بعد إلى أن أتت سنة ‪1925‬م و أزالت البلدية باقي أجزائه لتوسيع‬
‫الطريق العام‪.‬‬

‫الباب المسدود‪:‬‬

‫و يقع إلى الجنوب من باب هود في السور الغربي للمدينة‪ ,‬و يتجه أيضا نحو الغرب و موضعه إلى‬
‫الغرب من مسجد دحية الكلبي‪,‬و قد كان يؤدي قديما إلى ساحة الميدان و مسبحه الكبير المكان‬
‫المقصود من قبل الكثير من الشباب و الفتيان لممارسة هواية الفروسية و الرماية و السباحة و‬

‫‪78‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫قد كان كذلك طريق البساتين و الطريق الموصول بطريق طرابلس و تلكلخ و الحصن و المدن‬
‫الساحلية وهو الباب الوحيد الذي ما تزال ركائزه الجانبية قائمة بعد سقوط ساكفه على أيدي‬
‫البلدية‪ ,‬و يذكر أن هذا الباب قد سد بالحجارة و الطين في الفترة العثمانية‪ ,‬ثم تم فتحه بعد‬
‫الحرب العالمية الولى و لهذا حفظ من التداعي و النيل منه‪ ,‬و من ذلك تمت تسميته بالباب‬
‫المسدود‪,‬‬

‫باب التركمان‪:‬‬

‫يقع إلى الجنوب من الباب المسدود و في نهاية السور الغربي الملصق للقلعة‪ ,‬و موضعه في‬
‫وسط شارع باب التركمان وهو يتجه نحو الغرب و ما تزال بقايا الصخور الكلسية الضخمة‬
‫مرصوفة تحت جدران أحد المنازل المجاورة‪ ,‬و تسميته باب التركمان أتت من نزول بعض عشائر‬
‫التركمان فيه بعد دخول العثمانيين المدينة‪ ,‬وهو الباب المؤدي إلى البساتين و يرتبط مع الطريق‬
‫المؤدية إلى دمشق الشام ثم مع طريق طرابلس و الحصن و المدن الساحلية و هو المدخل‬
‫العسكري الذي يجاور القلعة ‪ ,‬و ٌقد أزيل هذا الباب عند توسيع الطريق المؤدي إلى ظاهر المدينة‬
‫سنة ‪1925‬م‪.‬‬

‫الجامع النوري الكبير في حمص‬


‫‪Top of Form‬‬

‫‪18 /‬‬ ‫تقييم المستخدمين‪:‬‬

‫‪http://w w w .homslife.com/site/index.php?option=com_content&view‬‬
‫‪71‬‬ ‫‪com_content‬‬ ‫‪vote‬‬ ‫تقييم‬
‫‪=article&id=71:2009-03-19-06-25-06&catid=16&Itemid=80‬‬

‫جيد‬ ‫سيئ‬
‫‪Bottom of Form‬‬
‫الخميس‪ 19 ,‬مارس ‪05:52 2009‬‬
‫الجامع النوري الكبير في حمص من أعظم وأقدم المساجد‬
‫القديمة في مدينة حمص ‪ ,‬ويشبه في طرازه المعماري إلى حد‬
‫كبير المساجد الموية في بلد الشام وخاصة الجامع الموي في‬
‫دمشق من حيث تخطيطه وهندسته المعمارية ‪ ,‬له أربعة مداخل‬
‫اثنتان من جهة الغرب وواحدة من جهة الجنوب ورابعة من جهة‬
‫الشمال وجداره الشرقي والشمالي كانا يرتكزان على أسوار‬
‫المدينة القديمة ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫يتميز الجامع بمنارة مربعة مرتفعة تعلوها قبة ثمانية الشكل ونوافذ أنيقة ترى المنارة من بعيد‬
‫ولذا كانت تتخذها بقية المساجد أساسا ً لمعرفة اوقات الذان بالعلم ) الراية ( الذي يرفع نهارا ً‬
‫وبإضاءة النوار عليها ليل ً ‪.‬‬

‫وصفه الرحالة المسلمون خلل مراحل متعددة من تاريخ المدينة بأنه من محاسن البنية‬
‫السلمية ومن أكبر المساجد وأعظمها في بلد الشام قاطبة ‪.‬‬

‫لقي الجامع من كبار القوم رعاية مستمرة بمده بالمياه إليه وإضافة الروقة وتزويده بالدعم‬
‫المستمر وكان يؤتى بمصحف عثمان بن عفان إليه بالمناسبات الدينية وبخاصة عند صلة‬
‫الستسقاء وتبلغ مساحته الكلية ‪ 5323‬متر مربع ‪.‬‬

‫وفي هذا الجامع حدثت أمور جسام في أوائل القرن العشرين ففيه أنشئت أولى المدارس‬
‫النظامية ومن على منبره ألقيت خطب أثرت في مجرى التاريخ عندما ألهب خطيب الجامع وفقيه‬
‫الشافعية جمال الدين الجمالي الجماهير ضد النتداب الفرنسي وأثر في الضابط فوزي‬
‫القاووقجي لينضم ويقود الثورة وسط سورية بعدما كان ضابطا ً في الجيش الفرنسي ‪.‬‬

‫أصل الجامع النوري الكبير ‪:‬‬


‫هنالك آراء كثيرة وأقوال صيغت حول أصل موقع الجامع النوري الكبير لكن أي منها يفتقر إلى‬
‫الدليل الذي يؤكد صحة أقوالهم ‪ ,‬وقد نرى بين حين وأخر وبالمصادفة عند بعض عمليات الحفر‬
‫الجانبية ما ينفي صحة هذه القوال وتضاربها ‪ .‬لكن الثابت أن الجامع قد شيد منذ الفتح السلمي‬
‫للمدينة دون تحديد التاريخ ‪ ,‬وقد تم تجديده فيما بعد على طراز الفن الموي في بناء المساجد‬
‫كما ذكرنا سابقا ً ‪.‬‬

‫وقد جدده نور الدين زنكي المعروف بـ )نور الدين الشهيد ( بين سنة ‪549‬هـ‪1154 /‬م ‪577 -‬هـ‪/‬‬
‫‪1181‬م بعد الزلزال الكبير الذي أتى على معظم بلد الشام سنة ‪565‬هـ‪1169 /‬م حيث قام‬
‫بتجديد بناء الجامع كليا ً حيث وجه عنايته فيه حتى نسب إليه وقد أطلق عليه بعد هذا التجديد‬
‫الكلي اسم الجامع النوري الكبير ‪.‬‬

‫الجامع النوري الكبير في أعين الرحالة المسلمين ‪:‬‬


‫بعد التجديد الكبير الذي طرأ على الجامع وصفه بعض الرحالة المسلمون عند زيارتهم للمدينة‬
‫وفي مراحل مختلفة من تاريخ المدينة بأنه من أكبر المساجد وأعظمها في بلد الشام ‪ ,‬وبأنه من‬
‫محاسن البنية السلمية ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫ففي القرن السادس الهجري زار الدريسي مدينة حمص وقال في جامعها ‪ ....) :‬وبها جامع كبير‬
‫وهو أكبر جوامع مدن الشام‪(...‬‬

‫ويقول أبو الفضائل الحموي في أحداث سنة ‪627‬هـ‪1229/‬م ‪ ...) :‬وفيها شرع السلطان الملك‬
‫مر مدرسة جميلة غير المدرسة النورية أو ً‬
‫ل( وفي ذلك‬ ‫المجاهد صاحب حمص في ‪...‬و‪ ...‬وع ّ‬
‫إشارة إلى أن المدرسة النورية التي شادها نور الدين زنكي كانت قائمة قبل هذا التاريخ ‪.‬‬

‫وذكره كذلك ابن فضل العمري في النصف الول من القرن الثامن الهجري فقال ‪ ...) :‬وللمدينة‬
‫من العاصي ماء مرفوع يجري إلى دار النيابة وبعض مواقع فيها ‪ ,‬ومنها الجامع العظم وهو جامع‬
‫كبير حسن البناء وبه عمود يقال إنه من الكحل الصفهاني‪(...‬‬

‫وفي القرن الثامن الهجري يصفه كذلك ابن بطوطة بقوله ‪ ...) :‬وجامعها مميّز بالحسن الجامع ‪,‬‬
‫وفي وسطه بركة ماء‪(...‬‬

‫تطور بناء الجامع عبر التاريخ ‪:‬‬


‫بعد تجديد نور الدين زنكي للجامع طرأ عليه عدة مراحل من الترميم والتجديد ‪ .‬فالمئذنة جددها‬
‫الملك المجاهد محمد بن أسد الدين شيركوه سنة ‪615‬هـ‪1218/‬م ‪.‬‬

‫وفي سنة ‪1152‬هـ‪1739 /‬م شيد المصلى الخارجي في الجهة الشمالية من صحن الجامع‪ ,‬وفي‬
‫داخله غرف خاصة لطلبة العلم والمدرسين ‪ ,‬وشيد وسط الروقة مئذنة صغيرة لها وظيفتان ‪,‬‬
‫الولى للميقاتي الذي يصعد إليها ليبلغ المؤذن وقت دخول الصلة والثانية لقراءة الوامر‬
‫السلطانية ‪ ,‬والمصلى يستند إلى السور الشمالي للمدينة وقد شيده متسلم مدينة حمص محمد‬
‫آغا الجندي ‪.‬‬

‫تجديد بناء سقف الجامع في القرن التاسع العشر ‪:‬‬


‫بقي الجامع الكبير لعدة قرون بين تجديد وترميم لم يفقد جماليته وعظمته التي شيد عليها وبقيت‬
‫العمدة السطوانية الغرانيتة الكبيرة القائمة على قواعد من الحجر السود الصلد أو من الحجر‬
‫البيض المرمري المكعبة الشكل يعلوها تيجان وزخارف بديعة الصنع ويحمل صف العمدة‬
‫مجموعة من القناطر يقوم عليها سقف الجامع الهرمي الشكل ‪.‬‬

‫وعندما أتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلدي وظهر الخلل الواضح في سقف‬
‫الجامع الذي أزعجهم وشغلهم كثيرا ً في ترميمه وإصلحه ‪ ,‬أراد أبناء المدينة والمسؤولون عن‬
‫الجامع أن يجددوا سقف هذا الجامع ويستبدلوا القديم بشكل أفضل ‪ ,‬فتم استدعاء معماري معّلم‬

‫‪81‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫من مدينة طرابلس واتفقوا معه على عقده بالحجر المحلي ‪ ,‬وفعل المعماري فعلته وأفقد الجامع‬
‫فنه المعماري المميز والموصوف بأنه من محاسن البنية في البلد السلمية فـأزال العمدة‬
‫الرخامية وتيجانها الجميلة وقواعدها الضخمة ‪ ,‬واستعمل العمدة والتيجان والقواعد والحجار‬
‫المسقولة في أساسات البناء بعد أن كانت تزّين الجامع من جوانبه كافة ‪ ,‬ولم يبق من آثاره إل‬
‫المحراب الذي تزدان نصف قبته بلوحة من الفسيفساء المذهبة الجميلة والتي يظن أنها من العهد‬
‫الموي أو العباسي ‪.‬‬

‫ويحدثنا الشيخ عبدالهادي الوفائي الذي شهد الجامع قبل وبعد تجديده ودونها في كتابه التاريخ‬
‫الحمصي فيقول ‪:‬‬

‫) قد كنت أعرفه قبل عقده ‪ ,‬فكان عوض الركائز عواميد ‪ ,‬والسقف مراوس وبدود وطرح‬
‫جميعه ‪ ,‬وكان دائم الوقات تنسكر منه بدود ويهبط ويصلحوه إلى أن آن أوان عقده سنة‬
‫ت رأيهم على عقده فأرسلوا إلى طرابلس كتاب لبعض‬
‫‪1269‬هـ‪1853 /‬م إجتمعت العلماء وب ّ‬
‫زواتها لن يرسل لهم معلم عماره يكون عنده معرفة بهذه المصلحة ‪ ,‬وأفهموه قضية الجامع ‪,‬‬
‫ما حضر نظر إلى الجامع و أفهم الهالي أن العقد ليصلح‬ ‫فحال ً أرسل معلم ذو معرفة ولياقة ‪ ,‬فل ً‬
‫ما لم ترتفع العواميد وعمل كلفة حساب الجامع فوافق العلماء ‪ ,‬فحال ً أمروه بالمباشرة وأحضروا‬
‫الحجار والكلس وجميع ما يلزم وهدوا القناطر ورفعوا العواميد ‪ ,‬وصارت الهالي من فقير وغني‬
‫كلمت حضر إلى الصلة يشتغل بالجامع ‪ ,‬ون َّبهوا على جميع الحارات أن تشتغل بالجامع ‪ ,‬فصار‬
‫كل يوم تنزل حارة لجل الشغل ‪ ,‬وحضرت الطبول و الزمور وصارت كل يوم تضرب الطبول‬
‫والعالم تشتغل بكل همة ‪ ,‬والغانم الذي بده الثواب ‪ ,‬فلما نظر معلم العمارة إلى شغل العالم‬
‫من دون أمر صار يشكر حمّية المسلمين فقالت العلماء ‪ :‬أيها المعلم غذا ً ترى الشغل من الهالي‬
‫أكثر مما تراه الن ‪,‬فانسّر المعلم لذلك وصار يشتغل بكل همة فما استقام العقد بين يديه أكثر‬
‫ما تم البناء والعقد شكر الله تعالى وأثنوا على المعلم وحمدوه وشكروا همته‬
‫من شهرين ‪ ,‬فل َِ‬
‫فقال لهم ‪ :‬لو كنت أعرف حجركم به هذه القوة التامة كنت أعقد الجامع عقدا ً واحدا ً بدون ركائز‬
‫ولكن مضي الذي مضى وهكذا يكون أقوى و أمكن و هو يستقيم جيل ً بعد جيل ‪.‬‬

‫ثم بعد ذلك عقدوا الشقفة الشرقية وهذه كانت حوش وحدها ‪ ,‬وكان بها مدار البحرة الكبيرة ‪,‬‬
‫وقيل هذه كانت في الزمن القديم قبل الفتوح معبد الكنيسة ‪ ,‬وبها قبر تزوره النصارى ‪ ,‬وقد‬
‫أخبرني بعض القدمين بأن المنارة التي فوق رواقات الجامع هي حادثة عمروها لجل قراءة‬
‫صح منارة‬
‫الفرمان السلطاني ‪ ,‬والبعض من العامة يقولون هي منارة لقوس تلك الكنيسة ‪ ,‬وال ّ‬
‫أحدثتها الهالي لجل قراءة الفرمان السلطاني ‪,‬وفي سنة ‪1313‬هـ‪1895 /‬م جددوا الميضئات‬
‫الحالية وجعلوها شمالي الجامع نظرا ً لما كانوا يجدون من الرائحة من الميضئات القديمة التي‬

‫‪82‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫كانت غربي الجامع‪.‬‬

‫ففي صحن الجامع على صحن المصّلى حجر موضوعا ً عوضا ً عن محراب لجل المام ‪ ,‬فهذا‬
‫الحجر مثقوب جملة ثقوب فسألت عن كيفية هذا الوضع وما المراد به فقال ‪ :‬إن من وضع‬
‫أصابعه بها وكان في أصابعه عروق ملح فإنها تذهب ‪ ...‬وأيضا ً موجود في حائط الحرم حجر‬
‫أسود ‪ ...‬وكان أيضا ً بجوار البئر شجرة تين لم ير الرائي مثلها ‪ ,‬فمن رآها ل يحسبها إل قاعدة‬
‫جوز لكبرها وعلوها ‪ ,‬وكان تينها شتوي ‪ ,‬وقد أخبرني بعض المسنين أن درويشا ً من الهند نصبها‬
‫في ذلك المكان ‪ ,‬ولم يعرفوا من أين أتى بها ‪.‬‬

‫وكان المتولي على هذا الجامع السيد سعيد أفندي الجابي السباعي ‪ ,‬ومن بعده ولده السيد‬
‫محمد سعيد أفندي السباعي وقبلهما جدهما المحرر اسمه في باب الجامع الغربي ‪ ,‬وهو الذي‬
‫مر باب الجامع ورقم اسمه عليه ‪ .‬وفي سنة ‪1317‬هـ‪1899 /‬م حضر أبو الخير العلواني ناظرا ً‬
‫ع ّ‬
‫على الوقاف من قبل نظارة الوقاف بالستانة ‪ ,‬وصار يضع يده على الوقاف الغير أهلية ‪ ,‬فوضع‬
‫يده على الجامع المذكور فتأثرت الهالي من ذلك نظرا ً لما يعهدوه في المذكورين من المانة‬
‫والعفة والشفقة لمصلحة الوقف المذكور ‪ ,‬وجميع أهالي البلدة ل يعرفون سواهم واضع يده على‬
‫الوقف المذكور( ‪.‬‬

‫وفي شهر تشرين الثاني من عام ‪1316‬هـ‪1898 /‬م تم توسيع الشارع من الباب الغربي للجامع‬
‫والمؤدي إلى ساحة باب السوق البحرة ‪ ,‬فأزيل الباب والمخازن التجارية التابعة لوقف الجامع ‪.‬‬

‫الجامع الكبير في القرن العشرين ‪:‬‬


‫في الربعينات من القرن الماضي تغًيرت معالم الجامع النوري الكبير مرة أخرى من الجهة‬
‫الغربية والشمالية وفقد ما تبقى من معالمه القديمة ‪ ,‬فأزيلت القبة الشامخة ‪ ,‬ومدخله الغربي‬
‫المؤدي إلى السوق مباشرة ‪ ,‬والروقة الغربية وقسم من الروقة الشمالية ‪ ,‬والباب القبلي‬
‫المؤدي إلى السواق ‪ ,‬وأزيلت المحلت التجارية التي تتقدم البناء من الغرب ‪ ,‬وتداخل في جسم‬
‫الجامع القديم البناء الحديث على أرض الجامع بحجة المنفعة المالية حتى صار كما نشهده الن ‪,‬‬
‫وفقد الجامع ما تبقى فيه من فن معماري قديم ‪ ,‬وكسيت الجدران الخارجية المشرفة على‬
‫صحن الجامع بالسمنت والطلء وغطّيت أحجاره القديمة والمصقولة ‪ ,‬وفي السبعينات من القرن‬
‫الماضي شيد الباب الغربي بأحجاره القديمة وعاد كما كان عليه ‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫ساحة السواق في مدينة حمص في نهاية القرن التاسع العشر ومطلع القرن‬
‫العشرين ‪ ,‬إلى الشرق تظهر قبة المشهد في الجامع الكبير المخصصة لعلماء‬
‫المدينة للنظر في أمور الناس وإصدار الفتاوى ‪ ,‬وكذلك المئذنة التي يعلوها‬
‫السارية لرفع العلم الحمر إشعارا ًُ بدخول وقت الذان وإلى الشرق من القبة‬
‫يظهر السور الشمالي للجامع وهو سور المدينة الشمالي الذي يستند عليه أروقة‬
‫الجامع‬

‫‪84‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الجامع النوري الكبير الصحن الخارجي ‪ ,‬ملتقطة من الجنوب والشرق ‪ ,‬ويظهر‬


‫فيها الروقة الشمالية والشرقية والمئذنة التي شّيدت مع الروقة الشمالية سنة‬
‫‪1739‬م ‪ ,‬وإلى أقصى الشمال القبة الصغيرة المحمولة على أعمدة رخامية نقش‬
‫عليها بعض المراسيم ‪ ,‬وهي تعلو الميضأة ‪ ,‬ويليها القبة الثانية الصغر من‬
‫سابقتها والتي كانت تعلو البئر‬

‫‪85‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الباب الغربي الثاني للجامع النوري الكبير والدكاكين المحيطة به‬

‫‪86‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫صحن الجامع والبواب الشمالية المؤدية للحرم يظهر في بعض‬


‫زواياها الحجر السود الذي بني منه الجامع‬

‫‪87‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الجامع النوري من جهة الشمال والغرب ويحيط به بناء الوقاف‬

‫الباب القديم ) الغربي ( للجامع النوري الكبير الذي شيده‬


‫المتولي الشرعي لوقف الجامع الذي شيده المتولي الشرعي‬
‫لوقف الجامع ) محمد الجابي السباعي ( وكان قد نقش فوقه‬
‫أبيات تؤرخ ذلك وهي ‪:‬‬

‫أل إن تعمير المساجد من شهد *** وتجديدها يعد ذلك أفضل‬


‫لقد نحا ذا الفضل الجزيل محمد *** نسل سباعي نجيب مكمل‬
‫ســـــــ ‪ 1197‬ـــــــنة‬

‫مصادر البحث‬

‫‪88‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪ -1‬مدينة حمص واوائل المهندسين المعماريين‬


‫في ظل الخلفة العثمانية ) محمد غازي‬
‫حسين آغا (‬
‫‪ -2‬معالم واعلم من حمص الشام في القرن‬
‫العشرين ) محمد فيصل شيخاني ‪ -‬طارق‬
‫اسماعيل كاخيا(‬

‫ناعورة حمص الحديدية‬


‫‪Top of Form‬‬

‫ناعورة حمص الحديدية‬

‫تكثر في حمص الماكن والمواقع الثرية وهي في غالبها‬


‫معروفة ‪ ،‬ولكن قلئل هم الذين يعرفون أن أن مدينة حمص‬
‫كانت تضم من الوابد والثار ناعورتين من أجمل النواعير التي‬
‫عرفتها سوريا في القرون الماضية ‪.‬‬

‫إحدى هاتين الناعورتين خشبية والخرى حديدية ‪ ،‬وإذا كانت‬


‫الناعورة الولى قد اندثرت تماما ً فإن الناعورة الثانية ما زالت‬
‫قائمة تعمل ‪ ،‬ولكن في بلدة جسر الشغور التي تبعد عن‬
‫مدينة حمص أكثر من مائة كيلومتر بعدما نقلت من مكانها‬
‫الصلي الذي نصبت فيه في السوق الذي يحمل اسمها‬

‫‪89‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫وُيعرف بها حتى الن ‪.‬‬

‫وقد صمم هذه الناعورة الحديدية الحمصي عمر الدالتي الذي كان يعمل في مختلف المهن‬
‫اليدويةالميكانيكية ‪ ،‬ومنها سكب المعادن ‪ ،‬وعرف بحبه وإتقانه لهذه‬
‫المهنة‬

‫) صب الفونط والنحاس ( وتوفي في مقتبل عمره متأثرا ً بهذه‬


‫المهنة عام ‪. 1933‬‬

‫وحول قصة هذه الناعورة وطريقة تصميمها يقول الحاج زكريا‬


‫الدالتي البن الكبر للراحل عمر الدالتي ‪:‬‬

‫ولد أبي في مدينة حمص عام ‪ 1889‬ميلدية ‪ ،‬ومنذ نشأته اتجه إلى‬
‫مزاولة مختلف العمال النشائية والمدنية ‪ ،‬ومن أعماله تصميم‬
‫معمل للمياه الغازية ) الكازوز ( ‪ ،‬ومعمل الثلج على طريق‬
‫الكورنيش في وقت كانت فيه المهن اليدوية كل شيء ‪.‬‬

‫وكان قد تلقى خبرته الفنية والميكانيكية أثناء أدائه خدمته العسكرية في الجيش التركي في‬
‫مدينة مرسين ‪ ،‬إذ عمل آنذاك ضابطا في صناعة السلحة تحت اسم ) تفكجي ( ‪.‬‬

‫عندما زارت والدة السلطان عبد الحميد الثاني مدينة حمص خطر ببالها ولدى استضافتها في‬
‫قصر عبد الحميد باشا الدروبي أن تجعل لها ذكرى في مدينة خالد بن الوليد بإنشاء سبيل ماء ‪.‬‬

‫وبعد إنشاء هذا السبيل اتضح أن المياه التي ترد إلى هذا السبيل بواسطة الناعورة القديمة‬
‫الخشبية لم تعد كافية بسبب الضرار التي لحقت بها ‪ ،‬لذلك تقرر إنشاء ناعورة حديثة من‬
‫دي الكبر الحاج حسين‬‫الحديد ‪ ،‬فقام رئيس بلدية حمص الباشا عاطف التاسي باستدعاء ج ّ‬
‫الدالتي لخذ رأيه في هذا الموضوع لكونه خبيرا ً في هذا المجال وعرض عليه فكرة إنشاء ناعورة‬
‫حديدية بدل ً من الناعورة الخشبية البالية والتي كانت بالقرب من التكية المولوية بجانب التكية‬
‫السلطانية وتسقي الجامع الكبير والتكية السلطانية ‪.‬‬

‫وقد كلف الحاج حسين حفيده الكبر عمر بن محمد علي الدالتي الذي خلف جده في العمال‬
‫الميكانيكية والفنية بإنشاء هذه الناعورة ‪.‬‬

‫يضيف الحاج زكريا الدالتي ‪ :‬قام والدي بإنشاء مكان الناعورة بالعمال المدنية وإرساء قواعدها‬
‫المتينة وبدأ العمل بتصميم الناعورة مطلع العام ‪ 1922‬على نفقة بلدية حمص ‪ .‬وصنعت أقسام‬
‫الناعورة من الحديد الخالص حتى الدعائم الداخلية ‪ ،‬وكانت ) المضاجع ( من النحاس المسكوب ‪،‬‬

‫‪90‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫أما محور الناعورة فكان من الفولذ الخالص وعلب رفع الماء من الحديد الصاج ‪ .‬وقد بلغ طول‬
‫القطر إثني عشر مترا وأكثر بعد النتهاء من العمل وقبل التشغيل البدائي ‪.‬‬

‫وجدير بالذكر أن عضائد وألواح الناعورة كانت تثبت بواسطة مسامير ) التبشيم ( إذ لم يكن‬
‫لحام الكهرباء معروفا ً وقتئذ ٍ ‪ ،‬وكانت هذه الناعورة مصممة على نمط برج إيفل ‪ ،‬حيث أنه أثناء‬
‫وجوده في باريس أيام خدمته في الجيش التركي شاهد عظمة تصنيع برج إيفل وأخذ الفكرة ‪،‬‬
‫فكانت الناعورة قمة الصناعة في ذلك العصر في حمص والمدن المجاورة لخامتها وبراعة‬
‫تصميمها ‪ ،‬وظلت تعمل على طاقة المياه الواردة من ساقية " الدبلن " المتفرعة عن ساقية‬
‫الري إلى أن قام مجموعة من العابثين بتهديمها ‪ ،‬وتم نقلها إلى الشمال الغربي من مدينة حمص‬
‫ثم نقلت إلى جسر الشغور حيث ما زالت قائمة وقيد العمل هناك ‪.‬‬

‫جامع الربعين‬
‫‪Top of Form‬‬
‫‪Bottom of Form‬‬

‫في قلب حمص التجاري وبين أبنية حديثة عالية بقف بشموخ وعزة حصن من حجار سود‬
‫ناشرا هيبة و وقارا على مركز مدينة حمص انه جامع الربعين أو ما كان يعرف قديما جدا بجامع‬
‫الكوجكي كما ورد في وقفية الجلبي المؤرخة في ‪ 976‬هجرية ‪ 1568 /‬ميلدية و يعود سبب هذه‬
‫التسمية الى أن أمراء السرة الكوجكية قد أسسوا في هذا المسجد مدرسة عالية التخصص‬
‫يؤمن فيها للطلب القامة و الطعام و اللباس و العلم لمدة سبع سنوات‪ ,‬و أوقف لجل هذه‬
‫الغاية أوقافا كثيرة‪.‬‬

‫و لجامع الربعين حصة في ذاكرة كل حمصي ومكانة في قلبه‬


‫فهو الوحيد مما تبقى من عبق المدينة القديمة ) مع اثر الباب‬
‫المسود وبعض حجارة السور القديم في باب تدمر (أما عمارة‬
‫الجامع فقد تكون من أفرد و أعجب فنون العمارة السلمية‬
‫حيث يشعر الناظر لبناء الجامع أنه داخل الى احدى القلع‬
‫وعظمة آن لنا أن‬ ‫القديمة فيستحضر مجدا تليدا سطره أجدادنا‬
‫نسترجعها و أول ما يلفتك ويثيرك أن مئذنة الجامع قد بنيت‬

‫‪91‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫فوق احدى أحصنة سور المدينة القديم ولتصل الى الجامع ل بد‬
‫لك أن تصعد درجا مهيبا و كأنك تتخطى احدى بوابات الحاميات‬

‫‪92‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫يقع هذا الجامع في الزاوية الشمالية الغربية من حي الربعين‬


‫على سور المدينة و مأذنته متواضعة ل يتجاوز ارتفاعها ثلثة‬
‫أمتار مبنية فوق برج من أبراج سور المدينة القديم يعود بناءه‬
‫الى العهد اليوبي و هو البرج الوحيد الباقي حتى اليوم و لم‬
‫تطاله يد الهدم و يعزو المؤرخين السبب الى وجود تلك المأذنة‬
‫فوقه‪ ,‬و البرج اسطواني الشكل أحجاره من السفل ضخمة جدا‬
‫و فيه فرجات لرماة السهام و الرماح و داخله محراب و يتألف‬

‫‪93‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫يناء الجامع من طابق أرضي يحتوي على حرم و فسحة للصلة‪.‬‬

‫المتولي الشرعي للجامع هو محمد بن الحاج مصطفى آغا‬


‫البايرلي بموجب الوثيقة الصادرة عن الحاكم الشرعي السيد‬
‫سعيد أفندي المؤرخة في "‪ 9‬رمضان ‪ 1300‬هجرية ‪1882‬م"‪.‬‬
‫جدد الجامع لول مرة في الربعينيات من القرن العشرين من‬
‫قبل آل الشيخ عثمان ثم قامت نفس السرة بإعادة تجديده للمرة‬
‫الثانية في الستينيات و ل تزال تقوم بخدمته حتى الوقت‬
‫الحاضر‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫حي الربعين القديم الذي كان يجاور المسجد‬

‫‪95‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫جامع الدالتي‬
‫‪Top of Form‬‬
‫‪http://w w w .homslife.com/site/index.php?option=com_content&view‬‬
‫‪41‬‬ ‫‪com_content‬‬ ‫‪vote‬‬ ‫‪=article&catid=16&id=41&Itemid=80‬‬

‫‪Bottom of Form‬‬

‫أطلق على هذا المسجد عند شيد للمرة الولى اسم جامع‬
‫السلطان عبد الحميد و اشتهر كذلك بين أهل البلد باسم جامع‬
‫"الدك" و تم استخدام العمدة و الحجارة المتبقية من إعادة بناء‬
‫و توسعة جامع النوري الكبير في بناءه و بعد تجديده عام ‪/1315/‬‬
‫أطلق عليه اسم جامع الدالتي تيمنا باسم بانيه الحاج حسين‬
‫الدالتي و بمساعدة الحاج إسماعيل كريدية و )الشيخ محمد‬
‫رسول الشعار في رواية أخرى(‬

‫بموجب الوثيقة الصادرة عن المحكمة الشرعية بحمص و المؤرخة‬


‫في العام ‪ /1299/‬هجرية و في العام ‪ /1316/‬هجرية و ملخصها‪:‬‬
‫"اجتمع الحاج حسين بن محمد الدالتي و الحاج إسماعيل بن‬
‫خضر بن إسماعيل كريدية‪ -‬كلهما عثمانيان مسلمان بمحلة‬
‫الحميدية‪ -‬و قاما بجمع المال من أهل الخير و الحسان و الميراث‬
‫و بنيا مسجدا جارية أرضه في وقف الجامع الكبير النوري و‬
‫موافقا عليها من الحاكم الشرعي محمد سعيد أفندي – مؤرخة‬

‫‪96‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫في ‪ /29‬ربيع الثاني‪ 1299 /‬هجرية ‪ 1881‬م‪,‬‬


‫و أقاما حوائط من اللبن و التراب‪ -‬و محرابا من لبن و سقف من‬
‫خشب بابه من الشارع العام الخذ من سهلة باب السوق على باب‬
‫تدمر‪ -‬و سمياه جامع الحميدية‪ -‬لقامة الصلوات الخمس و جمعا‬
‫مال من أهل الخير إضافة لما كان معهما من مال و تم بناء سبع‬
‫دكاكين و أقاما سبيل لتشرب منه العامة من جهة الطريق و‬
‫المصلون من جهة المسجد‪ -‬و يتم جمع المال لهدم المسجد الول‬
‫المبني من التراب‪ -‬و إعادة بناء حوائطه من الحجر النظيف‪ -‬و‬
‫نصف عقد من الحجر‪ -‬و اعمار منارة للجامع تكون عالية مثمنة‬
‫الركان لجل إيصال صوت المؤذن منها الى أسماع المسلمين‪".‬‬

‫‪97‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪98‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫و تتحدث الوثيقة أيضا عن كيفية أصول العمل و جمع المال و‬


‫البناء و التدريس و شراء ما يلزم للجامع كما تصف أيضا نوعية‬
‫الجامع من حيث هيكل البناء مع الدكاكين مساحة المسجد‬
‫الحالية ‪ /1578/‬م ‪ 2‬يشتمل على منبر خشبي للخطابة و محرابين‬
‫و سدة من خشب‬

‫‪99‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪100‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫و رواق للصلة و رواق للوضوء و بئر و فسحة سماوية و حاصل‬


‫ماء للسبيل و طابقين أرضي و أول‪ ,‬يحتوي الرضي على ثلثة و‬
‫عشرين دكانا معدة لليجار و الطابق الول يحتوي على أربع غرف‬
‫تستعمل كمدرسة و مستوصف للوقاف‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫المصدر‪ :‬كتاب اسر حمص و أماكن العبادة ‪/‬نعيم سليم الزهراوي‪/‬‬


‫و كتاب مدينة حمص و أوائل المهندسين في ظل الخلفة‬
‫العثمانية‪ /‬محمد غازي حسين آغا‪/‬‬

‫‪102‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫قلعة حمص‬
‫‪Top of Form‬‬

‫تقع قلعة حمص في الطرف الجنوبي الغربي للمدينة القديمة على تل شكله مخروط ناقص يرجح أن‬
‫أسفله طبيعي صخري و أعله صناعي و جوانبه مبلطة بصفائح من الحجر السود‪ ,‬ترتفع عن‬
‫مستوى الطريق العام نحو ‪ 32‬م و عن سطح البحر نحو ‪ 495‬م و كان يحيط بها خندق دفاعي و‬
‫سور المدينة الذي كان يمتد من باب التركمان غربا و حتى باب السباع جنوبا و بقيت معالم غير‬
‫واضحة من آثار هذا السور حتى تمت إزالتها من أجل توسيع الطريق حول القلعة و ردم الخندق و‬
‫تم تحويله مؤخرا الى حديقة عامة‪,‬‬
‫و تاريخ هذه القلعة قديم جدا يعود الى الحثيين و الراميين و أثبتت الدراسات التي أجريت على‬
‫اللقى الثرية أن الموقع كان مأهول منذ النصف الثاني من اللف الثالثة قبل الميلد‪ ,‬و اكتشف في‬
‫القلعة صهريج بعمق ‪ 27‬مترا يعود الى العهد اليوبي مكون من بضع طوابق لها أدراج طول ضلع‬
‫مربعه ‪ 5‬أمتار‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪104‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪105‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫أما عن أهمية القلعة بعد الفتح السلمي فيقول القلقشندى‪:‬‬


‫"اكتسبت قلعة حمص أهمية عظيمة بعد الفتح السلمي لبلد‬
‫الشام حيث كانت مدينة حمص الجند الرابع من الجناد الخمسة‪".‬‬
‫ووصفها الرحالة ابن جبير في القرن السادس الهجري‪" :‬و بقبلي‬
‫المدينة قلعة حصينة منيعة‪ ,‬عاصية غير مطيعة‪ ,‬قد تميزت و‬
‫انحازت بموضعها عنها"‬
‫و يقول المقدسي‪" :‬حمص ليس بالشام أكبر منها و فيها قلعة‬
‫متعالية عن البلد"‬
‫و أظهرت الدراسات أن القلعة عبارة عن قلعتين تقوم واحدة‬
‫)اليوبية( فوق الخرى )الحمدانية( و قد نسبت الى أسامة بن‬
‫منقذ و الحقيقة أن القلعة الحمدانية لم يبنها أسامة بل إن أباه‬
‫نصر بن علي بن منقذ )صاحب شيزر( أخذها من خلف بن ملعب‬

‫‪106‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫عام ‪ 497‬هجري و يبدو أن القلعة الحمدانية انهارت نتيجة زلزال‬


‫ضرب المنطقة عام ‪ 565‬هجري و يذكر ابن الثير أن نور الدين‬
‫الشهيد قد جدد ما تهدم من أسوارها و قلعتها بعد الزلزال ثم‬
‫جددها و زاد في تحصينها الملك المجاهد شيركوه بن محمد‬
‫شيركوه الذي حفر خندق القلعة و عمقه ووسعه لنه من الثغور‬
‫السلمية المندوب اليه حصانته و ساق الى حمص المياه و‬
‫"أطاعه في ذلك العاصي الذي لم يطع قبله لغيره من الملوك" و‬
‫نقش ذلك على الحجر سنة ‪ 599-594‬هجرية و الكتابة الولى‬
‫موجودة في أعلى البرج الشمالي و هي "أمر بعمارته شيركوه بن‬
‫محمد في سنة أربعة و تسعين و خمسمائة" و الكتابة الثانية‬
‫"بسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمارة هذا البرج الملك المجاهد‬
‫شيركوه بن أسد الدين محمد بن شيركوه ناصر أمير المؤمنين‬
‫أعزه الله أنصاره تولى عبده موافق سنة تسع و تسعين و‬
‫خمسمائة"‬

‫‪107‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫و عند قدوم الظاهر بيبرس الى مدينة حمص سنة ‪ 664‬هجرية‬


‫قام بترميم ما تصدع من سفح القلعة بعدما رأى أن الخراب آخذ‬
‫بالتسرب إليها و أعاد إليها متانتها ليعتصم بها الجند وقت الحاجة‪,‬‬
‫و بقيت القلعة شامخة حتى دانت المدينة و قلعتها العاصية‬
‫لبراهيم باشا المصري بعد انتصاره على العثمانيين في حملته‬
‫على بلد الشام سنة ‪ 1248‬هجرية و بقي فيها ثماني سنوات و‬
‫قد رأى من أهلها تشبثهم بالدولة العثمانية فتشدد في معاملتهم‬
‫و دمر القلعة تدميرا كامل و أخذ حجارتها الضخمة و أعمدتها و‬
‫بنى بها مقرا و مستودعات لجيشه خارج أسوار المدينة و سميت‬
‫"الدبويا" و هي مقر دار الحكومة حاليا و لما عاد الحكم العثماني‬
‫للمدينة هجرت هذه القلعة و صارت تفتك فيها و في جامعها و‬
‫بلطاتها معاول النقض و سرقت أحجارها حتى احتلت من قبل‬

‫‪108‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الفرنسيين الذين شادوا فيها بعض البنية و حصنوا أطرافها‬


‫بالسلك الشائكة و بقيت القلعة على حالها حتى يومنا هذا‪.‬‬

‫لللللل‪ :‬للللل للل ل للللل للللللللل لل لل للللللل‬


‫للللللللل لللللل‪:‬لللل لللل لللل للل‬

‫جامع سيف الله المسلول خالد بن الوليد‬


‫‪Top of Form‬‬

‫تجامع سيف الله المسلول خالد بن الوليد‬

‫اسلم الصحابي الجليل خالد ابن الوليد ابن المغيرة أو) سيدي خالد( كما يلقبه أبناء مدينة حمص‬
‫بعد الحديبية و شهد غزوة مؤتة و لقبه النبي)صلى الله عليه و سلم( يومئذ بسيف الله المسلول و‬
‫شهد خيبر و فتح مكة و حنينا‪ ,‬و كان من المشهورين بالشجاعة و الشرف و ثبت في صحيح‬
‫البخاري عنه انه قال‪) :‬لقد اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما ثبت في يدي إل صفيحة‬
‫يمانية(‪ ,‬و قال الزبير بن بكارة و غيره‪ ) :‬كان خالد هو المقدم على خيول قريش في الجاهلية و‬
‫لم يزل من حين أسلم يوليه رسول الله )صلى الله عليه و سلم( أعنة الخيل فيكون في مقدمتها‪,‬‬
‫و أمره أبو بكر )رضي الله عنه( على قتال مسيلمة الكذاب و المرتدين باليمامة و كان له في‬
‫قتالهم الثر العظيم‪ ,‬و له آثاره العظيمة أيضا في قتال الروم بالشام و الفرس في العراق و فتح‬
‫دمشق‪ ,‬و توفي في خلفة عمر بن الخطاب سنة إحدى و عشرين للهجرة و كانت وفاته في‬
‫حمص و دفن فيها‪.‬‬

‫جامع سيف الله المسلول خالد بن الوليد‬

‫اسلم الصحابي الجليل خالد ابن الوليد ابن المغيرة أو) سيدي خالد( كما يلقبه أبناء مدينة حمص‬
‫بعد الحديبية و شهد غزوة مؤتة و لقبه النبي)صلى الله عليه و سلم( يومئذ بسيف الله المسلول و‬
‫شهد خيبر و فتح مكة و حنينا‪ ,‬و كان من المشهورين بالشجاعة و الشرف و ثبت في صحيح‬
‫البخاري عنه انه قال‪) :‬لقد اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما ثبت في يدي إل صفيحة‬
‫يمانية(‪ ,‬و قال الزبير بن بكارة و غيره‪ ) :‬كان خالد هو المقدم على خيول قريش في الجاهلية و‬
‫لم يزل من حين أسلم يوليه رسول الله )صلى الله عليه و سلم( أعنة الخيل فيكون في مقدمتها‪,‬‬

‫‪109‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫و أمره أبو بكر )رضي الله عنه( على قتال مسيلمة الكذاب و المرتدين باليمامة و كان له في‬
‫قتالهم الثر العظيم‪ ,‬و له آثاره العظيمة أيضا في قتال الروم بالشام و الفرس في العراق و فتح‬
‫دمشق‪ ,‬و توفي في خلفة عمر بن الخطاب سنة إحدى و عشرين للهجرة و كانت وفاته في‬
‫حمص و دفن فيها‪.‬‬
‫و تم بناء الجامع و تجديد المقام في عهد السلطان الظاهر بيبرس عام ‪ 664‬هجرية ‪1265‬م حيث‬
‫لم قبر الصحابي خالد ابن الوليد آنذاك سوى مقاما من المقامات التي كثرت في حمص في ذلك‬
‫العصر‪,‬و قد أمر السلطان ببناءه عند مروره بمدينة حمص أثناء زحفه للغارة على آخر معاقل‬
‫الصليبيين في كيليكيا و أنطاكيا و حصن الكراد )قلعة الحصن( و المرقب و عكار و طرابلس‪.‬‬
‫يعود بناء الجامع الحالي إلى العهد العثماني المتأخر في أيام الوالي ناظم باشا أحد ولة الشام‬
‫في عهد السلطان عبد الحميد الثاني و قائمقام حمص إحسان بك الذي هدم البناء القديم و شرع‬
‫بإقامة البناء الجديد و تم استملك و شراء الدور المجاورة له من الجهة الشمالية للفناء الخارجي‪,‬‬
‫و في العامين ‪1961‬م و ‪ 1962‬تم تحويل مقبرة آل السباعي التي كانت أمام الجامع إلى حديقة‬
‫عامة‪.‬‬
‫و البناء الحالي من الحجر مساحته الجمالية ‪ 4399‬م ‪ 2‬و يتألف من ثلثة مداخل رئيسية تعلو‬
‫الوسط منها لوحة رخامية دون عليها )ل اله إل الله محمد رسول الله(‪ ,‬و أبعاد الحرم )‪30.5‬م *‬
‫‪30.5‬م( تقريبا يتكون سقفه من خمس قباب نصف كروية ‪ ,‬الوسطى منها مرتفعة قطرها ‪12‬م و‬
‫ارتفاعها ‪30‬م تقريبا و أربعة أنصاف بيضوية الشكل تحملها جميعا أربعة دعائم مربعة و مقواة‬
‫بعضائد و في الزاوية الجنوبية الغربية ضريح خالد ابن الوليد و ضريح ولده عبد الرحمن و في‬
‫الزاوية الشمالية الغربية ضريح ثالث لعبد الله بن عمر بن الخطاب )رضي الله عنه(‪.‬‬
‫ويحتوي من الداخل على مسجد ضمنه ثلثة محاريب للصلة و منبر للخطابة ويحوي أيضا سدة‬
‫لوقوف المصلين يصعد إليها بدرجين خشبيين ‪ ,‬و غرفة لوضع أمتعة الجامع‪ ,‬و مئذنتين يصعد‬
‫إليهما بدرجين حجريين و ثمانية غرف ليواء الفقراء و مطبخ و بيت للحطب و ممر و بيت للخلء‬
‫و غرفة للوضوء و غرفة لتدريس طلبة العلم و غرفة بحالة الخراب‪.‬‬
‫و المحراب مرصوف بفسيفساء رخامية ملونة بشكل هندسي و المنبر من الرخام بالضافة إلى‬
‫وجود منبر خشبي مزخرف و قد صنعت واجهته على طريقة الدهان العجمي الجميل و لها‬
‫مقرنص لطيف‪ ,‬و قد أمر بصنعه إسماعيل السباعي في ‪ 1197‬هجرية ‪1782‬م‪.‬‬

‫عبد الحميد الزهراوي‬


‫‪Top of Form‬‬

‫عبد الحميد بن محمد شاكر بن إبراهيم الزهراوي‬

‫‪110‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫من زعماء النهضة السياسية في سورية‪ ،‬وأحد شهداء العرب في ديوان )عاليه(‪.‬‬
‫ولد بحمص‪ ،‬وقاوم السياسة الحميدية قبل الدستور العثماني فأصدر جريدة سماها )المنير( كان‬
‫يطبعها على )الجلتين( ويوزعها سرا‪.‬‬

‫عبد الحميد بن محمد شاكر بن إبراهيم الزهراوي‬

‫)‪ 1334 - 1272‬ه = ‪ 1916 - 1855‬م(‬

‫من زعماء النهضة السياسية في سورية‪ ،‬وأحد شهداء العرب في ديوان )عاليه(‪.‬‬
‫ولد بحمص‪ ،‬وقاوم السياسة الحميدية قبل الدستور العثماني فأصدر جريدة سماها )المنير( كان‬
‫يطبعها على )الجلتين( ويوزعها سرا‪.‬‬
‫وسافر إلى الستانة فساعد في إنشاء جريدة )معلومات( التركية‪ ،‬فنفته السلطة الحميدية إلى‬
‫دمشق‪ ،‬فأقام يكتب إلى جريدة )المقطم( المصرية‪ ،‬فعلم به والي دمشق )ناظم باشا( فأرسله‬
‫مخفورا إلى الستانة‪.‬وتوسط في أمره أبو الهدى الصيادي‪ ،‬فأعيد إلى حمص‪.‬ثم فر إلى مصر‪،‬‬
‫وعمل في الصحافة إلى أن أعلن الدستور العثماني )سنة ‪ 1327‬ه‪ 1908 ،‬م( فعاد إلى‬
‫سورية‪.‬وانتخب مبعوثا عن حماة‪ ،‬فذهب إلى الستانة‪.‬واشترك في تأسيس حزب )الحرية‬
‫والعتدال( و )حزب الئتلف( ولما ظهرت الحركة الصلحية في سورية‪ ،‬وانعقد المؤتمر العربي‬
‫الول في باريس‪ ،‬انتخب الزهراوي رئيسا له‪.‬‬
‫ثم استماله التحاديون وأقنعوه بعزمهم على الصلح وجعلوه من أعضاء مجلس العيان العثماني‪.‬‬
‫ونشبت الحرب العامة الولى‪ ،‬فقبضوا عليه وجيء به إلى )ديوان عاليه العرفي( فحكم عليه‬
‫بالموت‪ ،‬ونفذ به الحكم شنقا في دمشق‪.‬‬
‫وكان من رجال العلم بالدين والسياسة‬

‫المصدر ‪ :‬العلم للزركلي‬

‫الثلجة الكبيرة حمص ‪1911‬‬


‫‪Top of Form‬‬
‫‪:‬تقييم المستخدمين‬

‫يي يييييي يييييي ييي يييي‬

‫وهذه كارثة طبيعية ثانية ‪,‬حلت بحمص بعد الولى بسنتين ‪,‬وصارت مبدأ تاريخ محلي أيضا ً عند‬
‫الحمصيين ‪ .‬والذي يذكره الطفل منها أنه كان مع أمه في ضيافة عند أهلها ‪ ,‬وفي أصيل يوم بدأ‬
‫تهطال الثلوج ‪ ,‬ويظهر أنه لم يكن قد رأى الثلج من قبل ‪ ,‬فأعجبه منظره البيض الناصع‪ ,‬وجلس‬

‫‪111‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫في شباك مع خاله الذي يكبره ببضع سنوات ‪ ,‬وراحا يتأملن هذا الثوب البيض الجميل الذي‬
‫فرش الرض وكسا الغصون العارية لشجرات كانت في صحن الدار ‪ ,‬ويشهدان العصافير التي‬
‫كانت على الغصان كيف هبت تطير هنا وهناك مزقزقة مرّوعة ‪ ,‬كأنها تبحث عن كن تأوي إليه ‪.‬‬

‫وكأنما أحب الخال أن يداعب ابن أخته فقال له ‪ ) :‬ان الثلج ينزل في دارنا فقط ‪,‬أما داركم‬
‫فليس فيها أثر منه (‪ .‬وأثار هذا التحدي ثائرة الطفل فهرع إلى أمه يطالبها بالعودة إلى دارهم ‪.‬‬
‫وتأبى الم ويصر هو ويثور ويبكي ‪ ,‬ويخرج إلى صحن الدار يهددها بالتمرغ بالثلج ‪,‬حتى تذعن له‬
‫وترتدي ملءتها وتودع أهلها وتتجه معه نحو باب الدار ‪ ,‬فتوعز أمها إلى أخيها الذي كان سبب هذه‬
‫)الهيصة( أن يرافقها إلى دارها وأن ينام عندها ‪,‬فالوقت ل يتيح له العودة قبل هبوط الظلم ‪.‬‬

‫وفي الطريق كان الطفل يرتاح لخشخشة الثلج تحت قدميه ‪ ,‬ويبتهج لرؤية الولد يشكلون‬
‫حلقات يدورون فيها متماسكي اليدي وهم يهزجون ‪) :‬كّبر وانزل قد المغزل ( )كّبر واشلح قد‬
‫أو يهتف أحدهم ‪ ) :‬سنتك بيض ا( فيرد عليه الخرون ‪ ) :‬يا بيضا ( ويمضي الهتاف‬ ‫) ‪(1‬‬ ‫المشلح (‬
‫ويستمرون في الرد ‪,‬مصفقين راقصين كأنهم في فرحة عرس أو مهرجان عيد ‪ .‬ولكم تمنى لو‬
‫م بالوصول إلى الدار ليرى هل هي خالية من الثلج كما يزعم خاله‬
‫يشاركهم لعبهم ‪,‬ولكنه الن مهت ّ‬
‫‪.‬‬

‫ويخلصون من أزقة الحارة ليصبحوا على مشارف السوق ‪ .‬فاذا الناس يهرعون إلى منازلهم ‪,‬‬
‫منهم من ينشر فوق رأسه مظلة ومنهم من يرفع فوقه عباءته أو جبته يدعمها بساعديه فيجعل‬
‫منها ما يشبه الخيمة ‪ ,‬ومنهم من يهرول مكشوفا ُ كأن الثلج أعجله عن اتخاذ وقاء ‪ .‬ولكم راقه‬
‫منظر النسوة الملتفات بملءاتهن السود وقد رقشها الثلج فصرن كالضفادع التي كان يراها في‬
‫جدول صغير يجري قريبا ً من دار أخواله ‪ ,‬فيعجب بهذا المنظر ويضحك في سره من مرأى‬
‫ضفدعة بهذا الحجم الكبير ‪.‬‬

‫ويبلغون الدار ويفتح لهم الباب ‪ ,‬فاذا صحنها مفروش بطبقة من الثلج أسمك مما في دار خاله‬
‫فيصيح بكل صوته ‪)) :‬آه يا كذاب ! الثلج بداركم بس ؟؟ شوف ما أكثروا بدارنا !! (( وكأنما شعر‬
‫بزهو المنتصر ‪,‬فاندفع يركض في صحن الدار ويثب هنا وهناك مرددا ً ما سمعه من الولد ‪) :‬كبر‬
‫ما أخطأ في حقه ‪.‬‬
‫وانزل ‪ ...‬كبر واشلح ‪( ...‬ويتبعه خاله يحتضنه ويقبله ويداعبه كأنه يعتذر ع ّ‬
‫ويدخلون الغرفة ويؤتون بالمنقل تتأجج نيرانه فيلتفون حوله يتدفؤون ‪ ,‬وتكون تلك اللحظة بداءة‬
‫حبس للطفل في هذه الغرفة استمر أربعين يوما ً متوالية ‪.‬‬

‫قش الثلوج وصيانة السطوح‬


‫كان اذا نهض من نومه صباحا ً ‪ ,‬يسرع إلى كرسي صغير يضعه في الشباك ‪,‬ويعمد إلى زجاج‬

‫‪112‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الشباك يفتحه ويزيل ما تراكم على ظاهره من ثلج خلل الليل ‪ ,‬ليستطيع رؤية ما يجري خارج‬
‫الغرفة ‪ ,‬ثم يستوي على الكرسي ما يبارحه إل لضرورة حتى يكون المساء ‪.‬‬

‫مه )زوج عمته وكان يناديه ‪ :‬عمي ( يتقدمان رجال ً يتنكبون رفوشا ً‬
‫وفي اليوم الول رأى أباه وع َ‬
‫خشبية ‪,‬فيعمدون إلى سّلم ينصبونه ويرتقون فيه إلى السطوح يقشون ما عليها من ثلوج ‪ ,‬فما‬
‫كان على السطوح الشرقية والشمالية ألقوا به في الشارع وما كان على السطح الغربي ألقوه‬
‫في صحن الدار لنخفاض مستواه عن سائر السطوح ‪.‬‬

‫ولم تمض إل أيام قليلة حتى تراكمت الثلوج هنا وجاوزت أقواس الشبابيك ‪,‬فاستغنى العمال بذلك‬
‫عن السلم وصاروا يغرسون رفوشهم في تلل الثلج ويعمدون عليها في ارتقائه وبلوغ السطح ‪,‬‬
‫وكانوا في أثناء عملهم يهزجون مجتمعين بأهازيج تبلغ سمع الطفل فيستريح إلى نغماتها وان‬
‫أعياه أن يفهم شيئا ً منها ‪ .‬فاذا انتهوا من عملهم نزلوا إلى صحن الدار فش ّ‬
‫قوا فيه ممرات ضيقة‬
‫بين الغرف وباب الدار ومرافقها ‪ ,‬وشرعوا ما يكون فيها من ثلج إزاء الجدران ‪ ,‬فيتراكم ويعلو‬
‫حتى يبلغ أقواس الشبابيك هنا أيضا ً ‪ ,‬فتصبح الدار بذلك أكواما ً متراصة من الثلوج تخترقها هذه‬
‫الممرات الضيقة ‪.‬‬

‫وأقلعت السماء ذات ليلة ‪ ,‬وأشرقت الشمس في صباحها ‪ ,‬وما ارتفع الضحى حتى رأى الطفل‬
‫رجلين يدخلن الدار مع أبيه ‪ ,‬يحمل أحدهما عصوين مربوطتين من وسطهما بمسمار فهما‬
‫كالمقص ‪ ,‬ويحمل الخر قفة فيها شيء كالتراب ولكنه أسود اللون ‪ ,‬وبيده خشبة عريضة‬
‫مسطحة ذات مقبض ‪ .‬واعتليا السطوح وتبعهما أبوه ‪ ,‬وبدأ يسمع خبطا ً متقطعا ً فوق السطوح‬
‫تتلوه دحرجة جسم يصاحبها صرير متلحق متواتر ‪ .‬فيشتاق إلى رؤية ما يجري هناك ‪ ,‬فيحمله‬
‫أبوه على ذراعه ويرتقي به في السلم حتى ذروته ‪ ,‬فيرى صاحب القفة ينثر مما فيها على جانب‬
‫م يخبط فوقه بالخشبة التي في يده وينتقل إلى جانب آخر يصنع فيه الصنيع نفسه ‪.‬‬
‫من السطح ث ّ‬
‫ويأتي صاحب العصوين فيلتقط بطرفيها السفليين حجرا ً أسطوانيا ً كان على السطح ‪ ,‬ويمضي‬
‫يجره ذهابا ً وجيئة فوق القسم الذي مهده له زميله ‪ ,‬ومنه ينبعث الصرير ‪ .‬وما يزالن كذلك حتى‬
‫ما أنزل إلى الرض استوضح أباه ما يقوم به العاملن ‪ ,‬فعرف أنهما‬
‫يفرغا من السطوح كلها ‪ .‬ول ّ‬
‫يدحوان السطوح لتتماسك طينتها ويمتنع وكف السقوف )‪ .(2‬وكانت عملية الدحو هذه عامة‬
‫شاملة حتى ماتسمع في الحارة كلها إل أصداء الخبط والدحرجة و الصرير ‪.‬‬

‫وكان يساكن )الشيخ العجوز( في الدار صهره ‪ ,‬وهو ذو ولد يافع يكبر صغيرنا ببضع سنوات ‪,‬‬
‫فهما عيلتان مستقلتان في النفقة متعاونتان في المنافع والخدمات ‪.‬‬

‫وكان الرجال من العيلتين ‪ ,‬في تلك الثناء ‪ ,‬ل يكادون يغادرون الدار نهارا ً إل لماما ً ‪ ,‬بعض لتفقد‬

‫‪113‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫دكانه وصيانة بضائعه من الوكف ‪ ,‬وبعض لتدارك حاجات الدار ‪ ,‬وبعض لزيارة القارب وتفقد‬
‫أحوالهم ‪ ,‬ثم يعودون سراعا ً للعمل في صيانة الممرات وتنظيفها كلما غمرتها هزات الثلج ‪,‬‬
‫ما ما يهطل ليل ً‬
‫ولعتلء السطوح عدة مرات لقش ما يتجمع عليها من ثلج في أثناء النهار ‪ ,‬أ َ‬
‫فتتكفل به رفوش العمال المأجورين في صباح اليوم التالي ‪.‬‬

‫ن يبكرن بمسح أرض الغرف لتنشيفها مما قد يكون عليها من رشاش الوكف ‪ ,‬ثم‬
‫أما النسوة فك ّ‬
‫ينصرفن إلى طهو الطعام )الذي كان في أيام الثلج ل يعدو البرغل ‪ ,‬فمرة هو ‪ -‬مجدرة‪ -‬وأخرى ‪-‬‬
‫برغل محمص ‪ -‬وثالثة ‪ -‬مخلوطة ‪ ...‬أو كبة حيلة ‪ ...‬الخ( ويثّنين بصنع الخبز ‪ ,‬يخبزنه في التنور‬
‫فالفران مغلقة ‪ ,‬والسرة التي ل تنور لديها تستخدم )الصاج( على الطريقة البدوية ‪ ,‬أو تحمل‬
‫عجينها إلى الجيران تخبزه في تنورهم ‪ .‬ولكم شاهد الطفل نساء جيرانهم يأتين دارهم لهذا‬
‫الغرض ‪.‬‬

‫السهرة حول المنقل وأحدايث الكوارث والضباع والفقراء‬


‫فاذا انقضى النهار وتناول أفراد العيلتين طعام العشاء ‪ ,‬التموا في غرفة واحدة هي كبرى غرف‬
‫الدار ‪ ,‬وأووا إلى زاوية منها قد نجت من الوكف ‪ ,‬فأقاموا الصلة جماعة ‪ ,‬الرجال في المقدمة‬
‫ن البيض المخصصة للصلة ‪ .‬ثم تحلقوا حول منقل كبير مترع بنار‬ ‫ومن ورائهم النسوة بأرديته ّ‬
‫فهم يقلبونها ظهرا ً لبطن ويفرك كل منهم‬‫الفحم التي خمدت شرتها ‪ ,‬يتلقون منها الدفء بأك ّ‬
‫راحتيه ويمسح بهما وجهه ‪ ,‬يريد أن يعطيه نصيبا ً من دفء ريثما تبلغ حرارة الغرفة حدا ً يأذن‬
‫بالكف عن تفريك الراحات وتمسيح الوجوه ‪.‬‬

‫ويبدأ السمر ‪ ,‬فيتبادلون أحاديث ما رآه كل منهم ‪ ,‬نهاره ‪ ,‬أو ما سمعه من غيره عن كوارث‬
‫الثلوج ‪ .‬فآل فلن انقض جدار منزلهم فخر عليهم السقف ‪ ,‬واستخرجت جثثهم من تحت النقاض‬
‫أشلء ومزقا ً ‪ .‬وآل فلن نجوا بأعجوبة من هذه الموتة الفاجعة ‪ .‬وفلن كان يقش الثلج عن سطح‬
‫ن الله رحيم ‪ .‬وفلن‬
‫بيته فهوى إلى الطريق ‪ ,‬ولول أنه وقع على كومة ثلج لتهشمت عظامه ولك ّ‬
‫الذي كان في قرية قريبة من البلد ‪ ,‬أشفق على عياله أن يحل بهم مكروه ‪ ,‬فغامر بنفسه وركب‬
‫الطريق وحيدا ً ‪ ,‬حتى إذا بلغ مشارف البلد ثارت عاصفة مجنونة من الثلج فاحتوته في طياتها ‪.‬‬
‫وأبطأ على أهله فهبوا مع أولي النجدة يبحثون عنه حتى عثروا عليه جثة هامدة مدفونة في الثلوج‬
‫‪ ...‬و)المتعّيش( المسكين الذي كان يركب حمارا ً حمل عليه بعض المتاع ليبيعه في القرى ‪,‬‬
‫عرضت له ضبع على طريق )السلمية( ورشته ببولها ) فضبعته ( وأصبح يتبعها حيثما سارت ‪,‬‬
‫فقادته حتى ابتعدت به عن الطريق وأكلته مع حماره ‪ ,‬ولم يعثر له ول للحمار على أثر ‪ ,‬إل بقايا‬
‫مزق من القمشة يحملها الحمار ‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫ويعقب )الشيخ( الجد على هذين الخبرين ‪ )) :‬مساكين أولد هذين الرجلين الذين كانوا ينظرون‬
‫أبويهم حاملين لهم القوت ليسدوا جوعتهم ‪ ,‬لقد أصبحوا أيتاما ً بائسين يستحقون العون الرحمة ‪.‬‬
‫فعلى الطفال ‪ -‬الذين ينعمون بما يجلبه لهم آباؤهم من طعام وكساء‪ ,‬وبما يؤمنونه لهم من دفء‬
‫وراحة وأمان ‪ -‬أن يحمدوا الله ويشكروه على هذه النعم السابغة (( ‪.‬‬

‫وتستمر الحاديث في الليالي المتعاقبة ‪ ,‬فاذا الثلوج قد نفّرت وحوش البراري من أوكارها ‪,‬‬
‫وبخاصة الضباع ‪ ,‬فاندفعت نحو المدينة تبحث فيها عن أقواتها ‪ .‬وقد شوهدت في شوارع كذا وكذا‬
‫آثار حوافرها وحارس الحي الفلني أطلق النار على ضبع فأرداها ‪ ,‬وحارس حي آخر طارد ضبعا ً‬
‫ففاتته ولم يعرف أين اختفت ‪ .‬وفي طرف البلد عند البرية اقتحمت ضبع إحدى الدور ‪ ,‬وكان من‬
‫لها ‪ ,‬فتصدى لها صاحب الدار بقضيب من حديد فقتلها واحتفظ بجروها يريد أن‬ ‫)‪(3‬‬ ‫وراءها جرو‬
‫ويعقـب ) الشيخ (‬ ‫)‪(4‬‬ ‫يربيه حتى يكبر فيجعله )فرجة للولد ( ويتقاضى منهم بعض )المتليكات (‬
‫على ذلك ‪ )) :‬ان دارنا كائنة في وسط البلد ‪ ,‬بعيدا ً عن البرية ‪ ,‬فل تصل الضباع إليها والحمد‬
‫لله ((‬

‫وينتقل الحديث إلى المؤن وفقدان العديد من أصنافها ‪ ,‬فقد احتكرها أولئك الذين ليس في‬
‫كمون بأسعارها تبعا ً لطمعهم وجشعهم ‪ ,‬وبخاصة الطحين فقد‬
‫قلوبهم شفقة ول رحمة ‪ ,‬وباتوا يتح ّ‬
‫قطعت الثلوج طرق الطواحين وأصبح الوصول إليها مغامرة تستوجب رفع أجور الطحانة ‪,‬‬
‫فيغتنمها المحتكرون فرصة ذهبية ويرفعون أسعار الدقيق أضعاف أضعاف ما زادت أجور‬
‫الطحانين ‪ ,‬المر الذي حمل الحكومة على تأليف فرق كثيرة من العمال وتجهيزها بالمعدات‬
‫اللزمة لفتح طرق الطواحين ‪.‬‬

‫ويستطردون إلى الحديث عن الفقراء الذين أصبحوا يعانون آلم الجوع ‪ ,‬وعن الغنياء ‪ ,‬من سخا‬
‫منهم وعطف على أولئك الفقراء ‪ ,‬ومن بخل وأمسك يده عنهم ‪ ,‬مرددين أقوال الناس في هؤلء‬
‫وهؤلء بما يستحق ‪.‬‬

‫وهنا تنطلق عبارات الحمد والشكر لله الكريم الذي ألهم الجماعة السامرة حول المنقل أن‬
‫تؤمن قبل ابتداء الثلجة طحنة من الدقيق تكفي العيلتين أكثر من شهرين ‪ ,‬وعندهم من مؤن‬
‫البرغل والعدس والزيت والدبس وغيرها ‪ ,‬ومن الفحم والحطب والجلة وزيت الكاز ما يكفي لكثر‬
‫من هذه المدة ‪ .‬هذا إلى أن الضائقة لن تستمر طويل ً بإذن الله ‪,‬فهذا شهر شباط قد انتصف أو‬
‫كاد ‪ ,‬ول ينتظر استمرار الثلج بعده كثيرا ً ‪.‬‬

‫ل ليلة ‪ ,‬والطفل قابع في حضن جده الذي ل َّ‬


‫فه بطرف من‬ ‫كانت هذه الحاديث وأمثالها تدور ك ّ‬
‫عباءته ‪ ,‬وغمره بدفء حنانه ‪ ,‬وهو مستريح إلى أنفاسه العطرة التي يتنشق منها أريج الرحمة ‪,‬‬

‫‪115‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫سط النفس إلى تعقيباته على ما يدور من أحاديث ‪ ,‬وبخاصة أحاديث الضباع التي ألقت في‬ ‫منب ِ‬
‫روعه شيئا ً من الفزع عند سماعها ‪ .‬وكثيرا ً ما كان يستولي عليه النوم وهو في وضعه ذاك ‪ .‬فاذا‬
‫استيقظ صباحا ً ألفى نفسه ما يزال في حضن الجد ‪ ,‬ولكن فوق الفراش الوثير ‪.‬‬

‫ليالي الوكف ‪ -‬الدلف ‪-‬‬


‫وفي الليالي التي يشتد فيها الوكف فل يدع فسحة للمنقل والمتحلقين حوله ‪ ,‬يتوقف السمر ‪,‬‬
‫ويأخذ الجد صغيره ينتحي به زاوية ينعدم فيها الوكف أو يقل بحيث يمكن اتقاؤه بالعباءة ‪ .‬أو‬
‫ينتقل به إلى غرفة أخرى يجد فيها مثل هذه الزاوية ‪ ,‬فيقبع فيها حاضنا ً طفله لفا ً عليه طرفي‬
‫عباءته ‪ .‬ويؤتى لهما بكانون من الفخار صغير فيه جمرات يدفئ عليها راحتيه ويمسح بها وجه‬
‫فيه وهو يحكي له بعض الحكايات القصيرة ) النملة والصرصور ( و )الراعي الكذاب ( ‪,‬‬
‫الصغير وك ّ‬
‫أو يلقي عليه بعض )الحزيرات ( ‪ ) :‬ميت يجر ميت ‪ ,‬وميت يعيط ‪ :‬القوس والمعرجلنة ( ‪ ,‬و‬
‫)حزرك مزرك أربع دبابير بصدرك ؟ ‪ :‬أزرار القنباز ( ‪ ,‬أو يحفظه بعض قصار السور ‪ )) :‬الفاتحة ‪,‬‬
‫المعوذتين ‪ ,‬الخلص ‪ . (...‬بينما يكون سائر أفراد الدار منهمكين بطي أمتعة الغرف ‪ ,‬وتكديسها‬
‫‪ ,‬وفرش الرض بالطباق‬ ‫وتغطيتها بالبسط ( و)البلس (‬
‫) ‪(6‬‬ ‫في الزوايا والشبابيك و )اليوكات (‬
‫) ‪(5‬‬

‫والصواني والصحون وما إليها من أوعية تتلقى قطرات الوكف ‪ ,‬حتى اذا امتلت أو كادت أفرغ‬
‫ماؤها في صحن الدار وردت إلى أماكنها ‪ ,‬لتمتلئ ثم تفرغ ‪ ...‬وهكذا ‪.‬‬

‫ول ينسى النسوة ‪,‬بعد ذلك ‪ ,‬أن يعددن للصباح عدته ‪ ,‬فيعمدن إلى قدر ذات غطاء مملوءة ماًء‬
‫حارا ً ‪ ,‬فيلففنها بجلود الغنم وقطع البسط وما شابه ذلك ‪ ,‬ويأتين بمنقل فيه بقايا من فحم‬
‫وفن رماده ويملن التجويف بكمية من )الدق( فتات الفحم وكسارته ‪ ,‬ويطمرن فيه‬
‫مشتعل ‪ ,‬فيج ّ‬
‫قطعة أو اثنتين من الفحم الصلب ‪ ,‬ويغمرن ذلك كله بالرماد ‪ .‬فاذا أصبحن كان لديهن قدر كاف‬
‫من الماء الدافئ للوضوء ‪ ,‬وجذوة مشتعلة ليقاد نار جديدة للتدفئة ‪.‬‬

‫وكان صوت الجد الحنون الهامس ‪ ,‬وما يرافقه من أصوات متباينة النغمات تنبعث من اصطدام‬
‫قطرات الوكف بالوعية التي تتلقاها فارغة أو ممتلئة ‪ ,‬تؤلف ترنيمة سحرية تهدهد أعصاب‬
‫الطفل فيغفو على ايقاعها ‪ .‬فاذا استيقظ صباحا ً ألفى نفسه ‪ ,‬اما مستريحا ً على صدر جده وهو‬
‫ف ) اليوك ( ومدثرا ً بأغطية‬
‫في جلسته تلك من أول الليل ‪ ,‬واما ممدا ً على حشيـة صغيرة تحت ر ّ‬
‫ثقيلة وقاية له من أذى البرد ‪ .‬وهكذا ‪ ,‬كان يجد في هذه السهرات من النس والمتعة والجو‬
‫الحالم ما يحببها اليه ‪ ,‬ويجعله يترقبها بشوق ولهفة ‪.‬‬

‫أما أثناء النهار ‪ ,‬فكثيرا ً ما كان يسأم طول المكوث في الشباك ‪ ,‬فيغتنم خلو الدار من الرجال‬
‫ويندفع إلى ) بيت المونة ( حيث النسوة يقمن بتحضير العجين واعداد المواد التي يراد طبخها ‪,‬‬

‫‪116‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫فيعبث ويشغب حتى يضقن به ‪ ,‬فيأمرنه بالعودة إلى الشباك ‪ ,‬ولكنه ينطلق إلى المطبخ وهو‬
‫يتعجج من دخان )الجّلة ( الذي ينفثه التنور كالبركان ساعة احمائه ‪ ,‬فيتأذى وتدمع عيناه ‪ ,‬فيرتد‬
‫إلى صحن الدار يعدو في الممرات الضيقة بين الثلوج ‪ ,‬باسطا ُ كفيه الصغيرتين يتلقى بهما نديف‬
‫الثلج ‪ ,‬أو نافشا ً شعره ليستوعب أكبر كمية منه ‪ ,‬رافعا ً صوته بأهزوجة الثلج ‪ ) :‬كّبر وانزل ‪, ( ...‬‬
‫حتى تدركه أمه فتجره إلى الغرفة جرا ً أو تحمله بيديها النحيلتين حتى تبلغ به عتبتها ‪ ,‬فتنفض ما‬
‫علق بشعره وثيابه من الثلج ‪ ,‬وتعيده إلى كرسيه في الشباك ‪.‬‬

‫الصبرة ‪ -‬الصقيع‬
‫وذات صباح كان الثلج قد توقف عن التهطال في ليلته ‪ ,‬تفقد العمال الذين كانوا يقشون الثلوج‬
‫فلم يقف لهم على أثر ‪ .‬فهم بالخروج من الغرفة ‪ ,‬وإذا أمه تنبهه إلى ) الصبره ( الصقيع الذي‬
‫يكسو وجه الرض ‪ ,‬وتحذره من النزلق عليها محاولة صرفه عن مغادرة الغرفة ‪ ,‬ولم تدر أنها‬
‫أعطته السبب الكافي للخروج ‪ ,‬فما هي هذه ) الصبره ( التي تحذره منها ؟ لقد أصبح مشتاقا ً‬
‫لرؤيتها ‪ .‬وفتح الباب ‪ ,‬وكان أول ما فجأه قناديل كالّبلور متدلية من الميازيب الفقية المسلطة‬
‫على صحن الدار ‪ ,‬فيعجب لها ‪ ,‬ويروح يسائل نفسه ‪ :‬ما شأنها ‪ ,‬ومن أين جاءت ؟ ويعود إلى أمه‬
‫يستوضحها أمرها ‪ ,‬فيعلم منها أنها هي ) الصبره ( التي حذرته منها ‪ ,‬وتأخذ يده وتخرج به إلى‬
‫صحن الدار تريه تلك الممرات الضيقة كيف تكسوها طبقة شفافة كالزجاج ‪ ,‬وتضع كفه على‬
‫أكوام الثلج ‪ ,‬وكان يعهدها طرية ه ّ‬
‫شة فإذا هي متجمدة صلبة ‪ ,‬ويأتي ابن عمته بمطرقة يكسر بها‬
‫صقيع الممرات ويكنسها ‪ ,‬فيأخذ شيئا ً من تلك الكناسة فاذا عي تشبه نثار الزجاج ولكنها ما تلبث‬
‫أن تذوب في يده ‪.‬‬

‫ويتعالى الضحى والشمس مشرقة ‪ ,‬وتبدأ قناديل الميازيب ترسل قطرات من الماء يروقه‬
‫صفاؤها فيرغب إلى أمه أن تضع تحتها أوعية تتجمع فيها تلك القطرات الصافية ‪ ,‬ويكون له ما‬
‫أراد ‪ ,‬وإذا به يكتشف متعة جديدة مضافة إلى متعة صفاء الماء ‪ ,‬هي تلك النغمات المنبعثة من‬
‫اصطدام قطرات الماء بالوعية ‪ ) :‬طق ‪ . . .‬ططق ‪ . . .‬طرطق ‪ ( ..‬فتذكره بليالي الوكف‬
‫المزعجة ‪ ,‬ولكن شتان ما بين الحالين ‪.‬‬

‫ومرة ألفى باب الدار مفتوحا ً ‪ ,‬فانسل في غفلة من النسوة وخرج إلى الزقاق ‪ ,‬فاذا هو مترع‬
‫بالثلوج حتى السطوح ‪ ,‬وليس فيه إل ممر ضيق في وسطه ل يكاد يتسع لكثر من سائر واحد ‪.‬‬
‫وكان بعض الرجال الذين يعبرونه ينتعلون قباقيب عالية ) شبراوّية ( ويعتمدون في السير على‬
‫عكاكيز ‪ .‬فيخطر له أن يجرب السير فيه وإذا برجله تغوص في حفرة تملؤها المياه ‪ ,‬فيكف عن‬
‫متابعة التجربة ويرتد إلى داخل الدار حيث ينال نصيبه من تأنيب الم وتأديبها ‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫نهاية الثلجة‬
‫ويصبح الناس ذات يوم على سماء مقلعة وشمس ساطعة وريح غربية رخاء ‪ ,‬فيوقنون بانكشاف‬
‫الكربة ‪ ,‬وينهدون إلى الثلوج المتراكمة في الدور ينثرونها في الطرقات ‪ ,‬حيث تذوب تحت وطء‬
‫الناس والدواب ‪ ,‬فتشكـل مياهها جداول تنحدر حتى تجد لها مصرفا ً يبتلعها ‪ .‬ويأتي المساء على‬
‫الدور خالية من كل أثر للثلج ‪ ,‬وعلى الطرقات ليس فيها إل النذر اليسير منه ‪ .‬فيتباشر الناس‬
‫بالفرج ويهّنئ بعضهم بعضا ً ويكون ذلك في اليوم الول من ربيع الول عام ‪1329‬هـ ‪.‬‬

‫ونحن نستمد هذا التاريخ الوثيق من قصيدة عامية نظمتها ‪ -‬شيخة ‪ -‬حمصية تدعى ) صديقة بنت‬
‫الشيخ سعد الدين شمسي باشا ( تتحدث فيها عن الثلجة وكوارثها ‪ ,‬في تقول ‪:‬‬

‫)) قد وقع من السنين سنة التاسع والعشرين ((‬


‫وتقول )) أيامــــه أربعين قد ق َّ‬
‫ل فيها الطحين ((‬

‫ثم تقول ‪ )) :‬أول يوم في ربيع شهر النبي شفيع أتانا فصل الربيع ولحـــت البشاير‬

‫‪..........‬‬

‫أتانا الهوا والطل في برهة قليلة ق ّ‬


‫ل لم يطل منه الجل إل ولى مسافر ((‬

‫فاذا كانت الثلجة التي دامت أربعين يوما ً قد انتهت في اليوم الول من ربيع الول عام ‪1329‬‬
‫فمعنى ذلك أنها بدأت في ‪ 19‬أو ‪ 20‬محرم من تلك السنة ‪ ,‬وهما يوافقان ‪ 20‬أو ‪ 21‬كانون‬
‫الثاني ‪1911‬م ‪ .‬وشيء آخر نستفيده من هذه القصيدة وهو أن ) الثلجة ( لم تكن قاصرة على‬
‫حمص بل هي كما تقول الشيخة ‪ )) :‬قد شمل كل البلدان من حلب لحد معان ((‬

‫هذا وإن المعمرين ليذكرون حادثا ً آخر وقع بين )الطوفة ( و ) الثلجة ( أ ي سنة ‪ 1910‬ويسمونه‬
‫)النهيب ( اذ هاجم بعض الجياع المحرومبن مستودعات الحبوب والمؤن في المحطة وغيرها من‬
‫الماكن ونهبوا محتوياتها ‪ .‬وليس لصغيرنا أي ذكرى عن هذا الحادث ‪,‬لبعده عن بيئته ومدارج‬
‫طفولته ‪.‬‬

‫=============================================‬

‫)‪ (1‬اشلح ‪ :‬فعل أمر باللهحة العامية معناه )ارم( ‪ .‬والمشلح العباءة ‪.‬‬

‫)‪ (2‬العصوان المربوطتان هما )القوس( ‪ ,‬والسطوانة الحجرية هي المدحاة )المعرجلنة ( وفي‬
‫مركز كل من قاعدتيها نقرة تدخل منها تدخل فيها خشبة صغيرة معترضة في أدنى عصا القوس ‪,‬‬

‫‪118‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫وتشد العصوان من أعلى بخشبة مستطيلة تسمى )السيف ( ‪ ,‬وهي لها شكله ‪ ,‬فتلتقط القوس‬
‫)المعرجلنة ( بحيث يمكن دحرجتها ‪ .‬والمادة السوداء التي في القفة هي )نقارة الحجر السود( ‪,‬‬
‫تختلط بطيبنة السطح حين تخبط وتدحا ‪ ,‬فتكسبها تماسكا ً ومتانة ‪.‬‬

‫)‪ (3‬يقول الثعالبي في كتابه )فقه اللغة( ان اسم ولد الضبع )الفرعل ( بضم الفاء والعين ‪ ,‬ولكني‬
‫آثرت السم العام لولد كل حيوان مفترس )الجرو ( لخفته على السمع وقربه من الفهام ‪.‬‬

‫)‪ (4‬مفردها )متليك( وهو وحدة نقدية تركية تساوي ربع قرش ‪.‬‬

‫)‪ (5‬واحدها )يوك( وهو عقد واسع في أحد جدران الغرفة تنضد فيه الفرش و اللحف وسائر‬
‫أمتعة النوم ‪.‬‬

‫)‪ (6‬واحدها ) بلس ( وهو بساط منسوج شعر ‪ ,‬يمنع تسرب الماء ‪.‬‬

‫‪------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫فكاهات من الماضي الحمصي‬


‫‪Top of Form‬‬

‫‪Bottom of Form‬‬

‫‪-1‬كانت هناك براميل للبترول كتب عليها بالعربية )شل( وبالنلكليزية )‪ (Shell‬فقام أحد الظرفاء‬
‫الحمصيين فأخذ برميل ً منها وعندما قبض عليه سأله الحاكم ‪ :‬لماذا سرقت البرميل يا رجل ؟ قال‬
‫المتهم ‪ :‬سيدي أنا لم أسرقه ‪ ,‬ولكني وجدت عليه فعل المر شل وماضيه شال ومضارعه يشيل‬
‫فأخذته ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪ -2‬كان الخواجة )سمعان سمعان ( أحد موظفي دار السينما في حمص صاحب النكتة الهاتفية‬
‫حيث كان ُيسأل على الهاتف ‪ ,‬من أنت ؟ أنا سمعان ! فيكرر السائل قوله ‪:‬أنا أعرف أنك سمعان‬
‫)سامع( ولكن من أنت ؟! أنا سمعان سمعان ‪ .‬فيكرر السائل قوله ‪ :‬أنا أعرف أنك سمعان ولكن‬
‫من المتكلم معي ؟ ويتكرر ذلك لعدة مرات إلى أن يقول للسائل يا أخي أنا اسمي سمعان وكنية‬
‫عائلتي أيضا ً سمعان ‪.‬‬

‫‪ -3‬يتناقل الحمصيون قصة مفادها بأن أحد رؤساء البلدية كان يقتني لركوبه وتنقله حمارا ً أبيضا ً ‪,‬‬
‫وكان مقر البلدية في حينه مكان مديرية الثار )في شارع القوتلي (وهي مقابلة لبناء دار الحكومة‬
‫عندئذ )مكان الميتم السلمي والمسيحي الن ( ‪ ,‬وكان هذا الحمار ُيربط على باب بناء البلدية ‪.‬‬
‫ويتندر الحمصيون من كبار السن بأن ذلك الحمار إذا اتجه برأسه نحو الجنوب فهذا يعني أن‬
‫رئيس البلدية لدي السيد متصرف حمص ‪ ,‬وإذا كان الحمار العتيد المربوط إلى جدار البلدية‬
‫متجها ً إلى جدار البلدية فهذا يعني ان رئيس البلدية موجود في البلدية ‪ ,‬وإذا لم يجد المواطنون‬
‫الحمار فهذا يدل على أن رئيس البلدية لم يحضر بعد ‪.‬‬

‫‪ -4‬كان يقال للسيدات اللواتي يشاهدن السينما للمرة الولى من سيدات أخريات يحببن‬
‫المداعبة بأن يغطين وجوههن عند ظهور أبطال الشاشة الذكور ‪ ,‬إلى أن يتكشف لهن سر هذه‬
‫الخيالت ‪.‬‬

‫‪ -5‬تحدث كبراء السن عن امرأة حمصية مسنة ركبت سيارة )بوسطة( للمرة الولى تريد السفر‬
‫جلة ‪ :‬أين عريش العربة؟ أين الخيل ؟ وأين العليقة لها ؟! وعندما سارت‬
‫فكانت تتساءل و ِ‬
‫السيارة )البوسطة( بقيت المرأة تولول وتستغيث ولم تقتنع بوجود السيارة بدون خيل حتى تعبت‬
‫واقتنعت !‬

‫‪ -6‬المعروف عن )المليس( أنه يستعمل آلة الصقل برشاقة وليونة ليأتي الكساء السمنتي أو‬
‫الترابي ناعما ً ‪ .‬بينما )الفاعل( الذي يخلط التراب بالتبن والماء ليدعكه برجله ‪ ,‬فإنه يعمل الجبلة‬
‫بجهد وتعب ولكن أجرته أقل من أجرة المليس المختص ‪ .‬وحدث مرة أن رجل ً طلب إصلح‬
‫جداره من المليس والفاعل ‪,‬بنهاية العمل أعطى الفاعل أجرة أعلى من أجرة المليس فاحتج‬
‫الخير فأجابه الرجل ‪ -‬أنت عملك بسيط ) حلس ملس ( ‪ ,‬بينما زميلك عمله صعب وهو دوما ً‬
‫)شبط لبط ( ‪.‬‬

‫‪ -7‬روى لنا السيد أحمد الضاهر الحادثة التالية ‪ :‬جاء البدوي زائرا ً شريكه في المدينة يحمل علبة‬
‫لبن )حليب رائب( قائل ً وهو يبدي الحزن على غنمات الرجل ‪ :‬عشرة شلهن الديب )أكلهن‬
‫الذئب (‪ .‬وعشرة ماتوا من الصقيع و وعشرة ضاعوا ‪ ,‬وعشرة ما أدري أين ذهبت !! وتابع قوله ‪:‬‬

‫‪120‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫والحين جبت لك اللبنات )أتيت لك باللبن ( هدية من الجوار ‪ .‬فما كان من صاحب الغنم إل أن‬
‫تناول علبة اللبن وسكبها على رأس البدوي وهو يتميز سخطا ً وغضبا ً ‪ .‬فما كان من البدوي إل قال‬
‫ببرود ‪ :‬الحمد على بياض الوجه يا شريجي )شريكي( ‪-------- .‬‬

‫المصدر ‪ :‬معالم وأعلم من حمص الشام في القرن العشرين ) محمد فيصل شيخاني ‪ -‬طارق‬
‫اسماعيل كاخيا(‬

‫بكاء الشرايين‬
‫‪Top of Form‬‬

‫للدكتور محمد طاهر الحمصي في رثاء ولده الدكتور عبد الحليم الحمصي الذي وافته المنية في‬
‫المملكة العربية السعودية إثر حادث أليم‬

‫أبكيك بالدمع أم بالحمر القاني‬

‫‪121‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫م واللم خ ّ‬
‫لني‬ ‫يامن إلى الغ ّ‬
‫***‬
‫دِع الدموع َ لرباب الطلول فقد‬
‫خر الدمع في تّنور أحزاني‬
‫تب ّ‬
‫***‬
‫ف‬
‫لئن بكتك عيون القوم من أس ٍ‬
‫ن‬
‫على ربيٍع ذوى في عّز نيسا ِ‬
‫***‬
‫لقد بكتك شراييني وأوردتي‬
‫جوانحي وضلوعي قبل أجفاني‬
‫***‬

‫ت مصطَبر‬
‫ت حتى ل َ‬
‫إني تصّبر ُ‬
‫ن‬
‫أشكو إلى الله ل أشكو لنسا ِ‬
‫***‬
‫ت في لحد َ‬
‫ك السّراءَ أجمَعها‬ ‫ألحد ُ‬
‫ك سلواني‬ ‫ب في ذكرا َ‬‫ت أطل ُ‬‫ورح ُ‬
‫***‬
‫ي مسكُنه‬‫ك في عين ّ‬ ‫ل شخص َ‬ ‫ما با ُ‬
‫م به ساكنا ً قلبي ووجداني‬
‫أكر ْ‬
‫***‬
‫ب بطلعت َ‬
‫ك الغّراء تسلبني‬ ‫أحب ِ ْ‬
‫مي وتحيي زهر بستاني‬
‫مي وه ّ‬
‫غ ّ‬
‫***‬
‫ويا لبسمت َ‬
‫ك الخجلى تهدهدني‬
‫ن‬
‫ف وتحنا ِ‬
‫كالطفل في مهد ألطا ٍ‬
‫***‬
‫حني‬
‫ب في سمعي يرن ّ ُ‬ ‫وصوت ُ َ‬
‫ك العذ ُ‬
‫ت آذاني‬
‫واحسرتا كم ُتعيد الصو َ‬
‫***‬

‫‪122‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫تباركت قدرة ُ الخ ّ‬


‫لق إذ ْ جمع ْ‬
‫ت‬
‫ن‬
‫ك في آيات إحسا ِ‬ ‫ت حسن َ‬
‫آيا ِ‬
‫***‬
‫عبد َ الحليم أحقا ً غب َ‬
‫ت عن بصري؟‬
‫م مازال يغشاني‬
‫ن ذا حل ٌ‬
‫أم أ ّ‬
‫***‬
‫ف نفسي ويا بّثي ويا حَزني‬
‫ياله َ‬
‫ويا شقائي ويا تعسي وحرماني‬
‫***‬
‫يا فلذة َ الروح ل قولي يطاوعني‬
‫ول تقوم بما في القلب أوزاني‬
‫***‬
‫فاعذْر أبا َ‬
‫ك ‪ -‬وأنت الب َّر‪ -‬يا ولدي‬
‫صر الشعُر في تصوير أشجاني‬
‫نق ّ‬
‫إ ْ‬
‫***‬
‫حَزني‬
‫ت في َ‬
‫ن أسرف ُ‬
‫أستغفر الله إ ْ‬
‫ه أسأ ُ‬
‫ل في سّري وإعلني‬ ‫فالل َ‬
‫***‬
‫ن ومغفرة‬ ‫أن يجتبي َ‬
‫ك بإحسا ٍ‬
‫ن‬
‫ت رضوا ِ‬ ‫ويجع َ‬
‫ل الملتقى جّنا ِ‬
‫***‬

‫د‪ .‬محمد طاهر الحمصي في رثاء ولده د ‪ .‬عبد الحليم رحمه الله‬

‫‪123‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫قــالوا عن حمــص )‪1‬‬

‫المهندس جورج فارس رباحية‬

‫حالة العرب وغيرهم وصفوا مدينة حمص‬


‫إن معظم المؤرخين والر ّ‬
‫عندما مّروا بها أمثال ياقوت الحموي )‪ (1‬كما جاء بكتابه معجم‬
‫البلدان ‪ ،‬ونورد باختصار ماكتبه عن حمص ‪:‬‬

‫‪124‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫سر ثم بالسكون والصاد مهملة ‪:‬‬


‫مــص ‪ :‬بالك ْ‬
‫ح ْ‬
‫ِ‬

‫ور وفي طرفه القبلي قلعة حصينة‬


‫س ّ‬
‫م َ‬
‫د مشهوٌر قديم كبير ُ‬ ‫بل َ ٌ‬
‫ل كبير ‪ ,‬وهي بين دمشق وحلب في نصف الطريق ‪,‬‬ ‫على ت ّ‬
‫ل عا ٍ‬
‫مهر بن جان‬ ‫اسمها ي ُذَ ّ‬
‫كر وُيؤّنث بنابناها رجل ُيقال له حمص بن ال َ‬
‫بن مكنف وقيل بن مكنف العمليقي ‪ ,‬وقال أهل الشتقاق ‪:‬‬
‫حموصا ً وانحمص ينحمص انحماصا ً اذا ذه َ‬
‫ب‬ ‫ص ُ‬
‫م ُ‬
‫ح ُ‬
‫جْرح ي َ ْ‬
‫ص ال َ‬
‫حم َ‬
‫َ‬
‫ه ‪ ,‬وقال أبو عون في زيجه ‪ :‬طول حمص أحدى وسّتون درجة‬
‫م ُ‬
‫وَر َ‬
‫َ‬
‫وعرضها ثلث وثلثون درجة وثلثان وهي في القليم الرابع‬

‫وفي كتاب الملحمة ‪ :‬مدينة حمص طولها تسع وتسعون درجة‬


‫وعرضها أربع وثلثون درجة وخمس وأربعون دقيقة من القليم‬
‫الرابع ارتفاع ثمان وسبعون درجة تحت ثمان درجات من‬
‫ت ملكها مثلها من الحمل‬
‫ي ‪ ,‬بي ُ‬
‫السرطان يقابلها مثلها من الجد ْ‬
‫بيت عاقبتها مثلها من الميزان ‪ ,‬قال أهل السير ‪ :‬حمص بناها‬
‫اليونانيون وزيتون فلسطين من غرسهم ‪ .‬وأما فتحها فذكر أبو‬
‫ما فرغ من دمشق‬ ‫خَنف إن أبا عبيدة بن الجّراح ل ّ‬‫م ْ‬
‫المنذر عن أبي َ‬
‫مْلحان بن َزّيار الطائي ثم تبعهما فلما‬
‫قدم أمامه خالد بن الوليد و ِ‬
‫جؤوا إلى المدينة وطلبوا المان‬
‫توافوا بحمص قاتلهم أهلها ثم ل ِ‬

‫‪125‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫والصلح فصالحوه على مائة ألف وسبعين ألف دينار ‪ ,‬وقال‬


‫الواقدي وغيره ‪ :‬بينما المسلمون على أبواب دمشق أذ أقبلت‬
‫خيل للعدو كثيفة فخرج اليهم جماعة من المسلمين فلقوهم بين‬
‫هيا والثنية فوّلوا منهزمين نحو حمص على طريق قـارا حتى‬
‫بيت ل ِ ْ‬
‫وفين لهرب هرقل عنهم فأعطوا ما‬
‫وافوا حمص وكانوا متخ ّ‬
‫منهم المسلمون فأخرجوا لهم الن ّْزل‬ ‫بأيديهم وطلبوا المان فأ ّ‬
‫مى بالعاصي ‪ ,‬وكان على‬ ‫ُ‬
‫فأقاموا على الُرْنط ‪ ,‬وهو النهر المس ّ‬
‫المسلمين ‪ :‬السمط بن السود الكندي ‪ ,‬فلما فرغ أبو عبيدة من‬
‫م حمص‬ ‫د َ‬
‫أمر دمشق أستخلف عليها يزيد بن أبي سفيان ثم ق ِ‬
‫على طريق بعلبك فنزل بباب الرستن ) المعروف حاليا ً بباب‬
‫منهم على أنفسهم وأموالهم‬
‫السوق ( فصالحه أهل حمص وأ ّ‬
‫ور مدينتهم وكنائسهم وأرجائهم واستثنى عليهم ربع كنيسة‬
‫وس ّ‬
‫يوحنا للمسجد واشترط الخراج على من أقام منهم ‪ ,‬وقيل إن‬
‫السمط صالحهم ‪ ,‬فلما قدم أبو عبيدة أمضى الصلح ‪ ,‬وإن‬
‫سم حمص خططا ً بين المسلمين وسكنوها في كل‬
‫السمط ق ّ‬
‫موضع جل أهله أو ساحة متروكة ‪ ,‬وقال أبو مخنف ‪ :‬أول راية‬
‫وافت للعرب‬
‫ول‬
‫حمص ونزلت حول مدينتها راية ميسرة بن مسرور العبسي وأ ّ‬
‫مولود في السلم بحمص ‪:‬‬
‫محرر وكان أدهم يقول إن أمه شهدت ص ّ‬
‫فين )‪(2‬‬ ‫أدهم بن ُ‬
‫وقاتلت مع معاوية وطلبت دم عثمان )رض( ‪.‬‬
‫قــالوا ‪ :‬ومن عجائب حمص صورة على باب مسجدها الى‬
‫جانب البيعة على حجر أبيض أعله صورة انسان وأسفله صورة‬
‫م على تلك الصورة نفع من‬
‫خت ِ َ‬ ‫العقرب ‪ ,‬إذا أ ُ ِ‬
‫خذَ من طين أرضها و ُ‬

‫‪126‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫ء فيبرأ‬
‫لدغ العقرب منفعة بّينة ‪ ,‬وهو أن يشرب الملسوع منه بما ٍ‬
‫لوقته ‪.‬‬
‫وفي حمص من المزارات والمشاهد ‪ :‬مشهد علي بن أبي‬
‫طالب )رض( فيه عمود عليه موضع إصبعه رآه بعضهم في‬
‫المنام ‪ ,‬وفيها دار خالد بن الوليد )رض( وقبره فيما ُيقال‬
‫ح ‪ ,‬وعند قبر‬
‫وبعضهم يقول إنه مات بالمدينة ودفن بها وهو الص ّ‬
‫خالد قبر عياض بن غنم ال ُ‬
‫قَرشي )رض( الذي فتح بلد الجزيرة‬
‫وفيها قبر زوجة خالد بن الوليد وقبر ابنه عبد الرحمن ‪ ,‬وبها‬
‫قبور لولد جعفر بن أبي طالب )‪ (3‬وهو جعفر الطّيار وبها مقام‬
‫كعب الحبار )‪ (4‬وغيرهم ‪.‬‬
‫قال عبد الصمد بن سعيد القاضي ‪ :‬سمعت محمد بن عوف بن‬
‫سفيان يقول ‪ :‬كنت ألعب في الكنيسة بالكرة فدخلت الكرة‬
‫المسجد حتى وقعت بالقرب من المعافى بن عمران فدخل ْ ُ‬
‫ت‬
‫لخذها فقال لي يافتى ابن من أنت ؟ فقلت أنا ابن عوف ‪ ,‬قال‬
‫ابن سفيان ؟ قلت نعم ‪ ,‬أما إن أباك كان من إخواننا وكان ممن‬
‫يكتب معنا الحديث والعلم والذي يشبهك أن تتبع ما كان عليه‬
‫ي هو صديق‬ ‫دق يابن ّ‬‫ت إلى أمي فأخبرتها فقالت ‪ :‬ص ّ‬ ‫والدك ‪ ,‬فصْر ُ‬
‫لبيك ‪ ,‬فألبستني ثوبا ً من ثيابه وازارا ً من ُأزره ثم جئت الى‬
‫دثنا‬ ‫ُ‬
‫ب‪:‬ح ّ‬‫المعافى بن عمران ومعي محبرة وورق فقال لي ‪ :‬أكت ُ ْ‬
‫ي أم الدرداء في‬ ‫ت إل ّ‬
‫اسماعيل بن عبد ربهبن سليمان قال ‪ :‬كتب َ ْ‬
‫لوحي فيما تعلمني أطلبوا العلم صغارا ً تعلموه كبارًا‪ ,‬قال ‪ :‬فان‬
‫لكل حاصد مازرع خيرا ً كان أم شرا ً ‪ ,‬فكان أول حديث سمعته ‪.‬‬
‫ملته من أمر حمص فساد هوائها وتربتها‬
‫ومن عجيب ما تأ ّ‬
‫اللذين يفسدان العقل حتى يضرب بحماقتهم المَثل ‪ ,‬وإن أش ّ‬
‫د‬

‫‪127‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الناس على علي ) رض( بص ّ‬


‫فين مع معاوية كان أهل حمص‬
‫وأكثرهم تحريضا ً عليه وجدا ً في حربه ‪.‬‬
‫وحمص أيضا ً في الندلس‪ :‬وهم يس ّ‬
‫مون مدينة اشبيليا حمص‬
‫موا عدة مدن‬
‫ما حصلوا بالندلس وملكوها س ّ‬
‫وذلك أن بني أمّية ل ّ‬
‫سام ‪ :‬دخل جند من جنود‬
‫بها أسماء مدن الشام وقال ابن ب ّ‬
‫ميت بهم ‪ ,‬وقال محمد‬
‫حمص الى الندلس فسكنوا اشبيليا فس ّ‬
‫بن عبدون يذكرها ‪:‬‬

‫ء‬
‫ومودّةً مخدومة بصفـــا ِ‬ ‫هل تذكر العهد الذي لم أنســـه‬
‫حباه‬ ‫قد ح ّ‬
‫ل عقد ُ‬ ‫ومبيتنا في أرض حمص والحجى‬
‫بالصهبـاء‬
‫ترنو الينــا من عيون الماء‬ ‫ودموع طل الليل تخلق أعينــا ً‬

‫المفـــردات ‪:‬‬
‫)‪ (1‬ياقوت الحموي ‪ :‬هو الشيخ المام شهاب الدين أبي عبد الله‬
‫ياقوت بن عبدالله الحموي‬
‫البغدادي ‪ .‬مؤرخ وجغرافي عربي رومي الصل )‬
‫‪ 1179‬ـ ‪(1229‬م‬
‫ول ِدَ بالناضول ) تركيا( اشتراه تاجر من حماه ‪,‬‬
‫ُ‬

‫‪128‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫رحل إلى إيران ثـم‬


‫إلى مصر فحلب حيث قضى بقية أيامه ‪ .‬له معجم‬
‫البلدان ومعجم الدباء‬
‫‪ :‬موقع على نهر الفرات بين الرقة ومسكنة جرت‬ ‫)‪ (2‬ص ّ‬
‫فيـــن‬
‫فيه معركة بين جيشي‬
‫علي ومعاوية سنة ‪ 657‬م ‪.‬‬
‫)‪(3‬جعفر بن أبي طالب ‪ :‬صحابي هاشمي إبن عم الرسول )ص(‬
‫اشتشهد في غزوة مؤتـه‬
‫سنة ‪ 629‬م‬
‫م في‬
‫)‪ (4‬كعب الحبار ‪ :‬رجل أصله من يهود اليمن أسل َ‬
‫في في حمــص‬ ‫خلفة عمر وتو ّ‬
‫سنة ‪ 653‬م ‪.‬‬
‫المصـــادر والمراجع ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ معجم البلدان مجّلد ‪ 2‬الناشر دار صادر بيروت‬
‫‪ 2‬ـ المنجد في اللغة والعلم ‪ 1973‬بيروت‬

‫‪129‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫خرائط قديمة لحمص‬


‫‪Top of Form‬‬
‫‪:‬تقييم المستخدمين‬

‫في الموضوع ستجدون بعض الخرائط القديمة لحمص و أحيائها‬

‫‪130‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫خريطة حمص القديمة‬

‫خريطة قديمة‬

‫‪131‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫مخطط أحياء حمص‬

‫‪132‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫سلسلة إرشاد الحائرين إلى من نزل حمص من‬


‫الصحابة و التابعين‬
‫‪Top of Form‬‬

‫) ثوبان ( مولى الرسول صلى الله عليه و سلم‬

‫سلسلة إرشاد الحائرين إلى من نزل حمص من الصحابة و‬


‫التابعين‬
‫تشرف بإعداد هذه المادة ‪ :‬عمر الحمصي‬

‫ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو عبد الله وقيل‬
‫أبو عبد الرحمن وأبو عبد الله أصح وهو ثوبان بن بجدد من أهل‬
‫السراة والسراة موضع بين مكة واليمن وقيل إنه من حمير وقيل‬
‫إنه حكمي من حكم بن سعد العشيرة ]‪[1‬‬

‫لزم ثوبان صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اشتراه‬
‫سبيا ً و أعتقه ‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫اشتهر ثوبان بحبه الشديد لرسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وهناك قصة ذكرها القرطبي عن الثعلبي لم أصل لسندها ]‪[2‬‬

‫حكى الثعلبي عن ثوبان ‪:‬‬


‫وكان شديد الحب له قليل الصبر عنه‪ ،‬فأتاه ذات يوم وقد تغير‬
‫لونه ونحل جسمه‪ ،‬يعرف في وجهه الحزن‪ ،‬فقال له‪) :‬يا ثوبان ما‬
‫غير لونك( فقال‪ :‬يا رسول الله ما بي ضر ول وجع‪ ،‬غير أني إذا‬
‫لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك‪ ،‬ثم‬
‫ذكرت الخرة وأخاف أل أراك هناك‪ ،‬لني عرفت أنك ترفع مع‬
‫النبيين وأني إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من‬
‫منزلتك‪ ،‬وإن لم أدخل فذلك حين ل أراك أبدا‪ ،‬فأنزل الله‬
‫ه َ َ‬ ‫َ‬ ‫فُأول َئ ِ َ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫م ِ‬‫ه ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ع َ‬‫ن أن ْ َ‬ ‫ذي َ‬‫ع ال ّ ِ‬ ‫م َ‬‫ك َ‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬‫والّر ُ‬
‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬
‫ن ي ُطِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫في ً‬
‫قا )‬ ‫ك َر ِ‬ ‫ن ُأول َئ ِ َ‬ ‫س َ‬‫ح ُ‬ ‫و َ‬‫ن َ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬‫وال ّ‬
‫ء َ‬ ‫دا ِ‬
‫ه َ‬ ‫وال ّ‬
‫ش َ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬‫دي ِ‬‫ص ّ‬‫وال ّ‬‫ن َ‬‫الن ّب ِّيي َ‬
‫‪ (69‬النساء‬

‫بقي ثوبان في خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبته‬
‫ولم يفارقه ل في سفر ول في إقامة حتى وفاته عليه الصلة‬
‫والسلم ‪ ,‬حيث ارتحل بعدها للشام فبنى دارا ُ في الرملة وبنى‬
‫دارا ً في حمص و أقام بها حتى وفاته ‪ ,‬وكان قد شهد فتح مصر و‬
‫أقام بها فترة ‪.‬‬
‫كان ثوبان قوي الذاكرة حسن الحفظ فأدى ما وعى من حديث‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ,‬فروى أحاديث ذوات عدد‪ ،‬روى‬
‫عنه شداد بن أوس‪ ،‬وجبير بن نفير وأبو إدريس الخولني‪ ،‬وأبو‬
‫سلم ممطور الحبشي‪ ،‬ومعدان بن أبي طلحة‪ ،‬وأبو الشعث‬
‫الصنعاني‪ ،‬وأبو أسماء الرحبي‪ ،‬وأبو الخير اليزني وغيرهم‪[3].‬‬

‫‪134‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫قال شريح بن عبيد ‪ :‬مرض ثوبان بحمص ‪ ،‬وعليها عبد الله بن‬
‫قرط فلم يعده ‪ ،‬فدخل على ثوبان رجل يعوده ‪ ،‬فقال له ثوبان ‪:‬‬
‫أتكتب ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬اكتب ‪ ،‬فكتب ‪ :‬للمير عبد الله بن‬
‫قرط ‪ ،‬من ثوبان مولى رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أما‬
‫بعد ‪ :‬فإنه لو كان لموسى وعيسى مولى بحضرتك لعدته ‪ .‬فأتي‬
‫بالكتاب ‪ ،‬فقرأه ‪ ،‬وقام فزعا ‪ .‬قال الناس ‪ :‬ما شأنه أحضر أمر ؟‬
‫فأتاه ‪ ،‬فعاده ‪ ،‬وجلس عنده ساعة ‪ ،‬ثم قام ‪ ،‬فأخذ ثوبان بردائه ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬اجلس حتى أحدثك ; سمعت رسول الله ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬يقول ‪ :‬ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا ل حساب‬
‫عليهم ول عذاب ‪ ،‬مع كل ألف سبعون ألفا ‪[4].‬‬

‫توفي ثوبان النبوي في حمص سنة أربع وخمسين للهجرة بعد أن‬
‫ذاع صيته في القطار و المصار يعلم الناس شؤون دينهم‬
‫ويحدثهم ما رواه عن نبيهم فرحم الله ثوبان وجزاه عنا خير‬
‫الجزاء و أبلغه الجنة التي كفلها له الرسول صلى الله عليه وسلم‬

‫ل مولى‬ ‫ن َ‬
‫قا َ‬ ‫وَبا ُ‬ ‫ما ث َ ْ‬‫قْلت لبي العالية َ‬ ‫حدثنا شعبة بن عاصم ُ‬

‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬‫ل الل ّ ِ‬‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫قا َ‬‫م قال َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫رسول الل ّ ِ‬
‫ه بالجنة‬‫ل لَ ُ‬‫ف ُ‬‫وأ َت َك َ ّ‬‫شي ًْئا َ‬ ‫سأ َ َ‬
‫ل َ‬ ‫ن َل ي َ ْ‬
‫َ‬
‫ل ِلي أ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ن ت َك َ ّ‬
‫م ْ‬‫وسلم َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫ن أ ََنا فكان ل يسأل أحد شيئا ]‪[5‬‬ ‫وَبا ُ‬ ‫قال ث َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬

‫و هذه بضعة أحاديث نبوية أذكركم بها وقد اخترتها لكم من كثير من‬
‫الحاديث التي رواها ثوبان رحمه الله‬

‫‪135‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫ــ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ] :‬لعلمن أقواما يأتون‬
‫يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله هباء‬
‫منثورا ‪ .‬قال ثوبان ‪ :‬يا رسول الله ! صفهم لنا جلهم لنا ؛ أن ل‬
‫نكون منهم ونحن ل نعلم ‪ .‬قال ‪ :‬أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم‬
‫ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله‬
‫انتهكوها [‬
‫قال اللباني حديث صحيح‬

‫ن‬
‫م ْ‬‫ة ِ‬ ‫ف ٌ‬‫طائ ِ َ‬‫ل َ‬‫ـــ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ]:‬ل ت ََزا ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫مُر الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫يأ ْ‬ ‫حّتى ي َأت ِ َ‬
‫م َ‬ ‫خذَل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫ق َل ي َ ُ‬
‫ضّر ُ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ن َ‬
‫ري َ‬
‫ه ِ‬‫ظا ِ‬‫مِتي َ‬ ‫أ ّ‬
‫ك[‬ ‫م ك َذَل ِ َ‬
‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫َ‬
‫قال مسلم حديث صحيح ولم يذكر قتيبة لفظة و هم كذلك‬

‫ــ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ] :‬إن الله زوى لي‬
‫الرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي‬
‫لي منها ‪ [ .‬رواه مسلم ‪ ، 8 / 171‬وأبوداود ‪ ، 4252‬والترمذي‬
‫‪ ، 2 / 27‬وصححه وابن ماجه ‪ ، 2952‬وأحمد ‪ 5 / 278‬و ‪ 284‬من‬
‫حديث ثوبان وأحمد أيضا ‪ 4 / 123‬وصححه الباني‬

‫ن رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا انصرف من صلته‬ ‫كا َ‬ ‫ــ َ‬

‫سَل ُ‬
‫م تباركت َ‬
‫ذا‬ ‫ومنك ال ّ‬
‫م أنت السلم َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫و َ‬
‫قا َ‬ ‫غ َ‬
‫فَر َثلًثا َ‬ ‫ست َ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ل َ ْ‬
‫جَل ِ‬‫ال ْ َ‬
‫وال ِك َْرام ِ‬
‫َ‬
‫فُر‬
‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬ ‫غ َ‬
‫فاُر قال تقول أ ْ‬ ‫ف اْل ْ‬
‫ست ِ ْ‬ ‫ل الوليد فقلت للوزاعي ك َي ْ َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬

‫‪136‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫الل ّ َ‬
‫فُر الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬
‫هأ ْ‬‫َ‬
‫صحيح مسلم‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫]‪ [1‬الستيعاب في معرفة الصحاب‬


‫]‪ [2‬ذكرها القرطبي في تفسيره للية التاسعة والستين من‬
‫سورة النساء‬
‫]‪ [3‬أسد الغابة‬
‫]‪ [4‬مسند أحمد ‪ ,‬وقال اللباني بصحة الحديث‬
‫]‪ [5‬مسند أحمد‬

‫‪137‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫حمص في عيون الرحالة و المؤرخين‬


‫‪Top of Form‬‬

‫أما بعد أيها القارىء الكريم فهذه جولة مختصرة نبحرها سويا معرجين على كتب أهل‬
‫السفار و القطار ‪ ,‬وما حوته من شهادات لحمص و أهلها‪ ,‬و لعلك أيها الفاضل تعذرنا‬
‫إذا ما وجدت نقصا ً أو قصورا ً ‪,‬ورحم الله امرءا ً أهدى لنا عيوبنا‬

‫ماجاء في ذكر حمص عند ابن بطوطة‪:‬‬

‫ثم سافرت إلى مدينة حمص وهي مدينة مليحة‪ ،‬أرجاؤها مونقة‪ ،‬وأشجارها‬
‫مورقة‪ ،‬وأنهارها متدفقة‪ ،‬وأسواقها فسيحة الشوارع‪ ،‬وجامعها متميز بالحسن‬
‫الجامع‪ ،‬وفي وسطه ماء‪ .‬وأهل حمص عرب لهم فضل وكرم‪ .‬وبخارج هذه المدينة‬
‫قبر خالد بن الوليد سيف الله ورسوله‪ ،‬وعليه زاوية ومسجد وعلى القبر كسوة‬
‫سوداء‪ .‬وقاضي هذه المدينة جمال الدين الشريشي من أجمل الناس صورة‬
‫وأحسنهم سيرة‬

‫‪138‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫راجع ) رحلة ابن بطوطة (‬

‫أما ابن جبير فيقول عن حمص‬

‫هي فسيحة الساحة‪ ،‬مستطيلة المساحة‪ ،‬نزهة لعين مبصرها من النظافة والملحة‪ ،‬موضوعة في‬
‫بسيط من الرض عريض مداه‪ ،‬ليخترقه النسيم بمسراه‪ ،‬يكاد البصر يقف دون منتهاه‪ ،‬أفيح‬
‫أغبر‪ ،‬لماء ولشجر‪ ،‬ولظل ول ثمر‪ ،‬فهي تشتكي ظماءها‪ ،‬وتستقي على البعد ماءها‪ ،‬فيجلب‬
‫لهامن نهيرها العاصي‪ ،‬وهو منها بنحو مسافة الميل‪ ،‬وعليه طرة بساتين تجتلي العين خضرتها‪،‬‬
‫وتستغرب نضرتها‪ ،‬ومنبعه في مغارة يصفح جبل فوقها بمرحلة بموضع يقابل بعلبك‪ ،‬أعادها الله‪،‬‬
‫وهي عن يمين الطريق دمشق‪.‬‬
‫وأهل هذه البلدة موصوفون بالنجدة والتمرس بالعدو لمجاورتهم اباه‪ ،‬وبعدهم في ذلك أهل حلب‪.‬‬
‫فأحمد خلل هذه البلدة هواؤها الرطب‪ ،‬ونسيمها الميمون تخفيفه وتجسيمه‪ ،‬فكأن الهواء النجدي‬
‫في الصحة شقيقه وقسيمه‪.‬‬

‫راجع ) رحلة ابن جبير (‬

‫أما الدريسي فيخترق الفاق ويلهب فؤاد المشتاق قائل ً ‪:‬‬


‫وأما أرض حمص فإن مدينتها حمص وهي مدينة حسنة في مستو من الرض وهي عامرة بالناس‬
‫والمسافرون يقصدونها بالمتعة والبضائع من كل فن وأسواقها قائمة ومسرات أهلها دائمة‬
‫وخصبهم رغد ومعايشهم رفيقة وفي نسائها جمال حسن بشرة وشرب أهلها من ماء يأتيهم في‬
‫قناة من قرية بقرب جوسية والمدينة منها على مرحلة مما يلي دمشق ونهر الرنط المسمى‬
‫المقلوب يجري على بابها بمقدار رمية سهم أو أشف قليل ً ولهم عليه قرى متصلة وبساتين‬
‫وأشجار وأنهار كثيرة ومنها تجلب الفواكه إلى المدينة وكانت في مدة السلم من أكثر البلد‬
‫كروما ً فتلف أكثرها وثراها طيب للزراعات واقتناء الغلت وهواؤها أعدل هواء يكون بمدن الشام‬
‫وهي مطلسمة ل تدخلها حية ول عقرب ومتى أدخلت على باب المدينة هلكت على الحال وبها‬
‫على القبة العالية الكبيرة التي في وسطها صنم نحاس على صورة النسان الراكب يدور مع‬
‫الريح حيث دارت وفي حائط القبة حجر عليه صورة عقرب فإذا جاء إنسان ملدوغ أو ملسوع طبع‬
‫في ذلك الحجر الطين الذي يكون معه ثم يضع الطين على اللسعة فتبرأ للحين وجميع أزقتها‬
‫وطرقها مفروشة بالحجر الصلد وزراعاتها مباركة كثيرة وزروعها تكتفي باليسير من السقي وبها‬
‫مسجد جامع كبير من أكبر جوامع مدن الشام‪.‬‬

‫راجع ) نزهة المشتاق في اختراق الفاق – الجزء الخامس (‬

‫‪139‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫و نذهب لليعقوبي فيحدثنا ‪:‬‬


‫ومدينة حمص من أوسع مدن الشأم‪ ،‬ولها نهر عظيم منه شرب أهلها‪ .‬وأهل حمص جميعا ً يمن‬
‫من طيء‪ ،‬وكندة‪ ،‬وحمير‪ ،‬وكلب‪ ،‬وهمدان‪ ،‬وغيرهم من بطون اليمن‪ .‬افتتحها أبو عبيدة بن الجراح‬
‫سنة ست عشرة صلحًا‪ ،‬وانتقضت بعد الفتح فصالحها أهلها ثانية‪ .‬وبحمص أقاليم منها التمة وأهلها‬
‫كلب‪ ،‬والرستن‪ ،‬وحماة وهي مدينة على نهر عظيم وأهلها بهراء‪ ،‬وتنوخ‪ ،‬وصوران وبه قوم من أياد‬

‫راجع ) البلدان – باب جند دمشق (‬

‫حمص في الروض المعطار ‪:‬‬


‫مدينة بالشام من أوسع مدنها‪ ،‬ول يجوز فيها الصرف كما يجوز في هند )‪ (1‬لنه اسم أعجمي‪،‬‬
‫سميت برجل من العمالق يسمى حمص‪ ،‬ويقال رجل من عاملة‪ ،‬هو أول من نزلها‪ ،‬ولها نهر‬
‫عظيم يشرب منه أهلها‪.‬‬
‫وهي مدينة حسنة في مستو من الرض وهي عامرة بالناس‪ ،‬والمسافرون يقصدونها بالمتعة‬
‫والبضائع من كل فن‪ ،‬وأسواقها قائمة وخصبهم تام ومعايشهم رقيقة ‪ ،‬وفي نسائهم جمال‬
‫وحسن بشرة‪ ،‬وشرب أهلها من ماء يأتيهم في قناة على مرحلة منها مما يلي دمشق‪ ،‬والنهر‬
‫المسمى بالمقلوب يجري على بابها بمقدار رمية سهم‪ ،‬ولهم عليه قرى متصلة وبساتين وأشجار‬
‫وأنهار كبيرة‪ ،‬ومنها تجلب الفواكه إلى المدينة‪ ،‬وكانت من أكثر البلد كروما ً فتلف أكثرها‪ ،‬وثراها‬
‫طيب للزراعات وهواؤها أعدل هواء يكون بمدن الشام‪ ،‬وهي مطلسمة ل تدخلها حية ول عقرب‬
‫ومتى أدخلت على باب المدينة هلكت على الحال‪ .‬وبها على القبة العالية الكبيرة التي في‬
‫وسطها صنم نحاس على صورة النسان الراكب يدور مع الريح كيف ما دارت‪ ،‬وفي حائط القبة‬
‫حجر عليه صورة عقرب فإذا جاز إنسان ملدوغ أو ملسوع طبع ذلك الحجر الطين الذي يكون معه‬
‫ثم يضع الطين على اللسعة فيبرأ للحين‪ .‬وجميع أزقتها وطرقها مفروشة بالحجر الصلد‪ ،‬وزراعاتها‬
‫مباركة كثيرة‪ ،‬وهي تكتفي باليسير من المطر أو السقي‪ ،‬وبها مسجد جامع كبير من أكبر جوامع‬
‫الشام‪ ،‬ومنها إلى حلب خمس مراحل‪.‬‬
‫وافتتحها أبو عبيدة بن الجراح صلحا ً سنة أربع عشرة في خلفة عمر رضي الله عنه ‪.‬‬

‫__________‬
‫)‪ (1‬يجيز النحويون الصرف في السم المؤنث الثلثي الساكن الوسط؛‬
‫راجع ) الروض المعطار في أخبار القطار‬

‫‪140‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫أول مصباح عرفته حمص‬


‫‪Top of Form‬‬
‫‪Bottom of Form‬‬

‫من مذكرات الديب الراحل ) رضا صافي (‬

‫كانت الدار في تلك الليلة من ليالي الصيف شعلة من نور‪ .‬أليس في باحتها فانوسان ‪ ،‬واحد في‬
‫الدهليز عند الباب‪ ،‬وآخر يتدلى تياها ً من عريش الدالية التي تتوسط الباحة؟! أليس في كل من‬
‫غرفتيها القبليتين أكثر من )مصباح كاز( وكلها من نمرة )‪(4‬؟! ‪ ,‬ولم يكن ينقصها لتضاهي دور‬
‫)الكابر( إل الثريا ذات المصباح ا لضخم من نمرة )‪ 20‬أو ‪.(24‬‬

‫على أنها كانت على موعد معها‪ ،‬فقد عقدت اجتماعات وجرت مداولت ! قبل أيام‪ ،‬لتتعاون‬
‫العيلتان على توفير المبلغ اللزم لشراء تلك الثريا‪ .‬ولم يكن أحد يقدر أن )السفر برلك ( سيحول‬
‫دون تحقيق تلك المنية‪ ،‬وأن الدار ستبقى بدون ثريا حتى ينيرها فانوس )اللوكس ( أواخر‬
‫العشرينات " ثم مصابيح الكهرباء في أواسط الثلثينات‪.‬‬

‫وكان الطفل قد ارتدى ‪ ,‬منذ الغروب) قنبازًا( نظيفًا‪ ،‬و لعله كان جديدًا‪ ،‬وراح يتبختر في صحن‬
‫مته اليافع حين يهرول لفتح الباب كلما طرق‪ ،‬ويتنحى عن طريق‬
‫الدار ‪ ,‬ويجري وراء ابن ع ّ‬
‫م يتطاول ليرى من خلل النوافذ‬
‫الداخلين حين يهرع أبوه وعمه لستقبالهم والترحيب بهم‪ ،‬ث ّ‬
‫المفتحة أولئك الضيوف يجلسون متربعين على الحشايا المفروشة في موازاة جدران الغرفة ‪,‬‬
‫تتوج رؤوسهم العمائم‪ ،‬بيضا ً ومطرزة بـ )الغباني(‪ ،‬وتمل وجوههم اللحى كّثة طويلة‬
‫لدى بعضهم ‪ ،‬وخفيفة قصيرة لدى الخرين‪ ،‬فيضفي ذلك على مجلسهم ظل ً من وقار ينفذ إلى‬
‫قلب الطفل فيشعر بالهيبة ويلتزم السكون والتؤدة في حركاته ومشيه في صحن الدار‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫وكانوا كلما دخل عليهم داخل متقدم في السن أو المكانة نهضوا له احتراما ً ووسعوا له مجلسا ً‬
‫في صدر الغرفة ‪ ,‬وبادلوه التحيات ثم استأنفوا ما كانوا فيه من حديث ‪ ,‬حتى جاء ضيف بآخره‬
‫فلما توسط صحن الدار‪ ،‬صاح بصوت جهوري ‪ " :‬يا لكم من مساكين ! تجتمعون هنا على هذا‬
‫النور الخافت الذي يعشي العيون‪ ،‬والشمس مشرقة في باب السوق تمّزق جلبيب الظلم ! "‪.‬‬
‫فيقبل عليه القوم يستوضحونه الخبر‪ ،‬فيذكر لهم أن ) قهوة الدروبي( قد أنيرت الليلة بمصابيح‬
‫)الكهربائي( )‪ ،(1‬وأن نور الواحد منها يفوق نور مئة ثريا من نمرة )‪ .(20‬فيصح عزمهم على‬
‫السعي لمشاهدة هذه )الكهربائيات(‪.‬‬

‫لم يخطر على بالي وأنا أقرأ عن وصول انفلونزا الخنازير إلى بلدنا أن هذا الفيروس اللعين‬
‫سيتسبب في وفاة أحد من أهالي وطننا ‪ ،‬فقد كنت أظن أن شعبنا منيع على مثل هذه المراض‬
‫التي نعتبرها بسيطة والتي يمكن أن تفتك بأجسام ضعيفة كشعوب إفريقية أو أجساد مدللـة‬
‫كشعوب أميركا وأوروبا ‪ ،‬ولكن حدث أن سجلت حالتي وفاة في سورية من هذا الوباء الجديد‬
‫حتى الن وهذا أمر لم أجد له تفسيرا سوى أن الشاب والمرأة رحمهما الله كانا من ذوي‬
‫الجسام ضعيفة المناعة التي لم تستطع أن تقاوم هذا الهجوم الكاسح للفيروس فوقعا في شباكه‬
‫وقضى عليهما أما بقية الحالت التي سجلت فقد تحسنت وشفيت بسرعة ولله الحمد‬
‫وإذا كان من الطبيعي أن نفهم سر ارتفاع الوفيات في أميركا أو في دول مثل المكسيك وغيرها‬
‫حيث أن أكثر من ثلثين ألف وفاة تحدث في الوليات المتحدة من جراء الصابة بالنفلونزا العادية‬
‫عندها يمكن أن نفهم لماذا يخاف العالم من هذا الوباء الخطير الذي إذا انتشر فستكون هناك‬
‫كارثة حقيقية في العالم وخاصة الغربي منه أما في بلدنا فنحن نعتبر مثل هذه الصابات هي من‬
‫نوع المراض البسيطة التي تمر بشكل عابر و ل تحتاج إلى دخول مستشفيات وحتى الى تناول‬
‫أدوية وانما نكافحها بالليمون و الزهورات وهي بنفس الوقت الخبز اليومي للجازات الصحية‬
‫للكثير من الموظفين فل يكاد يمر يوم على أي دائرة حكومية إل ويكون فيها العدد الفلني من‬
‫الموظفين الذين يأخذون إجازة صحية ولو ليوم واحد من أجل كريب حاد أو انفلونزا أو ما شابه‬
‫ذلك‬

‫وبعد أن يتلى فصل من )المولد( وتنشد بعض الناشيد والقصائد النبوّية‪ ،‬ويتناول الضيوف مما قدم‬
‫لهم من ) الرز بحليب(‪ ،‬يشرعون بمغادرة الدار متجهين إلى باب السوق‪.‬‬

‫ويرى الصغير أباه منطلقا ً مع الضيوف ‪ ,‬فيدنو منه يتمسح به يريد أن يذهب لرؤية ) الكهربائي(‬

‫‪142‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫فل يخَيب رجاؤه‪.‬‬

‫وهاهو الجمع يجتاز الزقاق إلي شارع )الحميدية(‪ ،‬وصاحب البشرى يته ّ‬
‫كم بفوانيس البلدية‬
‫الشحيحة المعّلقة بالجدران‪ ،‬وينذرها بدنو أجلها‪ ،‬فقد جاءها )عزرائيل الكهربائيات ( ‪.‬‬

‫ويبلغون ساحة باب السوق ‪ ،‬فيلفونها غاصة بجماهير الناس المتحلقين حول البحرة الكبيرة التي‬
‫تتوسط تلك الساحة ‪ -‬في مكان دائرة شرطي السير عند الساعة القديمة اليوم‪ -‬وأبصارهم جميعا ً‬
‫عالقة بقهوة الدروبي حيث نثر في سماء الرصيف العريض أمامها بضعة ) لوكسات( كانت‬
‫في الحقيقة تمّزق جلبيب الظلم‪ .‬وهم ينقلون أنظارهم بين تلك اللوكسات وبين الزبائن‪،‬‬
‫الجالسين منهم على الحصر مستندين إلى كراسي القش‬
‫الصغيرة‪ ،‬أو الملتفين حول المناضد التي بدأت تغزو المقاهي‪ ،‬فيلمحون في حركاتهم وعلى‬
‫أسارير وجوههم ما يوحي بأنهم يشعرون الليلة بحياة جديدة تشيع في كياناتهم فتملؤها نشاطًا‪،‬‬
‫ة وانشراحًا‪.‬‬
‫ة وغبط ً‬
‫وبروح جديد يجري في عروقهم فينعكس على الوجوه بهج ً‬

‫فهؤلء لعبو النرد‪ ،‬حين يحذف واحدهم )الزهر( ول يضطر إلى النحناء عليه ليرى أهو )شيش‬
‫بيش أم هب يك ( يصفق بيديه فرحا ً ويهتف بما ل يسمعون‪ ،‬وإن حزروا أنه يثني على النور الذي‬
‫أراح ظهره من النحناء وعينيه من التحديق ‪ .‬وأولئك الذين يدخنون النراجيل وهم معتمدون على‬
‫الكراسي الصغيرة‪ ،‬يتأملون خيوط الدخان المتلوية كالفاعي فوق رؤوس النراجيل بنشوة تشبه‬
‫حلما ً لذيذا ً بين يدي فجر ندي ‪...‬‬

‫و غلمان المقهـى يطيرون بين الزبائن كسنونو الربيع منادين ‪ ,‬بل مغردين‪) ،‬تنباك ؟ ؟ ‪ . .‬نارا‪. .‬‬
‫ي؟(‪.‬‬
‫نارا‪ ..‬لمين م ّ‬

‫وصاحب المقهى متربع على عرشه‪ ،‬عيناه تعرضان المصابيح‪ ،‬ووجهة كله بسمة راضية ‪ ،‬و لسانه‬
‫) اسطوانة فونوغراف ( ما ينفك يديرها أمام أفواج خاصته من الزبائن الذين يأتونه مهنئين‬
‫مباركين‪ ،‬تحكي لهم قصة جهوده وجهاده في سبيل تأمين )اللوكسات( ‪.‬‬

‫وتتكاثف الجماهير حول البحرة وتتزاحم‪ ،‬وكّلما انسحب فوج خلفته أفواج‪ ،‬وأمارات العجب‬
‫والدهشة بادية على وجوه الجميع‪ ،‬والتعليقات المتباينة دائرة على ألسنتهم‪ ) :‬إي هه‪ ،‬ياحسرتي‬
‫علينا كيف كنا عايشين ؟!( ‪) . .‬ياليت سعره رخيص لشتري واحد للدار ! ! ( ‪) . .‬اصبر يا أخي‪-‬‬

‫‪143‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫فقريبا ً يرخص القمر وينزل إلى أرض الدار ( ‪. . . .‬‬

‫ويعود الصغير مع أبيه إلى البيت ‪ ،‬ويذكر أن في الجرائد التي يقرؤها أبوه صورا ً كثيرة‬
‫) للكهربائيات( العلنات ‪ -‬فينام على موعد معها ‪ ,‬فإذا أصبح بادر فقص أعدادا ً منها وألزقهـا‬
‫بورق )المقوى ( الكرتون وراح يعلقها في جدران الغرف ‪. . .‬‬

‫أتراه كان يرجو أن تشع وتنير ؟ ؟ من يدري؟ ! ‪.‬‬

‫)‪ (1‬هكذا كانوا يسمونه الكهربائي ‪ .‬وهناك من يقول أن أول ) لوكس ( أشعل كان في ) الجامع‬
‫الكبير ( والطفل يذكر انه رأى عمال ً ينصبون أعمدة حديدية في طرف مصلى الجامع قيل له أنها‬
‫ستحمل ) الكهربائيات ( وقد يكون الحادثان متزامنين ‪ .‬والمهم أن ذلك وقع قبل الحرب العالمية‬
‫الولى بسنة أو سنتين‬

‫‪Top of Form‬‬

‫‪144‬‬
‫اعداد وتقديم ‪ :‬فالح الزهراوي‬ ‫بين الحاضر والماضي‬ ‫حمص‬

‫‪145‬‬

Вам также может понравиться