Вы находитесь на странице: 1из 6

‫الصحوة الدينية وآثارها‬

‫عبد الصمد ناصر‪ :‬مشاهدينا الكرام السالم عليكم ورحمة هللا وأهال بكم إلى حلقة‬
‫جديدة من برنامج لقاء اليوم‪ .‬لقاء اليوم نستضيف فيه فضيلة الشيخ أحمد بن حمد‬
‫‪.‬الخليلي مفتي سلطنة عمان‪ .‬فضيلة الشيخ مرحبا بك‬

‫‪.‬أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬أهال وسهال بكم‬

‫عبد الصمد ناصر‪ :‬مرحبا بك فضيلة الشيخ‪ ،‬هناك حركة صحوة دينية في مختلف أرجاء‬
‫العالم العربي واإلسالمي‪ ،‬كيف تنظرون إلى هذه الحركة وأي أثر لها في السلطنة؟‬

‫‪: ‬أحمد بن حمد الخليلي‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم والحمد هلل رب العالمين وصلى هللا وسلم على سيدنا ونبينا‬
‫‪.‬محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫أما بعد‪ ،‬فال ريب أن اإلسالم دين الفطرة واإلنسان بفطرته متدين ألن هللا سبحانه‬
‫وتعالى فطره هذه الفطرة التي تصله بنظام الوجود‪ ،‬والوجود كله يسبح بحمد ربه‬
‫ويقدس له كما أخبرنا هللا تعالى عن ذلك في كتابه الكريم‪ ،‬واإلنسان‪ O‬مع هذا قد تمر‬
‫عليه فترات قد يتأثر بمؤثرات نفسية وبمؤثرات بيئية تخرج به عن الخط المعتدل ولكن‬
‫سرعان ما ترده الفطرة إلى هذا المنهج السوي‪ ،‬واإلسالم الحنيف كما قلنا هو فطرة‬
‫هللا التي فطر الناس عليها وهللا تعالى يقول‪{ :‬فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة هللا التي‬
‫فطر الناس عليها ال تبديل لخلق هللا ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس ال يعلمون‪}..‬‬
‫[الروم‪ .]30:‬فلذلك نجد بين حين وآخر يعود اإلنسان‪ O‬عندما يشعر بحاجته إلى ربه‬
‫سبحانه وتعالى ويشعر بحاجته إلى االنتظام في سلك الوجود الذي كله‪ ،‬كما قلنا‪،‬‬
‫يسبح بحمد ربه ويقدس له ويسجد لجالله‪ .‬فال عجب إن وجدنا الشباب اليوم يعودون‬
‫إلى اإلسالم بعد ما مرت عليه فترات ربما كانت هناك أفكار ماجت في هذا الكون‬
‫وبسبب تأثير تلك األفكار خرجوا عن الخط السوي وال ريب كانت‪ O‬هناك نزعات متعددة‪،‬‬
‫نزعات قومية ونزعات إلحادية ونزعات ذات آثار خطيرة على اإلنسان ولكن الفطرة هي‬
‫التي ترد اإلنسان إلى ربه سبحانه وتعالى‪ ،‬والمجتمع المسلم هو مجتمع واحد والبالد‬
‫اإلسالمية هي بالد واحدة فلذلك نجد آثار هذه الصحوة هنا وهناك‪ ،‬فهي في عمان كما‬
‫هي في غيرها من بلدان العالم اإلسالمي‪ ،‬الشباب والحمد هلل يعودون هنالك إلى‬
‫التمسك بدين هللا واالعتصام بحبله واتباع كتابه واالستهداء بسنة رسوله صلى هللا‬
‫‪ .‬عليه وسلم‬

‫عبد الصمد ناصر‪ :‬يعني هذه الصحوة أال تطرح ربما تحديات على الفقهاء‪ ،‬يعني موضوع‬
‫االجتهاد مثال يطرح في هذه الحركة لتنزيل نصوص الدين على واقع الحياة المعاصرة؟‬

‫أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬االجتهاد ظاهرة صحية لهذه األمة‪ ،‬واألمة على أي حال هي‬
‫مطالبة بأن‪ O‬تكون أمة مجددة ومتجددة‪ ،‬مطالبة بأن‪ O‬تكون أمة مجددة بحيث تأخذ بالجديد‪O‬‬
‫في تطوراتها وفي تتبع ما يجري في هذا العالم‪ ،‬ومتجددة بحيث أنها في كل وقت تكون‬
‫أمة قوية‪ ،‬أمة عزيزة منيعة‪ ،‬أمة ذات دراية بما يجري في هذا العالم‪ O.‬نحن نرى‪ ،‬في‬
‫كتاب هللا تعالى في مرحلة مبكرة من تأريخ‪ O‬دعوة اإلسالم في العام الخامس من بعثة‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم والمجتمع المكي في ذلك الوقت كان مجتمعا يموج‬
‫بالكفر‪ ،‬وكان المسلمون قلة وكانوا مضطهدين ما بين تلك الكثرة الكافرة من الكفار‬
‫ولكن مع ذلك نزل في ذلك الوقت قرآن يتلى في الصلوات وفي غيرها إلى أن تقوم‬
‫الساعة على النبي صلى هللا عليه وسلم لينبئ المؤمنين بما وصل إليه السالم‬
‫المسلح بين دولتين كبريين كانتا تتقاسمان معظم العالم المتحضر‪ .‬وهذا إنما يعني أن‬
‫هللا سبحانه وتعالى يريد‪ O‬لهذه األمة أن تكون أمة عالمية‪ ،‬أمة غير متقوقعة وإنما تنطلق‬
‫في ميادين الحياة كلها‪ ،‬ولما كانت هذا األمة مطالبة بأن‪ O‬تنطلق في ميادين الحياة‪،‬‬
‫واإلنسان بطبعه متطور فال بد من أن يكون هنالك اجتهاد حتى تؤطر الحياة كلها في‬
‫اإلطار الشرعي وحتى يكون اإلنسان‪ O‬في جميع حركاته‪ O‬وفي جميع سكناته وفي أخذه‬
‫وعطائه وقبوله ورفضه ورضاه وغضبه وحركته وسكونه إنما يعمل بأمر هللا ألنه‬
‫‪.‬مستخلف في أرض هللا سبحانه وتعالى‬

‫واقع االجتهاد الفقهي وشروطه‬

‫عبد الصمد ناصر‪ O:‬طيب فضيلة الشيخ‪ ،‬كيف ترى إذاً واقع االجتهاد الفقهي في العالم‪O‬‬
‫العربي واإلسالمي بشكل عام وبالنسبة للفقه اإلباضي بصفة خاصة؟‬

‫أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬ال ريب أن األمة اإلسالمية كما قلنا أمة مطالبة باالجتهاد في كل‬
‫وقت ولكن هذا االجتهاد ال بد من أن يستوعب أدواته وآالته‪ ،‬ال بد من أن توظف آالت‬
‫االجتهاد في االجتهاد فعندما يكون اإلنسان‪ O‬فارغا من آالت االجتهاد ليس له أن يجتهد‪،‬‬
‫كيف وهللا سبحانه وتعالى يقرن التقول عليه بغير علم باإلشراك به‪ ،‬عندما يقول‬
‫سبحانه وتعالى {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن واإلثم والبغي بغير‬
‫الحق وأن تشركوا باهلل ما لم ينزل به سلطانا‪ O‬وأن تقولوا على هللا ما ال تعلمون‪}..‬‬
‫[األعراف‪ ]33:‬فاالجتهاد يستلزم أن يكون اإلنسان مستوعبا ألمور شتى حتى يكون مهيأ‬
‫لالجتهاد‪ ،‬أن يكون أوال عارفا بالعربية لغة القرآن ولغة الرسول صلى هللا عليه وسلم ألن‬
‫اللغة هي وعاء العلم وبدون اللغة ال يمكن أن يستوعب اإلنسان العلم الذي تضمنته تلك‬
‫اللغة‪ ،‬وبمعنى هللا سبحانه وتعالى جعل اللغة العربية وعاء لكالمه المنزل على خاتم‬
‫النبيين والذي ختم به وحيه وجعله أيضا وعاء لكالم رسوله صلى هللا عليه وسلم فإن‬
‫معرفة هذه اللغة العربية أمر ال بد منه للمجتهد‪ ،‬ومعنى ذلك أن يكون عارفا بعلم النحو‬
‫وعارفا بعلم التصريف وعارفا باللغة نفسها وعارفا بعلم األساليب وهو علم البالغة حتى‬
‫يعرف كيف تصريف الكالم وكيف يمكن أن يفهم ما يدل عليه كالم هللا سبحانه وتعالى‬
‫وكالم رسوله عليه أفضل الصالة والسالم‪ ،‬وكذلك ال بد من أن يكون عنده أيضا علم‬
‫أصول الفقه وهو علم تضبط به حركة الفقه ألنه علم له عالقة بالفروع وله عالقة‬
‫باألدلة‪ ،‬له عالقة بالفروع الفقهية وله عالقة باألدلة الفقهية‪ ،‬فله عالقة باألدلة‪ O‬الفقهية‬
‫من حيث داللتها على األحكام الشرعية التفصيلية وله عالقة بتلك األحكام من حيث‬
‫االستدالل لها من أدلتها التي هي في كتاب هللا وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم‬
‫بحيث يعرف كيف يخصص العموم من المخصصات سواء المتصلة أو المنفصلة وسواء‬
‫كانت هذه المخصصات من الكتاب أو من السنة أو من اإلجماع أو من القياس‪ ،‬وكذلك‪O‬‬
‫أيضا أن يكون مع هذا قادرا على فهم اإلطالق والتقييد وقادرا على فهم اإلجمال والبيان‬
‫وكيف يكون بيان المجمالت سواء كانت هذه المجمالت في القرآن أو في غيره‪ ،‬وأن‬
‫يكون عارفا لما يسمى بالناسخ والمنسوخ وأن يكون عارفا كيف يستدل بالدليل‪ O‬على‬
‫‪.‬الحكم الذي يستدل له بذلك الدليل‬

‫‪..‬عبد الصمد ناصر‪ :‬أن يكون عارفا باللغة‪ O،‬عارفا‬

‫أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬عارفا باللغة وعارفا باألصول‪ O‬وأن يكون كذلك‪ ،‬ال ريب‪ ،‬أن يكون‬
‫عارفا بالقرآن‪ O‬ومعنى هذا أن يعرف القرآن هل نزلت آياته ألسباب ما‪ .‬ال بد من مراعاة‬
‫تلك األسباب في تفسيره ألنه قد تكون هناك آيات ظاهرها شيء ولكن عندما ُتنزل‬
‫على الوقائع‪ O‬التي نزلت من أجلها يتبين لها معنى آخر‪ ،‬تفيد شيئا آخر‪ ،‬مثال ذلك قول‬
‫هللا تبارك وتعالى‪{:‬والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثالثة قروء وال يحل لهن أن يكتمن ما‬
‫خلق هللا في أرحامهن إن كن يؤمن باهلل واليوم اآلخر‪[}..‬البقرة‪ ]228:‬ثم في موضع آخر‬
‫بين سبحانه وتعالى عدة المطلقات إن كن ال يحضن {والالئي يئسن من المحيض من‬
‫نسائكم‪ O‬إن ارتبتم فعدتهن ثالثة أشهر ‪[}..‬الطالق‪ ]4:‬إن ارتبتم‪ ،‬هل لإلنسان أن يقول‬
‫بأن هذه المرأة غير مرتابة‪ O‬وليس عليها أن تعتد؟ ال‪ ،‬ولكن إن ارتبتم في الحكم ولم‬
‫تعرفوا هذا الحكم‪ ،‬فهذا هو الحكم المنزل من عند هللا‪ .‬ال بد من أن يعرف اإلنسان‪O‬‬
‫السبب الذي نزلت من أجله اآلية الكريمة‪ .‬كذلك بالنسبة‪ O‬إلى السنة النبوية والتمييز ما‬
‫بين الصحيح وغير الصحيح من هذه األحاديث‪ ،‬ومعرفة أيضا دالالت السنة كما هي‬
‫دالالت القرآن من حيث اإلطالق والتقييد واإلجمال والتفصيل والخصوص والعموم إلى‬
‫‪.‬غير ذلك‪ ،‬ال بد من أن يكون عارفا بهذا كله‬

‫عبد الصمد ناصر‪ :‬هذا طبعا باإلضافة‪ O‬إلى معرفة أحوال األمة ومشاكلها؟‪O‬‬

‫أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬نعم ال بد من معرفة أحوال األمة ألنه قد تختلف الفتية باختالف‬
‫المفتى‪ ،‬قد ُيفتى اإلنسان بحكم وغيره ُيفتى بحكم آخر‪ ،‬كما كان ذلك في عهد ابن‬
‫عباس رضي هللا عنهما عندما جاء إليه رجل واستفتاه قال‪ ،‬هل تجوز القبلة للصائم؟‬
‫قال نعم‪ .‬وجاء آخر واستفتاه في نفس هذه المسألة وقال له ال‪ ،‬ال تجوز القبلة للصائم‪.‬‬
‫نظر إلى الشخص األول وهو شيخ‪ ،‬والشيخ عادة ال تثيره الشهوة كما هو معروف‬
‫‪.‬بخالف الثاني هو في حال الفتوة والقوة‬

‫عبد الصمد ناصر (مقاطعا)‪ :‬طبعا هذه ليست حالة عامة طبعا؟‬

‫أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬ليست حالة عامة‪ ،‬فإذاً يفتي كل أحد بما يناسبه ألن الذي‬
‫يفتي إنما هو كالطبيب الذي يداوي المريض وقد يكون عالج ما صالحا لمريض ولكن ال‬
‫يصلح لمريض آخر‪ ،‬قد تكون جرعة من الدواء نافعة لمريض ولكن تلك الجرعة تقتل‬
‫مريضا آخر‪ ،‬فهكذا الذي يفتي‪ .‬وكذلك جاءه رجل وسأله هل للقاتل‪ O،‬قاتل النفس‬
‫المحرمة توبة؟‪ O‬قال له نعم‪ .‬بينما أتاه آت أخر وسأله قال ال توبة‪ O‬له‪ ،‬وسئل كيف أفتيت‬
‫هذا بأن هذا له توبة‪ O‬وبأن‪ O‬اآلخر ليست له توبة؟‪ O‬قال أما األول فقد وقع في األمر وجاء‬
‫يستفتي وعليه آثار الندم‪ ،‬بخالف الثاني جاء يستفتي حتى يتوصل إلى القتل‪ ،‬فهو يريد‬
‫‪..‬أن يقتل فهذه الفتية تحجزه عن القتل‪ .‬فإذاً هذه األمور‬

‫عبد الصمد ناصر(مقاطعا)‪ :‬لو عدنا إلى سؤالنا فضيلة الشيخ‪ ،‬عفوا للمقاطعة‪ ،‬إلى‬
‫موضوع واقع االجتهاد بالنسبة إلى الفقه اإلباضي‪ ،‬اليوم كيف تراه؟‬

‫أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬ال ريب أن أئمة اإلباضية لم يغلقوا باب االجتهاد في باب من‬
‫األوقات‪ ،‬قالوا في جميع األوقات يجب أن يكون هناك مجتهدون وأن ينظروا في الوقائع‪O‬‬
‫واألحداث وهذا ما وجد في جميع العصور‪ ،‬نحن نجد في جميع العصور من اجتهد في‬
‫قضايا‪ O‬معينة واستنبط لها أحكاما ووجدنا أيضا من نظر في أقوال المتقدمين واجتهد‬
‫فأتى بالجديد من الفتية التي لم يسبق إليها من قبل ولربما رجح بعضهم قوال كان‬
‫مهجورا‪ .‬فالفتية عند اإلباضية مبنية على االجتهاد والنظر وهي في كل عصر كما قلنا‬
‫ينظر العلماء ما يليق بذلك‪ O‬العصر وما يليق بحالة المستفتي‪ ،‬واإلباضية‪ O‬كغيرهم من‬
‫المذاهب اإلسالمية يرون أنه ال بد للمفتي أو ال بد للمجتهد من أن يجمع بين أدوات‬
‫االجتهاد حتى يكون قادرا على استنباط األحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية ويكون‬
‫‪.‬متوقيا للوقوع في المزالق بحيث ال يأتي بقول يتصادم مع النصوص الشرعية‬

‫عبد الصمد ناصر‪ :‬بالنسبة لإلباضة وحوارها مع المذاهب اإلسالمية األخرى‪ ،‬ما الذي‬
‫تحقق على صعيد الحوار برأيك فضيلة الشيخ‪ ،‬سواء بالنسبة لإلباضية والمذاهب‬
‫األخرى أو بالنسبة للمذاهب وأهلها بشكل عام؟ أريد منك الجواب ولكن بعد أن نأخذ هذا‬
‫‪.‬الفاصل‪ ،‬مشاهدينا الكرام نعود إليكم بعد هذا الفاصل فابقوا معنا‬

‫أهمية الحوار بين المذاهب ودور العالم‬

‫عبد الصمد ناصر‪ :‬مرحبا بكم مشاهدينا الكرام من جديد في برنامج لقاء اليوم‪ ،‬وضيفنا‬
‫هو فضيلة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي سلطنة عمان‪ .‬فضيلة الشيخ‪ ،‬سألتك‬
‫عن حركة التقريب بين المذاهب وهذا الحوار الجاري اآلن بين أهل المذاهب‪ ،‬هل من‬
‫نتائج واضحة‪ ،‬هل من أثر لهذا الحوار على واقع المسلمين اليوم؟‬

‫أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬ال ريب أن اللقاء والتعارف والتفاهم كل من ذلك مرحلة من‬
‫مراحل التآلف ومن مراحل الوئام‪ ،‬فاللقاء ما بين أصحاب الملة الواحدة والعقيدة الواحدة‬
‫والتعارف فيما بينهم بحيث يطلع كل فريق على ما عند اآلخر والتفاهم فيما بينهم‪ ،‬هذه‬
‫المراحل تؤدي إلى التآلف‪ ،‬فنحن نرجو أن يتم ذلك‪ .‬وقد سألتموني أول األمر عن‬
‫اإلباضية وكيف بالنسبة‪ O‬إلى إخوانهم أصحاب المذاهب اإلسالمية األخرى‪ ،‬كيف حصل ما‬
‫صوروا‬
‫بينهم التعارف والتقارب في هذه المرحلة التي نحن فيها؟ ال ريب أن اإلباضية ُ‬
‫تصويرا بشعا عند اآلخرين وكيلت لهم التهم ونبذوا باأللقاب وقيل فيهم الكثير‪ ،‬ولكن‬
‫عندما حصل زوال هذه الحواجز ما بين اإلباضية وإخوانهم المسلمين اآلخرين تعدلت‬
‫الصورة وفهم اآلخرون اإلباضية على حقيقتها ورحبوا بإخوتهم ورحبوا بفقههم ورحبوا‬
‫بفكرهم وأصبح هناك تفاهم وتقارب ما بين هؤالء وهؤالء‪ .‬ونحن وجدنا‪ O،‬وهذا مما نحمد‬
‫هللا تعالى عليه‪ ،‬أن كثيرا من اإلخوة من علماء المذاهب ومن المفكرين ومن الكتاب اآلن‬
‫ينقلون ما كتب عن اإلباضية من مؤلفاتهم بأنفسهم‪ ،‬كما أنهم ينقلون عن كل مذهب من‬
‫المذاهب اإلسالمية عن أئمة ذلك المذهب‪ .‬وبالنسبة لإلباضية منذ قديم الزمان هم‬
‫مهتمون باإلطالع على ما عند غيرهم‪ ،‬حتى في المراحل األولى نحن نجد مثال في‬
‫القرن الرابع الهجري أحد علماء اإلباضية في عمان وهو أبو سعيد الكلمي اهتم بكتاب‬
‫ابن المنذر النيسابوري‪ ،‬أبي بكر النيسابوري‪ O‬ابن المنذر‪ ،‬الكتاب الذي يحكي فيه آراء‬
‫األسالف‪ ،‬وتتبع ما في هذا الكتاب وبيّن رأي اإلباضية ما بين آراء العلماء وكان يرجح ما‬
‫يقتضيه الدليل وما يدل عليه الدليل من بين هذه اآلراء‪ .‬كذلك كان ابن بركة في نفس‬
‫الوقت وفي نفس القرن في القرن الرابع الهجري‪ ،‬كان ابن بركة أيضا وهو أحد علماء‬
‫عمان‪ ،‬في الكتاب الجامع له يهتم بهذه الناحية ونقل من كل المذاهب حتى أنه نقل‬
‫بعض الكتب التي ال توجد اآلن‪ ،‬من بعض الكتب التي ال توجد اآلن نقل عن كتاب من‬
‫‪.‬كتب الظاهرية ال يوجد في وقتنا هذا‪ ،‬ال نسمع له ذكرا‬

‫عبد الصمد ناصر‪ O:‬طيب فضيلة الشيخ‪ ،‬يعني البعض يرى بأن المسلمين ليسوا كتلة‬
‫واحدة‪ ،‬أهل المذاهب لم يتحدوا بعد حتى يدخلوا في جوالت حوار مع الطرف اآلخر‪ ،‬ما‬
‫يسمى بحوار األديان هناك من يرى بأن هذه الحوارات ال تجدي وليس لها أي أثر‪ ،‬لكن‬
‫البعض يرى بأنه ليس من الضير إجراء هذا الحوار في مواجهة حركة العلمنة التي باتت‪O‬‬
‫تتدخل حتى في قضايا األحوال الشخصية‪ ،‬في نمط العالقة بين المرأة والرجل‪ ،‬هل‬
‫ترون ذلك جائزا أم ال فضيلة الشيخ؟‬

‫أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬هللا تبارك وتعالى أمر بالدعوة‪ ،‬األمة أمة دعوة‪ ،‬وهذه الدعوة‬
‫ليست أمرا إلزاميا بحيث أن الواحد يجر إلى ما تقتضيه هذه الدعوة رغم أنفه وإنما يحاور‬
‫ويبين له الحق‪ ،‬هللا سبحانه وتعالى‪ O‬أمر بمجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن‪{ ،‬وال‬
‫تجادلوا أهل الكتاب إال بالتي هي أحسن إال الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل‬
‫إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون‪[}..‬العنكبوت‪ ]46:‬فالمجادلة‬
‫بالتي هي أحسن مطلب من مطالب الدعوة اإلسالمية‪ ،‬وهللا سبحانه وتعالى يأمر‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم يقول له {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة‬
‫وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم‬
‫بالمهتدين‪[}..‬النحل‪ ]125:‬ويبين له كيف عاقبة هذا الحوار الهادئ الهادف‪ ،‬بالكلمة‬
‫الطيبة وبالحجة الظاهرة فيقول له سبحانه وتعالى {وال تستوي الحسنة وال السيئة‬
‫ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه‪ O‬ولي حميم‪[}..‬فصلت‪ ]34:‬فإذاً‬
‫هذا الحوار مطلوب بين األمة المسلمة باعتبارها أمة دعوة وأمة أمر بالمعروف ونهي‬
‫‪..‬عن المنكر وبين جميع الناس على اختالف أفكارهم‬

‫عبد الصمد ناصر(مقاطعا)‪ :‬على ذكر األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ألن الوقت لم‬
‫يتبق إال القليل منه فضيلة الشيخ‪ ،‬كيف ترى دور العالم اآلن في المجتمعات اإلسالمية؟‬
‫هناك من يرى أن دور هذا العالم قد اضمحل وتراجع لحد أنه لم يعد له وجود تقريبا بعد‬
‫ما كان العالم هو الذي يقود المجتمع‪ ،‬وطبعا هناك استثناءات اآلن في العالم‪O‬‬
‫اإلسالمي؟‬

‫أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬العالم إنما يؤمر أوال أن يعرف مقام علمه وقدر ما هو فيه بحيث‬
‫تكون حركاته منضبطة مع مقتضيات علمه فإن حصل ذلك فال ريب أنه يكون له أثر على‬
‫مجتمعه ويكون له أثر على أمته‪ ،‬هذه األمة عندما ترى العالم ذا مصداقية في حديثه‪ ،‬ال‬
‫ينهى عن الشيء ويأتيه وال يأمر بشيء ويدعه‪ ،‬وإنما يلتزم ما يأمر به ويزدجر عما ينهى‬
‫عنه‪ ،‬ال بد من أن يكون لهذا العالم‪ O‬تأثير في أمته وفي مجتمعه وال نقول بأنه‪ O‬تقلص‬
‫‪.‬دوره‬

‫عبد الصمد ناصر‪ :‬باختصار فضيلة الشيخ في كلمة أخيرة‪ ،‬ما هي الكلمة التي تريد أن‬
‫توجهها لفئات من العلماء جعلت نفسها أداة في يد السلطة لتسويق‪ O‬قراراتها؟‬

‫أحمد بن حمد الخليلي‪ :‬العالم‪ O‬يجب عليه كما قلت أن يعرف مقامه‪" ،‬إنما العلماء ورثة‬
‫األنبياء"‪ ،‬واألنبياء جاؤوا إلرشاد الناس فالعالم يجب أن يكون قائدا بالحق ال منقادا إلى‬
‫الباطل وأن يكون مؤثرا بالهدى‪ O‬ال متأثرا بالضالل‪ ،‬وأن يكون هو فوق مستوى الجميع ال‬
‫استعالء واستكبارا ولكن إلنزال العلم منزلته ولمعرفة ما أودعه هللا سبحانه وتعالى من‬
‫‪.‬رسالته التي يجب عليه أن يبلغها للناس وأن ال يبالي في تبليغها‬

‫عبد الصمد ناصر‪ O:‬بارك هللا فيك فضيلة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي سلطنة‬
‫عمان‪ ،‬شكرا لك‪ .‬وشكرا لمشاهدينا الكرام لمتابعتكم‪ ،‬وإلى اللقاء في فرصة قادمة‬
‫بحول هللا‬

Вам также может понравиться