Вы находитесь на странице: 1из 96

‫السرار الربانية والفيوضات الرحمانية‬

‫على‬
‫الصلوات الدرديرية‬
‫للمام الهمام العالم العامل و اللوذعي الكامل العارف‬
‫بال تعالى شيخنا و أستاذنا معدن الشريعة و الحقيقة‬
‫الشيخ احمد الصاوي المالكي الخلوتى‬

‫و يليه‬
‫شرح منظومة أسماء ال الحسنى‬
‫له أيضا نفعنا ال تعالى به والمسلمين‬

‫نننن‬

‫ويليه‬

‫دددددد دددددد دد ددد دددد دددددد‬


‫ددددددد دددددددد‬

‫نفعنا ال تعالى بهم أجمعين‬

‫آمين‬

‫‪1‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫الحمد ل الذي أوجب علينا الصلة و السلم على سيد النام و شرفنا بذلك فجمعنا معه و مع‬
‫الملئكة الكرام و أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له شهادة ندخل بها دار السلم بسلم و‬
‫أشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله وخليله إمام كل إمام ‪ ‬و على آله و أصحابه و أتباعه‬
‫وأحبابه الكرام ‪.‬‬
‫) و بعد ( فيقول العبد الفقير الراجي محو الزلت والمساوي أحمد بن محمد الصاوي المالكي‬
‫مذهبا الخلوتى طريقه الدرديرى نسبة ‪ :‬قد أمرني شيخ الوقت و الطريقة و معدن السلوك و الحقيقة‬
‫العارف الكامل والجهبذ الواصل المتحقق بأنه ل داعي سيدي الشيخ صالح السباعي أن أشرح‬
‫صلوات قطب عصره على الطلق ووحيد الدائرة في الفاق شمس زمانه و بدر أوانه شهاب‬
‫الملة و الدين من كان وجوده في الناس نعمة سيدي وأستاذي وسيد مشايخي و أستاذهم المام أبو‬
‫البركات أحمد بن محمد الدردير العدوى مالك الصغير فامتثلت أمره وإن كان هذا المقام لست من‬
‫أهله موافقة لحسن ظنه و قوله فقد يكرم الطفيلي مصحوًبا بغيره ثم إني أعتذر لذوى البصار‬
‫بلسان الذل و النكسار فما كان من صواب فالمنة ل ولرسوله ولمؤلفه وما كان من خطأ فهو من‬
‫نفسي و أرجوهم إقالة عثراتي و الصفح عن زلتي و أسأل ال النفع به كما نفع بأصله إنه سميع‬
‫بصير و بالجابة جدير) قال المؤلف ( ‪ ‬وعنا به ‪.‬‬
‫) بسم ال الرحمن الرحيم ( افتتح المؤلف كتابه بها اقتداء بالكتاب العزيز و عمل بقوله عليه‬
‫الصلة والسلم كل أمر ذي بال أي شأن يهتم به شرعا ل يبدأ فيه ببسم ال الرحمن الرحيم فهو‬
‫أبتر و في رواية أقطع و في رواية أجذم وهو من التشبيه البليغ و معنى الجميع أنه ناقص و قليل‬
‫سا و الباء للستعانه متعلقة بمضمر يحتمل أن يكون اسما و‬ ‫حً‬ ‫البركة أو معدومها و إن تم وكمل ِ‬
‫صا وأن‬‫ل و أن يكون خا ً‬‫صا متقدًما أو متأخرًا و الولى أن يكون فع ً‬‫ل عاًما أو خا ً‬‫أن يكون فع ً‬
‫يكون مؤخًرا أما أولوية الفعل فلن العمل للفعال بالصالة و أما أولوية كونه خاصا فلن كل‬
‫شارع في أمر يضمر في نفسه ما جعلت البسملة مبدأ له و أما أولوية التأخير فلن المقصود الهم‬
‫البداءة باسمه تعالى قال ابن عطاء ال الباء بره الرواح بإلهام النبوة والرسالة والسين سره مع‬
‫أهل المعرفة بإلهام القدرة والنس و الميم منته بدوام النظر إليهم بعين الشفقة و الرحمة و قال أبو‬
‫بكر بن طاهر الباء بره للعارفين والسين سلمه عليهم و الميم محبته لهم وقال جعفر بن محمد‪:‬‬
‫الباء بقاؤه و السين سناؤه و الميم ملكه و إضافته للجللة من إضافة العام للخاص وال علم على‬
‫الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد وهو أعرف المعارف و المختار أنه ليس بمشتق و‬
‫هو السم العظم عند المحققين و تحلف الجابة من عدم استيفاء الشروط والرحمن الرحيم صفتان‬
‫مشتبهتان بنيتا للمبالغة وفعله رحم بالكسر وهو متعد كرحمنا ال لكنه نزل منزلة اللزم أو يجعل‬
‫لزما بنقله إلى فعل بالضم كظرف وشرف والرحمة في اللغة رقة في القلب وانعطاف تقتضي‬
‫التفضل والحسان وهذا المعنى مجاز في حقه تعالى فهي في حقه بمعنى النعام أو إرادته فهي‬
‫صفة فعل على الول وصفة ذات على الثاني وإنما قدم الرحمن لنه صار كالعلم فل يوصف به‬
‫غيره بل قيل انه علم و لذلك كان معناه المنعم بجلئل النعم كما وكيفا دنيا و أخرى والرحيم المنعم‬
‫بدقائق النعم كما وكيفا دنيا وأخرى وهذا أفضل ما قيا في تفسيرهما ‪ ) .‬وصلى ال على سيدنا‬

‫‪2‬‬
‫محمد وعلى اله وصحبه وسلم ( سيأتي الكلم على معناه إن شاء ال تعالى ) المسبعات العشر (‬
‫أي العشرة أشياء المسبعة تروى عن الخضر عليه السلم فإنه أهداها إلى أبى موسى إبراهيم بن‬
‫زيد التيمي ووصاه أن يقولها قبل طلوع الشمس وقبل الغروب وقال أعطانيها محمد صلى ال عليه‬
‫وسلم كذا في الحياء وذكر فيه أيضا أن التيمي رأى النبي ‪ ‬وسأله عن ذلك فقال صدق الخضر‬
‫وسأله عن ثوابها فقال يغفر له جميع الكبائر التي عملها ويرفع ال ‪‬عنه غضبه و مقته ويؤمر‬
‫صاحب الشمال أن ل يكتب شيئا من السيئات إلى سنة والذي بعثني بالحق نبيا ل يعمل بهذا إل من‬
‫خلقه ال سعيدًا و ل يتركه إل من خلقه ال شقيًا والخضر بفتح الخاء المعجمة وكسر الضاد‬
‫المعجمة ويجوز إسكان الضاد مع كسر الخاء أو فتحها و إنما سمي به لنه جلس على فروة بيضاء‬
‫فإذا هي تهتز من تحته خضراء والفروة هي وجه الرض وكنيته أبو العباس واسمه بليا بموحدة‬
‫مفتوحة ولم ساكنة ومثناة تحتية ابن ملكان بفتح الميم و إسكان اللم وبالكاف و سمعت من بعض‬
‫العارفين من عرف اسمه واسم أبيه وكنيته دخل الجنة واختلف فيه قيل انه نبي وقيل انه ولي‬
‫وعلى كل حال وهو يتعبد بشرع نبينا من يوم بعثه ال لقوله عليه الصلة والسلم لو كان موسى‬
‫حيا لما وسعه إل إتباعي ولنزول عيسى في آخر الزمان ويعبد ال بشريعة نبينا قال شيخ مشايخنا‬
‫السيد مصطفى البكري قال العلئي في تفسيره أن الياس والخضر عليهما السلم باقيان إلى يوم‬
‫القيامة فالخضر يدور في البحار يهدى من ضل فيها و الياس يدور في الجبال يهدى من ضل فيها‬
‫هذا دأبهما في النهار و في الليل يجتمعان عند سد يأجوج و مأجوج يحفظانه و عن ابن عباس‬
‫رضي ال عنهما يلتقي الخضر الياس في كل عام بمنى فيحلق كل رأس صاحبه ويفترقان عن‬
‫هؤلء الكلمات بسم ال ما شاء ال ل يسوق الخير إل ال بسم ال ما شاء ال ل يصرف السوء إل‬
‫ال بسم ال ما شاء ال ما كان من نعمة فمن ال بسم ال ما شاء ال ل حول و ل قوة إل بال فمن‬
‫قال هذه الكلمات حين يصبح وحين يمسي أمن من الغرق والحرق والسرق والشيطان والحية‬
‫والعقرب وأخرج بن عساكر أن الخضر والياس يصومان شهر رمضان في بيت المقدس ويحجان‬
‫في كل سنة ويشربان من ماء زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل وذكر بعضهم أن الخضر ابن‬
‫آدم من صلبه وقيل ابن حلقيا وقيل ابن قابيل بن آدم و قيل سبط هارون وهو ابن خالة اسكندر ذي‬
‫القرنين ووزيره أعجب ما قيل انه من الملئكة والصح أنه نبي وهو حي عند الجمهور ل يموت‬
‫إل آخر الزمان إذا ارتفع القرآن ويقتله الدجال ثم يحييه وإنما طالت حياته لنه شرب من ماء‬
‫الحياة وليكذب الدجال أ ه‪.‬من المناوى وعلى الجامع الصغير‪.‬‬
‫) وتروى عن سيدي محمد بن سليمان الجز ولي ( صاحب دلئل الخيرات وهو المام أبو عبد ال‬
‫محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر ابن سليمان الجز ولي نسبة لجزولة قبيلة من البربر بالسوس‬
‫القصى ولد رحمه ال تعالى بها وطلب العلم بمدينة فاس وبها ألف الدلئل وسبب ذلك انه حضره‬
‫وقت صلة فقام يتوضأ فلم يجد ما يخرج به الماء من البئر فبينما هو كذلك إذ نظرت إليه صبية‬
‫من مكان عال فقالت له ‪ :‬من أنت فأخبرها فقالت ‪ :‬أنت الرجل الذي يثني عليك بالخير وتتحير‬
‫فيما تخرج به الماء من البئر و بصقت في البئر ففاض ماؤها حتى ساح على وجه الرض فقال‬
‫الشيخ بعد أن فرغ من وضوءه أقسمت عليك بم نلت هذه المرتبة‪ .‬فقالت‪ :‬بكثرة الصلة على من‬
‫كان إذا مشى في البر الأقـفر تعلقت الوحوش بأذياله فحلف يمينا أن يؤلف كتابا في الصلة على‬
‫النبي ‪ ‬وهو حسبي و كان بارعا في العلوم العقلية والنقلية ولما تلقى الطريقة الشاذلية مكث في‬
‫الخلوة أربعة عشر عاما ثم خرج للنتفاع به ودفن بالسوس القصى عام ثمانمائة وسبعين في‬

‫‪3‬‬
‫النصف الثاني من ربيع الول ثم بعد سبع وسبعين سنة من موته نقل إلى مراكش فوجد كهيئته يوم‬
‫دفنه رضي ال عنه وعنا به ) وجاز أن يكون رواها عن الخضر عليه السلم ( لن مثله ل يحجب‬
‫عن خضر ول غيره )وهى من الحزاب المعدة لدفع أهوال الدنيا والخرة ( جمع هول وهو كل‬
‫أمر مخوف كالحتياج للخلق والفقر والعيلة وغلبة الدين وقهر الرجال وشماتة العداء وعضال‬
‫الداء وخيبة الرجاء وفتن الليل والنهار والزوجة السيئة وجار السوء وقسوة القلب وغير ذلك من‬
‫مصائب الدنيا والدين والعرض وهذه أهوال الدنيا وأهوال الخرة كحضور الفتانات عند الموت‬
‫وميتة السوء وفتنة القبر وعذابه وهول الموقف وما يقع فيه من الشدائد والفضائح وقت تطاير‬
‫الصحف ووزن العمال والمرور على الصراط و تفصيل ذلك ل يحد ول يحصر وهي منجية من‬
‫ذلك كله بفضل ال فهي من جملة ما خصت به هذه المة دون سائر المم ) هي من أوراد الطريق‬
‫( جمع ورد كحمل وأحمال و هي الوظائف التي جعلوا لها أوقاتا بعينها من قراءة أو ذكر أو‬
‫صلة على النبي أو غير ذلك والطريقة عبارة عن العمل بالشريعة على الوجه الحوط بترك كل‬
‫ريبه وكل ما ل يغني ) تقرأ صباحا ومساًء ( أي قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كما في الحياء‬
‫ن َأَراَد‬
‫خْلفًَة ِلَم ْ‬
‫ل َوالّنَهاَر ِ‬
‫ل الّلْي َ‬
‫جَع َ‬
‫) أو كل يوم مرة ( في المساء أو الصباح لقوله تعالى ‪َ ‬وُهَو اّلِذي َ‬
‫شُكوًرا ‪ ‬قال الحسن‪ :‬جعل أحدهما خلفا من الخر فان فات شيء من عبادة ال في‬ ‫ن َيّذّكَر َأْو َأَراَد ُ‬
‫َأ ْ‬
‫أحدهما أدركه في الخر فانظر إلى رحمة من أمهلك بطاعته من وقت إلى وقت فاجعل ما بقي من‬
‫عمرك خلفا لما فات قال‪ :‬اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك‬
‫قبل فقرك وحياتك قبل موتك ) أو كل جمعة مرة ( قياسا على كثرة الصلة والسلم على النبي ‪‬‬
‫في هذا اليوم وهو يوم المزيد في الجنة أي يوم المشاهدة فمن اعتنى بيوم الجمعة وليلتها في‬
‫الطاعة كان له حظ أوفر في الجنة مع المشاهدة ) أو كل سنة مرة ( قياسا على قيام رمضان كل‬
‫عام فإنه مطهرة من الذنوب ) ومن فوائدها زوال الحقد ( وهو النطواء على العداوة والبغضاء‬
‫لعباد ال ‪) ‬و( زوال )الحسد من القلب ( وهو تنمي زوال نعمة الغير عنه وهذان الوصفان سب‬
‫طرد إبليس عن رحمة ال لنه يتسبب عنهما كل فاحشة ظاهرية وباطنية فحيث زال عن شخص‬
‫سعد في الدنيا والخرة ) وأحب عباد ال آلي ال أنفعهم لعياله( كما قال ‪ : ‬الخلق عيال ال‬
‫وأحب عباد ال انفعهم لعياله )ول شك أنها( أي المسبعات ) اشتملت على الدعاء لعباد ال المؤمنين‬
‫دنيا وأخرى وهى( أي المسبعات )الفاتحة( هذه هي الولى وتسمى بأسماء كثيرة منها السبع‬
‫المثاني وأم القرآن وقدمها لنها أم القرآن وتعدله في الثواب كما ورد وذكر التيمي أن من لزم‬
‫قراءة الفاتحة أزال ال عنه الكسل والغل والحسد وجميع آفات النفس وفي الحديث هي الشفاء من‬
‫كل داء وروى من قرأ بسم ال الرحمن الرحيم ثم قرأ فاتحة الكتاب ثم قال آمين لم يبق ملك من‬
‫السماء مقرب آل استغفر له وعن ابن عباس‪ ‬قال بينما نحن عند رسول ال ‪ ‬إذ أتاه ملك فقال‬
‫عوُذ ِبَربّ‬ ‫ل َأ ُ‬ ‫ابشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة )و( الثانية )ُق ْ‬
‫س( وقدمها لن الوسواس أعظم المصائب ولذلك قال العارفون الوسواس ل يعتري إل من كان‬ ‫الّنا ِ‬
‫ق( روى عن رسول ال ‪ ‬انه‬ ‫ب الَفَل ِ‬
‫عوُذ ِبَر ّ‬
‫ل َأ ُ‬
‫معه خبل في عقله أو شك في دينه )َو( الثالثة )ُق ْ‬
‫قال ‪ :‬لقد أنزلت على سورتان ما أنزل مثلهما وانه لن يقرأ أحد سورتين أحب ول أرضى عند ال‬
‫منهما يعنى المعوذتين وعن عقبة بن عامر قال ‪ :‬قال رسول ال ‪ : ‬يا ابن عامر أل أخبرك‬
‫بأفضل ما تعوذ به المتعوذون قلت بلى يا رسول ال قال قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب‬
‫الناس ‪ .‬وعن أبي سعيد الخدري قال كان ‪ ‬يتعوذ من عين الجان ومن عين النس فلما نزلت‬

‫‪4‬‬
‫سورتا المعوذتين أخذ بهما وترك ما سواهما وأخرت عن الناس لن التحصن بها أعم )و( الرابعة‬
‫)الخلص( أي سورة الخلص قالت اليهود للنبي ‪ ‬انسب لنا ربك فنزل قل هو ال أحد إلى‬
‫آخرها ولما كانت أصل التوحيد وخالصه قدمت على ما بعدها وورد أنها تعدل ثلث القرآن وان من‬
‫قرأها مئة آلف مرة فقد اشترى نفسه من ال ونادى مناد من قبل ال تعالى ‪ ‬في سمواته وأرضه‬
‫إل أن فلنا عتيق ال تعالى فمن كان له قبله بضاعة فليأخذها من ال عز وجل وقال ‪ ‬لبعض‬
‫أصحابه اقرأ قل هو ال أحد والمعوذتين ثلثا تكفيك من كل شيء وفي رواية من قرأ قل هو ال‬
‫أحد والمعوذتين ثلث مرات إذا اخذ مضجعه فإذا قبض قبض شهيدا وإن عاش عاش مغفورا له‬
‫ن( سبب نزولها أن رهطَا من‬ ‫ل َيا َأّيَها اْلَكاِفُرو َ‬
‫وورد في ذلك فوائد ل تحصر )و( الخامسة )ُق ْ‬
‫قريش قالوا يا محمد أعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنه فإن كان الذي جئت به خيرا أشركناك وإن‬
‫كان الذي بأيدينا خيرا أشركتنا فقال ‪ : ‬معاذ ال أن أشرك به غيره فنزلت عليه ردا عليهم وفي‬
‫الحديث أن من قرأها فكأنما قرأ ربع القرآن وفيه من قرأ قل يا أيها الكافرون ثم نام على خاتمتها‬
‫فإنها براءة من الشرك وقال العارفون من داوم على قراءتها صباحا ومساًء أمن من الشك والشرك‬
‫وسوء العتقاد وفي الحديث من لقي ال بسورتين فل حساب عليه )و( السادسة )آية الكرسي( قال‬
‫الشيخ عبد الرحمن الفاسي رحمه ال ‪ :‬في نوادر الصول ‪ :‬لقي جبريل موسى عليهما الصلة‬
‫والسلم فقال جبريل ‪ :‬إن ربك يقول دد ددد ددد دد دددد دددددد ددد‬
‫ددددد ددددد ددد دددد دددد ددد ددد دد ددد‬
‫ددددد ددددد دددد ددد ددد ددددددد دددد ددددد‬
‫ددد ددد دد دد دددد دددد دد دد ددد دددد دد ددد‬
‫ددد ددد ددد دددد دد ددد ددد دد دددد دددددد ددد‬
‫ددددد ددد ددددد ددددددد دددد دددددد دددد ددد‬
‫دددد دددد ددد ددددد ددد ددد دددد ددددد ددد ددد‬
‫دددد ددد دددد دد ددددد دددددد دددددددد دددد‪.‬‬
‫وروي أن من ددد ددد دددددد ددد ددددد دد ددددد دد‬
‫دددد ددددد ددد ددد ددد دددد ددد ددددد ومن فوائدها أن‬
‫دد ددددد ددد دددددد ددد دددد دددددد دددد دد‬
‫دددد ددددد ددد ددددد ددد دددد دددد دد ددد ددد‬
‫ددددد‪ ,‬دد دددد ددد دد دددد ددد دد ددددد دد ددد‬
‫دد ددد ددد دد دددد ددددددد ددد ددددد ددد ومن قرأها‬
‫ددد ددددد دددددددد دددددد ددد ددد دد دد ددددد‬
‫دد دد دددد دددد ‪ .‬قال النووي ‪:‬وما جمع قوم هذا العدد في حرب فغلبوا أبدا‬
‫ددد ددد ددددددد دددددد ددددد دددد دددد دد‬
‫ددددددد ددد ددددد ددد ددددددد ددد ددددد دددد‬
‫دددد دددد دد دددد دددددد ددد ددد دددددد‬
‫ددددددد ددد دددددد ددد دددد ددد ددددددد ددد‬
‫دددددد ددد ددددد ددد ددد ددددددد ددد دددددد‬
‫دددددد دددددد ددددددد ددد ددد دد ددد دد دددد‬

‫‪5‬‬
‫وفي الحديث دد ددد ددد دددددد ددد دد دددد دددددد دد‬
‫ددددد دد دددد ددددد ددد ددددد ددد ددددد ددددد‬
‫ددد دددد دد دددد‪ .‬ددد ددددد‪ :‬دد ددد ددد دددددد‬
‫دد ددد دددددد دددددددد ددد دد ددد دددد ددد‬
‫دددددد دددددد‪.‬‬
‫ويقرأ)كل( من هذه السور )سبع مرات( على هذا الترتيب إتباعا للوارد وان كان خلف وضع‬
‫التنزيل وسئل شيخنا المؤلف عن حكمة التنكيس فقال ‪ :‬إن فيه تقديم للتخلية عن التحلية لن في‬
‫المعوذتين تحصنا من كل ضار وهذه تخلية بالخاء المعجمة وفي الصمدية وما بعدها ذكر التوحيد‬
‫وشغل القلب به وهذه تحلية بالحاء المهملة )ثم( يأتي بالسابعة ) يقول سبحان ال والحمد ل ول إله‬
‫أل ال وال اكبر ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم()سبعا( وهذه الباقيات الصالحات التي قال‬
‫ل ‪ .‬على أحد التفاسير وهي‬ ‫ال تعالى في شأنها والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أم ّ‬
‫غراس الجنة فمعنى سبحان ال تنزيها ل ‪ ‬عن كل نقص ومعنى الحمد ل كل كمال ثابت ل ‪‬‬
‫ومعنى ل إله إل ال ل معبود بحق إل ال ‪ ‬ومعنى ال اكبر منفرد بالعظم وما سواه حقير‬
‫ومعنى ل حول ‪..‬إلخ ل تحول عن معصية ال إل بعصمة ال ول قوة على طاعة ال إل بمعونة‬
‫ال‪ .‬وعن المام أحمد بن حنبل عن رجل من أصحاب رسول ال ‪ ‬أفضل الكلم سبحان ال‬
‫والحمد ل ول إله إل ال وال اكبر وهذا محمول على كلم الدمي وآل فالقرآن أفضل من التسبيح‬
‫والتهليل المطلق وأما المأثور في وقت أو حال فالشتغال به أفضل وقال ‪ : ‬لقيت إبراهيم ‪‬‬
‫ليلة اسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلم وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء‬
‫وإنها قيعان وان غراسها سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال وال اكبر‪ .‬وذكر ابن أبي الدنيا بسنده‬
‫إلى رسول ال‪ ‬انه قال ‪ :‬من قال في كل يوم ل حول ول قوة إل بال العلي العظيم مائة مرة لم‬
‫يصبه فقر أبدا ومن عظيم فضل هذه أمر المصطفى ‪ ‬عمه العباس ‪ ‬بصلة التسابيح وجعلها‬
‫أهل الطريق من أورادهم المهمة )ثم( الثامنة )اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد‬
‫كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا‬
‫محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد سبعًا(‬
‫فمعنى اللهم يا ال الجامع لجميع السماء والصفات والميم عوض عن حرف النداء ول يجتمعان‬
‫إل في الشعر شذوذًا قال ابن مالك ‪:‬‬
‫وشذ يا اللهم في القريض‬ ‫والكثر اللهم بالتعويض‬
‫ل أي اجعل رحمتك المقرونة بالتعظيم والتكريم والتفخيم دائمة عليه بين أهل الدنيا‬ ‫وقوله ص ّ‬
‫والخرة في العالم العلوي والسفلي نازلة عليه من سماء علك ولذا تعدى بعلى على ألسنة‬
‫سَب ْ‬
‫ت‬ ‫الفصحاء وقولهم إن على للمضرة محله إذا وقعت في محل قابل للم كقوله تعالى ‪َ ‬لَها َما َك َ‬
‫عَلْيَنا‪ ‬ولما‬
‫ل َوَما ُأنِزلَ َ‬
‫ل آَمّنا ِبا ّ‬
‫ت ‪ ‬وأما عنوان الصلة فهو نظير قوله تعالى ‪ُ ‬ق ْ‬‫سَب ْ‬
‫عَلْيَها َما اْكَت َ‬
‫َو َ‬
‫أمر ال عباده بالصلة عليه ول قدرة لهم على جلب خير لنفسهم فضل عن غيرهم كفى في‬
‫خروجهم من عهدة التكليف طلبهم من ال أن يصلي عليه فلذلك كانت الصلة من ال إنعامه ومن‬
‫ل من ال ونعمة على عباده وقوله‬ ‫غيره الطلب من ال ‪ ‬ويشرفون بذلك في الدنيا والخرة فض ً‬
‫محمد هو علم على ذاته ‪ ‬وخص من بين السماء لنه أشرفها وأعظمها ولذلك قرن بكلمة‬
‫التوحيد وهو منقول من اسم مفعول الفعل المضعف وهو أبلغ جميع السماء التي اشتقت من هذه‬

‫‪6‬‬
‫المادة لن المحمد في اللغة وهو الذي يحمد حمدًا بعد حمد لن الصيغة تقتضي التكرار فهو اسم‬
‫مطابق لذاته ومعناه أن ذاته محمودة على ألسنة العالم من كل الوجوه حقيقة وأوصافًا وأخلقًا‬
‫ل وعلومًا وأحكامًا فهو محمد في الرض والسماء والدنيا والخرة فهو ‪ ‬خير من‬ ‫ل وأحوا ً‬ ‫وأعما ً‬
‫حمد وأفضل من حمد وكيف ل ولواء الحمد بيده وهو صاحب المقام المحمود وقد سماه ال بهذا‬
‫السم قبل أن يخلق الخلق بألفي عام وقد سماه جده عبد المطلب بسبب رؤيا كان رآها في المنام‬
‫كأن سلسلة من فضة خرجت مت ظهره لها طرف في السماء وطرف في الرض وطرف‬
‫بالمشرق وطرف بالمغرب ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها نور فإذا أهل المشرق‬
‫ت له بمولود يكون من صلبه يتعلق به أهل السماء‬ ‫صها فُعّبَر ْ‬ ‫والمغرب كأنهم يتعلقون بها‪ .‬فق ّ‬
‫ل يقول لها ‪ :‬إنك حملت بسيد هذه المة فإذا أوضعتيه فسميه محمدًا‪.‬‬ ‫والرض وقد سمعت أمه قائ ً‬
‫وآله ‪ ‬هم الذين حرمت عليهم الزكاة ويطلق على التقياء من أمته لقوله ‪ ‬آل محمد كل تقي‬
‫وقوله كما صليت الكاف للتشبيه وما مصدرية فالمشبه به الصلة بمعنى المصدر أو موصولة‬
‫فالمشبه به الصلة بمعنى المفعول وجملة صليت صلة الموصول وإبراهيم هو خليل ال ومعناه‬
‫الب الرحيم وهناك سؤال وهو أن المشبه بالشيء ل يكون أعلى بل أدنى أو مساٍو ومن المقرر أن‬
‫الصلة على نبينا أفضل وقد أجابوا عن ذلك بأجوبة كثيرة منها أن القاعدة أغلبية كما في قوله‬
‫شَكاٍة ‪ ‬الية ومنها إنما قيل ذلك لتقدم الصلة على إبراهيم ‪ ‬أي كما تقدمت‬ ‫ل ُنوِرِه َكِم ْ‬‫تعالى ‪َ ‬مَث ُ‬
‫منك الصلة على إبراهيم فصل على محمد بطريق الولى والتشبيه إنما هو لصل الصلة بأصل‬
‫الصلة ل تقدر بالقدر فهو كقوله تعالى ‪ ‬إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح ‪ ‬وقوله تعالى ‪ُ ‬كِت َ‬
‫ب‬
‫ل ِإَلْيكَ ‪] ‬القصص ﴿‬ ‫ن ا ُّ‬ ‫سَ‬ ‫حَ‬‫ن َكَما َأ ْ‬
‫سْ‬‫حِ‬
‫ن َقْبِلُكْم ‪‬وقوله تعالى ‪َ ‬وَأ ْ‬
‫ن ِم ْ‬
‫عَلى اّلِذي َ‬
‫ب َ‬‫صَياُم َكَما ُكِت َ‬
‫عَلْيُكُم ال ّ‬‫َ‬
‫‪ [﴾77‬ومنها انه قال ذلك تواضعًا وشرعة لمته ليكتسبوا بذلك الفضل والثواب وغير ذلك من‬
‫الجوبة التي ذكرها شراح الدلئل والمراد بآل إبراهيم أتباعه وذريه المؤمنون أنبياء وغيرهم‬
‫عَلْيُكْم‬
‫ل َوَبَرَكاُتُه َ‬ ‫حَمُة ا ِّ‬
‫فيشمل أولد صلبه وجميع أنبياء بني إسرائيل وهو معنى قوله تعالى ‪َ ‬ر ْ‬
‫جيٌد ‪] ‬هود﴿‪ [﴾73‬ومعنى بارك أفض خيرات الدارين آدم ما أعطيته من‬ ‫حِميٌد َم ِ‬
‫ت ِإّنُه َ‬‫ل الَْبْي ِ‬
‫َأْه َ‬
‫التشريف والكرامة أدم ذكره وشريعته لن البركة هي زيادة الخير في الشيء ومعنى في العالمين‬
‫اجعل الصلة منتشرة عليه في جميع الخلق كما جعلتها على إبراهيم وحميد فعيل بمعنى مفعول أي‬
‫محمود لن عباده حمدوه أو بمعنى فاعل أي حامد لنه الحامد لنفسه وللمطيعين من عباده ومجيد‬
‫من المجد وهو الشرف والرفعة وكرم الذات والفعال والمعنى انك أهل الحمد والفعل الجميل‬
‫والكرم والفضل فأعطنا سؤلنا وهذه الصيغة أخرج حديثها مالك في الموطأ ومسلم وأبو داود‬
‫والترمذي والنسائي عن أبي مسعود النصاري البدري ‪ ‬قال أتانا رسول ال ‪ ‬ونحن في‬
‫مجلس سعد بن عبادة فقال بشير بن سعد أمرنا ال إن نصلي عليك يا رسول ال فكيف نصلي‬
‫عليك قال فسكت رسول ال ‪ ‬حتى تمنينا انه لم يسأله ثم قال تلك الصيغة وقد وردت بأوجه‬
‫مختلفة كما ذكرها صاحب الدلئل وتسمى البراهيمية وليس فيها لفظ سيادة فمن أراد القتصار‬
‫على الوارد تركها وهو الولى عند مالك وأصحابه وروى البخاري في كتبه انه ‪ ‬قال ‪ :‬من قال‬
‫هذه الصلة شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له وهو حديث حسن ورجاله رجال الصحيح‬
‫وذكر بعضهم إن قراءتها ألف مرة توجب رؤية النبي ‪) ‬ثم يقول( التاسعة من المسبعات وهي‬
‫)اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الحياء منهم والموات‬

‫‪7‬‬
‫سبعًا( هذا دعاء بالمغفرة وهي كما في النهاية إلباس ال العفو للمذنبين وقال الحافظ بن رجب في‬
‫شرح الربعين النووية هي وقاية شر الذنوب مع سترها وهذا الدعاء مستجاب ل سيما إن خرج‬
‫من قلب منكسر لن فيه عمومًا والدعاء إذا عم كان للجابة اقرب فإذا صحبته توبة كان تامًا‬
‫موجبًا للمغفرة قطعًا لما ورد عن ابن عباس مرفوعًا ‪ :‬التائب من الذنب كمن ل ذنب له‪ .‬وقال ‪‬‬
‫في حديث قدسي ‪ :‬ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك‪ .‬وقدم نفسه ثم‬
‫والديه اعتناًء بالكد لن النبي ‪ ‬كان كثيرًا ما يفعل هكذا والمراد من المسلمين والمؤمنين‬
‫والمسلمات والمؤمنات شيء واحد كناية عن التعميم )فائدة( ذكر الشيخ أبو الحسن الشاذلي انه‬
‫اجتمع بالخضر وقال له من قال عقب كل صلة ثلث مرات اللهم أصلح أمة محمد ‪ ‬اللهم ارحم‬
‫أمة محمد ‪ ‬اللهم اغفر لمة محمد ‪ ‬اللهم استر أمة محمد ‪ ‬كتب من البدال‪) .‬ثم يقول(‬
‫ل في الدين الدنيا والخرة ما أنت له‬ ‫ل وآج ً‬‫العاشرة من المسبعات وهي )اللهم افعل بي وبهم عاج ً‬
‫أهل ول تفعل بنا يا مولنا ما نحن له أهل انك غفور حليم جواد كريم رؤوف رحيم سبعًا فهذه‬
‫عشر(العاجل في الوقت الحاضر والجل ضده وهو بالمد والدين ما يتدين به وهو الحكام‬
‫الشرعية ويقال لها ملة لنها أمليت على النبي ‪ ‬وشرعية لنهاء مشروعة فالثلثة متحدة بالذات‬
‫مختلفة بالعتبار والدنيا بضم الدال وبالقصر قيل ما على وجه الرض من الهواء والجو وقيل كل‬
‫المخلوقات من الجواهر والعراض الموجودة قبل النفخة الثانية ومبدأ الخرة من النفخة الثانية إلى‬
‫ما ل نهاية له ولها أسماء كثيرة منها الساعة لوقوعها بغتة في ساعة في يوم جمعة في غير شهر‬
‫ل َبْغَتًة ‪ ‬أو لسرعة حسابها قال تعالى ‪َ ‬وَما َأْمُر‬ ‫ل َتْأِتيُكْم ِإ ّ‬
‫معروف ول سنة معروفة قال تعالى ‪َ ‬‬
‫ب ‪ ‬ومنها القيامة لقيام الخلق من قبورهم إليها أو لقيام الناس‬ ‫صِر َأْو ُهَو َأْقَر ُ‬
‫ح اْلَب َ‬
‫ل َكَلْم ِ‬
‫عةِ ِإ ّ‬
‫سا َ‬
‫ال ّ‬
‫لرب العالمين ومنها القارعة لنها تقرع القلوب بأهوالها ومنها الحاقة أي الثابتة لنها واجبة‬
‫الحصول ومنها الواقعة لوقوع المر في ذلك اليوم ومنها الخافضة والرافعة لنها تخفض أقواما‬
‫وترفع آخرين ومنها الطامة أي الغالبة لكل شيء ومنها الصامة أي التي تصم الذن فتورث الصمم‬
‫ومنها الزلزلة لتزلزل القلوب والقدام فيها ومنها يوم الفرقة لتفرقهم في الجنة والسعير ومنها اليوم‬
‫الموعود لن ال وعد فيه أقواما بالجنة وأوعد أقوامًا بالهلك ومنها يوم الحشر لجمع الخلئق فيه‬
‫بعد فنائهم ومنها يوم العرض لعرض العمال فيه ومنها يوم المفر لقول النسان الكافر يومئٍذ أين‬
‫المفر ومنها اليوم العسير لشدة الحساب فيه وزحمة بعضهم على بعض حتى يكون ألف قدم على‬
‫قدم وقيل سبعون ألف قدم على قدم وتدنو الشمس من رؤوس الخلئق مقدار ميل وهو المرود الذي‬
‫يكتحل به في العين ويزاد في حّرها بضع وتسعون ضعفًا وحرارة النفاس وحرارة النار المحدقة‬
‫بهم من كل جهة وحولهم سبع صفوف من الملئكة وغير ذلك مما تقصر عنه العبارة أجارنا ال‬
‫ل الّتْقَوى َوَأْه ُ‬
‫ل‬ ‫والمسلمين وقوله ما أنت له أهل أي مستحق له من الكرام قال تعالى ‪ُ ‬هَو َأْه ُ‬
‫اْلَمْغِفَرة ‪‬وفي دعائه ‪ : ‬أهل الثناء والمجد أحق ما قال لعبد وقال تعالى ‪ ‬إن ال يغفر الذنوب‬
‫جميعًا ‪ ‬وقال تعالى ‪ ‬نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ‪ ‬وهذه أوصافه مع المؤمنين سبحانه وتعالى‬
‫وقوله ول تفعل بنا ‪...‬الخ قال تعالى ‪ ‬ولو يؤاخذ ال الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ‪‬‬
‫وقال تعالى ‪ ‬ولو يؤاخذ ال الناس يظلمهم ما ترك عليها من دابة ‪ ‬وقوله إنك بالكسر استئناف بياني‬
‫نحو إنه عليم بذات الصدور والغفور هو الذي يغفر ذنوب العباد كبائر وصغائر والحليم هو الذي‬
‫ل يعجل بالعقوبة على من عصاه والجواد بالتخفيف ذو الجود والمدد والعطاء الذي ل ينفد والكريم‬

‫‪8‬‬
‫هو الموصوف بنعوت الجمال ذو النوال قبل السؤال والرؤوف ذو الرأفة وهي شدة الرحمة‬
‫والرحيم ذو الرحمة وهو المنعم بدقائق النعم وفي هذه السماء من المناسبة للمطلوب ما ل يخفى‬
‫وفيه تعليم للنسان بأنه يخاطب ربه بالسم المناسب لمطلوبه وهو من لطائف الدعاء كدعاء أيوب‬
‫‪ ‬حيث قال ‪‬إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين‪ ‬ودعاء يونس ‪ ‬حيث قال ‪ ‬سبحانك إني‬
‫كنت من الظالمين ‪ ‬ودعاء سليمان ‪ ‬حيث قال ‪‬إنك أنت الوهاب‪ ‬ودعاء زكريا ‪ ‬حيث قال‬
‫‪‬وأنت خير الوارثين‪ ‬وبالجملة فكل مقام له مقال )تنيبه( تقدم أن هذه المسبعات من أوراد الطريق‬
‫تقرأ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ولكن شيخنا المؤلف قدس ال روحه جعلها مطلقة تقرأ مع‬
‫الصلوات في أي وقت فإن كان قبل الشمس كانت أداء وان كانت بعدها كانت قضاء وجعلها ليلة‬
‫الجمعة تقرأ مع الصلوات بعد العشاء عقب ما تيسر من الذكر وهذا اجتهاد منه في الطريق وهو‬
‫من كبار المجتهدين وسمعته يقول هذه المسبعات كان أهل الطريق يحصون بها الخواص من‬
‫المريدين وإني لما رأيت الهوال قد كثرت والشرور قد تراكمت والنجيب من يموت على دينه‬
‫وضعتها عامة يستعملها كل مسلم كان من أهل الطريق أو ل رحمة بعباد ال وهذا لرسوخه ‪‬‬
‫وعنا به )ثم يقول ليلة الجمعة أو مطلقا( ل سيما بين يدي الشيخ الكامل قال الفقيه محمد بن الحسين‬
‫البجلي ‪ : ‬رأيت النبي ‪ ‬في المنام فقلت يا رسول ال أي العمال أفضل ؟ قال وقوفك بين‬
‫يدي ولي ل كحلب شاة أو كشي بيضة خير لك من أن تعبد ال حتى تتقطع إربًا إربًا فقلت حيًا كان‬
‫أو ميتًا فقال ‪ :‬حيًا كان أو ميتًا أه‪ .‬فمعنى قوله مطلقًا أي غير مقيدة بليلة الجمعة بل في أي وقت‬
‫وكان الشيخ ‪ ‬يقرؤها بالمسبعات كل ليلة جمعة ويكرر صيغًا منها ثلثًا ثلثًا أولها اللهم صل‬
‫على سيدنا محمد عدد ما في علم ال وآخرها صلة أهل السموات والرضين عليه واجر يا رب‬
‫لطفك الخفي في أمري والمسلمين ويقرأ أولها ليلة الثنين من غير المسبعات حتى ينتهي إلى‬
‫حرف الثاء ثم يختم بآخر صيغة منها وفي ليلة الخميس يبتدئ من حرف التاء بالمثناة فوق ويختم‬
‫هكذا كان ورده مع الجماعة ‪ ‬وعنا فالزمه واتخذ شيخًا على طريقته إذ ل يسلك مريد من غير‬
‫شيخ البتة فل بد من شيخ عارف تستند إليه قال بعضهم الزم واحدا تفتح لك البواب واخضع لسيد‬
‫واحد يخضع لك الرقاب‪.‬‬

‫)بسم ال الرحمن الرحيم(‬


‫ب( أي يا رب فحذف منه ياء النداء وياء الضافة تخفيفًا ومعناه السيد أو المعبود أو المولى أو‬ ‫)َر ّ‬
‫المصلح أو الناصر وابتدأ بهذه الية تبركا ولما ورد أن رب هو السم العظم ولحديث اجثوا على‬
‫الركب وقولوا يا رب يا رب ومن ذكره خمس مرات ودعا استجيب له بدليل آخر آل عمران وفي‬
‫ك( أي أتحصن واعتصم بجنابك‬ ‫عوُذ ِب َ‬‫الحديث ما من عبد يقول يا رب إل قال ال لبيك يا عبدي )َأ ُ‬
‫ن( جمع شيطان وهو‬ ‫طي ِ‬
‫شَيا ِ‬‫ت( أي وساوس )ال ّ‬ ‫ن َهْمَزا ِ‬
‫الذي ل ملجأ ول منجى منه إل إليه )ِم ْ‬
‫إبليس وجنوده من الجن والنس ل سيما عند الموت فقد روي أن العبد عند الموت يقعد عند رأسه‬
‫شيطانان واحد عن يمينه والخر عن شماله فالذي عن يمينه على صفة أبيه والذي عن شماله على‬
‫صفة أمه فبقول الذي على صفة الب يا بني إني كنت عليك شفيقا ولك محبا ولكن مت على دين‬
‫النصارى فهو خير الديان والذي على شماله على صفة أمه يقول يا بني انه كان بطني لك وعاء‬
‫وثديي لك سقاء وفخذي لك وطاء ولكن مت على دين اليهودية فهو خير الديان ا ه ‪ .‬ولكن‪ ‬يثبت‬
‫ضُرون( أي من‬ ‫ح َ‬‫ن َي ْ‬
‫ب َأ ْ‬
‫عوُذ ِبك َر ّ‬ ‫ال الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الخرة‪َ) ‬وَأ ُ‬

‫‪9‬‬
‫أن يحضرون أي من حضورهم عندي بأن تحول بيني وبينهم فان حضورهم سبب لفساد العبد في‬
‫الدنيا والخرة وهل الشياطين جنس مستقل أم هم من الجن قولن والصح الثاني قال تعالى ‪ ‬إل‬
‫حَزن( بفتحتين وهو‬ ‫ن اْلَهّم( وهو توقع المكروه )َواْل َ‬ ‫ك ِم َ‬ ‫عوُذ ِب َ‬ ‫إبليس كان من الجن ‪) ‬الّلُهّم ِإّني َأ ُ‬
‫ل( وهو قلة‬ ‫سِ‬‫جِز( وعدم القدرة على فعل الخير )َواْلَك َ‬ ‫ن اْلَع ْ‬ ‫ك ِم َ‬ ‫عوُذ ِب َ‬ ‫تحسر القلب على ما فات )َوَأ ُ‬
‫ن( بضم فسكون وهو ضعف القلب وعدم الشجاعة‬ ‫جْب ِ‬
‫ن اْل ُ‬‫ك ِم َ‬ ‫عوُذ ِب َ‬ ‫الرغبة في الخير مع القدرة )َوَأ ُ‬
‫ن( بفتح فسكون أي من قهره أي قهر أربابه‬ ‫غَلَبِة الّدْي ِ‬
‫ن َ‬ ‫ك ِم ْ‬ ‫عوُذ ِب َ‬ ‫ل( وهو ضد الكرم )َوَأ ُ‬ ‫خِ‬
‫)َواْلُب ْ‬
‫ل( أي غلبة الظالمين وجور المبتدعين وشماتة الخسرين‬ ‫جا ِ‬‫حيث ل قدرة لي على وفاته )َوَقْهِر الّر َ‬
‫والضافه للفاعل أي قهرهم إياي )ثلثا( أي نقول ذلك ثلث مرات كما رواه النووي في الذكار‬
‫والسيوطي في الجامع الصغير وغيرهما ثم شرع في لفظ حديث آخر فقال )اللهم إني أعوذ بك من‬
‫الفقر( أراد به فقر القلب )والعيلة( بفتح فسكون وهي العالة بمعنى الفاقة قال تعالى ‪ ‬وان خفتم عيلة‬
‫‪ ‬أي شدة فقر بأن يصير قليل المال فقير القلب تلتفت نفسه لما في أيدي الناس )وأعوذ بك من كل‬
‫بلية( والبلوى والبلء بمعنى واحد وهو المتحان ويطلق على ما يفتتن به المرء من أعراض الدنيا‬
‫وشهواتها )اللهم إني أعوذ بك من الفقر إل إليك ( بأن تقطع رجائي من سواك وتجعل التجائي إليك‬
‫وهو بمعنى قول أبي الحسن الشاذلي نسألك الفقر مما سواك والغنى بك حتى ل نشهد إل إياك‬
‫)ومن الذل إل لك( أي الهوان بين الناس وخسة القدر في غير مراضيك فإن الذل لك هو العز وهو‬
‫ل تصحبه لطائف رحمتك )ومن‬ ‫بمعنى قول أبي الحسن الشاذلي فكل عز يمنع دونك فنسألك بدله ذ ً‬
‫الخوف إل منك( لن من خاف ال لم يخف من شيء قال تعالى‪ ‬إنما يخشى ال من عباده العلماء‪‬‬
‫)وأعوذ بك أن أقول زورًا( أي كذبا قال تعالى ‪‬والذين ل يشهدون الزور ‪) ‬أو أغشى فجوًرا( افعل‬
‫فسًقا)أو أكون بك مغروًرا( أي مفتوًنا بشيء سواك فالغرور بالضم سكون النفس إلى ما يوافق‬
‫هواها والغرور بالفتح كرسول هو ما به الغرور قال تعالى ‪ ‬وما الحياة الدنيا إل متاع الغرور‪ ‬أي‬
‫الباطل الزائل وقال تعالى‪ ‬ول يغرنكم بال الغرور‪ ‬ومن الغرور المن من مكر ال قال تعالى‪ ‬فل‬
‫يأمن مكر ال إل القوم الخاسرين‪ ) ‬وأعوذ بك من شماتة العداء( أي فرحهم بالمصيبة النازلة بي‬
‫بأن تقيني ما يشمتهم )وعضال الداء( هو الذي غلب الطباء وأعجزهم من مداواته )وخيبة‬
‫الرجاء( أي عدم الظفر بالذي أرجوه فيك من كل ما رغبت فيه وأخذت في أسبابه )وزوال النعمة(‬
‫أي ذهابها وهي كل ما لم تحمد عاقبته والمراد بها النعم الظاهرية والباطنية الدنيوية والخروية‬
‫فإن من أكبر المصائب السلب بعد العطاء قال أبو الحسن الشاذلي ‪ :‬ول تعاقبنا بالسلب بعد العطاء‬
‫)وفجأة النقمة( أي إتيانها بغتة والفجاء بالضم والمد وبالفتح والقصر بمعنى واحد والنقمة بكسر‬
‫فسكون أو بفتح فكسر العقوبة ومنه قوله تعالى ‪ ‬فينتقم ال منه‪ ‬أي يعاقبه )اللهم إني أعوذ بك من‬
‫شر الخلق( أي جميع الخلئق قال للستغراق فيشمل البر والفاجر )وهم الرزق( لن ذلك من‬
‫الغفلة عن الرزاق ويستلزم ضعف اليقين وهو الفقر القلبي بعينه الذي ورد فيه أنه سواد الوجه في‬
‫الدارين )وسوء الخلق( وهو عدم الصبر على الذى وهو ضد الحلم وفي الحديث ‪ :‬لما خلق ال‬
‫اليمان قال اللهم قوني فقواه بالكرم وحسن الخلق ولما خلق ال الكفر قال اللهم قوني فقواه بالبخل‬
‫وسوء الخلق اه وفي الحقيقة سوء الخلق وصف جامع لكل شر على الضد من حسن الخلق وفي‬
‫الحديث ‪ :‬كاد الحليم أن يكون نبًيا )اللهم إني أعوذ بك من العطب ( أي الهلك )والنصب( بالفتح‬
‫العياء والتعب )وأعوذ بك من وعثاء السفر( أي مشاقه ومتاعبه وما يقع فيه من المضار لنه‬
‫قطعة من العذاب كما ورد )وسوء المنقلب( أي المرجع السيئ من أي سفر )اللهم إني أعوذ بك من‬

‫‪10‬‬
‫الزيغ( أي الميل عن الحق )والجزع( أي عدم الصبر عن حمل ما نزل )وأعوذ بك من الطمع في‬
‫غير مطمع( أي المل فيما يبعد حصوله )اللهم إني أعوذ بك من الفتن ( جمع فتنة وهي ما يشغل‬
‫عن ال كالجاه والمال وغير ذلك فإنها فتنة حيث أشغلت عن ال تعالى ‪‬ونبلوكم بالشر والخير فتنة‪‬‬
‫)ما ظهر منها( أي في الجوارح الظاهرة )وما بطن( في القلب )ثلًثا أعوذ بكلمات ال ( أي‬
‫بصفاته القائمة بذاته وقيل أسماؤه الحسنى وكتبه المنزلة وقيل خصوص القرآن )التامات( أي‬
‫حا‬
‫الخاليات عن النقص أو النافعات للمتعوذ بها بأن يحفظ بها من الفات * روى من قالها صبا ً‬
‫حفظ إلى المساء وبالعكس ويوكل به سبعون ألف ملك يصلون عليه وإن مات مات شهيًدا )من شر‬
‫ما خلق( أي أوجده من النام والهوام )ثلثا اللهم إني أعوذ بك( من )أن أظلم( أي أجور على أحد‬
‫أو على نفسي بمعصية ال تعالى )أو اظلم( أي يجور على غيري ويطلق الظلم على الشيء في‬
‫ي ( كلها بمعنى الظلم )اللهم إني أعوذ بك‬ ‫ي أو أطغى أو يطغى عل ّ‬‫غير محله )أو أبغي أو يبغى عل ّ‬
‫من الشك( أي اللتباس وعدم طمأنينة القلب )والشرك( أي إثبات الشريك ل )الظاهر( وهو الكفر‬
‫ي ( تقدم معناه ) اللهم اجعلني‬ ‫)والخفي( كالرياء والعتماد على غير ال )والظلم والجور مني وعل ّ‬
‫منك في عياذ ( أي حصن كائًنا منك فمنك متعلق بمحذوف حال من عياذ )منيع( أي مانع من يصل‬
‫إلى من يحتمي به )وحرز( أي حصن )حصين( فعيل بمعنى فاعل أي محصن وحافظ من لجأ إليه‬
‫)من جميع خلقك( أي من شرهم )حتى تبلغني( أي إلى أن توصلني إلى )اجلي( أي آخر عمري‬
‫)معافى( أي مسلًما )من كل بلية في ديني( كالشواغل عن ال )ودنياي( كمصائب الدنيا )وبدني(‬
‫كالمراض والسقام )وأهلي وأصحابي وأحبابي( أي أسألك لهم ما ذكر كما سألته لنفسي )يا رب‬
‫العالمين اللهم إني أسألك لي ولهم ( أي الهل ومن بعدهم )من كل خير ( يليق بنا )سألك منه محمد‬
‫نبيك ورسولك ‪ ( ‬الخير ما فيه نفع عاجل وآجل )و أعوذ بك من كل شر استعاذك منه محمد‬
‫نبيك ورسولك ‪ ( ‬والشر ما فيه ضر عاجل أو آجل وهذا من جوامع الدعوات التي لم تبق خيًرا‬
‫في الدنيا ول في الخرة إل استلزمته ول شر في الدنيا ول في الخرة إل نفته )‪ ‬ربنا آتنا في‬
‫الدنيا حسنة‪ ( ‬يعنى صحة وعافية وكفاًفا وتوفيقا وزوجة صالحة وولًدا باًرا وإيمانا ومعرفة وغير‬
‫ذلك من كل خير عاجل )‪ ‬وفي الخرة حسنة ‪ (‬هي دخول الجنة وتوابعه من النجاة من كل‬
‫عقبات الخرة ورضوان ال العظم ورؤية وجهه الكريم )‪ ‬وقنا عذاب النار ‪ (‬أي جنبنا عذابنا‬
‫الذي استوجبناه بسوء أعمالنا ووفقنا لجتناب المحرمات والشهوات فل نقع في العذاب ‪ .‬وما تقدم‬
‫من قوله اللهم إني أعوذ بك من الهم ‪ ...‬إلخ إلى هنا كلها أحاديث وردت عن رسول ال ‪‬‬
‫استحسن الشيخ ‪ ‬الدعاء بها بين يدي الصلة على النبي رجاء لقبولها )ربنا ل تزغ قلوبنا( أي‬
‫تملها عن الحق إلى الباطل ) بعد إذ هديتنا( لليمان ) وهب لنا( أعطنا ) من لدنك( من عندك )‬
‫رحمة إنك أنت الوهاب( أي واسع العطايا بغير حساب واختار تلك الدعوات من الحاديث ومن‬
‫القرآن لنها أفضل ما يدعو به الشخص ‪ .‬ولنذكر لك مقدمة تشتمل على بعض فضائل الصلة‬
‫على النبي ‪ ‬قال صاحب دلئل الخيرات‪ :‬وهى أي الصلة على النبي ‪ ‬من أهم المهمات لمن‬
‫يريد القرب من رب الرباب قال شارحها ‪ :‬وجه أهمية الصلة على النبي ‪ ‬في حق من يريد‬
‫القرب من موله من وجوه منها ما فيها من التوسل إلى ال تعالى بحبيبه ومصطفاه ‪ ‬وقد قال‬
‫ال تعالى ‪ ‬وابتغوا أتليه الوسيلة‪ ‬ول وسيلة اقرب أتليه من رسوله الكرم ‪ ‬ومنها إن ال تعالى‬
‫أمرنا بها وحضنا عليها تشريفا وتكريما وتفضيل لجلله وتعظيما ووعد من استعملها حسن المآب‬

‫‪11‬‬
‫والفوز بجزيل الثواب فهي من انجح العمال وأرجح القوال وأزكى الحوال وأحظى القربات‬
‫وأعم البركات بها يتوصل ألي رضا الرحمن وتنال السعادة والرضوان وبها تظهر البركات‬
‫وتجاب الدعوات ويرتقى إلى أرفع الدرجات ويجبر صدع القلوب ويعفى عن عظيم الذنوب‬
‫وأوحى ال إلى موسى ‪ : ‬يا موسى أتريد أن أكون اقرب إليك من كلمك إلى لسانك ومن‬
‫وسواس قلبك إلى قلبك ومن روحك إلى بدنك ومن نور بصرك إلى عينك قال ‪ :‬نعم يا رب قال ‪:‬‬
‫فأكثر من الصلة على محمد ‪ ‬ومنها انه ‪ ‬محبوب ال ‪ ‬عظيم القدر عنده وقد صلى عليه‬
‫هو وملئكته فوجبت محبة المحبوب والتقرب إلى ال تعالى بمحبته وتعظيمه والشتغال بحقه‬
‫والصلة عليه والقتداء بصلته وصلة ملئكته عليه‪ .‬ومنها ما ورد في فضلها من جزيل الجر‬
‫وعظيم الذكر وفوز مستعملها برضا ال ‪ ‬وقضاء حوائج آخرته ودنياه ومنها ما فيها من شكر‬
‫الواسطة في نعم ال علينا المأمور بشكره وما من نعمة ل علينا سابقة ولحقة من نعمة اليجاد‬
‫والمداد في الدنيا والخرة إل وهو السبب في وصولها إلينا وإجرائها علينا فنعمه علينا تابعة لنعم‬
‫ال ونعم ال ل يحصرها عد كما قال سبحانه وتعالى ‪ ‬وإن تعدوا نعمة ال ل تحصوها‪ ‬فوجب حقه‬
‫علينا ووجب علينا في شكر نعمته أن ل نفتر عن الصلة عليه مع دخول كل نفس وخروجه ‪.‬‬
‫ومنها ما جرب من تأثيرها والنفع بها في التنوير ورفع الهمة حتى قيل إنها تكفي عن الشيخ في‬
‫الطريق وتقوم مقامه حسب ما حكاه الشيخ السنوسي في شرح صغرى صغراه والشيخ زروق‬
‫وأشار أتليه أبو العباس أحمد بن موسى اليمني في جوابه له ومنها ما فيها من سر العتدال الجامع‬
‫لكمال العبد وتكميله ففي الصلة على رسول ال ‪ ‬ذكر ال ‪ ‬ورسوله ول كذلك عكسه فلذلك‬
‫كانت المثابرة على الذكار والدوام عليها يحصل بها النحراف وتكسب نورانية تحرق الوصاف‬
‫جا وحرارًة في الطباع والصلة على رسول ال ‪ ‬تذهب وهج الطباع وتقّوي النفوس‬ ‫وتثير وه ً‬
‫لنها كالماء فكانت تقوم مقام شيخ التربية أيضا من هذا الوجه وفي كتاب بن فرحون للقرطبي ‪:‬‬
‫واعلم أن الصلة على النبي ‪ ‬عشر كرامات إحداهن صلة الملك الجبار والثانية شفاعة النبي‬
‫المختار والثالثة القتداء بالملئكة البرار والرابعة مخالفة المنافقين والكفار والخامسة محو‬
‫الخطايا والوزار والسادسة العون على قضاء الحوائج والوطار والسابعة تنوير الظواهر‬
‫والسرار والثامنة النجاة من دار البوار والتاسعة دخول دار القرار والعاشرة سلم الرحيم الغفار‬
‫ثم فصلها كلها وذكر دلئلها ‪ .‬وفي كتاب حدائق النوار في الصلة والسلم على النبي المختار‬
‫‪ ‬الحديقة الخامسة في الثمرات التي يجنيها العبد بالصلة على رسول ال ‪ ‬والفوائد التي‬
‫يكتسبها ويقتنيها الولى امتثال أمر ال‪ ‬بالصلة عليه ‪ ‬الثانية موافقته سبحانه وتعالى بالصلة‬
‫عليه ‪ ‬الثالثة موافقة الملئكة بالصلة عليه ‪ ‬الرابعة حصول عشر صلوات من ال تعالى‬
‫على المصلي عليه ‪ ‬واحدة الخامسة انه يرفع اله عشر درجات السادسة يكتب له عشر حسنات‬
‫السابعة يمحى عنه عشر سيئات الثامنة ترجى له إجابة دعوته التاسعة إنها سبب لشفاعته ‪‬‬
‫العاشرة إنها سبب لغفر الذنوب وستر العيوب الحادية عشر إنها سبب لكفاية العبد ما أهمه الثانية‬
‫ب لقرب العبد منه ‪ ‬الثالثة عشر إنها تقوم مقام الصدقة الرابعة عشر إنها سبب‬ ‫عشر إنها سب ٌ‬
‫لقضاء الحوائج الخامسة عشر إنها سبب لصلة ال وملئكته على المصلي السادسة عشر إنها‬
‫سبب زكاة المصلي والطهارة له السابعة عشر إنها سبب تبشير العبد بالجنة قبل موته الثامنة عشر‬
‫إنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة التاسعة عشر إنها سبب لرده ‪ ‬على المصلى عليه الموفية‬

‫‪12‬‬
‫عشرون إنها سبب لتذكر ما نسيه المصلي عليه ‪ ‬الحدى وعشرون إنها سبب لطيب المجلس‬
‫وان ل يعود على أهله حسرة يوم القيامة الثانية والعشرون إنها سبب لنفى القفر عن المصلي عليه‬
‫‪ ‬الثالثة والعشرون إنها تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه عند ذكره ‪ ‬الرابعة‬
‫والعشرون نجاته من دعائه عليه برغم أنفه إذا تركها عند ذكره ‪ ‬الخامسة والعشرون أنها تأتى‬
‫بصاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها السادسة والعشرون إنها تنجي من نتن‬
‫المجلس الذي ل يذكر فيه اسم ال ورسوله ‪ ‬السابعة والعشرون إنها سبب تمام الكلم الذي‬
‫ابتدئ بحمد ال والصلة على رسوله ال ‪ ‬الثامنة والعشرون إنها سبب لفوز العبد بالجواز على‬
‫الصراط التاسعة والعشرون انه يخرج العبد عن الجفاء بالصلة عليه ‪ ‬الموفية ثلثين إنها سبب‬
‫لبقاء ال تعالى الثناء الحسن على المصلى عليه ‪ ‬بين السماء والرض الحدى والثلثين أنها‬
‫سبب رحمة ال ‪ ‬الثانية والثلثون إنها سبب للبركة الثالثة والثلثون إنها سبب لدوام محبته ‪‬‬
‫وزيادتها وتضاعفها وذلك عقد من عقود اليمان ل يتم إل به الرابعة والثلثون إنها سبب لمحبة‬
‫الرسول ‪ ‬للمصلي عليه ‪ ‬الخامسة والثلثون إنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه السادسة‬
‫والثلثون إنها سبب لعرض المصلي عليه ‪ ‬وذكره عنده ‪ ‬السابعة والثلثون إنها سبب لتثبيت‬
‫القدم الثامنة والثلثون إنها تأدية لقل القليل من حقه ‪ ‬وشكر نعمة ال التي انعم بها علينا‬
‫التاسعة والثلثون إنها متضمنة لذكر ال وشكره ومعرفة إحسانه الموفية أربعين أن الصلة عليه‬
‫من العبد دعاء وسؤال من ربه ‪ ‬فتارة يدعو لنبيه ‪ ‬وتارة لنفسه ول يخفى ما في هذا من‬
‫المزية للعبد الحدى والربعون من أعظم الثمرات واجل الفوائد المكتسبات بالصلة عليه ‪‬‬
‫انطباع صورته الكريمة في النفس الثانية والربعون إن الكثار من الصلة على النبي ‪ ‬يقوم‬
‫مقام الشيخ المربي ويأتي للمؤلف أي صاحب دلئل الخيرات إن الصلة على النبي ‪ ‬سبب‬
‫الزواج والقصور ويأتي في الحديث إنها تعدل عتق الرقاب وال اعلم ا ه‪ .‬بحروفه من شرح‬
‫شيخنا العارف بال الشيخ سليمان الجمل على الدلئل ‪ ‬وعنا به ‪.‬‬
‫ولنرجع إلى كلم المؤلف اه )إن ال وملئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه‬
‫ل لمر ال‬ ‫وسلموا تسليما( أتى بهذه الية الكريمة تبرًكا وأشار إلى أن إيقاع الصلة بعدها امتثا ً‬
‫تعالى وهى من أعظم الدلة على المر بالصلة على النبي ‪ ‬وإنها من أعظم القربات‬
‫والحاديث الواردة في فضلها والمر بها غير محصورة والكتب المشحونة بها مشهورة وسوقها‬
‫هنا يخرجنا عن المقصود من الختصار وبدأ أول الصيغ بالصيغة المنسوبة لحجة السلم‬
‫الغزالي لما فيها من جميع شمائله وبيان فضائله ‪ ‬فقال )اللهم اجعل أفضل صلواتك( جمع صلة‬
‫وهي رحمته المقرونة بالتعظيم )أبًدا( ظرف مستقبل ل نهاية له )وأنمى بركاتك ( أي أزيد خيراتك‬
‫)سرمدا( أي على طول بقائك الذي ل انقضاء له )وأزكى( أي أنمى )تحياتك( جمع تحية وهى ما‬
‫يحّيا به من سلم وغيره أي فحيه بكلمك القديم تحية لئقة بفضلك عليه فلم يهمل المصنف أعني‬
‫ل وعدًدا( أي بالفضل والعدد الكثير الذي ل‬ ‫الغزالي السلم بل دخل تحت قوله تحياتك )فض ً‬
‫يحصى )على أشرف الخلئق النسانية( أي وغيرها وإنما خص النسان لنه أفضل النواع فإذا‬
‫فضلهم كان أفضل ممن سواهم بالولى )ومجمع الحقائق اليمانية( جمع حقيقة فنه تؤخذ حقيقة‬
‫اليمان بجميع مراتبها من علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين )وطور التجليات الحسانية( أي هو‬
‫موضع تنزلت الرحمات ومهبطها كما أن جبل الطور مهبط تجلى الجلل عند سؤال موسى‪‬‬

‫‪13‬‬
‫رؤية ربه فتجلى ال على الطور بالجلل فصار دكا ورسول ال ‪ ‬تجلى عليه بالحسان فوسع‬
‫العالمين علًما وحلًُما فصارت مقامات الحسان من مراقبة ومشاهدة ل تؤخذ إل منه )ومهبط‬
‫السرار الرحمانية( جمع سر وهو ما يكتم أي هو موضع أسرار ال الناشئة من رحمانيته سبحانه‬
‫فل تؤخذ إل منه )وعروس المملكة الربانية( أي كما في بعض الروايات وليست في رواية مؤلفنا‬
‫‪ ‬أي المميز في عوالم الملك والملكوت بالفخر والبهاء كالعروس فإنه الخليفة على الطلق الذي‬
‫صّرفه ال في الملك والملكوت بسبب أنه خلع عليه أسرار السماء والصفات ومكنه من‬
‫سا لن العروس نافذ أمره والجميع خدمه‬ ‫التصريف في البسائط والمركبات فكان بذلك المعنى عرو ً‬
‫ومعنى الربانية المنسوب إلى الرب )واسطة عقد النبيين( واسطة العقد جوهرته الكبرى ووسط‬
‫الشيء خياره وإضافة عقد للنبيين بيانية أو من إضافة المشبه به للمشبه ومعناه خيار النبيين‬
‫)ومقدم جيش المرسلين( بكسر الدال وفتحها والجيش الطائفة وإضافة جيش لما بعده بيانية ومعناه‬
‫على كسر الدال الرافع لرتبتهم لنه الممد لهم وعلى فتحها أن ال قدمه عليهم بالحس والمعنى‬
‫)وقائد ركب النبياء المكرمين( جمع نبي روى أن عدد النبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا‬
‫وقيل مائتان ألف وخمسة وعشرون ألفا وقيا ألف ومئتا ألف وخمسة وعشرون ألفا الرسل منهم‬
‫ثلثمائة وثلثة عشر وقيل و أربعة عشر والمذكور منهم في القرآن خمسة وعشرون ثمانية عشر‬
‫في ‪ ‬وتلك حجتنا‪....‬الخ ‪ ‬في النعام والباقي محمد وآدم وصالح وشعيب وهود وإدريس وذو‬
‫الكفل ‪ .‬أولو العزم منهم خمسة جمعها بعضهم في بيت شعر بقوله ‪:‬‬
‫فعيسى فنوح هم أولو العزم فاعلم ‪.‬‬ ‫محمد إبراهيم موسى كليمه‬
‫وفضلها على هذا الترتيب والحق أن عدة النبياء والرسل ل يعلمها إل ال والمكرمين بفتح الراء‬
‫مخففة ومشددة أي الذين أكرمهم ال بالمعجزات الباهرة ومعنى قائدهم الدال بهم إلى ال )وأفضل‬
‫الخلق أجمعين( لقوله ‪ : ‬أنا سيد ولد آدم ول فخر ‪ .‬ونوع الدمي أفضل الخلق فيكون ‪ ‬أفضل‬
‫الخلق على الطلق وفي خبر الترمذي ‪ :‬وأنا أكرم الولين والخرين على ال ول فخر‪) .‬حامل‬
‫لواء العز العلى( اللواء بالمد الراية والعز ضد الذل العلى أي الشرف والرفع والمعنى أن بيده‬
‫عز الدارين لمن انتسب له )ومالك أِزّمة( بالتشديد جمع زمام ) المجد السنى( أي الشرف الرفع‬
‫ضا عن عز الدارين لمن اتبعه ‪ .‬المقام مقام إطناب )شاهد( أي عالم علم معاينة‬ ‫وهو كناية أي ً‬
‫)أسرار( جمع سر ضد الجهر )الزل( أي القدم وقيل الزل أعم من القدم )ومشاهد( بضم الميم‬
‫بمعنى معاين ) أنوار( جمع نور )السوابق الول( بضم الهمزة وفتح الواو جمع سابق وأول فهو‬
‫وإن تأخر وجود جسمه على جميع الشياء متقدم عليهم بل وعلى جميع المخلوقات باعتبار حقيقته‬
‫فأنوار السوابق الول ناشئة منه وعارضة عليه فكان بهذا المعنى مشاهدها ويشهد لهذا المعنى‬
‫حديث جابر التي ذكره إن شاء ال تعالى )وترجمان( بفتح التاء أفصح من ضمها جمعه تراجم‬
‫مثل زعفران وزعافر )لسان القدم( بكسر القاف والترجمان في الصل اسم لملقن معاني الكلمات‬
‫والمراد منه الملقن كل العلوم الغيبية التي نشأت عن ذي القدم سبحانه وتعالى )ومنبع العلم( أي‬
‫محل نبع علوم الولين والخرين وصح انه ‪ ‬قال ‪ :‬تعلمت علم الولين والخرين ‪ .‬وكفانا قول‬
‫البوصيري ’ومن علومك علم اللوح والقلم’‪) .‬والحلم( أي محل حلم الولين والخرين قال‬
‫فهو البحر والنام ركاء‬ ‫وسع العالمين علًما وحلًما‬ ‫البوصيري‪:‬‬
‫ضا)مظهر( مفعل أو اسم فاعل من‬ ‫)والحكم( جمع حكمة وهي إتقان العلم والعمل أي فهو منبعها أي ً‬
‫ي( أي‬ ‫أظهر أي الذي به الظهور)سر الجود( أي لب وخالص الجود أي جود ال )الجزئي والكل ّ‬

‫‪14‬‬
‫الدقيق والجليل والمعنى انه ظهرت به بركات الدنيا والخرة )وإنسان عين الوجود( أي خيار‬
‫الموجودات ونورها كما إن إنسان العين نورها فالعين بدونه ل تبصر والموجودات من العالم‬
‫)العلوي والسفلي( بدونه عدم كما في الحديث ´لولك ما خلقت سماء ول أرض الخ’ )روح جسد‬
‫الكونين( جمع كون بمعنى المكون اسم مفعول والمراد العالمان عالم الملك وهو ما ظهر لنا وعالم‬
‫الملكوت وهو ما خفي عنا فالنبي ‪ ‬سره ساٍر في الكونين كسريان الروح في الجسد )وعين حياة‬
‫الدارين( أي حقيقة حياتهما أو هو ‪ ‬كعين الحياة للدارين التي من شرب منها ل يموت ) المتحقق‬
‫بأعلى رتب( جمع رتبة وهي المنزلة )العبودية( أي غاية التذلل والخضوع فتذل وخضوعه ل‬
‫يدانيه فيه أحد ولذلك كانت العبودية أفضل أوصافه على الراجح ) المتخلق( أي المتصف )بأخلق‬
‫المقامات الصطفائية( أي المختارة فالصطفاء الختيار ومنه المصطفى أي المختار قال تعالى‪‬‬
‫ق عظيم‪ ‬ول يعلم حقيقة العظم الذي وصفه ال به إل خالقه ولذلك قال بعض‬ ‫وإنك لعلى خل ٍ‬
‫العارفين ‪:‬‬
‫عليه فما مقدار ما تمدح الورى‬ ‫إذا ال أثنى بالذي هو أهله‬
‫)الخليل العظم والحبيب الكرم( أي العظم من كل عظيم والكرم من كل كريم والفرق بين‬
‫الحبيب والخليل كما قال النيسابوري ‪ :‬أن الخليل هو الذي امتحنه ال ثم أحبه والحبيب الذي أحبه‬
‫ل أو الخليل الذي جعل ما يملكه فداء خليله والحبيب الذي جعل المولى مملكته فداءه‬ ‫ال ابتداًء تفض ً‬
‫وبهذا المعنى يكون وصف الحبيب أفضل من وصف الخليل ولذلك اشتهر به ‪ ‬واشتهر إبراهيم‬
‫‪ ‬بالخليل وإل فكل حبيب خليل قال البرعي ‪:‬‬
‫عليه ال في التــوراة أثنى‬ ‫إذا ذكر الخليل فـذا حبيب‬
‫وقال البوصيري في لميته ‪:‬‬
‫فافهم فما موضع المحبوب مجهول‬ ‫أعلى المراتب عند ال رتبته‬
‫)سيدنا( معاشر المخلوقين)محمد( أشرف أسمائه ‪ ‬كما تقدم )ابن عبد ال( اسم أبيه )ابن عبد‬
‫المطلب( واسمه شيبة الحمد على الصح )وعلى سائر( أي باقي )النبياء والمرسلين( عطف‬
‫خاص لمزيد الشرف )وعلى آلهم وصحبهم( أي وعلى آل الجميع وأصحابهم )أجمعين( تأكيد )كلما‬
‫ذكرك( أي يا ال )الذاكرون( جمع ذاكر ضد الغافل )و( كلما )غفل عن ذكرهم( أي النبياء وآلهم‬
‫وصحبهم) الغافلون( جمع غافل والمعنى صل عليهم كل وقت وكل حال ‪ .‬وهذه الصلة نقلها‬
‫حجة السلم الغزالي عن القطب العيدروس وتسمى شمس الكنز العظم ومن قرأها حجب عن‬
‫قلبه وساوس الشيطان وقال بعضهم أنها للقطب الرباني سيدي عبد القادر الجيلني وأن من قرأ‬
‫بعد صلة العشاء الخلص والمعوذتين ثلثا ثلثا وصلى على النبي ‪ ‬بهذه الصيغة رأى النبي‬
‫‪ ‬في المنام ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة قطب القطاب سيدي أحمد البدوي نفعنا ال به فقال ‪) :‬اللهم صل( أي ارحم‬
‫رحمة مقرونة بتعظيم وتكريم )وسلم( أي اجعل له مزيد تحية وتأمين )وبارك( أي زد فيه بخيراتك‬
‫التي ل تتناهى )على سيدنا( أي أشرفنا )ومولنا( أي ناصرنا )محمد شجرة الصل( الضافة‬
‫للبيان أي الشجرة التي هي الصل وهو ‪ ‬أصل العوالم على الطلق وأساس شرفها بالتفاق‬
‫)النورانية( بضم النون نسبة إلى النور يحتمل أنه يراد به الرب سبحانه وتعالى فإنه قد ورد تسميته‬
‫تعالى بالنور في الكتاب والسّنة وحقيقة النور هو الظاهر بنفسه المظهر لغيره ونسب إليه تعالى‬
‫لنه ‪ ‬نشأ من حضرة ال بدون واسطة مادة ويحتمل انه أراد بالنور خلف الظلمة وجمعه أنوار‬

‫‪15‬‬
‫فقد ورد أن ذات النبي ‪ ‬كانت نوًرا حتى انه ل يظهر له ظل في الشمس وعن عائشة رضي ال‬
‫عنها أنها قالت‪ :‬بينما أخيط ثوبا في السحر فوقعت البرة منى وانطفأ المصباح إذ دخل رسول ال‬
‫‪ ‬فالتقطت البرة من نور وجهه فقلت‪ :‬يا رسول ال ما أبهى وجهك وما أنور طلعتك فقال‪ :‬يا‬
‫عائشة الويل كل الويل لمن لم يرني يوم القيامة فقلت ‪ :‬ومن ذا الذي ل يراك يوم القيامة فقال ‪:‬‬
‫ي ‪ .‬ففيه نسبة الشيء لنفسه على سبيل المبالغة وزيادة اللف‬ ‫ل عل ّ‬‫البخيل الذي ذكرت عنده فلم يص ّ‬
‫والنون لزيادة الشرف وعلى كل هو معنى الحديث الوارد عن جابر بن عبد ال النصاري ‪ ‬قال‬
‫سألت رسول ال ‪ ‬عن أول شيء خلقه ال فقال ‪ :‬هو نور نبيك يا جابر خلقه ال ثم خلق منه‬
‫كل خير وخلق بعده كل شر وحين خلقه أقامه قدامه في مقام القرب اثني عشر ألف سنة ثم جعله‬
‫أربعة أقسام فخلق العرش من قسم والكرسي من قسم وحملة خزنة الكرسي من قسم وأقام‬
‫القسم الرابع مقام الحب اثني عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أقسام فخلق القلم من قسم واللوح‬
‫من قسم والجنة من قسم وأقام القسم الرابع في مقام الخوف اثني عشر ألف سنة ثم جعله أربعة‬
‫أجزاء فخلق الملئكة من جزء وخلق الشمس من جزء وخلق القمر والكواكب من جزء وأقام‬
‫الجزء الرابع في مقام الرجاء اثني عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أجزاء فخلق العقل من جزء‬
‫والحلم والعلم من جزء والعصمة والتوفيق من جزء وأقام الجزء الرابع في مقام الحياء اثني‬
‫عشر ألف سنة ثم نظر إليه فترشح النور عرقا فقطرت منه مائة ألف وعشرون ألفا و أربعة‬
‫آلف قطرة فخلق ال تعالى من كل قطرة روح نبي أو رسول ثم تنفست أرواح النبياء فخلق ال‬
‫من أنفاسهم نور أرواح الولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة‬
‫فالعرش والكرسي من نوري والكروبيون و الروحانيون من الملئكة من نوري وملئكة‬
‫السموات السبع من نوري والجنة وما فيها من نعيم من نوري والشمس والقمر والكواكب من‬
‫نوري والعقل والعلم والتوفيق من نوري وأرواح النبياء والرسل من نوري والشهداء والسعداء‬
‫والصالحون من نتائج نوري ثم خلق ال اثني عشر حجاًبا فأقام النور وهو الجزء الرابع في كل‬
‫حجاب ألف سنة وهي مقامات العبودية وهي حجاب الكرامة والسعادة والرؤية والرحمة والرأفة‬
‫ل ذلك النوُر في كل حجاب ألف‬ ‫والحلم والعلم والوقار والسكينة والصبر والصدق واليقين فعبد ا َ‬
‫سنة فلما خرج النور من الحجب رّكَبـه ال في الرض فكان بين المشرق والمغرب كالسراج في‬
‫الليل المظلم ثم خلق ال آدم من الرض وركب هذا النور في جبينه ثم انتقل منه إلى شيث ولده‬
‫وكان ينتقل من طاهر إلى طيب أن وصل إلى صلب عبد ال بن عبد المطلب ومنه إلى وجه أمي‬
‫آمنة ثم أخرجني إلى الدنيا فجعلني سيد المرسلين وخاتم النبيين ورحمة للعالمين وقائد الغر‬
‫المحجلين هكذا كان بدء خلق نبيك يا جابر ا ه‪ .‬ذكره شيخنا الشيخ سليمان الجمل في أول شرحه‬
‫على الشمائل عن سعد الدين التفتازاني في شرح بردة المديح عند قوله ‪:‬‬
‫فإنما اتصلت من نوره بهـــم‬ ‫وكل آي أتى الرسل الكرام بها‬
‫ن له ‪ ‬باعتبار الحقيقة المحمدية )وأفضل الخليقة النسانية(‬ ‫)ولمعة القبضة الرحمانية( وصف ثا ٍ‬
‫وصف ثالث باعتبار عالم الجساد )وأشرف الصورة الجسمانية( بكسر الجيم وضمها نسبة إلى‬
‫الجسم على غير قياس وهو الجسد أو الجسمان بضم أوله وسكون السين بمعنى الجسم وهو وصف‬
‫رابع باعتبار عالم الجساد أيضا والقبضة في الصل مصدر بمعنى اسمك المفعول أي النور‬
‫ل وفي القبضة تجوز والمراد تعلق الرادة والقدرة بالبراز لن حقيقة القبض الخذ‬ ‫المقبوض أز ً‬
‫ل النعم كّما وكيًفا لن الرحمن هو‬ ‫باليد وهو مستحيل على ال ونسبتها للرحمن إشارة إلى أنها أج ّ‬

‫‪16‬‬
‫شرف صورتها‬ ‫جِعَلت مادة للعوالم كلها و ّ‬
‫المنعم بجلئل النعم كّما وكيًفا ومعنى لمعتها نشأتها التي ُ‬
‫باعتبار ما قام بها من كمال الخلقة وحسن الطلعة واعتدال القامة قال شيخنا المؤلف في معنى‬
‫حديث "كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني" ‪ .‬اعلم أن ال كان في أزله‬
‫لم يعرف لعدم وجود من يعرفه فأحب أن يعرف فقبض قبضة من نوره أي بذاته فمن بمعنى الباء‬
‫والنور بمعنى الذات والضافه للبيان والمراد أبرزه بقدرته من غير واسطة مادة وهذا المقبوض‬
‫هو المسمى بالنور المحمدي وبروح الرواح وبالسر المحمدي وبعرش ال الكبر وبآدم الول‬
‫وبالب الكبر وبالنسان الكامل ومن ذلك قول ابن الفارض ‪:‬‬
‫فلي فيه معنى شاهد بلوتي‬ ‫وإني وإن كنت ابن آدم صورة‬
‫وسر السرار وبإنسان عين الوجود وبشجرة الصل وغير ذلك من السماء المشهورة بين‬
‫العارفين ثم أفاض ال على تلك الحقيقة جلئل النعم بوصف الرحمن ودقائقها بوصف الرحيم وأمد‬
‫منها العوالم كلها كما يشهد له الحديث المتقدم عن جابر )ومعدن( بفتح الميم وكسر الدال المهملة‬
‫ويجوز فتحها أي محل )السرار(أي ما أطلعه ال عليه وأمره بكتمه عن غير أهله أو بكتمه لن له‬
‫علوم لم يطلع ال عليها غيره )الربانية( نسبة إلى الرب بزيادة اللف والنون للمبالغة في النسبة‬
‫إشارة إلى أن علومه بغير معلم كما قال البوصيري ‪:‬‬
‫في الجاهلية والتأديب في اليتم‬ ‫ي معجزة‬ ‫كفاك بالعلم في الم ّ‬
‫)وخزائن( جمع خزانة بالكسر أي أماكن )العلوم( جمع علم )الصطفائية( أي المختارة وعطفه‬
‫العلوم على السرار من عطف العام على الخاص )صاحب القبضة الصلية( المتقدم ذكرها‬
‫)والبهجة( أي الطلعة )السنية( أي الشريفة والرفيعة أو المضيئة )والرتبة( أي المنزلة )العلية( أي‬
‫سا ومعنى )من اندرجت( أي دخلت )النبيون تحت لوائه( بالكسر والمد وفي الحديث‬ ‫المرتفعة ح ً‬
‫الشريف ‪ :‬بيدي لواء الحمد آدم فمن دونه تحت لوائي وهو لواء ينصب يوم القيامة طوله ألف سنة‬
‫له ثلث ذؤابات ذؤابة بالمشرق وأخرى بالمغرب وأخرى في الوسط )فهم( أي النبيون )منه( أي‬
‫ل وسلم وبارك عليه وعلى آله‬ ‫ى )واليه( أي راجعون ومنتسبون )وص ّ‬ ‫سا ومعن ً‬‫مستمدون ح ً‬
‫وصحبه عدد( بالنصب على الظرفية تنازع فيه الفعال الثلثة )ما خلقت( أي خلقك بمعنى‬
‫ت( أي الموات والحياء )إلى يوم( متعلق‬ ‫ت وأحيي َ‬‫مخلوقاتك )ورزقت( أي مرزوقاتك )وأم ّ‬
‫بالفعال الثلثة اعنى صل وسلم وبارك أو متعلق بمحذوف أي اجعل ذلك منتهًيا إلى يوم )تبعث‬
‫ت ومن تميت )وسلم تسليًما كثيًرا والحمد ل رب العالمين( ختمها بالحمد‬ ‫من أفنيت( أي من أم ّ‬
‫إشارة لعظم فضلها دددد ددددد دددد دددد ددد دد دددد‬
‫دد ددد دددددد دددد دددددد ددددددد ددد دد‬ ‫ددد‬
‫ددددد ددددددد ‪.‬‬
‫ثم شرع في صلة بحر الحقائق والعلوم سيدي عبد السلم بن بشيش بالباء الموحدة والميم فقال‬
‫ل( أي ارحم رحمة مقرونة بالتعظيم )على من( الموصول عائد على النبي ‪ ‬وأبهمه‬ ‫)اللهم ص ّ‬
‫للعلم به وإشارة لمزيد تعظيمه لن البهام قد يؤدي به للتعظيم كما في قوله تعالى ‪ ‬فغشيهم من اليم‬
‫ما غشيهم‪  ‬الحاقة ما الحاقة‪  ‬القارعة ما القارعة ‪) ‬منه انشقت السرار( صلة من أي انفتح باب‬
‫السرار وهي جمع سر ضد الجهر والمراد اتضح به كل ما كان خفّيا )وانفلقت النوار( أي انفتح‬
‫ل بانشقت وثانيا‬ ‫باب النوار الحسية والمعنوية وال في السرار والنوار للستغراق وتعبيره أو ً‬
‫بانفلقت تفنن دفًعا للثقل وهذا مأخوذ من حديث جابر المتقدم فالشياء قبل وجوده كانت مغلوقة أي‬

‫‪17‬‬
‫معدومة ففتحت أي وجدت بوجوده فتكون "من" ابتدائية أي نشأت من نوره أو تعليلية أي انشقت‬
‫السرار وانفلقت النوار من أجل وجوده )وفيه ارتقت الحقائق( أي في المصطفى ظهرت حقائق‬
‫الشياء فهو بمنزلة السماء والحقائق بمنزلة الكواكب )وتنزلت علوم آدم( أي وفيه نزلت علوم آدم‬
‫والمراد بعلوم آدم علم جميع السماء فصار ل ينظر شيًئا إل عرف اسمه فأعجز بذلك الملئكة‬
‫حيث أمرهم ال تعالى بقوله جل ذكره ‪‬أنبئوني بأسماء هؤلء إن كنتم صادقين‪ ‬فعجزوا فقال ‪‬يا آدم‬
‫أنبئهم بأسمائهم‪ ‬فجميع العلوم التي نزلت على آدم نزلت على المصطفى ‪ ‬وزاد علم حقائق‬
‫المسميات )فأعجز( جميع )الخلئق( أي المخلوقات ملئكة وغيرهم حتى آدم فعلم آدم لم يعجز إل‬
‫الملئكة وعلمه ‪ ‬أعجز الولين والخرين وإن قلت يلزم من علم السماء علم المسميات فل‬
‫ل ونبينا ‪ ‬علم السماء والمسميات‬ ‫فرق بين علم آدم ونبينا فالجواب أن آدم علم المسميات إجما ً‬
‫تفصيلً فلذلك ورد عنه ‪ ‬انه قال ‪ :‬رفعت لي الدنيا فأنا انظر فيها كما أنظر إلى كفي هذه‪) .‬وله‬
‫تضاءلت الفهوم( أي تصاغرت أفهام الخلئق عن إدراك حقيقة النبي ‪ ‬ولذلك قال ‪ : ‬ل‬
‫يعلمني حقيقة إل غير ربي ‪ .‬وهذا معنى قول البوصيري ‪:‬‬
‫للقرب والبعد فيه غير منفحم‬ ‫أعيا الورى فهم معناه فليس يرى‬
‫فلذلك علله بقوله )فلم يدركه منا سابق ول لحق ( أي معشر المخلوقين من أول الزمان إلى آخره‬
‫فلم يقف له أحد على حقيقة في الدنيا وأما في الخرة فتدرك حقيقته لكشف الحجاب عن الخلئق‬
‫قال البوصيري ‪:‬‬
‫س كما مثل النجوم الماء‬ ‫إنما مثلوا صفاتك للنـا‬
‫قوم نيام تسلوا عنه بالحلم‬ ‫وكيف يدرك في الدنيا حقيقته‬ ‫وقال في الُبردة ‪:‬‬
‫)فرياض الملكوت بزهر جماله مونقة( إضافة الرياض إلى ما بعده من إضافة المشبه به للمشبه‬
‫والرياض جمع روضة بمعنى بساتين والملكوت ما غاب عنا كالجنة والعرش والكرسي وإضافة‬
‫زهر للجمال من إضافة المشبه به للمشبه والزهر في الصل اسم للنور الذي يكون قي البساتين‬
‫مزينة بالزهر فالملكوت مزين بجماله وحاصل ما في المقام أن العوالم أربعة عالم الملك وهو ما‬
‫ظهر لنا وعالم الملكوت وهو غاب عنا من المحسوسات كالجنة والنار والعرش والكرسي وعالم‬
‫الجبروت وهو عالم السرار والعلوم والمعارف وعالم العزة وهو ما اختص ال به من علم ذاته‬
‫وصفاته )وحياض الجبروت بفيض أنواره متدفقة( جمع حوض وهو في الصل محل صب الماء‬
‫وتقدم أن الجبروت هو عالم السرار والعلوم والباء في بفيض بمعنى من والتدفق المتلء فشبه‬
‫قلوب العارفين بالحياض وشبه علومه بالبحر فتلك الحياض أي القلوب متدفقة ممتلئة من ذلك‬
‫البحر الذي هو علم النبي ‪ ‬والمعنى أن علوم الولين والخرين مكتسبه منه ‪) ‬ول شيء إل‬
‫وهو به منوط( أي معلق أي ل موجود إل وهو مستمد من وجوده ‪ ‬لنه أصل الشياء وأمها )إذ‬
‫لول الواسطة لذهب كما قيل الموسوط( هذا علة لقوله ول شيء إل وهو به منوط وذلك لنه‬
‫الواسطة العظمى في وجود المخلوقات وليس المراد من قوله "قيل" صيغة التضعيف وإنما المراد‬
‫ل قوًيا يعتمد عليه ومنه قول بعضهم‪:‬‬ ‫النسبة أي كما قال العارفون قو ً‬
‫أتاه من غيرك ل يدخل‬ ‫وأنت باب ال أي امرئ‬
‫)صلة تليق بك منك إليه كما هو أهله( صلة مفعول مطلق لقوله صل وما بينهما اعتراض وقوله‬
‫تليق بك أي بجنابك وإحسانك ومنك إليه أي واصلة منك إليه وقوله هو أهله الكاف تعليلية أي‬
‫لجل أنه أهله لنه ل يعرف قدره إل أنت ) اللهم( أي بال )إنه( أي المصطفى )سرك( أي‬

‫‪18‬‬
‫المسمى بهذا السم )الجامع ( أي لجميع ما تفرق في غيره من الكمالت والعلوم والمعارف‬
‫ل عليك( أي الذي يدل الخلئق ويوصلهم إليك فمنهم من دله بواسطة‬ ‫والبركات والمعجزات ) الدا ّ‬
‫كالمم السابقة لنه دلهم بواسطة النبياء لكونهم نوابه ومنهم من دله بغير واسطة وهم من وجد في‬
‫زمنه إلى يوم القيامة ) وحجابك العظم( أي المانع العظم فهو حجاب بين ال وبين خلقه فل‬
‫يمكن أحًدا الوصول ل إل بواسطته أو حجاب بمعنى مانع المضار الدنيوية والخروية عن أمته‬
‫والعظم صفة لحجاب ووصفه بالعظم لن النبياء حجب ايضا لممهم فهو أعظمهم وكذا الشيخ‬
‫حجاب لتلميذه فتلك حجب خاصة والمصطفى هو الحجاب الكلي ويسمى بالبرزخ الكلي لكونه‬
‫خا بين الخلق وربهم كما تقدم )القائم لك بين يديك( أي الداعي الخلق إليك من غير‬ ‫حجاًبا وبرز ً‬
‫واسطة بينك وبينه والمراد أنه قائم بحضرة القرب المعنوي منهمك في طاعتك ولما استحضر‬
‫عظمة المصطفى بتلك الوصاف المتقدمة التي لم تكن لمخلوق سواه تضرع بقوله )اللهم( أي يا‬
‫ال )ألحقني( أوصلني )بنسبه( هو دين السلم ولذا قال ‪ : ‬آل محمد كل تقي ‪) .‬وحققني بحسبه(‬
‫المراد بالحسب هنا التقوى أي ارزقنا تقواك بطاعتك وطاعة رسولك فأكون محقًقا بها فإن الحسب‬
‫ما يفتخر به من مكارم الخلق قال تعالى ‪  :‬إن أكرمكم عند ال أتقاكم‪ ‬وقال البوصيري في‬
‫حق آل بيت النبي ‪:‬‬
‫سودته البيضاء والصفراء‬ ‫سدتم الناس بالتقى وسواكم‬
‫)وعرفني إياه( أي يا ال عرفني ذلك الحبيب )معرفة( مفعول مطلق لقوله عرفني )أسلم بها( أي‬
‫بسبب تلك المعرفة )من موارد الجهل( الموارد جمع مورد وهو مكان ورود الماء والجهل ضد‬
‫العلم والمراد الجهل الضار في الدين فشبه الجهل بماء من سم فكما أن السم مهلك للبدان الجهل‬
‫مفسد للديان )وأكرع( أشرب )بها( أي بتلك المعرفة )من موارد الفضل( ضد الجهل فقد شبه‬
‫العلم النافع بالماء الزلل بجامع أن كل فيه حياة فإن العلم فيه حياة القلوب والرواح والماء فيه‬
‫ل من الجهل والفضل استعارة بالكناية وإثبات الموارد تخييل‬‫حياة الجساد والشباح ففي ك ٍ‬
‫ل محفوًفا بنصرتك( الحمل في الصل هو الركوب والسبيل‬ ‫)واحملني على سبيله إلى حضرتك حم ً‬
‫الطريق فقد شبه الطريق بداية تركب إلى دار الملك وطوى ذكر المشبه به ورمز له بشيء من‬
‫ظا من كل عائق حتى‬ ‫ل بشريعته محفو ً‬ ‫لوازمه وهو الحمل والمعنى اسلك بي طريقته واجعلني عام ً‬
‫أصل إليك بعنايتك )واقذف بي على الباطل فأدمغه( أي اجعل الحق معي ومصحوبًا بي فأذهب به‬
‫الباطل قال تعالى ‪‬بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق‪ ‬والباطل هو كل مشغل عن‬
‫ال تعالى والمعنى اجعلني مهدًيا في نفسي مهدًيا لغيري )وزج بي في بحار الحدية( أي أدخلني‬
‫في توحيد الحدية الشبيه بالبحر وهو الفناء عن سوى الذات العليا فل يشهد سواها في ظاهره‬
‫وباطنه ويقال لصاحبها هو في مقام الفناء وفي عين الجمع المعبر عنه بتجريد التوحيد )وانشلني(‬
‫أي خلصني سريًعا )من أوحال( مخاوف )التوحيد( إنما قال ذلك عقب قوله وزج بي الخ لن‬
‫صاحب الفناء إن لم تدركه العناية أنكر ثبوت الثار ومنها الرسل وما جاؤا به والعالم برمته كما‬
‫لج ‪ :‬ما في الجبة إل ال ‪ .‬لنه مشاهد للذات بدون السماء والصفات والعوالم نشأت‬ ‫قال الح ّ‬
‫بمظهرها ومعنى تخليصه من تلك الوحال نقله لمقام البقاء فلذلك قال )وأغرقني( أي اجعلني‬
‫مستغرقا )في عين( أي ذات )بحر( أي توحيد )الوحدة( وهو شهود الذات متصفة بالصفات ويسمى‬
‫صاحبه في مقام البقاء وفي مقام جمع الجمع فيستدل على الصنعة بالصانع لكونه ل يشهد إل ال‬
‫وصفاته والصنعة آثار صفاته فلذلك قال )حتى ل أرى ول أسمع ول أجد ول أحس إل بها( فيكون‬

‫‪19‬‬
‫جامًعا بين مقام الفناء ومقام البقاء كمن أحيي بعد الموت قال أبو الحسن الشاذلي ‪ :‬من لم يتغلغل‬
‫في علومنا مات مصًرا على الكبائر ‪ .‬والمراد به من لم يجمع بين المقامين الفناء ثم البقاء وقال‬
‫العارف بال سيدي محمد بن وفا ‪:‬‬
‫فعلمك ل جهل وفعلك ل وزر‬ ‫وبعد الفناء في ال كن كيفما تشا‬
‫)تنبيه( قد علم مما تقدم من قوله واحملني على سبيله إلى هنا ثلث مقامات مقام المحجوبين‬
‫السائرين إلى ال المستدلين بالصنعة على الصانع أفاده بقوله واحملني على سبيله إلى حضرتك‬
‫إلى آخره ومقام أهل الفناء المحض الذين غرقوا في توحيد الحدية فلم يشهدوا سوى ذات ال‬
‫تعالى وقد أفاده بقوله وزج بي في بحار الحدية ولما كان مقام سكر وخروج عن طور البشرية‬
‫وعن حد التكليف قال وانشلني الخ ومقام أهل البقاء بعد الفناء وهم الذين يشاهدون الصنعة بوجود‬
‫الصانع لكونهم شهدوا قبل كل شيء ذات مولهم وصفاته وأسماءه وقد أفاده بقوله وأغرقني في‬
‫عين بحر الوحدة الخ وهذا معنى حديث ‪ :‬دد دددد دددد ددددد دددد‬
‫دددددددد ددد دددد دددد دددددد ددد دددد دددد‬
‫دددد دد ددددد دددد دددد دد دددد دددد دددد ددد‬
‫ددددد دددد دددد ددد ددد فأشار في الحديث إلى مقام السائرين بقوله ول‬
‫يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل والى مقام الفناء المحض بقوله حتى أحبه والى مقام البقاء بقوله‬
‫فإذا أحببته كنت سمعه الخ ومعناه كنت مشهوده قبل سمعه ومسموعه وبصره ومبصره ويده‬
‫وبطشها ورجله ومشيها لكونه يشهدني قبل كل شيء وهذه آثاري ل ترى له إل بعد شهودي وهو‬
‫معنى قول بعض العارفين عن الحضرة العلية ‪:‬‬
‫فانظروا بعدنا إلى الثار‬ ‫تلك آثارنا تدل علينا‬
‫فقوله تلك آثارنا أمرنا بالسير لمن يستدل بالصنعة على الصانع وقوله فانظروا بعدنا أي بعد الفناء‬
‫فينا بسيركم إلينا إلى الثار أي فاشهدوا آثارنا بعد شهودنا وهذا مقام البقاء وهذا المعنى هو الذي‬
‫قال فيه سيدي عبد الغني النابلسي ‪:‬‬
‫حلية الحسن المهيب‬ ‫كل شيء عقد جوهر‬
‫ولما كان كمال العبودية وكمال التوحيد والمعرفة ل يتم لصاحبه إل بالستقاء من يد المصطفى ‪‬‬
‫قال )واجعل الحجاب العظم حياة روحي( المراد بالحجاب هو المصطفى ‪ ‬كما تقدم انه يسمى‬
‫الحجاب العظم وبالبرزخ الكلى وبغير ذلك والمعنى مد روحي من النبي كما تمد العود الخضر‬
‫من الماء فكما أن المياه حياة البدان والنباتات هو ‪ ‬حياة الرواح وروحها فالرواح التي ل‬
‫تشاهده ول تستقي منه كأنها أموات وهي أرواح أهل الكفر والعصيان )وروحه سر حقيقتي( أي‬
‫اجعل روحه ذاكرة لنسانيتي في المل العلى وجد لي بكل خير لني إذا لم يتوجه إلي خسرت‬
‫وندمت )وحقيقته جامع عوالمي( أي اجعل جميع أجزائي مشغولة به ظاهرا وباطنا ول أتعلق‬
‫بغيره بل أكون تابعا له في كل ما أمر به ونهى عنه كما قال أبو الحسن الشاذلي ‪ : ‬لو غاب‬
‫عني رسول ال ‪ ‬طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين ‪) .‬بتحقيق الحق الول( أي العهد‬
‫الول يوم ‪‬ألست بربكم‪ ‬يحتمل أن تكون الباء للقسم والمعنى اقسم عليك يا رب بتحقيق الحق الول‬
‫أن تستجيب لي ما دعوتك به ويحتمل أن الباء للمصاحبة متعلقة بالدعوات المتقدمة من قوله وزج‬
‫بي إلى هنا فيصير المعنى وزج بي في بحار الحدية زجة موافقة لتوحيدي الول وانشلني من‬
‫أوحال التوحيد نشلة مصاحبة للتوحيد الول وأغرقني في عين بحر الوحدة غرقة موافقة للتوحيد‬

‫‪20‬‬
‫الول واجعل الحجاب العظم حياة روحي جعل مصاحبا للتوحيد الول وهكذا )يا أول( الذي ليس‬
‫قبله شيء أو الذي ل افتتاح لوجوده )يا آخر( الذي ليس بعده شيء أو الذي ل انقضاء لوجوده )يا‬
‫ظاهر( الذي ليس فوقه شيء أو الذي ظهر بصنعه وأفعاله )يا باطن( الذي ليس دونه شيء أو‬
‫الذي تحجب بجلله )اسمع ندائي( سماع قبول وإجابة )بما سمعت به نداء عبدك زكريا( أي بمثل‬
‫ما سمعت به نداء عبدك زكريا حيث قال ‪ ‬رب ل تذرني فرًدا وأنت خير الوارثين‪ ‬قال تعالى ‪‬‬
‫فاستجبنا له ووهبنا له يحيى‪ ‬عليهما الصلة والسلم وإنما خص زكريا دون غيره من النبياء لنه‬
‫طلب أمرا عظيًما وهو يحيى ‪ ‬فورثه في النبوة والعلوم والمعارف فطلب الشيخ من ال أن يهبه‬
‫ي فورثه في الطريق‬ ‫خليفة وارثا له مثل خليفة زكريا فأعطاه ال القطب الكبير أبا الحسن الشاذل ّ‬
‫والعلوم والمعارف )وانصرني بك( أي قوني بحولك وقوتك )لك( أي لوجهك ل لغراض نفسي‬
‫)وأيدني بك( أي يسر من عندك وقوة وإيمان وصبر على البلء بحيث تصير البليا عطايا فأصبر‬
‫شاكًرا على السراء حامًدا على الضراء )لك( أي لمرضاتك )واجمع بيني وبينك( أي أزل حجاب‬
‫الغفلة وكل شاغل يشغلني عنك ول تحجبني عن مشاهدتك طرفة عين )وحل بيني وبين غيرك(‬
‫من كل قاطع يقطعني عنك فالجمل الربع متقاربة والدعاء محل إطناب ) ال ال ال( كرره ثلثا‬
‫إشارة إلى أن المراتب ثلثة توحيد الفعال والصفات والذات فإذا قال ال شاهد أفعاله في خلقه وإذا‬
‫قالها ثانيا شاهد الصفات فيشاهد أن ال متصف بكل كمال وإذا قالها ثالثا ارتقى لمشاهدة الذات‬
‫فيشهدها بدون الصفات وهي مرتبة أهل الفناء أو مع الصفات والفعال وهي مرتبة أهل البقاء‬
‫وقيل الحكمة في ذلك أن النبي ‪ ‬كان يلقن أصحابه الذكر ثلثا وقيل الحكمة في ذلك أن درج‬
‫المنبر النبوي ثلث فكان النبي ‪ ‬كلما صعد على درجة قال ال‪ .‬فاقتدى به وقيل الحكمة في ذلك‬
‫أن ال وتر وقيل أن الحكمة في ذلك أن النفوس ثلثة أمارة ولوامة ومطمئنة فإذا قال ال أول خرج‬
‫من المارة وإذا قال ال ثانيا خرج من اللوامة وإذا قالها ثالثا وصل إلى المطمئنة ) ‪ ‬إن الذي‬
‫فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد‪ (‬الحكمة في ذكر الية أن الية قيلت للنبي فكأن المصنف‬
‫يقول ‪ :‬أصدقت وعد حبيبك فأصدق وعدي بأن تلحقني به ) ‪ ‬ربنا آتنا من لدنك رحمة‪ (‬أي‬
‫أعطنا رحمة من عندك )‪ ‬وهيئ لنا من أمرنا رشدا‪ (‬أي يسر لنا والرشاد ضد الضلل والغي )‬
‫‪ ‬إن ال وملئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما‪ (‬ختم بهذه‬
‫الية دليل لصلته فكأنه يقول إنما وضعت تلك الصيغة وصليت بها على النبي وذكرته بتلك‬
‫الوصاف لن ال وملئكته يصلون على النبي والمؤمنون جميعا مأمورون بذلك فاقتديت وامتثلت‬
‫لحوز الشرف ‪ .‬ثم شرع المؤلف في صلة سيدي إبراهيم الدسوقي بحر الحقيقة والشريعة نفعنا‬
‫ال به فقال )اللهم صل على الذات المحمدية( أي المسماة بهذا السم أزل وفيه نسبة المسمى إلى‬
‫السم وسميت بذلك لكونها أكثر المخلوقين حامدية ومحمودية )اللطيفة( ضد الكثيفة ووصفت بذلك‬
‫لكونها نورانية )الحدية( أي العديمة المثيل والنظير والشبيه في الذات والصفات من سائر‬
‫المخلوقين كما قال البوصيري ‪:‬‬
‫فجوهر الحسن فيه غير منقسم‬ ‫منزه عن شريك في محاسنه‬
‫)شمس( أي نور )سماء السرار( أي السرار الشبيهة بالسماء فهو شمسها أي نورها أي كاشفها‬
‫كما تكشف الشمس ما كان مخبأ وإنما شبهت السرار بالسماء لبعدها عن الدراك )ومظهر‬
‫النوار( أي محل ظهور النوار الحسية والمعنوية كما تقدم لك في حديث جابر )ومركز( بكسر‬

‫‪21‬‬
‫الكاف كمسجد موضع الثبوت كما في المصباح وينقاس فيه الفتح لنه من باب قتل )مدار( أي‬
‫محل دوران )الجلل( عبارة عن العظمة والكبرياء فقد شبه تجلى الجلل بفلك يدور حول مركزه‬
‫وطوى ذكر المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو مدار فإثباته تخييل والمراكز ترشيح‬
‫)وقطب( هو ما يدور عليه غيره كالمركز )فلك الجمال( من إضافة المشبه به للمشبه والقطب‬
‫ترشيح له والجمال عبارة عن تجلي الحق بالرحمة واللطف والحسان والمعنى المراد هنا أن‬
‫طا للتجلي الجللي والجمالي فكل جلل في الخلق واصل من جلله‬ ‫المصطفى ‪ ‬جعله ال مهب ً‬
‫وكل جمال في الخلق واصل من جماله )اللهم( أي يا ال أقسم عليك )بسره لديك( أي بروحه عندك‬
‫)وبسيره إليك( أي توجهه وقصده لذاتك العلية )آمن خوفي( أي أعقب خوفي من هول الدنيا‬
‫والخرة ومن كل سوء أمنا بحيث أكون من عبيدك الخواص الذين قلت فيهم ‪ ‬أل إن أولياء ال ل‬
‫خوف عليهم ول هم يحزنون ل يحزنهم الفزع الكبر ‪) ‬وأقل عثرتي( أي سامحني واعف عني في‬
‫زلتي الشبيهة بالسقوط الحسي فالعثرة بالسكون السقوط في الشيء ويجمع على عثرات بالفتح‬
‫)وأذهب حزني( هو ضد السرور )وحرصي( أي رغبتي فيما سواك )وكن( أي كن معينا ومغيثا‬
‫)لي( في مهمات الدين والدنيا والخرة )وخذني إليك مني( أي غيبني بك عن حسي بحيث تجعلني‬
‫مشاهدا لحديتك فأكون فانيا عن نفسي وغيري فلذلك قال )وارزقني الفناء عني( بحيث ل أرى‬
‫فعل ول صفة ول ذاتًا وهذا هو مقام السكر لكن لما كان خطره عظيما طلب النتقال عنه إلى مقام‬
‫البقاء حيث طلب ما يلزمه بقوله )ول تجعلني مفتونا بنفسي ( أي بمشاهدتها من غير شهودك قبلها‬
‫لنه مقام المحجوبين وقال بعض العارفين ‪ :‬رؤيتك نفسك ذنب ل يقاس به ذنب ‪ .‬وقال داود ‪‬‬
‫كيف الوصول إليك يا رب قال خل نفسك وتعالى ‪) .‬محجوًبا بحسي( أي ول تجعلني محجوبا‬
‫بحواسي ومشاعري من عقل وسمع وبصر وشم وذوق بحيث أشاهدها من غير شهودك قبلها ومن‬
‫هنا قال العارفون‪ :‬ل يكمل العبد حتى يرى ال في كل شيء وقد تقدم أيضا إيضاح ذلك ولما كان‬
‫بعد الكمال من العبد العطايا من الرب قال ) واكشف لي عن كل سر مكتوم ( أي من السرار التي‬
‫تليق بغير النبياء )يا حي يا قيوم( خص هذين السمين لما قيل إنهما اسم ال العظم ‪.‬‬
‫ثم شرع المؤلف ‪ ‬في صيغة أولي العزم فقال )اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ( قدمه‬
‫لنه سيد الجميع )وآدم( قدمه على ما بعده لتقدمه في الوجود )ونوح( قدمه على ما بعد لتقدمه في‬
‫الوجود ايضا )وإبراهيم( قدمه على ما بعده لتقدمه في الزمان وفي الفضل )وموسى( قدمه لتقدمه‬
‫في الزمان والفضل )وعيسى( ختم به لنه خاتم أنبياء بني إسرائيل )وما بينهم من النبيين‬
‫والمرسلين صلوات ال وسلمه عليهم أجمعين( نقل صاحب الدلئل أن من قرأ هذه الصيغة ثلث‬
‫مرات فكأنما ختم الكتاب يعني دلئل الخيرات وخص هؤلء الخمسة من النبياء لنهم أولو العزم‬
‫ولنهم مشاهير الرسل وذكر معهم آدم لنه أبو الجميع وسمى بهذا السم لنه مأخوذ من أديم‬
‫الرض أي من جميع أجزائها ومكث أربعين عاًما طينا وأربعين عاما حمأ مسنونا أي طينا منتًنا‬
‫ل أي فخار كأنه حرق بالنار من حر الشمس والهواء وعاش بعد نزوله من‬ ‫وأربعين عاما صلصا ً‬
‫الجنة ألف عام وما مات حتى وجد من ذريته مائة ألف نفس يتمشون في الرض بأنواع السباب‬
‫ثم توفي في يوم الجمعة ودفنه ولده شيث بمكة بجبل أبي قبيس فلما جاء الطوفان حمله نوح في‬
‫السفينة فلما ذهب الطوفان رده لمكة ولم يعرف بعد ذلك قبره وكذلك حواء معه وما قيل إن حواء‬
‫مدفونة بجدة لم يثبت وولدت له أربعين بطنا في كل بطن ذكر وأنثى وكان يزوج ذكر بطن لنثى‬
‫بطن أخرى فكانت شريعته هكذا والذرية المذكورة كلها من شيث وباقي أولد الصلب لم يخلفوا ‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫وعظم فضل هذه الصيغة لكونها جمعت النبياء إجمال وتفصيل وكانت قراءتها ثلث مرات تعدل‬
‫دلئل الخيرات كما تقدم‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة صلة الملئكة فقال )اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا جبريل وميكائيل‬
‫واسرافيل وعزرائيل وحملة العرش وعلى الملئكة المقربين وعلى جميع العظم والمرسلين‬
‫صلوات ال وسلمه عليهم أجمعين ( تقديم الملئكة هنا على العظم مراعاة للترتيب الوجودي‬
‫وإل فالنبياء والرسل أفضل من الملئكة عند أهل السنة وخص الربعة ذكر لنهم أشرف الملئكة‬
‫ورؤساؤهم لن جبريل أمين الوحي وميكائيل أمين المياه والرزاق واسرافيل أمين الصور‬
‫وعزرائيل موكل بقبض الرواح وحملة العرش في الدنيا أربعة أشخاص وقيل صفوف ويوم‬
‫القيامة ثمانية قال تعالى ‪ ‬ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ‪ ‬وقوله وعلى الملئكة المقربين‬
‫من عطف العام على الخاص والمقربين وصف كاشف لن الجميع مقربون وإنما يتفاوتون في‬
‫زيادة القرب وهم أجساد نورانية أو مخلوقون من النور ل يأكلون ول يشربون ول ينامون ول‬
‫َينكحون ول ُينكحون ول يوصفون بذكورة ول بأنوثة و‪‬ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما‬
‫يؤمرون‪ ‬لهم القدرة على التشكلت بالصور الجميلة ول تحكم عليهم الصورة على الفعال العظيمة‬
‫كقلع الجبال مثل ول يموتون إل بالنفختين يسكنون العالم العلوي وينزلون إل لتدبير العالم على‬
‫حسب مناصبهم وهم أكثر المخلوقات عددا فعوالم البر والبحر بالنسبة لهم كشعرة بيضاء في ثور‬
‫أسود وما يعلم جنود ربك إل هو‪.‬‬
‫ثم شرع المؤلف ‪ ‬في صيغة وجدت على حجر بخط القدرة وهي صلة نور القيامة وسميت‬
‫بذلك لكثرة ما يحصل لذاكرها من النوار في ذلك اليوم وذكر بعض العارفين أن قراءتها تعدل‬
‫أربعة عشر ألف صلة فقال ) اللهم صل على سيدنا محمد بحر أنوارك( من إضافة المشبه به‬
‫للمشبه أو انوارك الول هي كالبحر فجميع الخلئق تقتبس من النوار كما يغترفون من البحر قال‬
‫البوصيري‪:‬‬
‫أنت مصباح كل فضل فما تصــــــــــــــــــدر إل عن ضوئك الضواء‬
‫)ومعدن( بفتح الدال وكسرها أو مكان )أسرارك( فعطفه على ما قبله من عطف الخاص على العام‬
‫)ولسان حجتك( أو دليلك فشبه الدليل بإنسان وطوى ذكر المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه‬
‫وهو لسان )وعروس( مزين )مملكتك( أو ملكك دنيا وأخرى )وإمام(أهل )حضرتك( من ملئكة‬
‫وأنبياء وأولياء)وطراز ( مزين )ملكك( كما يزين الطراز الثوب )و(مفاتيح )خزائن( أماكن‬
‫صل )شريعتك( لن‬ ‫)رحمتك( انعاماتك دنيا وأخرى أو فمفاتيحها بيده ‪) ‬وطريق( أو المو ّ‬
‫الشرع ما جاءنا إل منه ‪) ‬المتلذذ بتوحيدك( أو ما جعلت لذته إل في ذكرك وشكرك وشهودك‬
‫ومن هنا قال ‪: ‬جعلت قرة عيني في الصلة ولي وقت ل يسعني فيه غير ربي ) إنسان عين‬
‫الوجود( إنسان العين في الصل ناظرها ففي الكلم استعارة بالكناية حيث شبه الوجود بإنسان ذي‬
‫عين والنبي ناظر تلك العين وطوى ذكر المشبه به ورمز له بلزمة وهو عين وإنسان ترشيح‬
‫والمعنى أن الوجود لوله لتصف بالعمى والمراد به العدم لما في الحديث ‪ :‬لولك ما خلقت سماًء‬
‫سا ول جًنا ول ملًكا الخ قال البوصيري‪:‬‬ ‫ضا ول إن ً‬
‫ول أر ً‬
‫لوله لم تخرج الدنيــــــا من العدم‬ ‫وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من‬
‫ولذلك قال )والسبب في كل موجود( أو هو المادة لكل موجود لنهم مخلوقون من نوره كما تقدم‬
‫في حديث جابر )عين( خيار )أعيان( أخيار )خلقك( مخلوقاتك أو فهو خيار الخيار ويشهد له قوله‬

‫‪23‬‬
‫‪ : ‬إن ال اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى بني هاشم من‬
‫قريش واصطفاني من بني هاشم فأنا خيار من خيار من خيار )المتقدم( في الوجود )من نور‬
‫ضيائك( أو من نورك الذي خلقته بل واسطة والنور والضياء بمعنى واحد فالضافة بيانية‬
‫ل )تدوم بدوامك( أو مع دوامك والمعنى اللهم ارحمه رحمة ل‬ ‫)صلة( مفعول مطلق لقوله ص ّ‬
‫انقضاء لها )وتبقى ببقائك( بمعنى ما قبله )ل منتهى لها دون علمك( أو ل يحيط بها غير علمك‬
‫لعدم انقضائها )صلة ترضيك( أو تحبها له لكونه لئقة بجنابه )وترضيه( أو تجعله قابل لها‬
‫وراضيا بها عنا )وترضى بها( أو بسببها )عنا يا رب العالمين( ورضا ال هو إنعامه أو إرادة‬
‫إنعامه‪.‬‬
‫دد ددد دد دددد دد ددددددد ددد دددد ددد ددد‬
‫ددددد ددددد دددد دددددد ددددددد ددددد نننن‬
‫ل على سيدنا محمد عدد ما في علم ال( من الموجودات قديمها‬ ‫ننننننن فقال ) اللهم ص ّ‬
‫وحادثها أو ما أحاط به العلم مطلقا من الواجبات والجائزات والمستحيلت )صلة دائمة بدوام ملك‬
‫ال( أو ل انقضاء لها أبًدا لن ملك ال ل يزول ول يحول )ثلثا( أو تكررها ثلثا وهذه أول‬
‫الثلثيات‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة تسمى صلة النجاة وتفريج الكروب قال السمهودي في جواهر العقدين في‬
‫فضل الشرفين ‪ :‬من أراد النجاة من الطاعون فليكثر منها ومن قالها في نازلة أنبياء مهم ألف مرة‬
‫فّرج ال عنه وأدرك مأموله ‪ .‬وقال الفاكهاني في كتابه الفخر المنير ‪ :‬أخبرني الشيخ صالح‬
‫ل من ينجو منها فأخذتني سنة من النوم فرأيت‬ ‫الضرير أنه ركب البحر قال فقامت علينا ريح ق ّ‬
‫ل على محمد الخ فاستيقظت وأخبرت‬ ‫النبي ‪ ‬وهو يقول لي قل لهل المركب يقولون اللهم ص ّ‬
‫أهل المركب فصلينا نحو الثلثمائة ففرج ال عنا ‪ .‬وقال المام المّلوى ‪ :‬من قالها خمسمائة مرة‬
‫نال ما يريد إن شاء ال تعالى فقال )اللهم صل عل سيدنا محمد صلة تنجينا( أو تخلصنا )بها ( أو‬
‫بسببها )من جميع الهوال( جمع هول وهو ما يفزع الشخص )والفات( جمع آفة وهي العاهة‬
‫وكل مضر في الدين والدنيا والخرة وإضافة جميع لما بعده من إضافة المؤكد للمؤكد )وتقضي لنا‬
‫بها جميع الحاجات( الدنيوية والخروية )وتطهرنا بها من جميع السيئات( الكبائر والصغائر‬
‫)وترفعنا بها أعلى الدرجات( أو التي تليق بغير النبياء )وتبلغنا( أو توصلنا )بها أقصى( أو أبعد‬
‫)الغـايـات( النهايات )من جميـع الخيرات( التي تمكن لغير النبياء )في الحيـاة وبعد الممـات(‬
‫راجـع لجميـع ما تقدم )ثـلثا( أو تقولها ثلثا ‪.‬‬
‫ثم شرع في الصيغـة الرضـائيـة قال بعضهم من قالها سبعين مرة استجيب دعاؤه بعدها فقال )‬
‫ل على سيدنا محمد صلة الرضا ( أو الصلة الكاملة التي ترضيك وترضيه ) وارض‬ ‫اللهم ص ّ‬
‫ل عليه أعلى الصلوات وارض عن‬ ‫عن أصحابه رضاء الرضا( أو الرضا الكامل والمعنى ص ّ‬
‫أصحابه أعلى الرضات وعنوان الرضا وإن عظم ل يبلغ أصل الصلة وقد طلب للنبي أعلى‬
‫الصلوات ولصحابه أعلى الرضات فل يقال أن رضاء الرضا أعلى من صلة الرضا )ثلثا(‬
‫ل وسلم وبارك على‬ ‫ثم شرع في صيغة الرءوف الرحيم وهي من أشرف الصيغ فقال )اللهم ص ّ‬
‫سيدنا محمد الرءوف(بالمد والقصر أي شديد الرحمة )الرحيم( اقتباس من قوله تعالى ‪ ‬بالمؤمنين‬
‫رءوف رحيم‪ ‬والرحمة في حق المصطفى هي رقته لمته وإحسانه لهم دنيا وأخرى )ذي( أي‬
‫صاحب )الخلق( بضمتين أو طبعه وجبلته )العظيم( الذي فاق كل الخلق قال تعالى ‪ ‬وإنك لعلى‬

‫‪24‬‬
‫خلق عظيم‪) ‬وعلى آله وأصحابه وأزواجه( جمع زوج وهي نساؤه أمهات المؤمنين بالنكاح أو‬
‫الملك وقد دخل رسول ال باثنتي عشرة من النساء أولهن خديجة بنت خويلد وبعد موتها تزوج‬
‫باقيهن وتوفى ‪ ‬عن تسع جمعهن بعضهم بقوله ‪:‬‬
‫إليهن تعزى المكرمات وتنسب‬ ‫توفى رسول ال عن تسع نسوة‬
‫وحفصة تتلوهن هند وزينب‬ ‫وصفيـة‬ ‫فعائشــة ميمونة‬
‫ثلث وست نظمهن مهذب‬ ‫جويريـة مع رملـة ثم سودة‬
‫)في كل لحظة( تنازعه كل من الفعال الثلثة وكذا قوله )عدد كل حادث وقديم ثلثا( الحادث ما‬
‫سوى ال تعالى والقديم ذات ال تعالى وصفاته التي ل تتناهى ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة تسمى صلة الفاتح تنسب لسيدي محمد البكري وذكر أن من صلى بها مرة‬
‫واحدة في عمره ل يدخل النار قال بعض سادات المغرب أنها نزلت عليه في صحيفة من ال وأن‬
‫من قرأها مرة تعدل ثواب ست ختمات قرآنية وأن النبي ‪ ‬أخبرني بذلك اه ‪ .‬وهذا القول إن‬
‫صح يجب تأويله وقال بعضهم المرة منها تعدل عشرة آلف وقيل ستمائة ألف من داوم عليها‬
‫أربعين يوًما تاب ال عليه من جميع الذنوب ومن تلها ألف مرة في ليلة الخميس أو الجمعة أو‬
‫الثنين اجتمع بالنبي ‪ ‬وتكون التلوة بعد صلة أربع ركعات يقرأ في الولى سورة القدر ثلثا‬
‫وفي الثانية الزلزلة كذلك وفي الثالثة الكافرون كذلك وفي الرابعة المعوذتين كذلك ويبخر عند‬
‫ل وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح لما ُأغِلق(‬ ‫التلوة بعود اه وإن شئت فجرب فقال )اللهم ص ّ‬
‫بضم الهمزة وكسر اللم مبنيا للمفعول والغلق ضد الفتح يقال أغلق الباب إذ قفل ويستعار لما‬
‫صعب وتعذر الوصول إليه من المعاني والحكام فالمعنى انه ‪ ‬فتح ما كان غير مفتوح من‬
‫الشرائع لن رسالته كانت بعد الفترة زمن الجاهلية وفتح ال به على عباده أنواع الخيرات وأبواب‬
‫السعادة الدنيوية والخروية فكل الرزاق من كفه وفي الحديث ‪ :‬أوتيت مفاتيح خزائن السموات‬
‫والرض ‪ .‬أو التي قال ال فيها ‪ ‬له مقاليد السموات والرض‪ ‬أي مفاتيحها فقد أعطاه لحبيبه ‪‬‬
‫وفي الحديث أيضا ‪ :‬ال المعطي وأنا القاسم ‪ .‬أو المعنى أن ال فتح به باب الوجود فهو أول صادر‬
‫من ال تعالى ولوله لم يخلق شيء والتعميم أولى )والخاتم( بالفتح والكسر )لما سبق( من النبوة‬
‫والرسالة فإنه ل نبي بعده ول رسول يجدد شريعته وعيسى عليه الصلة والسلم إذا نزل من‬
‫السماء يكون على شريعة نبينا ومن أمته كما أن الخضر وإلياس على القول بحياتهما يعبدان ال‬
‫بشريعته ومن أمته )والناصر( وفي رواية بغير واو )الحق( أي الدين الثابت عند ال الذي قال ال‬
‫تعالى فيه ‪‬ومن يبتغ غير السلم دينا فلن يقبل منه ‪ ‬والحق إما مجرور بالضافة أو منصوب على‬
‫المفعولية بالناصر لن إضافته لفظية قال ابن مالك ‪:‬‬
‫إن وصلت بالثان كالجعد الشعر‬ ‫ووصل أل بذا المضاف مغتفر‬
‫)بالحق( أو بالمر الحق أو في نصره لدينه ‪ ‬ملزم للحق ودائر معه ومقوي الدين الحق‬
‫بالحجج الحق وبالقتال الحق المأمور به من حضرة ال أنبياء المراد بالحق الثاني هو ال ‪ ‬لنه‬
‫اسم من أسمائه فيكون المعنى المؤيد الدين بربه قال تعالى ‪‬وما النصر إل من عند ال‪) ‬والهادي(‬
‫أو الدال )إلى صراطك المستقيم( أو الدين الحق الذي ل اعوجاج فيه قال ‪ : ‬ضرب ال مث ً‬
‫ل‬
‫صراطا مستقيًما وعلى جنبي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة على البواب ستور مرخاة‬
‫وعلى باب الصراط داع يقول يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميًعا ول تتعرجوا وداع من فوق‬
‫الصراط فإذا أراد النسان أن يفتح شيًئا من تلك البواب قال ويحك ل تفتحه فإنك إن فتحته تلجه‬

‫‪25‬‬
‫فالصراط السلم والسوران حدود ال والبواب المفتحة محارم ال وذلك الداعي على رأس‬
‫الصراط كتاب ال والداعي من فوق واعظ ال ‪ ‬في قلب كل مسلم ‪ .‬رواه المام احمد الترمذي‬
‫والنسائي والحاكم وغيرهم عن النواس بن سمعان )صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه حق( أو‬
‫منتهى )قدره( أي رتبته ومقامه )ومقداره( بمعنى ما قبله )العظيم( وصف كاشف وفي رواية‬
‫اسقاط ‪ ‬وفي رواية وعلى اله وصحبه وسلم )ثلثا( ‪.‬‬
‫ثم شرع في صلة النور الذاتي وهي لبي الحسن الشاذلي ‪ ‬ونفعنا ال به وهي بمائة ألف صلة‬
‫ل وسلم وبارك على سيدنا محمد النور الذاتي( أي‬ ‫وعّدتها خمسمائة لتفريج الكرب فقال )اللهم ص ّ‬
‫نور ذات ال أي الذي خلقه ال بل مادة لنه مفتاح الوجود ومادة لكل موجود كما تقدم لك في‬
‫حديث جابر )والسر( ضد الجهر ) الساري( أي الجاري ) في سائر ( أو جميع ) السماء( أو‬
‫أسماء الخلق باعتبار مسمياتها )والصفات( أو للخلق فيكون المعنى الممد لجميع ذوات الخلئق‬
‫وصفاتهم ويحتمل أن المراد أسماء ال وصفاته ومعناه انه مهبط التجلي للسماء والصفات فل‬
‫يستمد من اسم من أسمائه تعالى ول صفة من صفاته تعالى إل بواسطة فكل من المعنيين صحيح‬
‫والولى التعميم أو فهو ممد لجميع ذوات الخلق وصفاتهم دنيا وأخرى بواسطة انه مهبط التجلي‬
‫لسماء ال تعالى وصفاته )ثلثا( ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة كرم الصول وفضلها عظيم جًدا والكثار منها موجب لمحبة المصطفى ‪‬‬
‫ل وسلم وبارك على سيدنا محمد كريم( أو شريف )الباء والمهات( أو‬ ‫للتالي فقال ) اللهم ص ّ‬
‫الصول من آدم وحواء إلى عبد ال وآمنة لقوله في الحديث الشريف ‪ :‬فلم أزل أتنقل من طاهر‬
‫إلى طيب إلى أن وصلت إلى صلب عبد ال بن عبد المطلب ومنه إلى أمي آمنه ثم أخرجني إلى‬
‫الدنيا وجعلني سيد المرسلين وخاتم النبيين ورحمة للعالمين وقائد الغر المحجلين‪.‬‬
‫وقال البوصيري ‪:‬‬
‫ر لك المهات والباء‬ ‫لم تزل في ضمائر الكون تختا‬
‫)ثلثا( ‪.‬ثم شرع في صيغة أهل الطريق المشهورة بالصلة الكمالية وهي من أورادهم المهمة‬
‫التي تقال عقب كل صلة عشر أنبياء تقال في غيره مائة فأكثر وثوابها ل نهاية له لن الثواب‬
‫على حسب المطلوب وحيث تحقق المطلوب تحقق الثواب وذكر بعضهم أنها بأربعة عشر ألف‬
‫ل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله( أو‬ ‫صلة فلذلك اختارها أهل الطريق فقال )اللهم ص ّ‬
‫كل مؤمن ) عدد كمال ال( أو كل كمال له وهو ل يتناهى ومعنى عدها أن ال يحصيها بعلمه‬
‫ويعلم أنها ل تتناهى وليس المراد عد الخلق لها فإنه مستحيل )وكما( أو وصلة مثل الذي )يليق‬
‫بكماله( أو المصطفى ‪ ‬فقد أفاض ال عليه من كل كمال فصار بهذا المعنى كماله ‪ ‬ل يتناهى‬
‫للخلق وان كان يتناهى في علم ال لن كل حادث دخل الوجود متناٍه والمعنى ‪ ‬وعلى آله الخ‬
‫صلة ل يحيط بقدرها غير علمك لكونها ل تنقضي ول تزول )ثلثا( ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة النعام وهي من أبواب نعيم الدنيا والخرة لتاليها وثوابها ل يحصى لما علمت‬
‫ل وسلم وبارك على سيدنا محمد‬ ‫من أن الثواب على حسب المطلوب من الصلوات فقال )اللهم ص ّ‬
‫وعلى آله عدد إنعام ال( أو تعلق قدرته تعالى بالنعم الدنيوية والخروية )وإفضاله( أو تعلق قدرته‬
‫ل عليه صلة ل تتناهى )ثلثا( ‪.‬‬ ‫بالفضائل الدنيوية والخروية والمعنى ص ّ‬
‫ثم شرع في صيغة تسمى بالكمالية ايضا من أشرف الصيغ قال بعضهم بسبعين ألف صلة وقيل‬
‫ل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله كما ل ( أي صلة ل نهاية‬ ‫بمائة ألف صلة )اللهم ص ّ‬

‫‪26‬‬
‫لها مثل ما ل )نهاية لكمالك( فالمماثلة في عدم النهاية )وعّد كماله( أو المصطفى ‪ ‬بإدغام إحدى‬
‫الدالين في الخرى مع الفتح والكسر ومعنى عد كماله في علم ال لن كمال المصطفى محصور‬
‫ومتناه بالنسبة لعلم الخلئق فإنه ل يحصر ول يعد‪.‬‬
‫قال ابن الفـارض نفعنا ال به ‪:‬‬
‫يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف‬ ‫وعلى تفنن واصفيه بحسنه‬
‫)ثلثا(‪ .‬ثم شرع في صيغة الوصال وتسمى بذلك لن من داوم عليها أوصله ال بحبيبه وهو المنى‬
‫قال السيد البكري قدس ال سره ‪:‬‬
‫فما فاتني شيء وحقك يا سعد‬ ‫إذا سمحت بالوصل بعد الجفا دعد‬
‫ل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله صلة تليق بجماله( الظاهري والباطني‬ ‫فقال )اللهم ص ّ‬
‫)وجلله( الظاهري والباطني )وكماله( عطف عام والمعنى انه ‪ ‬احتوى على صفات جماليه‬
‫ظاهريه وباطنيه ل تدخل تحت حصر وصفات جللية كذلك وقد تبحر في ذلك العارفون قديما‬
‫وحديثا كحسان وكعب من الصحابة والبوصيري والبرعي ولم يقفوا له على حد وبالجملة فيكفينا‬
‫في جماله وجلله قول ال ‪  ‬وانك لعلى خلق عظيم‪  ‬وما أرسلناك إل رحمة للعالمين‪ ‬وتفصيل‬
‫ذلك تعجز القوى عن إدراكه كمــا تقدم لك في قول البوصيري ‪:‬‬
‫قوم نيام تسلوا عنه بالحلم‬ ‫وكيف يدرك في الدنيا حقيقته‬
‫فغاية ما نعلم أن نقول كما قال البوصيري ‪:‬‬
‫وأنه خير خلق ال كلهم‬ ‫فمبلغ العلم فيه انه بشر‬
‫والكمال كناية عن جميع الخلق ظاهرها وباطنها جليلها وجميلها فلذلك كان عطفه على ما قبله‬
‫ل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأذقنا( أو‬ ‫من عطف العام على الخاص كما نقدم )وص ّ‬
‫اجعلنا ذائقين )ب( سبب )الصلة عليه( أو على ذلك الحبيب )لذة وصاله( أو قربه بسبب زوال‬
‫الحجب بيننا مبينه فإن شهود رسول ال هو الغاية القصوى لهل ال ولذلك قال أبو الحسن الشاذلي‬
‫‪ : ‬لو غاب عني رسول ال طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين‬
‫وقال البوصيري ‪:‬‬
‫زال عن كل من يراه الشقاء‬ ‫ليته خصني برؤية وجــه‬
‫وقال ابن الفارض نفعنا ال به ‪:‬‬
‫سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم‬ ‫شربنا على ذكر الحبيب مدامًة‬
‫وقال ابن الرفاعي قدس ال سره ‪:‬‬
‫تقبـل الرض عنى وهي نائبتـي‬ ‫في حالة البعد روحي كنت أرسلها‬
‫فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي‬ ‫وهذه دولـة الشباح قد حضرت‬
‫وقد قال هذين البيتين وهو واقف قبالة شباك المواجهة في مل من الناس فخرجت له اليد الشريفة‬
‫من القبر الشريف وقّبـَلها ‪ .‬وروى صاحب الدلئل أنه قيل لرسول ال ‪ ‬من القوي في اليمان‬
‫بك ؟ فقال ‪ :‬من آمن بي ولم يرني فإنه مؤمن بي على شوق مني وصدق في محبتي وعلمة ذلك‬
‫أنه يود رؤيتي بجميع ما يملك ‪ .‬وفي رواية بملء إل ذهًبا ذلك المؤمن بي حقا والمخلص في‬
‫محبتي صدقا ‪ .‬وقيل لرسول ال ‪ ‬أرأيت صلة المصلين عليك ممن غاب عنك وممن يأتي‬
‫ي صلة غيرهم‬ ‫بعدك ما حالها عندك ؟ فقال ‪ :‬أسمع صلة أهل محبتي وأعرفهم وتعرض عل ّ‬
‫عرضا أ هـ وقال العارف بال تعالى سيدي علي وفـا ‪: ‬‬

‫‪27‬‬
‫والشباح‬ ‫الموال‬ ‫بكرائـــم‬ ‫قد كنت أحسب أن وصلك يشترى‬
‫نفـائس الرواح‬ ‫تفنى عليـه‬ ‫وظننت جهــــــــل أن حبـــــــك هين‬
‫المنـــاح‬ ‫بلطــائف‬ ‫أحببته‬ ‫حتى رأيتـك تجتبي وتخص مـــــــــن‬
‫ولويت رأسي تحت طي جناحـي‬ ‫فعلمت أنـك ل تنـــــال بحيـــــــــــــلة‬
‫فيـه غدوي دائًمــا ورواحـي‬ ‫وجعلـت في عـــش الغـــرام إقـــــامتي‬
‫ومعلوم أن من ذاق لذة وصال المصطفى ذاق لذة وصال ربه لن الحضرة واحدة ومن بلغ الوسيلة‬
‫شهد المقصود ومن فرق بين الوصالين لم يذق للمعرفة طعًما وإنما العارفون تنافسوا في محبة ال‬
‫ورسوله فمنهم من طلب الوصال في التغزل في الوسيلة كالبرعي والبوصيري ومنهم من طلبه‬
‫بالتغزل في المقصد كابن الفارض وأمثاله ومنهم من تغزل في المقامين كسيدي على وفا ومقصد‬
‫الجميع واحد ولما كان من أعظم أسباب الوصل التعلق بصفات الحبيب وبكثرة الصلة عليه حتى‬
‫يصير خياله بين عينيه أينما كان وضع صاحب دلئل الخيرات صورة الروضة الشريفة لينظر‬
‫فيها البعيد عنها عند صلته على الحبيب فينتقل منها إلى تصور من فيها فإذا كرر الصلة صار له‬
‫سا وهو المقصود ولذلك أشار بعضهم بقوله ‪:‬‬ ‫المخيل محسو ً‬
‫وفيها شفا قلبي وروحي وراحتي‬ ‫فروضتك الحسنا منـاي وبغيتي‬
‫فتمثالها عندي بأحسن صـــــورة‬ ‫ط مزاُرها‬ ‫ت عّني وش ّ‬ ‫فإن َبـُعَد ْ‬
‫أقبلها شوقـا لطـفئ غلـــــــــــتي‬ ‫وها أنا يا خـير النبيين كلهم‬
‫وقال بعضهم في ذلك المعنى أيضـا ‪:‬‬
‫ولم أظفــر بمطلوبي لديـهــــا‬ ‫إذا ما الشوق أقلقني إليهـــــا‬
‫صًرا عليهــا‬‫وقـلت لناظري ق ْ‬ ‫نقشت مثالها في الكف نقشا‬
‫وليس مقصود العارفين بكثرة الصلة على النبي حصول الثواب لهم أو نفعه بذلك وإن كان ذلك‬
‫ل في نفس المر قال العارف بال الدمـرداش ‪: ‬‬ ‫حاص ً‬
‫غير أني أريدهـا لراك‬ ‫ليس قصدي من الجنان نعيًمـا‬
‫وقال سيدي عمر بن الفارض نفعنا ال به حين كشف له عن الجنة وما أعد له فيها ‪:‬‬
‫ما قد رأيت فقد ضيعت أيامي‬ ‫إن كان منزلتي في الحب عندكم‬
‫ولم يقل هنا ثلثا إشارة لعظم فضلها و أنها فريدة عديمة المثل ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة الطب الظاهري والباطني تقرأ ألفين على أي مريض وقيل أربعمائة فيشفى‬
‫بإذن ال تعالى فقال ) اللهم صل على سيدنا محمد طب( أي طبيب ومداوي ) القلوب ( من‬
‫المراض الحسية والمعنوية كالكبر والعجب والحقد والحسد والشك والشرك وغير ذلك )ودوائها(‬
‫مرادف لما قبله ) وعافية( معاِفى )البدان ( من المراض الحسية والمعنوية أيضا فالمعنوية في‬
‫البدن كالمعاصي الظاهرية التي تباشر بالعضاء فهو ‪ ‬معاف لحبابه منها ) وشفائها ( مرادف‬
‫لما قبله )ونور( منور ومزيل غشاوة )البصار( الحسية والمعنوية أيضا )وضيائها( مرادف لما‬
‫قبله ومعنى الجميع أن ال تعالى أجرى على يده ‪ ‬دفع المضار الظاهرية والباطنية الدينية‬
‫والدنيوية كما أجرى على يده المنافع كذلك وهو معنى تصريف ال له دنيا وأخرى على حد قوله‬
‫تعالى في حق عيسى ‪ ‬وتبرئ الكمة والبرص بإذني‪ ‬فما ثبت لعيسى فهو لنبينا وزيادة ) وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم ثلثا( ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ثم شرع في صيغة العالي القدر قال السيوطي من لزم عليها كل ليلة جمعة ولو مرة لم يلحده في‬
‫قبره إل النبي ‪ ‬فقال )اللهم صل على سيدنا محمد النبي المي( نسبة للم لكونه ل يقرأ الخط‬
‫ول يكتب لبقائه على الحالة الول نزل عليها من بطن أمه لم ينقله عنها معلم غير ربه وهذا‬
‫وصف كمال في حقه ‪ ‬وفي حق غيره وصف نقص وإنما جعله ال أمّيا لدفع شبهة الكافرين‬
‫القائلين إنما يعلمه بشر قال البوصيري ‪: ‬‬
‫في الجاهلية والتأديب في اليتم‬ ‫كفاك بالعلم في المي معجزة‬
‫وقيل نسبة لم القرى وهي مكة لنه نشأ ‪ ‬فيها فإنه ولد في شعب أبي طالب يوم الثنين لثني‬
‫عشر خلت من ربيع الول بعد قدوم الفيل بخمسين يوًما وقيل غير ذلك وبعث بها على رأس‬
‫الربعين وأقام بها بعد ذلك ثلث عشر سنة ثم هاجر إلى المدينة المشرفة بأنواره ومكث بها عشر‬
‫سنين وتوفي وهو ابن ثلث وستين سنة بعد النصر والفتح المبين ودفن في بيت عائشة بالمكان‬
‫الذي مات فيه وكانت وفاته يوم الثنين ودفن ليلة الربعاء من ربيع الول وله ‪ ‬أسماء كثيرة‬
‫أنهاها بعضهم إلى ألف وذكر صاحب دلئل الخيرات منها جملة مشهورة )الحبيب( فعيل بمعنى‬
‫فاعل أي محب لربه ولوليائه أو بمعنى مفعول أي محبوب لربه ولوليائه )العالي( الرفيع )القدر(‬
‫الرتبة )العظيم الجاه( في الحديث ‪ :‬دددددد ددددد ددد دددد ددد‬
‫دددد دددد )وعلى آله وصحبه وسلم ثلثا( ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة اللطف الخفي فمن أكثر منها عّمـه اللطف في الدنيا والخرة وهي والتي بعدها‬
‫لسيدي عبد الوهاب الشعراني ‪‬‬
‫فقال )اللهم صل على سيدنا محمد النبي المي وعلى آله وصحبه وسلم عدد ما في السموات وما‬
‫في الرض وما بينهما وأجِر( بهمزة القطع أي أوصل )يا رب( خصه لما قيل أنه اسم ال العظم‬
‫)لطفك( إحسانك العميم )الخفي( قيل معناه الظاهر فهو من أسماء الضداد وقيل على حقيقته‬
‫ومعنى خفائه حصوله بغتة من غير سبب من الخلق ول تهيئ من العبد في )أمورنا( معشر‬
‫الحاضرين )والمسلمين( عام )أجمعين( تأكيد )ثلثا( ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة اللطف الخرى وقد تلقاها بعضهم عن النبي ‪ ‬يقظة فقال )اللهم صل على‬
‫سيدنا محمد صلة( مثل صلة )أهل السموات والرضين عليه وأجر يا رب لطفك الخفي في‬
‫أمري والمسلمين ثلثا( وهنا انتهت الثلثيات ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة إبراهيمية واردة عن رسول ال ‪ ‬قال بعضهم من قرأها ألًفا رأى ربه في‬
‫النوم فقال )اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وبارك على سيدنا محمد وعلى آل‬
‫سيدنا محمد كما صليت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد‬
‫مجيد( وتقدم الكلم عليها في نظيرتها الول في المسبعات فل حاجة لعادته ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة أمهات المؤمنين وفضلها عظيم جًدا والكثار منها فيه وصلة بالمصطفى‬
‫وأزواجه الطاهرات فقال )اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وأزواجه( أي زوجاته‬
‫الطاهرات وتقدم الكلم عليهن )أمهات المؤمنين( في التعظيم والحترام وتحريم النكاح ل في‬
‫جواز الخلوة بهن والنظر وعدم نقض الوضوء فإنهن في ذلك كالجانب قال تعالى ‪ ‬النبي أولى‬
‫بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم‪ ‬وقال تعالى ‪ ‬ل تنكحوا أزواجه من بعده أبًدا إن ذلكم كان‬
‫عند ال عظيًَما‪) ‬وعلى آله وأصحابه أجمعين( ‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ثم شرع في صيغة الطاهر المطهر من لزم قراءتها جوزي بالطهارة فقال )اللهم صل على سيدنا‬
‫محمد النبي المي الطاهر( أي المنزه عن الدناس الحسية والمعنوية وقد نص العلماء على طهارة‬
‫النطفة الول تكون منها المصطفى وأخرجوها عن الخلف الذي في طهارة المني كما أن جسده‬
‫الشريف طاهر بعد الموت بالجماع كأجساد النبياء فهم مستثنون من الخلف في طهارة الدمي‬
‫بعد الموت ونصوا على طهارة جميع فضلتهم الخارجة منهم في الحياة وبعد الممات )المطهر(‬
‫بمعنى ما قبله إذا قرئ اسم مفعول وإن قرئ اسم فاعل كان مغايًرا ويكون المعنى مطهًرا لغيره‬
‫من كل ما انتسب له فهو كالماء المطلق طاهر في نفسه مطهر لغيره من كل شين دنيوي أو‬
‫أخروي )وعلى آله وصحبه وسلم( ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة احتوت على أربع صلوات وفضلها عظيم وتسمى ذات المناقب الفاخرة فقال )‬
‫اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد ذي( صاحب )المعجزات( جمع معجزة وهي أمر خارق‬
‫للعادة مقرون بالتحدي على يد مدعي النبوة معجوز عن معارضته )الباهرة ( أو الظاهرة أو‬
‫القاطعة لحجج المعارضين ‪.‬‬
‫قال صاحب الجوهرة ‪: ‬‬
‫منها كلم ال معجز البشر‬ ‫ومعجزاته كثيرة غــرر‬
‫أو ومنها انشقاق القمر له فلقتين في السماء متباعدين بحيث كانت كل واحدة فوق جبل قال تعالى ‪‬‬
‫اقتربت الساعة وانشق القمر‪ ‬ومنها تسبيح الجماد في كفه ‪ ‬لما ورد أنه قبض على حصيات في‬
‫كفه فسبحن حتى سمع لهن حنين كحنين النحل ثم ناولهن أبا بكر فسبحن ثم ناولهن عمر فسبحن ثم‬
‫ناولهن عثمان فسبحن ثم وضعهن على الرض فخرسن ففي ذلك كرامة للصحابة أيضا ومنها‬
‫نطق الحيوانات كالضب والظبية والبعير لما روي عن أحمد والنسائي من حديث أنس أنه ‪ ‬دخل‬
‫حائطا لنصاري وفيه جمل استصعب على أهله ومنعهم ظهره فمشى رسول ال ‪ ‬نحوه فقال‬
‫النصاري ‪ :‬يا رسول ال قد صار مثل الكلب و إنا نخاف عليك صولته فقال رسول ال ‪ : ‬ليس‬
‫ي منه بأس فلما نظر الجمل إلى رسول ال ‪ ‬خر ساجًدا بين يديه فأخذ رسول ال ‪ ‬بناصيته‬ ‫عل ّ‬
‫وأدخله في العمل فقال له أصحابه ‪ :‬يا رسول ال هذه بهيمة ل تعقل ونحن نعقل فنحن أحق‬
‫بالسجود لك فقال ‪ : ‬ل يصح لبشر أن يسجد لبشر ‪ .‬الحديث وروى البيهقي والقاضي في الشفاء‬
‫أن رسول ال ‪ ‬كان في محفل من أصحابه إذ أعرابي من بني سليم قد صاد ضًبا جعله في كمه‬
‫وقال واللت والعزى ل آمنت بك أو يؤمن بك هذا الضب وطرحه بين يدي رسول ال فناداه النبي‬
‫‪ ‬فأجابه بلسان يسمعه القوم جميًعا لبيك وسعديك يا زين من وافى القيامة قال من تعبد قال الذي‬
‫في السماء عرشه وفي إل سلطانه وفي البحر سبيله وفي الجنة رحمته وفي النار عقابه قال فمن أنا‬
‫قال رسول رب العالمين وخاتم النبيين وقد أفلح من صدقك وخاب من كذبك فأسلم العرابي ‪.‬‬
‫وروى الحافظ عبد العظيم المنذري في كتابه الترغيب والترهيب بينما رسول ال ‪ ‬في صحراء‬
‫إذا بهاتف يهتف يا رسول ال ثلث مرات فالتفت فإذا ظبية مشدودة في وثاق و أعرابي نائم عندها‬
‫فقال لها ما حاجتك قالت صادني هذا العرابي ولي خشفان أي ولدان في ذلك الجبل فأطلقني حتى‬
‫أذهب فأرضعهما و آتي قال وتفعلين قالت عذبني ال عذاب الُعشـّـار أي الُمكاس إن لم أعد فأطلقها‬
‫فذهبت ورجعت فأوثقها ‪ ‬فانتبه العرابي فقال يا رسول ال أبك حاجة قال تطلق هذه الظبية‬

‫‪30‬‬
‫فأطلقها فخرجت تعدو في الصحراء وتضرب برجليها الرض وتقول أشهد أن ل اله إل ال وأنك‬
‫رسول ال وتعداد معجزاته ل تحيط بها الصحائف قال البوصيري ‪: ‬‬
‫إن من معجزاتك العجز عن وصـــ ـفك إذ ل يحده الحصـاء‬
‫ك وهل تنزح البحار الدلء‬ ‫كيف يستوعب الكلم سجايـا‬
‫)وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ذي المناقب( جمع منقبة ضد المثلبة أي الكمالت )الفاخرة(‬
‫أي العظيمة التي يفتخر بها دنيا وأـخرى لقوله تعالى ‪ ‬وأما بنعمة ربك فحدث‪ ‬وقال تعالى ‪‬إنا‬
‫أعطيناك الكوثر‪ ‬وقال تعالى ‪ ‬ولسوف يعطيك ربك فترضى‪ ‬قال ‪ : ‬أنا سيد ولد آدم ول فخر أي‬
‫ول فخر أعظم من هذا والمعنى و ل أقوله فخًرا مغضًبا لربي بل تحدثا بنعمة ربي كما أمرني‬
‫وهذه الكمالت ترجع إلى كمال صورته وكمال معناه وهو غاية ل تدرك كما قال البوصيـــري ‪:‬‬
‫ليس من غاية لوصفك أبغيهــا و للقول غاية وانتهاء‬
‫تك فيما تعده النـاء‬ ‫إنما فضلك الزمان وآيـا‬
‫)وصل وسلم على سيدنا محمد في الدنيا والخرة( كناية عن الدوام )وصل وسلم وبارك على سيدنا‬
‫محمد وخّلــقنا( أي اجعلنا متخلقين أي متصفين )بأخلقه( أوصافه )الطاهرة( وصف كاشف‬
‫والتخلق بأخلقه هو الولية الكبرى ال يحققنا بذلك ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة الوسيلة والفضيلة وفيها ثلث صلوات فقال ) اللهم صل و سلم و بارك على‬
‫سيدنا محمد و أعطه الوسيلة( أعلى منزلة في الجنة )و الفضيلة( أي الفضل الكامل بأن يكون‬
‫أفضل الخلق على الطلق كما هو الواقع فيه وفي الحديث الشريف ‪ :‬سلوا ال لي الوسيلة فإنها ل‬
‫تكون إل لرجل واحد و أرجو أن يكون أنا هو )و صل و سلم و بارك على سيدنا محمد ذي‬
‫المقامات( الرتب )الجليلة( أي العظيمة )و صل و سلم و بارك على سيدنا محمد وخلقنا بأخلقه‬
‫الجميلة( تقدم تفسيره في نظيره ‪.‬‬
‫ثم شرع في صيغة احتوت على خمس صلوات فقال )اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و‬
‫هب( صّيـر )لنا قلبا شكورا( بأن يكون مصروفا في مراضيك راضيا بأحكامك )و صل و سلم و‬
‫بارك على سيدنا محمد و اجعل( صير )سعينا( عملنا )مشكوًرا( مقبول )و صل و سلم و بارك‬
‫على سيدنا محمد ولقنا( أي اجعلنا متلقين في القيامة )نضرة( أي بهجة وحسنا )وسرورا( أي فرحا‬
‫تاما وفيه تلميح للية الكريمة والمعنى اجعلنا ممن قلت فيهم ‪ ‬ولقاهم نضرة و سرورا‪) ‬و صل و‬
‫سلم و بارك على سيدنا محمد و ألق ( انزل ) علينا منك ( متعلق بمحذوف من قوله ) محبة و‬
‫نوًرا ( و فيه تلميح لقوله تعالى ‪ ‬وألقيت عليك محبة مني ‪ ‬قال بعضهم ‪ :‬المحبة حبة نبتت في‬
‫أرض القلوب وسقيت بماء التوبة من الذنوب فأنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة وأما المحب‬
‫فهو ذاهب عن نفسه متصف بذكر ربه قائم بأداء حقوقه ناظر إليه بقلبه أحرقت قلبه نار هدايته‬
‫فكشف له الجبار أستار غيبه فإن تكلم فعن ال وإن تحرك فبال وإن سكن فمع ال فهو ل وبال و‬
‫حا صافية )بالسرار(‬ ‫ل وسلم وبارك على سيدنا محمد و هب ( صير )لنا سّرا( رو ً‬ ‫مع ال ) و ص ّ‬
‫حا ‪.‬‬
‫متعلق بقوله )مسروًرا( أي فر ً‬
‫ثم شرع في صيغة احتوت على أربع صلوات فقال ) اللهم صل وسلم على سيدنا محمد الصادق(‬
‫في القول والفعل والنية ) المين ( أي المعصوم من الخيانة في ظاهره وباطنه قبل النبوة وبعدها‬
‫ولذلك كان مسمى بهذين السمين من قبل البعثة ) وصل وسلم على سيدنا محمد الذي جاء ( أرسل‬
‫سا )بالحق( ضد الباطل ) المبين ( أي الظاهر الواضح ولذلك قال ال ‪  ‬يعرفونه كما‬ ‫متلب ً‬

‫‪31‬‬
‫يعرفون أبنائهم ‪ ‬وفي الحديث ‪ :‬تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ونهارها كليلها ل يضل‬
‫ضا ‪ :‬الحلل بين والحرام بين ‪ ...‬الحديث فلم يبق عذر لفطن و ل‬ ‫عنها إل هالك ‪ .‬وفي الحديث أي ً‬
‫لغبي ) و صل و سلم على سيدنا محمد الذي أرسلته ( جعلت رسالته ) رحمة للعالمين ( حتى‬
‫للكفار بتأخير العذاب عنهم و للمنا فقين بالمان وفي الحديث ‪ :‬أنا رحمة مهدأة ‪ .‬قال ال تعالى ‪‬‬
‫وما كان ال ليعذبهم وأنت فيهم ‪ ‬فأمنت الدنيا من الخسف و المسخ ومن كل عذاب عام من أجل‬
‫كونه فيها إلى يوم القيامة ) و صل وسلم على سيدنا محمد وعلى جميع النبياء ( عطف عام ) و‬
‫ل مؤمًنا به )‬
‫ل ) و صحبهم ( من اجتمع بك ٍ‬ ‫المرسلين ( عطف خاص ) و على آلهم ( أتباع ك ٍ‬
‫أجمعين ( تأكيد ) كلما ( أي وقت ) ذكرك ( أي يا ال ) الذاكرون ( جمع ذاكر ضد الغافل وهم ما‬
‫ن ذكر النبياء‬‫عدا الكافر من الجن والنس ) وغفل ( أي كل وقت غفل ) عن ذكرهم ( أي َم ْ‬
‫والمرسلين وآلهم وصحبهم ) الغافلون ( جمع غافل وإنما قدرنا وقت لن ما ظرفية وكل بحسب ما‬
‫تضاف إليه و المراد طلب صلوات غير متناهية لن عدد الوقات غير متناٍه‪.‬‬
‫حّمٍد وعلى‬‫سّيِدَنا مُ َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫ثم شرع في صيغة احتوت على صلتين فقال ) اللُهّم َ‬
‫حّمٍد وعلى ملئكتك ( جمع ملك‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫سائر ( باقي أو جميع ) أنبيائك و َ‬
‫وأصله مالك على وزن مفعل من اللوك وهو الرسال دخله القلب المكاني فأخرت الهمزة فصار‬
‫ي وهو القائم بحقوق‬ ‫وزنه معل بإسقاط فاء الكلمة وتقدم الكلم على الملئكة ) وأوليائك ( جمع ول ّ‬
‫ضا عن نفسه‬ ‫ال وحقوق عباده حسب المكان سمي ولّيـا لنه تولى خدمة ربه وانهمك فيها معر ّ‬
‫وشهواتها ففعيل بمعنى فاعل أو لن ال تعالى توله فلم يكله لشيء سواه ففعيل بمعنى مفعول وقال‬
‫العارفون ‪ :‬معرفة الولي أصعب من معرفة ال تعالى فإن ال معروف بكماله وجماله ومن أين‬
‫لمخلوق أن يعرف مخلوًقـا مثله لن وليته متوقفة على إخلصه في العمل لربه والخلص سر‬
‫بين العبد وربه ل يطلع عليه ملك فيكتبه ول شيطان فيفسده فإذا علمت ذلك فالخلق ل تعرف من‬
‫بعضها إل الظاهر ويجب عليهم تحسين الظن حيث حسن الظاهر وال متولي السرائر) من أهل‬
‫أرضك وسمائك عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد ما هو كائن في علم ال أبد البدين ( بالمد )‬
‫ودهر الداهرين ( بالمد أيضا أي مدة مكث الجميع في الدنيا والخرة فالبد والدهر بمعنى واحد‬
‫والبدون هم الداهرون وهو كناية عن تأبيد الصلة ) واجعلنا بِـ ( سبب ) الصلة عليهم ( أي من‬
‫صّديق هو‬ ‫صّديق وهو البالغ الغاية في الصدق مع ال ومع عبيده فال ِ‬ ‫ن ( جمع ِ‬ ‫صّدْيِقي َ‬
‫ن ال ِ‬
‫ذكر ) ِم َ‬
‫الكامل في الصلح فيشمل حتى النبياء ) المنين ( من خزي الدنيا وعذاب الخرة ) يا رب‬
‫العـالمين( مالكهم ومربيهم ‪.‬‬
‫وقد انتهت الصيغ التي جمعها المؤلف من كلم غيره وهي ثلثون صيغة وإنما خصها بالجمع‬
‫لنها كانت ِوْرَدُه تلقاها عن أشياخ عارفين بالسند والجازة حتى تروح بها وتطبع فصارت كأنها‬
‫تصنيفية فلم يضعها تقليًدا لهلها وإنما هو موافقة لهم في الجتهاد لن المجتهد ل يقلد مجتهًدا‬
‫فلذلك ضم لها ما أنشأه من نفسه ورتبه على حروف الهجاء وإذا تأملت ما صنفه مع الذي جمعه‬
‫تجد النفس في المعرفة واحدا أو تصنيفاته أعلى يشهد بهذا أهل النور والمعرفة وسيظهر لك بعض‬
‫فضلها في شرحها إن شاء ال تعالى وبدأ بحرف الهمزة وفيه سبع صلوات فقال ‪:‬‬
‫حرف الهمزة‬

‫‪32‬‬
‫حّمٍد عدد ( أي مثل عدد ) ما ( وجد ) في الرض ( من‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬‫)اللُهّم َ‬
‫صّ‬
‫ل‬ ‫دواب وجمادات مما ل يعلم قدره إل ال تعالى ) والسماء ( أي وعدد ما وجد في السماء ) َو َ‬
‫حّمٍد وعلى جميع الملئكة والنبياء ( قدم الملئكة لتقدمهم في الوجود ل‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫َو َ‬
‫حّمٍد‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬ ‫صّ‬ ‫لفضلهم على النبياء لن مذهب الشعري النبياء أفضل )َو َ‬
‫وعلى آله ( أتباعه ) وعلى سائر العلماء( جمع عالم ضد الجاهل وهو المتصف بالعلم النافع )‬
‫حّمٍد وعلى آله‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫والولياء ( عطف خاص لن الولي عالم وزيادة )َو َ‬
‫صلة تمل ( على فرض لو جسمت ) سائر ( جميع ) القطار ( جمع ُقطر بالضم كقفل وهو‬
‫حْمل فيطلق على النحاس أو الحديد المذاب قال‬ ‫الجانب والناحية وأما الِقطر بالكسر على وزن ِ‬
‫سا مذاًبا وأما الَقطر بالفتح فواحدة قطرة وهي النقطة )‬ ‫طًرا ‪ ‬أي نحا ً‬ ‫عَلْيِه ِق ْ‬
‫غ َ‬‫تعالى ‪َ ‬آُتوِني ُأْفِر ْ‬
‫ى آِلِه وحققنا ( اجعلنا‬ ‫عَل َ‬
‫حّمٍد و َ‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫والرجاء ( مرادف للقطار)َو َ‬
‫متحققين ) بحقائق الصفات ( جمع صفة أي صفاته تعالى ) والسماء ( أي أسمائه تعالى ومعنى‬
‫تحقق العبد بذلك شهوده ال في أسمائه وصفاته فإذا كانت الصفات جمالية والسماء جمالية اتسع‬
‫صدره وارتفع قدره فصير رحيًما بشهوده الرحمن منعًما عليه بجلئل النعم ويصير كريًما بشهوده‬
‫الكريم ويصير حليًما بشهوده الحليم ويصير لطيًفا بشهوده اللطيف ويصير رؤوًفا بشهود الرؤوف‬
‫وهو معنى قوله ‪ : ‬تخلقوا بأخلق ال ‪ .‬وإذا شهد الصفات الجللية والسماء الجللية كجبار‬
‫ومنتقم وقهار وشديد البطش تصاغر وتفانى ونسي نفسه حتى إن بعضهم يذوب جسمه من ذلك‬
‫ويشم من جوفه رائحة الكبد المشوي كما وقع لبي بكر الصديق ‪ ‬فالعارف دائًما بين المظهرين‬
‫تارة يشهد السماء والصفات الجللية فيذوب وتضيق عليه الرض بما رحبت ويقول كما قال أبو‬
‫بكر ‪ : ‬ل آمن مكر ال ولو كانت إحدى قدمي داخل الجنة ‪ .‬وتارة يشهد الصفات والسماء‬
‫الجمالية فربما قال أشفع لهل عصري فالكاملون تجليهم جللي وجمالي والمتوسطون في السير‬
‫إذا شهدوا الجمال يقال لتجليهم أنس وإذا شهدوا الجلل يقال له هيبة فتجلية دائر بين النس والهيبة‬
‫ط ‪ .‬ويقال للمبتدئ والمتوسط‬ ‫س ْ‬ ‫ض وإذا شهد الجمال ُب ِ‬ ‫والمبتدئ قبض وبسط فإذا شهد الجلل ُقِب َ‬
‫ل ويقال للكامل صاحب مقام لرسوخه في هذا المعنى نفعنا ال‬ ‫أصحاب أحوال لنهم ل يدوم لهم تج ِ‬
‫ن الّنِبّيين‬‫عَلْيِهْم ِم َ‬
‫ن أنعمت َ‬ ‫جَعلَْنا َمَع اّلِذي َ‬‫ى آِلِه َوا ْ‬
‫عَل َ‬
‫حّمٍد و َ‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬ ‫ل َو َ‬‫صّ‬‫بهم )َو َ‬
‫شَهَداِء( فيه تلميح للية الكريمة وعي قوله تعالى ‪ ‬من يطع ال ورسوله فأولئك مع‬ ‫ن َوال ّ‬‫صّديِقي َ‬
‫َوال ّ‬
‫شَهَداِء‪ ‬الية ومعنى كونه معهم لحوقه بهم في دار‬ ‫ن َوال ّ‬ ‫صّديِقي َ‬‫ن الّنِبّيين َوال ّ‬ ‫الذين أنعم ال عليهم ِم َ‬
‫صلًة َتِقيَنا( تمنعنا )بها( بسببها )شر‬ ‫ى آِلِه َ‬ ‫عَل َ‬
‫حّمٍد و َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫السلم بسلم )َو َ‬
‫الحساد( جمع حاسد والحسد تمني زوال نعمة الغير باللسان أو باليد أو بالقلب فمنعه دفع ضره عنا‬
‫أي فل يبلغ فينا أمله )والعداء( جمع عدو ضد الحبيب وهو الساعي لك في جلب الضرر الدنيوي‬
‫أو الخروي فيشمل نفسك وزوجك وولدك ففي الحديث الشريف ‪ :‬أعدى عدوك نفسك التي بين‬
‫جنبيك ‪ .‬وقال تعالى ‪ ‬إن من أزواجكم وأولدكم عدٌو لكم ‪ ‬ويطلق على من يفرح بمساءتك ويحزنه‬
‫ما يسرك قال تعالى ‪ ‬إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها‪ ‬فالمراد أي عدو ‪.‬‬
‫حرف الباء‬
‫ق‬
‫طِ‬ ‫حّمٍد الّنَـا ِ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫ثم شرع في حرف الباء الموحدة فقال )اللُهّم َ‬
‫سّلْم‬‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫ق(وهو مطابقة الخبر للواقع )والصواب( ضد الخطأ لعصمته من خلف ذلك )َو َ‬ ‫صد ِ‬ ‫ِبال ّ‬
‫حّمٍد وأفضل من أوتي ( أعطي )الحكمة( العلم النافع أو النبوة )وفصل‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫َوَباِر ْ‬

‫‪33‬‬
‫حّمٍد‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫الخطاب( أي الخطاب الفاصل والمميز بين الحق والباطل )َو َ‬
‫ب( أي وسيلة الوسائل فالنبياء وسائل لممهم والنبي وسيلة النبياء والمشايخ وسيلة‬ ‫لْبَوا ِ‬ ‫باَ‬‫َبا ِ‬
‫التباع والنبي ‪ ‬وسيلة الشياخ )ولباب( خالص )اللباب( الخالص فهو ‪ ‬خيار من خيار من‬
‫خيار وقال بعض العارفون ‪ :‬لب اللب مادة النور اللهي الظاهرة في كل شيء ول توجد هذه‬
‫ن قُلوِبَنا( عقولنا‬ ‫عْ‬‫ل َ‬ ‫حّمٍد َوأِز ْ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬
‫المادة هكذا إل في المقام المحمدي )َو َ‬
‫جاب( الضافة بيانية والمراد الظلمة المعنوية التي تقوم بالعقول بسبب‬ ‫حَ‬ ‫ظلَمِة ال ِ‬
‫بسبب نوره ) ُ‬
‫المعاصي ورؤية النفس وشهواتها قال بعضهم ‪:‬‬
‫وعقل عاصي الهوى يزداد تنويًرا‬ ‫إنارة العقل مكسوف بطوع هو ً‬
‫ى‬
‫وقال السيد البكري قدس ال سره ‪:‬‬
‫ومن جملة الحجب خوف الخلق‬ ‫ى أبـــــــــــــــدا‬‫واخرج عن كل هو ً‬
‫وهّم الرزق كما قال صاحب الحكم ‪ : ‬اجتهادك فيما ضمن لك وتقصيرك فيما طلب منك جليل‬
‫ضا اعتماد العبد على عمله وانتظار ثواب عليه‬ ‫على انطماس البصيرة منك ‪ .‬ومن جملة الحجب أي ً‬
‫دنيوي أو أخروي وفي الحديث الشريف ‪ :‬فاعمل لوجه واحد يكفك كل الوجه ‪ .‬وإذا كانت هذه‬
‫سّيِدَنا‬‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫المور حجًبا فما بالك بالمعاصي ففاعلها محجوب من باب أولى )َو َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫حّمٍد َوألِهمَنا( الق في قلوبنا )الحكمة( العلم النافع )والصواب( ضد الخطأ )َو َ‬ ‫ُم َ‬
‫سِقَنا( بهمزة القطع والوصل )من لدنك( عندك )صافي( خالص )الشراب( هو‬ ‫حّمٍد وا ْ‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫َ‬
‫نور اليمان والمعرفة فشبه النور المعنوي بالمشروب واستعار اسم المشبه به للمشبه على طريق‬
‫الستعارة التصريحية بجامع الحياة في كل لن الماء حياة النفوس وفي النور حياة الرواح والسقي‬
‫ترشيح فمرادهم بالخمرة والمشروب أنوار العلم والمعرفة والمحبة التي ينشأ عنها كمال العبودية‬
‫كما قال بعض أتباع العارف بال صاحب الطريقة الحفني نفعنا ال به مخاطًبا له ‪:‬‬
‫مع كل مولى لها يعـاني‬ ‫قم هات لي خمرة المعـاني‬
‫صـرفا على نغمة المثاني‬ ‫ثم اسقنيـها بجنح ليــــــــــل‬
‫وقال العارف بال ابن الفارض ‪:‬‬
‫سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم‬ ‫شربنا على ذكر الحبيب مدامة‬
‫إلى آخر القصيدة فالمراد من تلك الخمرة نور المحبة والهداية التي ثبتت في الرواح من يوم ‪‬‬
‫ألست بربكم‪ ‬بدليل قوله في أثناء القصيـدة ‪:‬‬
‫خبير أجل عندي بأوصافها علم‬ ‫يقولون لي صفها فأنت بوصفها‬
‫ونور ول نار وروح ول جسم‬ ‫صفاء ول ماء ولطف ول هوا‬
‫إلى أن قال في آخر القصـــــيدة ‪:‬‬
‫وليس له منها نصيب ول سهم‬ ‫على نفسه فليبك من ضاع عمره‬
‫حّمٍد وفهمنا أسرار الكتاب( أي القرآن والسنة قال جعفر الصادق‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫)َو َ‬
‫‪ : ‬كتاب ال تعالى على أربعة أشياء العبارات والشارات واللطائف والحقائق فالعبارات للعوام‬
‫والشارات للخواص واللطائف للولياء والحقائق للنبياء اهـ فإذا علمت ذلك فالمراد بالعوام علماء‬
‫الظاهر فليس لهم خوض في القرآن إل بالمنصوص وتكلمهم بالعلوم الشارية التي هي للخواص‬
‫فضول منهم فالتكلم في اللطائف بغير الولياء فضول منهم ويدخلون في الوعيد الوارد من فسر‬

‫‪34‬‬
‫ي فحاله ل ينكر قال بعض‬ ‫القرآن برأيه ‪ ‬فليتبوأ مقعده من النار‪ ‬ما لم يمن ال عليه بعلم لدن ّ‬
‫العارفين ‪:‬‬
‫ول تمـدن للعليـاء منـك يـًدا حتى تقول لك العلياء هات يدك‬
‫حّمٍد واجعلنا( صيرنا )بــ( سبب )الصلة عليه( ‪) ‬من‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫)َو َ‬
‫النجاب ( أي الخواص وتطلق النجاب في عرف الصوفية على طائفة فوق البدال ويقال لهم‬
‫النجباء فأول المراتب الولياء ثم النجباء ثم النقباء ثم العرفاء ثم القطاب ثم الغوث فيستغاث بهم‬
‫في النوازل على هذا الترتيب وإن أردت تعريف كلٍ وعدتهم فعليك بكتاب المآثر الشاذلية نفعنا‬
‫حّمٍد وأدخلنا حظيرة القدس( تطلق على مكان عن يمين‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫ال بهم )َو َ‬
‫العرش من نور ويقال فيه حظيرة من الحظر وهو المنع لمنعه عن غير الخواص وهو مكان في‬
‫أعلى الجنة يشاهد المقربون فيه ربهم كما ورد ما يقتضي ذلك وتطلق على عالم الجبروت وهو‬
‫عالم السرار وشهود الواحد القهار وهذا ل يناله في الدنيا إل من تخلى عن الشهوات النفسانية‬
‫وخرج عن الطبائع الحيوانية حتى يمزق السبعين حجابا الظلمانية التي حجبت النفس المارة‬
‫بالسوء وبمعنى هذا قول السيد البكري في ورد السحر ‪ :‬اجعل أرواحنا سابحات في عالم الجبروت‬
‫أي عالم السرار كما علمت واكشف لنا عن حضائر اللهوت أي عن الحضرة اللهية فيشهدون‬
‫سر المعية التي في قوله تعالى ‪ ‬وهو معكم أينما كنتم‪ ‬ومن التحقيق بهذا المقام قول ابن الفارض‬
‫‪:‬‬
‫ألقه نحو باطني ألقـــاكا‬ ‫ومتى غبت ظاهرا عن عياني‬
‫)في جملة الحباب( هم المقربون قال محمد بن الصّباح في فردوس العارفين ‪ :‬يؤتى بأهل الطاعة‬
‫يوم القيامة فينقسمون ثلثة أقسام فيقول ال تعالى لكل واحد ماذا عملت من الطاعات فيقول أهل‬
‫القسم الول يا رب خلقت الجنة ونعيمها فأسهرت لها ليلي وأظمـأت لها نهاري فيقول له أنت إنما‬
‫ي أن أعتقك من النار ثم يقول لهل القسم الثاني ماذا عملت من الطاعات فيقول ‪:‬‬ ‫عملت للجنة فعل ّ‬
‫يا رب خلقت النار وعذابها فأسهرت لها ليلي وأظمـأت لها نهاري فيقول له أنت إنما عملت خوفا‬
‫من النار فعذت منها ثم يقول للقسم الثالث ماذا عملت من الطاعات فيقول حّبا لك وشوقا إلى لقائك‬
‫ي وشوقي إليه أشد فيرفعون‬ ‫فيقول أنت عبدي حقا ارفعوا الحجاب عن عبدي فقد كان شوقه إل ّ‬
‫الحجاب ثم يقول ال تعالى يا وليي فها أنا أحببتك فوعزتي وجللي ما خلقت الجنة إل لجلك ولك‬
‫عَلى سائر النبياء والصفياء( عطف‬ ‫حّمٍد و َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬
‫اليوم ما شئت اهـ )َو َ‬
‫عام )والل( لكل من النبياء )والصحاب( لكل منهم ‪ .‬ثم شرع في حرف التاء المثناة فــوق وفيه‬
‫أربــع عشر صلة فقـال ‪:‬‬
‫حرف التـــــاء‬
‫سا )باليات( أي‬ ‫حّمٍد الذي جاء( ظهر في عالم الجساد متلب ً‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫)اللُهّم َ‬
‫العلمات الدالة على نبوته من إرهاصات ومعجزات وأخبار كتب )البينات( الواضحات في نفسها‬
‫حّمٍد المؤيد ( المنصور )بجلئل( عظائم‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫الموضحات لغيرها )َو َ‬
‫ل َوسَّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫صّ‬‫)المعجزات( كالقرآن فإنه معجزة مستمرة إلى يوم القيامة وغيره كما تقدم )َو َ‬
‫حّمٍد القائل إنما العمال( أي الشرعية )بالنيات( فإن لم توجد نية لم يوجد عمل وهذا‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫َ‬
‫حّمٍد الساري‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل وَ َ‬
‫صّ‬ ‫الحديث ركن في الشريعة كما هو مبين في محله )َو َ‬
‫سره( نوره )في سائر( جميع )الكائنات( جمع كائنة وهي الذات الحادثة فإن النور المحمدي خلقت‬

‫‪35‬‬
‫حّمٍد وَكّفر( امح )بـ(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫منه الدنيا والخرة كما في حديث جابر )َو َ‬
‫سبب )ـها عنا( معشر المصلين والمحبين )السيئات( جمع سيئة ضد الحسنة سميت بذلك لنها‬
‫ل َوسَّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫صّ‬
‫تسوء صاحبها بسبب العذاب وغضب ربه ونقصه عن مراتب المطهرين )َو َ‬
‫حّمٍد وأيدنا( انصرنا دنيا وأخرى )بـ( سبب )الكرامات( جمع كرامة تطلق على المر‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫الخارق للعادة على يد ظاهر الصلح لكن المراد هنا ما أكرم به العبد من العطايا اللهية كانت‬
‫خارقة للعادة أم ل معنوية كالمعرفة بال والخشية ودوام المراقبة والمسارعة لمتثال أمره ونهيه‬
‫والرسوخ في اليقين ودوام المتابعة ل والفهم عنه وغير ذلك من عز الدارين الذي قال فيه أبو‬
‫الحسن الشاذلي ‪ : ‬عز الدنيا باليمان والمعرفة وعز الخرة باللقاء والمشاهدة أو حسية‬
‫كالرزاق الدنيوية من الحلل وصحة البدن والزوجة الصالحة وحسن المنزل والمركب والفوز‬
‫بالجنة من غير سابقة حساب ول عذاب والسلمة من عذاب القبر والتنعم بنعيمه إلى غير ذلك من‬
‫حّمٍد‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫نعم ال التي قال فيها ‪ ‬وإن تعدوا نعمة ال ل تحصوها‪َ) ‬وصَ ّ‬
‫وجّملَنا( َزّينّـا )بجميل الصفات( أي بالصفات الجميلة ضد القبيحة بأن يزين ظواهرنا بامتثال‬
‫صّ‬
‫ل‬ ‫الوامر واجتناب النواهي وبواطننا بالخلص والمحبة والسرار ويصونها عن الغيار )َو َ‬
‫حّمٍد وأزل من قلوبنا( عقولنا )حب الرياسة( خصه لنه آخر ما يخرج‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫َو َ‬
‫من قلوب الصديقين فهو داء عضال ل تنفع فيه معالجة إن لم تأته العناية والجذبات الرحمانية‬
‫)وجميع الشهوات ( جمع شهوة وهي ميل النفس إلى أغراضها فإن النفس أخت الشيطان ول‬
‫غرض لها إل فيما يغضب الرحمن ولو كانت أغراضها في الطاعات فتصيرها سلسل للنيران‬
‫وفي الحديث‪ :‬ل أخاف على أمتي عبادة شمس ول قمر وإنما أخاف عليهم الشهوة الخفية ‪ .‬وقال‬
‫ل وانكسارا خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا وقال‬ ‫صاحب الحكم ‪ :‬رب معصية أورثت ذ ً‬
‫البوصيري‪‬‬
‫وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضاك النصح فاتهم‬
‫إلى آخر ما قال فيما يتعلق بالنفس والشيطان وقال يوسف عليه الصلة والسلم ‪ ‬وما أبرئ نفسي‬
‫إن النفس لمارة بالسوء‪ ‬وقال القطب البكري ‪ :‬النفس حية تسعى وإن بلغت مراتبها السبعة‪.‬‬
‫فالكامل ل يأمن لنفسه لن جهادها هو الجهاد الكبر كما في الحديث ‪ :‬رجعنا من الجهاد الصغر‬
‫إلى الجهاد الكبر ‪ .‬أراد به ‪ ‬جهاد النفس وإنما كان أكبر لنها عدو خفي بين جنبيه والشيطان‬
‫مقترن بها يجري من ابن آدم مجرى الدم فالخلص منها جهاد أكبر ولذلك قال تعالى ‪ ‬والذين‬
‫جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا‪ ‬قال المفسرون والمراد به جهاد النفس وقال تعالى ‪ ‬وأما من خاف مقام‬
‫ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى‪ ‬ولذلك كان أهل الطريق مقامهم عظيم قال السيد‬
‫البكري ‪: ‬‬
‫ليس لــه قط شبيه‬ ‫هذا طريق من سار فيه‬
‫حّمٍد وأنعم علينا(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫وهذا باب واسع الطراف وفي هذا القدر كفاية )َو َ‬
‫ل وإحسانا منك )بتجلي السماء( الحسنى )والصفات( الحسنا أي بظهور أسمائك العظيمة‬ ‫تفض ً‬
‫وصفاتك الكريمة بحيث ل نشهد حادثا من الحوادث ول كونا من الكوان إل بشهود السماء‬
‫والصفات قبله لكون الكوان آثارها وهو معنى قولهم ‪ :‬العارف يرى ال في كل شيء وقول بعض‬
‫تدل على إنه الواحد‬ ‫وفي كل شيء له آية‬ ‫العارفين ‪:‬‬
‫ومعنى قول عبد الغني النابلسي ‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫حلية الحسن المهيب‬ ‫كل شيء عقد جوهر‬
‫ي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به‬ ‫ومعنى حديث ‪ :‬ل يزال عبدي يتقرب إل ّ‬
‫وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها الحديث أي كنت مسموعه عند‬
‫سمعه الحوادث ‪ ,‬مبصوره عند إبصاره الحوادث ‪ ,‬وحوله وقوته عند بطشه ومشيه أي يشهدني‬
‫كذلك لنها آثاري وهي ظاهرة بي على حد قول بعض العارفين ‪:‬‬
‫إن كنت مرتادا بلـوغ كمـال‬ ‫ال قل وذر الوجود وما حوى‬
‫عدم على التفصيل والجمـال‬ ‫فالكل دون ال إن حــققته‬
‫فـوجـوده لوله عيـن محـال‬ ‫من ل وجود لذاتـه من ذاتـه‬
‫وهذا المقام هو المسمى بوحدة الوجود ول يدركه الشخص إل بعد الفناء في الحدية الذي قال فيه‬
‫ابن بشيش وزج بي في بحار الحدية ووحدة الوجود هذه يسمى صاحبها غرقان في بحر الوحدة‬
‫التي هي شهود المولى من حيث قيام السماء والصفات به ولذلك صرح به في الصيغة التي تليها‬
‫حّمٍد وأغرقنا في عين( ذات )بحر( توحيدها )الوحدة( الشبيه‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬
‫فقال )َو َ‬
‫توحيدها بالبحر )السارية في جميع الموجودات( الحادثة لنها آثار الذات المشهودة المتصفة بتلك‬
‫الصفات فالعارف يرى ال قبل الثار ويستدل بال على ثبوت الثار والمحجوب يرى الثار قبل‬
‫شهود ال فيستدل بالثار على ال والمصنف طلب في صلواته أن يكون من أهل المقام الول وهو‬
‫حقيق بذلك بل ومن تبعه حقيق بذلك وقد علمت أن من غرق عين بحر الوحدة يكون باقيا بال ول‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫صلّ َو َ‬
‫بد‪ ,‬ل بنفسه ول بشيء سوى ال ‪,‬لنه يرى الكوان كظل الشاخص فلذلك قال )َو َ‬
‫حّمٍد أبقنا بك( أي مشاهدين لجمالك وجللك في كل شيء كما قال السيد البكري في‬ ‫عَلى سَّيِدَنا ُم َ‬
‫َ‬
‫ورد السحر إلهي جل لنا هذا الظلم عن جللك أستارا وأفصح الصبح عن بديع جمالك وبذلك‬
‫استنارا )ل بنا( أي بشهود أنفسنا وحولنا وقوتنا ول بشيء سواك لنه مقام المحجوبين )في جميع‬
‫اللحظات( متعلق بأبقنا واللحظات جمع لحظة بمعنى مقدار وهو معنى قول أبي الحسن الشاذلي‬
‫‪ : ‬ول تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ول أقل من ذلك ‪ .‬وحيث شهد العبد كل شيء من ال يكون‬
‫دائما عن ال راض كما قال بعض العارفين‪:‬‬
‫وقبح القبح من حيثي جميل‬ ‫وحيث الكل مني ل قبيح‬
‫ولما ذكر ‪ ‬مقام البقاء ول يكون صاحبه إل كامل اليمان لتخليه عن الغيار طلب تحليته‬
‫حّمٍد وانشر( أسبغ )علينا نعمتك( الكاملة‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫بالعطايا بقوله )َو َ‬
‫)المخصوصة بأهل العنايات( وهم الصديقون الذين أخذهم ال لنفسه على حد قوله تعالى ‪‬‬
‫واصطنعتك لنفسي‪ ‬وهذا من التحلية بعد التخلية لنه طالب الفتح الكبر ول يكون بالمجاهدة بل‬
‫بالمواهب الربانية بخلف التخلية من الغيار حتى يكون من أهل البقاء فإن له سببا عادّيا وهو‬
‫المجاهدة على يد شيخ عارف التزم معه الشروط والداب ومن هنا حصل الخلف هل الولية‬
‫مكتسبة أو ل ؟ قال بعضهم الولية مكتسبة وقال بعضهم كالنبوة ليست مكتسبة وشيخنا المؤلف‬
‫جعل الخلف لفظّيا فمن قال مكتسبة أراد بها التخلي عن الغيار وشهود الواحد القهار فإنه‬
‫مكتسب بالمجاهدة كما علمت وأما الولية بمعنى العطايا التي خصت بها أهل العنايات كالعلوم‬
‫اللدنية والكشف على المغيبات والجتماع بسيد العالمين والكرامات فليست مكتسبة بل قد يكمل‬
‫الشخص ول يحصل له شيء من ذلك ولما كان التحلي الذاتي أعظم نعمة خصت بها أهل العنايات‬
‫حّمٍد واذقنا لذة تجلى ( ظهور ) الذات (‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫طلبه استقلل بقوله )َو َ‬

‫‪37‬‬
‫العلية )و أدمها ( أي تلك اللذة ) علينا ( معشر المصلين على الحبيب ) ما دامت السموات‬
‫والرض ( أي مدة دوامها وهو كناية عن التأبيد على حد قولة تعالى ‪ ‬خالدين فيها ما دامت‬
‫السماوات والرض ‪ ‬واعلم أن المعرفة على قسمين خاصة وعامه فالعامة معرفة ال بالدليل‬
‫والخاصة على ثلثة أقسام شهود أفعال وهى للبرار وشهود أسماء وصفات وهى للخيار‬
‫وشهود ذات وهى لخيار الخيار والمراد شهود الذات من غير وقوف على كنه إذ الكنه ل يدرك‬
‫للمصطفى لن الحادث ل يحيط بالقديم وقال شيخنا المؤلف ‪ ‬اختلف هل تجلى الذات يكون‬
‫لغير النبياء أو ل يكون إل للنبياء الصحيح انه يكون لغير النبياء أيضا ولكن ل كتجلى النبياء‬
‫وكذلك شهود النبياء يتفاوت فشهود نبينا أعلى ل يساويه شهود أحد ولما كان الصحيح أنه يكون‬
‫لغير النبياء طلبه المؤلف فيما تقدم قال السيد البكري في ألفيته التي في التصوف ‪‬‬
‫تجلى علينا في تجلى الذات‬ ‫كم لذة فاقت على اللذات‬
‫ذاتـه يبقينا‬ ‫وفى تجـلي‬ ‫ففي تجلى وصفة يفنيــا‬
‫وكان شيخنا المؤلف يقول ‪ :‬هذه اللذة معجلة للولياء في الدنيا أعظم من نعيم الجنان وهى من‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫جملة البشرى التي قال ال فيها ‪ ‬لهم البشرى في الحياة الدنيا وفى الخرة ‪َ) ‬و َ‬
‫حّمٍد وعلى آله وصحابته وعلى كل من صدق برسالته ( من هذه المة وغيرها )‬ ‫عَلى سَّيِدَنا ُم َ‬
‫َ‬
‫والطف ( ارفق ) بنا ( معشر المصلين ) وبوالدينا ( بكسر الدال جمع والد )وسائر المسلمين‬
‫والمسلمات في الحياة ( بحفظ الدين والدنيا والبدن من كل سوء ) وبعد الممات ( بالخاتمة الحسنى‬
‫ودخول الجنة من غير سابقة هول ثم شرع في حرف الثاء المثلثة وفيه أربع صلوات فقال ‪:‬‬
‫حرف الثــــاء‬

‫حّمٍد عدد كل قديم( وهو ذات ال وصفاته ومعنى العدد‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬


‫عَلى َ‬
‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫)اللُهّم َ‬
‫الحصاء بالنسبة علمه تعالى فإنه هو الذي يحصي ذاته وصفاته ول يعلم ال إل ال )وحادث(‬
‫صّ‬
‫ل‬ ‫وهو ما سوى ال فيشمل نعيم الجنان وعذاب النيران فالمراد صل عليه صلة ل نهاية لها )َو َ‬
‫صلًَة( أي وسلًما وبركَة )يعم( يشمل )نورها( بركتها وخيرها )‬ ‫حّمٍد َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫َو َ‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه ما صدق‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫جميع الحوادث( المخلوقات )َو َ‬
‫صادق( أي مدة صدقه في القوال والحوال )ونكث( نقض )ناكث( ناقض للمور المعنوية أو‬
‫الحسية يقال نكث العهد نقضه ونكث الكساء نقضه قال تعالى ‪ ‬فمن نكث فإنما ينكث على نفسه‪ ‬أي‬
‫نقض عهد رسول ال وقال تعالى ‪ ‬ول تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ‪ ‬وهو من‬
‫حّمٍد واكفنا اصرف عنا معشر الحاضرين أو المؤمنين‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫باب قتل )َو َ‬
‫)شر الحوادث( أي النوازل والمصائب أو المراد كل حادث فإنه َوَرَد التحصن من البر والفاجر‬
‫ومن الغنى والفقر ومن الصحة والمرض فإن الشر قد يأتي مما في ظاهره خير قال تعالى ‪‬‬
‫ونبلوكم الشر والخير فتنة‪ ‬وقد يأتي الخير مما في ظاهره شر قال تعالى ‪ ‬وعسى أن تكرهوا شيئا‬
‫وهو خير لكم ‪ ‬الية ‪ .‬ثم شرع في حرف الجيم وفيه ثلث صلوات فقال ‪:‬‬
‫حـرف الجيـــم‬
‫حّمٍد المخصوص( دون النبياء والخلق أجمعين )بالسراء(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫)اللُهّم َ‬
‫من المسجد الحرام إلى المسجد القصى – أي البعد وهو مسجد بيت المقدس وهو أول مسجد بعد‬
‫المسجد الحرام – على البراق ليل قال تعالى ‪ ‬سبحان الذي أسرى بعبده ‪ ‬الية وكان بجسمه‬

‫‪38‬‬
‫وروحه ومن أنكره كفر وكان قبل الهجرة بسنة )والمعراج( من بيت المقدس بعد صلته بالنبياء‬
‫ب على الصخرة له مرقاة من فضة ومرقاة من ذهب منضد باللؤلؤ عن يمينه ملئكة‬ ‫ص َ‬ ‫والملئكة ُن ِ‬
‫وعن يساره ملئكة ومراقيه عشر سبع للسماوات السبع والثامنة لسدرة المنتهى والتاسعة المستوى‬
‫سمع فيه صريف القلم والعاشرة للعرش والرفرف ورأى ربه بعيني رأسه وكلمه وفرض عليه‬
‫سا في الداء باقية على أصلها في الجزاء وأعطاه ما ل‬ ‫خمسين صلة وراجعه حتى صارت خم ً‬
‫عين رأت ول أذن سمعت ول خطر على قلب بشر لنفسه ولمته ورجع مسروًرا مؤيًدا منصوًرا‬
‫إلى مكة قبيل الفجر فمن أنكر ذلك فهو فاسق ل يبعد عنه الكفر قال تعالى ‪ ‬وما جعلنا الرؤيا التي‬
‫سّيِدَنا وتوجنا( أي زينا )من القبول(لعمالنا‬ ‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫أريناك إل فتنة للناس‪) ‬اللُهّم َ‬
‫ورضاك علينا )أبهج( أزين )تاج( زينة التاج في الصل الذي يوضع على رأس الملوك مكلل‬
‫بالجواهر فأطلقه وأراد لزمه وهو الزينة بسبب قبول ال للعبد وفي الحديث ‪ :‬إذا أحب ال عبًدا‬
‫نادى جبريل فقال يا جبريل إني أحب فلنا فأحبه فيحبه جبريل ثم يأمره أن ينادي في السماء إن‬
‫ال يحب فلن بن فلن فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الرض ‪ .‬فهذا هو المراد‬
‫بالتاج كما قال السيد البكري ‪ * ‬عبيد ولكن الملوك عبيدهم* )تنبيه( مما يسمى بالتاج عند‬
‫الصوفية الذي يوضع على الرأس وقرصه صوف أبيض وهو الخرقة المعروفة للسادة الخلوتية‬
‫التي هي شعارهم وفيه إشارة كما قال أستاذنا المؤلف ‪ ‬إلى سلوك طريق التصوف وبياض‬
‫القلب وهو مضرب على وجه محيط به أربع جللت أي في كل وجهة اثنا عشر ضلًعا عدة‬
‫حروف ل إله إل ال أشار إلى شهود إحاطة الرب به من جميع جهاته إحاطة قيومية معنوية ل‬
‫حسية تنزه ال عن ذلك وبعضهم يجعل وسطه واًوا إشارة للوحدة وبعضهم يجعله خاليا إشارة‬
‫للفناء وبعضهم يجعل وسطه هاًء هكذا ه إشارة للهوية الدائرة بالعلم دوران علم وقدرة وقيومية ل‬
‫دوران حس ثم إن لبس الخرقة عند القوم شرطه السلوك والذن من الشياخ قال بعض العارفين ‪:‬‬
‫إن خرقة القوم لهل نور وزينة ولغيرهم سماجة وظلمة بل ويدخل في الوعيد في قوله ‪ ‬ول‬
‫تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فل تحسبنهم بمفازة من العذاب‬
‫ولهم عذاب أليم‪ ‬وأما قول بعض العارفين ‪:‬‬
‫إن التشبه بالرجال فلح‬ ‫فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم‬
‫فإن المراد القتداء بهم في العمل ومجاهدة النفس كما قال العارف بال السيد البكري ‪:‬‬
‫لعل الحشا بالجد ينمو حبوره‬ ‫فجاهد تشاهد يا مريد تقرب‬
‫وقال سيدي عمر بن الفارض ‪:‬‬
‫خُ‬
‫ل‬‫جاَد بالّدْنَيا إليِه انتَهى الُب ُ‬
‫ن َ‬
‫وِإ ْ‬ ‫سِه‬
‫ب َنَعم بَنْف ِ‬‫ح ّ‬‫جْد ِفي ُ‬ ‫ومن لم َي ُ‬
‫)صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه المحفوظين( بعناية ال )من العوجاج( النحراف عن‬
‫الستقامة لكونهم عدول قال رسول ال ‪ : ‬أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ‪ .‬والحديث‬
‫القدسي ‪ :‬يا محمد أصحابك عندي كالنجوم في السماء بعضهم أضوأ من بعض فمن أخذ بقول أيهم‬
‫ى عندي ‪.‬‬ ‫فهو على هد ً‬
‫ثم شرع في حرف الحاء المهملة وفيه ست صلوات فقال‪:‬‬
‫حــرف الحــــاء‬
‫حّمٍد زين الملح( جمع مليح وهو حسن المنظر ومعناه أصل‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫)اللُهّم َ‬
‫لكل مليح ويحتمل أن زين بمعنى أين أي أحسن من كل مليح على حد قول القائل ‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫وأجمل منك لم تلد النسـاء‬ ‫وأحسن منك لم تر قط عيني‬
‫كأنك قد خلقت كما تشاء‬ ‫خلقت مبرأ من كل عـيب‬
‫حّمٍد معدن( مكان )الجود( الكرم )والسماح( مرادف ‪ ,‬وكان ‪‬‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬ ‫عَلى َ‬‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫صلّ َو َ‬‫)َو َ‬
‫أجود بالخير من الريح المرسلة وكان يعطي عطاء من ل يخاف الفقر ول در القائل ‪:‬‬
‫ل من الدهِر‬ ‫وهمته الصغرى أجـ ّ‬ ‫لـه همم ل منتــهى لكبارهــــــــــا‬
‫على البركان البر أندى من البحر‬ ‫له راحة لو صب معشار عشرها‬
‫حّمٍد ما تعاقب( توالى وتتابع )الغدو( أول النهار إلى الزوال‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬ ‫عَلى َ‬‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬‫)َو َ‬
‫)والرواح( من الزوال إلى آخر النهار أي مدة إتيان كل واحد منهما عقب صاحبه فكأنه يقول صل‬
‫حّمٍد إمام( مقدم في الصلة كليلة السراء‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬ ‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫عليه ما دامت الدنيا )َو َ‬
‫وفي الشفاعات وفي دخول الجنة بل وفي الوجود لـ)أهل حضرة الكريم ( من أسمائه تعالى ومعناه‬
‫المعطي النوال قبل السؤال أو معناه من عطاؤه عم الطائع والعاصي )الفتاح( من أسمائه تعالى‬
‫ضا ومعناه منشئ الفتح لكل شيء وأهل الحضرة هم المقربون من ملئكة وأنبياء وأولياء و سموا‬ ‫أي ً‬
‫بذلك لنهم ل يشهدون غير ال فهم حاضرون مع ال دائًما قال سيدي عمر بن الفارض ‪: ‬‬
‫على خاطري يوما حكمت بردتي‬ ‫ولو خطرت لي في سواك إرادة‬
‫حّمٍد واجعلنا( صيرنا معشر المصلين عليه )بـ( سبب )الصلة‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬ ‫عَلى َ‬‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫)و َ‬
‫سّيِدَنا‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬ ‫ل َو َ‬‫صّ‬‫عليه من( جملة )أهل الفوز( الظفر بالمقصود )والفلح( مرادف )و َ‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه أولي( أصحاب )الفضل( الوارد في الكتاب والسنة قال تعالى ‪ ‬محمد‬ ‫ُم َ‬
‫رسول ال ‪...‬إلى آخر السورة إلى غير ذلك من اليات والحاديث الواردة في فضلهم)والرباح(‬
‫بمعنى الربح أي الزيادة في الفضل عن غيرهم يشهد له حديث ال ال في أصحابي ل تتخذوهم‬
‫حد ذهًبا لم بلغ ُمّد أحدهم ول نصيفه‪ .‬وقال ‪ ‬خيركم قرني‬ ‫ضا من بعدي لو أنفق أحدكم مثل ُأ ُ‬ ‫غر ً‬
‫‪ ..‬الحديث‪.‬‬
‫ثم شرع في حرف الخاء المعجمة وفيه أربع صلوات فقال ‪:‬‬
‫حرف الخاء المعجمة‬
‫حَّمٍد الذي بسره ( روحه ) استقامت( استقلت وثبتت‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫)اللُهّم َ‬
‫)البرازخ( جمع برزخ يطلق على ما بين الدنيا والخرة كحالة الشخص بعد موته إلى يوم القيامة‬
‫فيقال في البرزخ أي في العالم المتوسط بين الدنيا والخرة والمراد منه هنا كل واسطة لشيء فهو‬
‫برزخ له فالوسائط برازخ توصل من تعلق بها وهذه ل تستقيم إل برسول ال لنه واسطة الوسائط‬
‫كما قال السيد البكري ‪ : ‬بالبرزخ الكلــــي الرفيع محمد خير البرية‬
‫وغيره من الوسائط برازخ جزئية كما تقدم لك في شرح الصلة المشيشية انه سر ال الجامع القائم‬
‫سّيِدَنا‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬ ‫ل َو َ‬‫صّ‬‫بين يدي ال والحجاب العظم فهي ألفاظ مترادفة والمعنى واحد )و َ‬
‫حّمٍد عدد كل منسوخ وناسخ ( أي من اليات والحاديث فإن القرآن فيه الناسخ والمنسوخ‬ ‫ُم َ‬
‫حّمٍد وعّمر قلوبنا ( عقولنا )بالنور( المعنوي‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬ ‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫ضا )و َ‬ ‫والحاديث أي ً‬
‫وهو نور اليمان والمعرفة )الراسخ( أي الثابت بأن تكون النفس راضية مرضية لن رسوخ النور‬
‫في العقل دليل على ذلك )صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه الذين هم في محبته كالجبال‬
‫الرواسخ( لكونها صارت لهم طبعا والشخص ل يتحول عن طبعه ولذلك هجروا في محبته الهل‬
‫ضلً‬‫ن َف ْ‬ ‫ن ِدياِرِهْم َوَأْمَواِلِهْم َيْبَتُغو َ‬
‫جوا ِم ْ‬
‫خِر ُ‬
‫ن ُأ ْ‬
‫ن اّلِذي َ‬ ‫جِري َ‬
‫والوطان قال ال تعالى فيهم ‪ِ ‬لْلُفَقَراِء اْلُمَها ِ‬

‫‪40‬‬
‫ن‪‬‬
‫ليَما َ‬
‫ن َتَبّوُءوا الّداَر َوا ِْ‬
‫ن ﴿‪َ ﴾8‬واّلِذي َ‬
‫صاِدُقو َ‬
‫ك ُهُم ال ّ‬
‫سوَلُه ُأوَلِئ َ‬
‫ل َوَر ُ‬
‫ن ا َّ‬
‫صُرو َ‬‫ضَواًنا َوَيْن ُ‬
‫ل َوِر ْ‬
‫ن ا ِّ‬
‫ِم َ‬
‫‪ [8,9‬الحشر[ الية ‪ .‬وقال البوصيري ‪ * :‬هم الجبال فسل عنهم مصادمهم * إلى آخر ما قال ‪ .‬ثم‬
‫شرع في حرف الدال المهملة وفيه عشر صلوات فقال ‪:‬‬
‫حرف الدال المهملة‬
‫ع( دال ومرشد )إلى( طاعة )ال وهاد( بمعنى‬ ‫سّيِدَنا محمد أشرف دا ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫)اللُهّم َ‬
‫ما قبله فالنبياء هداة والنبي أشرفهم قال في البردة ‪:‬‬
‫بأشرف الرسل كنا أكرم المم‬ ‫لما دعا ال داعينا لطاعته‬
‫حّمٍد واسلك بنا( أي اجعلنا مسلوًكا بنا )سبيل( طريق )الرشاد(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫)و َ‬
‫حّمٍد واخلع( أفض‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫أي الصواب وهو كناية عن طلب التوفيق )و َ‬
‫)علينا( معشر المصلين على الحبيب)خلع( آثار )الرضوان( هو إنعام ال تعالى أو إرادة‬
‫إنعامه)والوداد(مصدر الود بخلع تلبس واستعارة اسم المشبه به للمشبه على طريق الستعارة‬
‫حّمٍد‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫التصريحية وإضافة خلع للرضوان والوداد قرينة مانعة )و َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫وتوجنا( زينا )بتاج( زينة )القبول( منك لنا )بين العباد( في الدنيا والخرة )و َ‬
‫حّمٍد وارأف( بضم الهمزة وفتحها من باب نصر وفتح وهي شدة الرحمة )بنا( معاشر‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫َ‬
‫المصلين المحبين )رأفة( أي رأفة كرأفة )الحبيب( المحب )بحبيبه( محبوبه )يوم التناد( أي يوم‬
‫القيامة وسمي بذلك لنه يكثر فيه النداء ويناِدى أصحاب الجنة أصحاب النار وبالعكس بالسعادة‬
‫والشقاوة ويقول خازن الجنة يا أهل الجنة خلود بل موت وخازن النار يا أهل النار خلود بل موت‬
‫‪ .‬ولها أسماء كثيرة تقدم التنبيه عليها في شرح المسبعات والظرف يحتمل تعلقه بفعل المر‬
‫ويحتمل تعلقه برأفة وهو أولى لشموله فالمعنى على الول نسألك الرأفة أي زيادة الرحمة بنا يوم‬
‫القيامة وخصه لكونه أشد وعلى الثاني نسألك رأفة أي شدة رحمة بنا في كل حال دنيا وأخرى‬
‫مماثلة لرأفة المحب القادر المالك لمحبوبه يوم القيامة وتقدم أن المحبوبين في حضيرة القدس‬
‫حّمٍد وانشر( أشهر) طريقتنا( يعني المشهورة بالخلوتية التي‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫صلّ َو َ‬ ‫)و َ‬
‫تلقيناها عن المؤلف ‪ ‬وهو عن شمس الدين محمد بن سالم الحفناوي وهو عن سيدي‬
‫مصطفى البكري صاحب ورد السحر وهو عن سيدي عبد اللطيف الحلبي وهو عن العارف بال‬
‫مصطفى أفندي الدرنوي وهو عن سيدي علي قراباشا أفندي واشتهرت الطريقة به وهو عن‬
‫سيدي إسماعيل الجرومي وهو عن سيدي عمر الفؤادي وهو عن سيدي محيي الدين‬
‫القسطموني وهو عن الشيخ شعبان القسطموني وهو عن خير الدين التوقادي وهو عن جلبي‬
‫سلطان القسرائي الشهير بجمال الخلوتي وهو عن محمد بن بهاء الدين الرزنجاني وهو عن‬
‫سيدي يحيي الباكوبي وهو عن صدر الدين الخياوي وهو عن سيدي الحاج عز الدين وهو عن‬
‫محمد مبرام الخلوتي وهو عن عمر الخلوتي وهو الذي انبلجت الطريقة على يديه وهو عن أخيه‬
‫محمد الخلوتي وهو عن إبراهيم الزاهد الثكلني وهو عن سيدي جمال الدين التبريزي وهو عن‬
‫شهاب الدين محمد الشيرازي وهو عن ركن الدين محمد النجاشي وهو عن قطب الدين البهري‬
‫وهو عن أبي النجيب السهروردي وهو عن عمر البكري وهو عن وجيه الدين القاضي وهو عن‬
‫محمد البكري وهو عن محمد الدينوري وهو عن ممشاد الدينوري وهو عن سيد الطائفة الجنيد‬
‫بن محمد البغدادي وهو الذي انتهت إليه الطرق المشهورة وهو عن سري السقطي وهو عن‬

‫‪41‬‬
‫معروف الكرخي وهو عن داود بن نصير الطائي وهو عن حبيب العجمي وهو عن الحسن‬
‫البصري وهو عن المام علي بن أبي طالب وهو عن سيد الكائنات عليه الصلة السلم ورضي‬
‫ال عنهم وألحقنا بنسبهم أجمعين‪) .‬في سائر( جميع )البلد( لتكثر السالكون ويعم الهدى لما في‬
‫الحديث الشريف ‪ :‬لن يهدي ال بك رجل واحدا خير لك من حمر النعم وقوله تعالى ‪ ‬ومن أحسن‬
‫قول ممن دعا إلى ال‪ ‬وقال ‪ : ‬الدال على الخير كفاعله ‪ .‬وقال ‪ : ‬من سن سنة حسنة فله‬
‫أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة وفي الحديث ‪ :‬أوحى ال إلى داود يا داود من رد إلي‬
‫هارًبا كتبته جهبذا لم أعذبه أبدا‪ .‬انتهى والجهبذ بالكسر النقاد الخبير بغوامض المور البارع‬
‫العارف بطرق النقد وقال تعالى ‪ ‬الرحمن فاسأل به خبيًرا‪ ‬فالدال على ال هو الخبير وقد قال‬
‫العارفون ‪ :‬ليس الرجل من كمل في نفسه بل من كمل به غيره ول من زال عنه الخوف في نفسه‬
‫ولكن من زال به الخوف من غيره وفي الحقيقة الدال على ال تعالى هو الوارث الداخل في قوله‬
‫‪ : ‬العلماء ورثة النبياء فإذا لم يكن العالم دال فقد ورد في وعيد عظيم منه ما ذكره الغزالي ‪:‬‬
‫أن ال أوحى إلى داود عليه السلم يا داود إن أدنى ما اصنع بالعالم إذا آثر شهوته على محبتي أن‬
‫أحرمه لذيذ مناجاتي يا داود ل تسأل عني عالما أسكرته الدنيا فيصدك عن طريق محبتي أولئك‬
‫قطاع الطريق على عبادي )فائدة(الفرق بين الشريعة والطريقة والحقيقة أما الشريعة فهي الحكام‬
‫التي تعبدنا بها رسول ال عن ال من كل ما دلنا عليه الكتاب والسنة من الواجبات والجائزات‬
‫والمندوبات والمحرمات والمكروهات وأما الطريقة فهي العمل بالواجبات والمندوبات حسب‬
‫المكان وترك المنهيات والتخلي عن فضول المباحات ولها أركان وشروط وآداب ُتطلب من كتب‬
‫لشياء كشهود السماء والصفات وشهود‬ ‫القوم وأما الحقيقة فهي ثمرة الطريقة من فهم حقائق ا ِ‬
‫الذات وأسرار القرآن وأسرار المنع والجواز والعلوم الغيبية التي ل تكتسب من معلم وإنما تفهم‬
‫عن ال كما قال تعالى ‪ ‬وإن تتقوا ال يجعل لكم فرقانا‪ ‬أي فهما في قلوبكم تأخذونه عن ربكم من‬
‫غير معلم وقال تعالى ‪ ‬واتقوا ال ويعلمكم ال‪ ‬أي بغير واسطة معلم ومن كلم مالك ‪ : ‬من عمل‬
‫بما علم أورثه ال علم ما لم يكن يعلم ‪ .‬انتهى أفاد بهذه الكلمات الشريعة والطريقة والحقيقة أما‬
‫الشريعة بقوله علم والطريقة بقوله عمل والحقيقة بقوله أورثه ال علم ما لم يكن يعلم ولما كان‬
‫بحر الشريعة واسعا جدا تعدد طرق العاملين بها وكلها توصل للحقيقة حيث استوفى المريد‬
‫الشروط والداب وإل كان كحمار الرحى غايته مبدؤه قال السيد البكري ‪: ‬‬
‫أحاديثـه بين المحـــبين ل تــــــروى‬ ‫ومن لم يكن في الشوق التوق صادقا‬
‫عّمْر( ضد خرب )بسواطع أنوارها( أي بأنوارها السواطع‬ ‫حّمٍد و َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫صلّ َو َ‬
‫)َو َ‬
‫أي معارفها العلية وحقائقها الربانية )كل من اشتغل بها( أي بتلك الطريقة على وجه صحيح موافق‬
‫لما كان عليه القوم ‪) ‬من كل( شخص )حاضر وباد( الجار والمجرور بيان لمن والحاضر‬
‫ساكن الحضر أي المدن والقرى خلف البدوي وهو ساكن البادية أي التي ل مدن فيها ول قرى‬
‫والمراد تعميم الدعاء للمشتغلين بهما على الوجه الصحيح وأما المشتبهون بلبس الخرق المنهمكون‬
‫في الشهوات وأنواع الجهالت ول يعرفون طريقة شيخه إل اسمها وينكبون على الدنيا انكباب‬
‫السد على الفريسة ويخترعون أمورا ل تحل في الشرع كالطبول والزمور والكاسات خصوصا‬

‫‪42‬‬
‫في مساجد ال ويكثرون من وقيد الزيت والشموع ويزعمون أنها طريقة الرحمن كل وال بل‬
‫طريقة الشيطان قال العارف بال سيدي مصطفى البكري قدس ال سره‪:‬‬
‫من حاد عنها ربنـا أرداه‬ ‫واتبع شريعة أحمد خير الورى‬
‫وقال أيضًــا ‪:‬‬
‫حتى سما في الناس جدا ضرهُم‬ ‫قد نما في هذا الزمان شّرهُم‬
‫عوا‬
‫من أجل ذا الدين الحنيفي ود ُ‬ ‫ولم يكن لهم هنـا من يـــــــــردع‬
‫وقال سيدي عمر بن الفارض ‪: ‬‬
‫حـــــــٍة فيِه واعتّلوا‬
‫صّ‬‫عـن ِ‬
‫بجانبهم َ‬ ‫تعـّرض قـوٌم للغـراِم وأعرضـوا‬
‫وخاضوا بحــار الحب دعوى فابتّلوا‬ ‫رضوا بالماني وابتلوا بحظوظـهم‬
‫فهم في السرى لم يبرحوا عن مكانهم وما طعنوا في السير عنه وقد كّلوا‬
‫وفي مذهبي لما استحبوا العمى على الهــــــــــدى حسدًا من عند أنفسهم ضّلوا‬
‫وقال بعض العارفين رضي ال تعالى عنهم‪:‬‬

‫خل ِ‬
‫ق‬ ‫بل التصوف حسن السمت وال ُ‬ ‫خل ِ‬
‫ق‬ ‫ليس التصوف لبس الصوف وال َ‬
‫جنح الظلم وأجر الدمع في الغسق‬ ‫وقم‬ ‫تختار أنت‬ ‫فالبس من اللبس ما‬
‫حب الذي خلق النسان من علق‬ ‫مشغـــله‬ ‫الديباج‬ ‫فرب لبس‬
‫نجـا وذلك عنـد العارفين شقي‬ ‫تحــسبه‬ ‫للخيش‬ ‫وكم فتى لبس‬
‫ق‬
‫وذا مع اللبس مأسـور فلم يـف ِ‬ ‫ملبســــه‬ ‫يحجبه‬ ‫لم‬ ‫ذلك‬ ‫فإن‬

‫حّمٍد وقنا شر الحساد ( جمع حاسد وتقدم ما فيه )وأهل البغي(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫صلّ َو َ‬
‫)َو َ‬
‫حّمٍد وأصلح (‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫الجور والظلم )والعناد( المعارضة في الباطل )َو َ‬
‫الصلح ضد الفساد )ولة( جمع وال أي حاكم )أمورنا( الدنيوية والدينية )بالعدل( ضد الجور‬
‫)والسداد( الصواب فالدعاء لمراء المسلمين هو السنة وأما الدعاء عليهم فليس منها وإن ظلموا‬

‫‪43‬‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه ذوي الفضل ( الكامل )‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫فال حسبهم )و َ‬
‫والمداد( أي العانة و الغاثة لمن استجار بهم دنيا وأخري ‪.‬‬
‫حرف الذال المعجمة‬
‫حّمٍد أستاذ كل أستاذ( بضم الهمزة وآخره ذال معجمة هو في‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫)اللُهّم َ‬
‫الصل رئيس الصنعة وهو أعجمي لن السين والذال ل يجتمعان في اسم عربي واشتهر استعماله‬
‫سّلْم‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬ ‫في الشيخ الكامل‪ ,‬وفي المصباح الستاذ الماهر بالشيء العظيم ومعناه سيد كل سيد )و َ‬
‫صّ‬
‫ل‬ ‫حّمٍد ملذ كل ملذ( أي ملجأ محصن كل من يلجأ إليه ويتحصن به )و َ‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫َوَباِر ْ‬
‫صّنا )من كل ما منه استعاذ( تحصن‬ ‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه وأعذنا( ح ّ‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫َو َ‬
‫وهو شر الدارين ‪.‬‬
‫حرف الراء‬
‫صّ‬
‫ل‬ ‫حّمٍد معدن( مكان أخذ )السرار و َ‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫وفيه خمس صلوات )اللُهّم َ‬
‫حّمٍد مظهر( مكان ظهور )النوار(الحسية والمعنوية كما تقدم لك من‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫َو َ‬
‫حّمٍد عدد ما أظلم عليه الليل( من كل حادث جواهر‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫حديث جابر )و َ‬
‫حّمٍد وقنا عذاب النار(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫أو أعراض )وأضاء عليه النهار( كذلك )و َ‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫جهنم وطبقاتها واجعل بيننا وبينها وقاية )و َ‬
‫السادة( جمع سيد أي الكاملين ) الخيار( جمع خّير بالتشديد أي ذي خير دنيوي وأخروي ‪.‬‬
‫حرف الزاي‬
‫حّمٍد الذي تشرفت به أرض الحجاز(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫وفيه أربع صلوات )اللُهّم َ‬
‫بكسر الحاء أي زادت على غيرها في الشرف لكونها وطنه ومرباه وإل فكل الموجودات تشرفت‬
‫حّمٍد الذي من اتبعه فقد فاز( أي ظفر بسعادة الدارين قال‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬
‫به )وصَ ّ‬
‫سّلْم‬
‫ل َو َ‬
‫تعالى ‪ ‬إن كنتم تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال‪ ‬و‪ ‬من يطع الرسول فقد أطاع ال‪) ‬وصَ ّ‬
‫حّمٍد واكشف لنا( معشر المصلين على الحبيب)عن أسرار المنع( أي النهي‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫َوَباِر ْ‬
‫الصادق بالكراهة الوارد عن الشارع )والجواز( الذن الصادق بالوجوب الوارد منه فل بد لك ٍ‬
‫ل‬
‫من حكمة يطلع عليها الخواص وهي من جملة علم الحقيقة الذي ل يكتسب بمعلم وإنما هو من‬
‫حّمٍد وعلى آله‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫ثمرات العمل بالشريعة كما علمت مما تقدم)و َ‬
‫وأصحابه المختصين( أي الذين خصهم ال )بحسن المفاز( أي الفوز الذي هو الظفر بالمقصود ‪.‬‬
‫حرف السين المهملة‬
‫حّمٍد طيب النفاس( جمع َنَفس بفتحتين‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫وفيه أربع صلوات)اللُهّم َ‬
‫وهو نسيم الهواء والمراد منه هنا الصفات الحسية والمعنوية فإنها حميدة فل شبيه له في شيء منها‬
‫فلذلك كان بوله أطيب من رائحة المسك الذفر ودمعه وسائر فضلته كذلك فقد ورد أن الزبير‬
‫شرب دمه ‪ ‬فصار يفوح فمه مسًكا وبقيت رائحته في فمه إلى أن مات‪ .‬وكان عرقه أطيب‬
‫الطيب وكانوا يجعلونه في طيبهم ومن صافحه وجد ريح كفه جميع يومه وما خفي كان أعظم‬
‫حّمٍد وابسط لنا الرزق( أي وسع لنا رزق الدنيا والخرة )وأغننا‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫)و َ‬
‫عن الناس( دنيا وأخرى بالثقة بك وخلو القلب من سواك كما قال أبو الحسن الشاذلي ‪ ‬نسألك‬
‫الفقر مما سواك والغنى بك حتى ل نشهد إل إياك‪ .‬فإن فقر القلب هو الذي قال فيه ‪ ‬الفقر سواد‬

‫‪44‬‬
‫حّمٍد وطهرنا من الدناس(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫الوجه في الدارين ونعوذ منه‪) .‬و َ‬
‫المعنوية كالمعاصي والحجب التي تبعد عنك كما قال السيد البكري ‪ : ‬إلهي طهر سريرتي من‬
‫سّلْم‬
‫ل َو َ‬
‫كل شيٍء يبعدني عن حضراتك ويقطعني عن لذيذ مواصلتك والحسية ظاهرة )وصَ ّ‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه الذين أزلت( أبعدت )عنهم اللتباس( أي الشتباه لما‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫َوَباِر ْ‬
‫ورد ‪ :‬اتقوا فراسة المؤمن فإن المؤمن ينظر بنور ال‪ .‬وضرب ال مثلهم ‪ ‬بقوله تعالى ‪ ‬أَو من‬
‫كان ميًتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ‪ ‬وقال تعالى ‪ ‬أفمن شرح ال صدره للسلم‬
‫فهو على نور من ربه ‪ ‬فل يجتمع التباس مع النور الذي هو المعرفة الكاملة ‪.‬‬
‫حرف الشين المعجمة‬
‫حّمٍد الذي لم يرض( لنفسه الشريفة )بلين‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬
‫وفيه أربع صلوات )اللُهّم َ‬
‫الفراش( مع كون جسمه ألين من الحرير ويؤثر في جسده الفراش فقد ورد أنه كان له ‪ ‬كساء‬
‫طَأَتُه أي لينه منعتني‬
‫يجعله طبقتين فجعلته السيدة عائشة أربعًا فلما أصبح نهاها عن ذلك وقال إن و ْ‬
‫قيامي الليلة ودخل عليه عمر بن الخطاب ‪ ‬مرة منزلة فوجده مضطجًعا على حصير يابس قد‬
‫شا لينا وقال يا رسول ال إن‬ ‫أثر في جسده الشريف فتعصب عمر لكونه لم يجد عند النبي فرا ً‬
‫ملوك فارس يفرشون الحرير وأنت هكذا فغضب النبي لذلك فقال أولم تؤمن يا عمر أما ترضى أن‬
‫حمٍّد الذي كان من خلقه( العظيم )البشاش(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫لهم الدنيا ولنا الخرة )و َ‬
‫أي طلقة الوجه فكان يبتسم في وجه العداء في وقت القتال قال البوصيري ‪:‬‬
‫زال عن كل من يراه الشقاُء‬ ‫ليته خصني برؤية وجـــٍه‬
‫جوَه اللقَــاُء‬
‫ًما إذا أسَهــــَم الُو ُ‬ ‫سا‬
‫مسفر يلتقي الكتيبة َب ّ‬
‫حّمٍد‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫ومن أوصافه في الكتب القديمة أن الجهل ل يزيده إل حلًما )و َ‬
‫الذي تبرأ من الغاش( فقد قال ‪ : ‬من غشنا فليس منا‪.‬وفيه تخويف باعتبار ظاهره وإن كان‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫صلّ َو َ‬
‫العلماء أولوه بأن المعنى ليس على طريقتنا الكاملة فل ينافي أنه مؤمن عاص )و َ‬
‫حّمٍد وارزقنا بـ( سبب )بركته طيب المعاش( أي المعيشة الطيبة‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫َ‬
‫المرضية في الدنيا والخرة فإن رزق الدارين منم كفه وصل ‪.‬‬
‫حرف الصاد‬
‫حّمٍد المر‬
‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫وفيه ثلث صلوات )اللُهّم َ‬
‫بالتقوى( التي هي امتثال المأمورات واجتناب المنهيات )والخلص( أي كون العمل لوجه ال‬
‫سّلْم‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫الكريم فقد ورد المر بالتقوى والخلص في آيات ل تحصر وأحاديث ل تحصى )و َ‬
‫حّمٍد واجعلنا بـ( سبب )الصلة عليه من عبادك‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬
‫َوَباِر ْ‬
‫الخواص( الذين قلت فيهم ‪ ‬إن عبادي ليس لك عليهم سلطان‪ ‬وقال السيد البكري ‪ : ‬اللهم إنك‬
‫فتحت أقفال قلوب أهل الختصاص وخاصتهم من قيد القفاص ا هـ‪ .‬والمراد بقيد القفاص‬
‫الشهوات الطبيعية التي طبع عليها القفص الذي هو الجسم ويسمون عند أهل ال بالعبيد الحرار‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه أولي(أصحاب )القرب( المعنوي من ال‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫)و َ‬

‫‪45‬‬
‫)والختصاص( بالحضرة اللهية قال تعالى ‪ ‬والسابقون السابقون أولئك المقربون‪ ‬وسيئاتهم‬
‫حسنات غيرهم ولذلك قيل حسنات البرار سيئات المقربين وخاطبهم ال ‪ ‬مشافهة بقوله ‪ ‬كنتم‬
‫ـون في‬ ‫ما لموسى ول لعيسى حواريـــ‬ ‫خير أمة أخرجت للناس‪ ‬وقال البوصيري ‪: ‬‬
‫فضلهم ول نقباء‬
‫حرف الضاد المعجمة‬
‫حّمٍد الذي‬‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫وفيه خمس صلوات )اللُهّم َ‬
‫أزهرت( أخرجت زهرها )ببركته الرياض( جمع روضة وهي البساتين فإن الزهار والثمار في‬
‫سِيِدَنا‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬ ‫الدنيا وفي الجنة ما وجدت إل ببركته ‪) ‬و َ‬
‫صّ‬
‫حّمٍد صاحب المدد( العطاء )الفياض( السيال كثيرا لكونه كالبحر قال بعضهم ‪:‬‬ ‫ُم َ‬
‫يعجز البحر أن يضاهي نواله‬ ‫ل تقسه بالبحر عند نوال‬
‫وقال البوصيري ‪: ‬‬
‫والبحر في كرم والدهر في همم‬ ‫كالزهر في ترف والبدر في شرف‬
‫حمٍّد الذي أعرض( بباطنه وظاهره )عما‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫)و َ‬
‫سوى ال( من سائر الموجودات دنيا وأخرى حتى الجنة وما فيها )كل العراض( فمن يوم مولده‬
‫نزل رافعا طرفه للسماء ليس قصده غير شهود ربه قال البوصيري ‪:‬‬
‫عين من شأنه العلو العلء‬ ‫رامقا طرفه إلى السماء ومرمى‬
‫ولذلك قال ‪ : ‬لو اتخذت خليل غير ربي لتخذت أبا بكٍر خليل ولكن أخوة السلم‪ .‬وفي‬
‫ضا ‪ :‬قام حتى تورمت قدماه الشريفتان فقالت له عائشة رضي ال عنها أو ليس أن ال قد‬ ‫الحديث أي ً‬
‫غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفل أكون عبدا شكورا‪ .‬قال البوصيري‪ : ‬ورمت إذ‬
‫إلى ال خوفه والرجاء‬ ‫رمى بها ظلم الليــــل‬
‫حمٍّد وانزع( بهمزة الوصل أي أذهب )من‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫)و َ‬
‫قلوبنا( عقولنا )حب الشهوات( النفسانية )والغراض( المبعدة عن الحضرات اللهية وهي حجب‬
‫النفس الظلمانية والنورانية فالظلمانية شهوات المعاصي الباطنية والظاهرية والنورانية طلب غير‬
‫ال من المور الخروية كالعبادة لجل حصول العلم أو لجل حصول الكرامات كالكشف‬
‫والطيران والجنة والخلص من النار والقبر ونعيمه وعذابه وسعة الدنيا وإقبال الناس بقصد نفعهم‬
‫أو قصد الولية أو الجتماع بالنبي أو النبياء أو الولياء والحاذق يقيس كما قال بعض العارفين ‪:‬‬
‫ومالي في شيء سواك مطامع‬ ‫أحبك ل لي بل لنك أهله‬
‫وقال سيدي عمر بن الفارض ‪: ‬‬
‫بي تمل فقلت قصـدي وراكا‬ ‫قال لي حسن كل شيء تجلى‬
‫لك شرك ول أرى الشراكا‬ ‫وحـد القلب حـبه فالتفاتي‬
‫وقال صاحب الحكم ‪ ‬ما أرادت همة سالك أن تقف عندما كشف لها إل ونادته هواتف الحقيقة‬
‫الذي تطلب أمامك اهـ‪ .‬قال تعالى ‪ ‬وأن إلى ربك المنتهى ‪  ‬أل إلى ال تصير المور‪ ‬ولذلك ورد‬
‫أن من عبد ال بهذا الوجه تزفه الملئكة إلى الجنة مسحوبا في سلسل الذهب ومن هنا قال‬
‫العارف بال أبــو العينين ‪: ‬‬
‫شغل بحبك يا ديني ودنيائي‬ ‫تركت للناس دنياهم ودينهم‬

‫‪46‬‬
‫وقال ابن الفارض ‪: ‬‬
‫وخل سبيل الناسكين وإن جلوا‬ ‫تعلق بأذيال الهوى واخلع الحيا‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه المطهرة( المنزهة )قلوبهم( عقولهم‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫صلّ َو َ‬ ‫)و َ‬
‫)من المراض( التي هي الحجب المتقدمة ظلمانية أو نورانية وهكذا وصف الكاملين من أهل ال‬
‫ولما كان الخلص من تلك الحجب واجبا عينّيا على كل مريد ل وضع أهل الطريقة الخلوتية‬
‫أسماء سبعة لن كمال النفس وخلصها من تلك الحجب ل يحصل إل بتجليات تلك السماء على‬
‫الترتيب المعلوم عندهم لنهم قسموا النفس إلى سبعة أقسام أمارة ولوامة وملهمة ومطمئنة وراضية‬
‫ومرضية وكاملة فأخذوا المارة من قوله تعالى ‪ ‬إن النفس لمارة بالسوء‪‬وهي نفوس الفساق ل‬
‫تأمر بخير أصل واللوامة من قوله تعالى ‪ ‬ول أقسم بالنفس اللوامة‪ ‬وهي تأمر بالمعاصي لكن تلوم‬
‫صاحبها وتتوب والملهمة من قوله تعالى ‪‬فألهمها فجورها وتقواها‪ ‬وهي التي ألهمت عيوبها فل‬
‫ترى لها تقوى ول عمل صالحا وصاحبها فان في مقام السكر والمطمئنة والراضية والمرضية من‬
‫قوله تعالى ‪ ‬يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية‪ ‬والكاملة من قوله تعالى ‪‬‬
‫وادخلي جنتي‪ ‬وسميت مطمئنة لرجوعها لمقام البقاء بربها وسكونها للمقادير لشهودها الحق في‬
‫الثار فترى كل شيء جميل فلذلك كان أول قدم يضعه المريد في الطريق وقبله كان مريدا ولم‬
‫يكن من أهل الطريق فإذا استمرت تلك الطمأنينة واستمر بالباب كانت راضية فتكون مرضيا‬
‫عليها من ال لن من رضي له الرضا فإذا استمر على الباب تجلى عليه الحق بشهود الذات فضل‬
‫منه وإحسانا وهي الكاملة وهذا هو إشارة لقوله تعالى ‪ ‬وادخلي جنتي‪ ‬أي جنة مشهودي في الدنيا‬
‫فإنه تقدم لنا أن مشهود الذات نعيم معجل للولياء أعظم من نعيم الجنان فوضعوا للمقام الول ل‬
‫إله إل ال لنفي الغيار من كل حجاب ظلماني ووضعوا السم العظم وهو ال للخلص من‬
‫النفس اللوامة فإن تجليه يفنيها ووضعوا للمقام الثالث هـو بالسكون والمد موضوع لحقيقة الحق‬
‫فذكره يناسب الفاني في ذات ال فإذا صحا من سكره وضعوا له حق لن تجليه يحصل به دوام‬
‫الطمأنينة لكون معنى الحق الثابت الذي ل يقبل الزوال أزل ول أبدا فإذا استمر ثابتا بعد صحوه‬
‫من الفناء وضعوا له في المقام الخامس حي لتجليه عليه بالحياة السرمدية فإذا خلعت عليه خلعته‬
‫صارت نفسه مرضية للرب ‪ ‬وناسبه قيوم لن به قوام العالم فتخلع عليه خلعة القيومية وهو‬
‫التصرف في العالم فيصلح للخلفة فينتقل للكمال وهو شهود الذات فيناسبه قهار ليخلع عليه خلعة‬
‫يقهر بها المعاندين والمعارضين لنه صار داعيا من دعاة الحق وهذا الذي أبديته لك ل يؤخذ إل‬
‫عن سالك الطريق بالغ الكمال آخًذا لها عن الرجال بالحد والجتهاد فإن لم تجد كامل فالزم الصلة‬
‫على الحبيب المصطفى فإنها شيخ من ل شيخ له وهذه الكلمات فضول مني ولكن مني ما يليق‬
‫بلؤمي ومن مولنا ما يليق بكرمه ‪.‬‬
‫حرف الطــاء المهملة‬
‫حّمٍد الهادي( الدال‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫وفيه أربع صلوات)اللُهّم َ‬
‫أو الموصل )إلى سواء الصراط( أي الصراط السوي أي العدل الذي ل اعوجاج فيه فقد شبه دين‬
‫السلم بالصراط الذي هو الطريق الحسي واستعار اسم المشبه به للمشبه استعارة تصريحية على‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫حد قوله تعالى ‪ ‬اهدنا الصراط المستقيم‪ ‬والجامع بينهما التوصل للمقصود )و َ‬
‫حّمٍد المر بالعدل( في كل المور دينا أو دنيا )والناهي عن‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫َ‬
‫التفريط( أي التضييع والتقصير في الدين أو الدنيا )والفراط( التشديد والخروج عن الحد في الدين‬

‫‪47‬‬
‫أو الدنيا ففي الحديث ‪ :‬اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن ال ل يمل حتى تملوا وحديث خير المور‬
‫عَلى‬ ‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا مُ َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫صلّ َو َ‬ ‫أوسطها وحديث خير العمل ما دووم عليه وإن قل‪) .‬و َ‬
‫حّمٍد وسلمنا ببركته من النحطاط( أي السقوط في الزلت والنقص عن مراتب أهل‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬‫آِ‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه الذين ربطوا قلوبهم ( أرواحهم‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫العنايات )و َ‬
‫)بمحبته كل الرتباط( فكانوا يحبونه أكثر من أنفسهم وأولدهم وأموالهم ولذلك قتلوا من أجله‬
‫آباءهم وأبناءهم وعشيرتهم وكان الواحد منهم يعذبه العداء بأنواع العذاب لجل سبة يسبها‬
‫لرسول ال ‪ ‬فيختار العذاب كما وقع لبلل وغيره ‪. ‬‬
‫حرف الظاء المشالة‬
‫حّمٍد عدد كل‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫وفيه ثلث صلوات)اللُهّم َ‬
‫سّيِدَنا‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬‫محفوظ( من الخلئق )وحافظ( من الخلئق ملئكة أو غيرهم )و َ‬
‫حّمٍد عدد كل موعوظ( أي كل شخص اتعظ بأمر غيره وامتثل )وواعظ(‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬
‫ُم َ‬
‫حّمٍد وعلى آله‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫وهو المر بالطاعة المحذر عن المعصية )و َ‬
‫وأصحابه الذين اتعظوا منه ( أي استقاموا لمره )بجميل المواعظ( أي بالمواعظ بمعنى الوامر‬
‫والوصايا الجميلة منها قوله ‪ : ‬طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس طوبى لمن أنفق نال‬
‫اكتسبه من غير معصية وجالس أهل الفقه والحكمة وخالط أهل الذلة والمسكنة طوبى لمن ذلت‬
‫نفسه وحسنت خليقته وطابت سريرته وعزل عن الناس شره طوبى لمن أنفق الفضل من ماله‬
‫وأمسك الفضل من قوله ووسعته السنه ولم تستهوه البدعة ومنها قوله ‪ : ‬إن المؤمن بين‬
‫مخافتين بين أجل قد مضى ل يدري ما ال صانع فيه وبين أجل قد بقي ل يدري ما ال قاض فيه‬
‫فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ومن دنياه لخرته ومن الشبيـبة قبـل الكـبر ومـن الحياة قبـل المــوت‬
‫فوالذي نفـس محمد بيده مـا بعد المـوت مـن مستعتب ول بعد الدنيا دار إل الجنة أو النـــــار‪.‬‬
‫حرف العين المهملة‬
‫حّمٍد النور الساطع ( أي المرتفع‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫وفيه خمس صلوات)اللُهّم َ‬
‫حّمدٍ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫والمنتشر لتفرع كل النوار منه كما علمت من حديث جابر )و َ‬
‫الذي تلتذ بحديثه المسامع( أي أصحابها من المؤمنين والمؤمنات يتلذذون بسماع كلم رسول ال‬
‫منه أو من غيره قال سيدي عمر بن الفارض في هذا المعنى ‪:‬‬
‫وكلي إن حدثتهم ألسن تتلو‬ ‫فإن حدثوا عنها فكلي مسامع‬
‫ضا قوله ‪: ‬‬ ‫ومن ذلك أي ً‬
‫بتلطف‬ ‫برســالة أديتـها‬ ‫يا أخت سعد من حبيب جئتني‬
‫لم تنظري وعرفت ما لم تعرفي‬ ‫فسمعت ما لم تسمعي ونظرت ما‬
‫حّمٍد الذي هو لكل خير جامع( فهو جامع لكمالت الولين‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫صلّ َو َ‬ ‫)و َ‬
‫والخرين ولذلك كان من أسمائه سر ال الجامع قال بعضهم ‪:‬‬
‫أن يجمع العالم في واحد‬ ‫وليس على ال بمستنكٍر‬
‫حّمٍد وأزل عن قلوبنا البراقع( أي الحجب الظلمانية والنورانية‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫)و َ‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه الذين كان‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫حتى نشاهد الذات العلية )و َ‬
‫مجمعهم( جماعتهم )خير المجامع( أي الجماعات ولذلك قال ‪ : ‬ل تجتمع أمتي على ضللة ‪.‬‬
‫وكان جماعهم حجة في علم الوصول قطيعة ومن خرقه فهو ضال خارجي‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫حرف الغين المعجمة‬
‫حّمٍد صاحب الرسالة‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد وَ َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫وفيه صلتان )اللُهّم َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫صلّ َو َ‬
‫والبلغ( أي التبليغ أو الكفاية فهو الكافي لمته بل لجميع الخلق لنه باب لهم )و َ‬
‫حّمٍد صلة دائمة تمل السموات والفراغ( أي الخلو الكائن في‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد َو َ‬
‫عَلى سَّيِدَنا ُم َ‬
‫َ‬
‫العالم العلوي والسفلي والمعنى أنها لو جسمت لملت ذلك ‪.‬‬
‫حرف الفاء‬
‫حّمٍد المر بالعدل والنصاف( عطف‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫)اللُهّم َ‬
‫مرادف والعدل ضد الجور وهو صادق بالعدل في نفسه وفي غيره فالعدل في النفس استقامته على‬
‫عَلى آ ِ‬
‫ل‬ ‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬ ‫الدين وفي الغير معاملة الخلق بما يحبه لنفسه)و َ‬
‫حّمٍد الناهي عن التبذير( وهو صرف المال فيما حرم ال ) والسراف( هو الفساد في‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫َ‬
‫حّمٍد( الذي هو كـ)البحر‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫الدين أو الدنيا )و َ‬
‫الخضم( بكسر الخاء المعجمة وتشديد الميم أو تخفيفها مع فتح الضاد أي كثير الماء وهاتان اللغتان‬
‫هما المحفوظتان عن المؤلف ‪ ‬وهناك أربع لغات أخر كما في شرح الدلئل فتح الخاء وطاء‬
‫ساكنه أو ظاء أو طاء ممدودة وغير ممدودة من غير خاء وترتيبها هكذا خطم خظم طام طم )‬
‫الذي منه الغتراف( هذا هو وجه الشبه فجميع خيرات الدنيا و الخرة تغترف من النبي كما‬
‫حّمٍد وأسعفنا( أي أعنا‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد وَ َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫يغترف من البحر )و َ‬
‫على مهمات الدين والدنيا )بـ(سبب)ـه( ) كل السعاف( أي عناية كاملة فل يفوتنا شيء من خيري‬
‫حّمٍد‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫الدنيا والخرة ول يسوؤنا شيء من شر الدنيا والخرة )وصَ ّ‬
‫وعلى آله وأصحابه الذين ارتشفوا( اقتبسوا )من فيض نوره( أي من نوره الكثير الذي هو كالفيض‬
‫أي البحر والمراد علومه ومعارفه )جميل الرتشاف(أي أحسن القتباس فشبه علومه ومعارفه ‪‬‬
‫ببحر يرتشف أي يشرب منه بالفم بجامع الحياة في كل ‪.‬‬
‫حرف القاف‬
‫حّمدٍخير( أفضل‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫وفيه أربع صلوات )اللُهّم َ‬
‫سا وجًنا‬‫خَيْر حذفت الهمزة لكثرة الستعمال )خلق ال( أي مخلوقاته )على الطلق( إن ً‬ ‫وأصله َأ ْ‬
‫وملًكا ف الدنيا والخرة إجماعا خلًفا للزمخشري المفضل لجبريل ‪ ‬واستدل بقوله تعالى في‬
‫ن ﴿‪ ﴾22‬فالوصاف‬ ‫جُنو ٍ‬‫حُبُكْم ِبَم ْ‬
‫صا ِ‬
‫ل َكِريٍم ﴿‪ ﴾19‬إلى أن قال ‪ ‬وََما َ‬ ‫سو ٍ‬‫ل َر ُ‬
‫سورة التكوير ‪ِ ‬إّنُه َلَقْو ُ‬
‫الولى في جبريل وقوله وما صاحبكم بمجنون في سيدنا محمد أي بذي جن أي ليس بآخذ عن‬
‫الجن بل هو قول رسول كريم الخ فادعى أن هذه الية يؤخذ منها فضل جبريل على محمد لنه‬
‫وصف جبريل بعدة أوصاف ووصف محمد بوصف واحد ورد عليه أهل السنة بأن هذا غلط من‬
‫الزمخشري لن سبب الية أنهم كانوا يسبون الذي أخذ عنه النبي ويقولون إنه جني فالمقصود من‬
‫الية تعظيم جبريل ودفع النقص عنه والمعنى أن الواسطة له رسول كريم ذو قوة عند ذي العرش‬
‫وهو ال مكين ذو رتبة عالية وما صاحبكم محمد الذي تعرفون أمانته وصدقه بآخذ عن جني‬
‫فالمقام هنا لتعظيم الواسطة وأما التفاضل بينهما فمأخوذ من أدلة أخرى منها قوله تعالى ‪ ‬وما‬

‫‪49‬‬
‫أرسلناك إل رحمة للعالمين‪ ‬و ‪ ‬إنك لعلى خلق عظيم‪ ‬وأدلة ذلك من الكتاب والسنة ل تحصر قال‬
‫في الجوهرة ‪:‬‬
‫ل عن الشقاق‬
‫نبينا َفِم ْ‬ ‫وأفضل الخلئق على الطلق‬
‫حّمٍد صلة تزيل بـ( سببـ)ـها عنا( معشر‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫صلّ َو َ‬‫)و َ‬
‫المصلين )الوهم( أي ضعف اليقين قال صاحب الحكم ‪ :‬ما قادك شيء مثل الوهم )والنفاق( القولي‬
‫والفعلي أما القولي فهو الزندقة بأن يخفي الكفر ويظهر السلم وأما الفعلي فهو صفات النفس‬
‫المذمومة كالرياء والسمعة والكبر والعجب والكذب وخلف الوعد والمداهنة بأن يصانع الناس‬
‫عَلى‬
‫ك َ‬
‫ل َوسَّلْم َوَباِر ْ‬
‫صّ‬‫بدينه لمصلحة دنياه والخديعة والغش إلى غير ذلك من الحجب الظلمانية )و َ‬
‫حّمٍد صلة تدخلنا( معشر المصلين عليه )بـ( سببـ)ـها حضرة‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬‫حّمٍد َو َ‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫َ‬
‫الطلق( الضافة بيانية أي حضرة هي الطلق أي من قيد القفاص أي من الطباع الجسمانية‬
‫بأن يخرج العبد من أسر الطبيعة ومن سائر الحجب الظلمانية والنورانية فيصير حًرا لخروجه عن‬
‫شوائب الرقية وهذا معنى قول صاحب ورد السحر اللهم انك فتحت أقفال قلوب أهل الختصاص‬
‫وخلصتهم من قيد القفاص فخلص سرائرنا من التعلق بملحظة سواك وأفننا عن شهود نفوسنا ل‬
‫نشهد إل إياك لن مراده بالقفاص الجسام وقيدها طبائعها وهي الحجب النفسانية ظلمانية أو‬
‫ضا إلهي نحن السارى فمن قيودنا فأطلقنا ونحن العبيد فمن‬ ‫نورانية كما علمت ومعنى قوله أي ً‬
‫وبعد الفنا في‬ ‫سواك فخلصنا واعتقنا وقد أشار لهذا المعنى سيدي محمد بن وفا ‪ ‬بقوله ‪:‬‬
‫فعلمك ل جهل وفعلك ل وزر‬ ‫ال كن كيفما تشا‬
‫فصاحب هذا الوصف يقال له في اصطلح القوم في حضرة الطلق ويقال له من الحرار لكونه‬
‫مطلوًقا من طبائعه ومن كل ما سوى موله باق بربه ل يشهد إل عله وتارة تضاف حضرة‬
‫الطلق إلى ال تعالى يقال حضرة ال حضرة الطلق معناه الفناء المطلق والكمال المطلق‬
‫ضا يشهده العارفون فإذا شهده العارف ذاب من خشية ال وخاف حتى من‬ ‫والتعزز المطلق وهذا أي ً‬
‫أعماله الصالحة وهو الذي قال فيه صاحب ورد السحر الهي إني أخاف أن تعذبني بأفضل أعمالي‬
‫فكيف ل أخاف من عقابك بأسوأ أحوالي وينسى المغفور له الغفران كما قال أبو بكر الصديق ‪‬‬
‫ل آمن مكر ال ولو كانت إحدى قدمي داخل الجنة وكان يشم منه رائحة الكبد المشوي وقال عمر‬
‫بن الخطاب ليت أم عمر لم تلد عمر ليتني كبشا فسمنني أهلي وأكلوني ومن شهود هذا المقام جثو‬
‫النبياء على الركب يوم القيامة وقول النبي ‪ ‬شيبتني هود وأخواتها فكلم المؤلف ‪ ‬يحتمل‬
‫حمٍّد وعلى آله وأصحابه الذين أولي البأس‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫المعنيين وكل صحيح )و َ‬
‫الشديد( أي العز والهمة )عند( وقت مكان )التلق( أي ملقاة العداء في الحروب قال البوصيري‬
‫‪:‬‬
‫حاربوها أسلبها أغلء‬ ‫أرخصوا في الوغى نفوس ملوك‬
‫حرف الكــاف‬
‫حّمد ما تحركت‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد وَ َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫وفيه صلتان )اللُهّم َ‬
‫الفلك( أي مدة دوام حركتها بسير النجوم والشمس والقمر وهذا يدوم ليوم القيامة فكأنه يقول‬

‫‪50‬‬
‫سِيِدَنا‬
‫ل َ‬‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬ ‫صل عليه صلة دائمة إلى يوم القيامة )و َ‬
‫حّمٍد عدد تسبيح الملك( أي مثل ذلك العدد وهو ل نهاية له لن تسبيح الملئكة ل ينقضي ‪.‬‬ ‫ُم َ‬
‫حــرف الـلم‬
‫حّمٍد بطل( شجاع )البطال( الشجعان لنه وزن بالخلق‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫)اللُهّم َ‬
‫حّمٍد معدن الجود( أي محل أخذ الكرم )والنوال(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬ ‫صّ‬
‫أجمعين فرجح )و َ‬
‫حّمٍد وأذقنا( أي اجعلنا‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫العطاء والحسان )و َ‬
‫ذائقين بفضلك وإحسانك )لذة الوصال( الذي هو مشهود الذات بالعين من غير كيف كما تقدم في‬
‫قول السيد البكري ‪: ‬‬
‫تجلى علينا في تجلي الذات‬ ‫كم لذة فاقت على اللذات‬
‫ويحتمل أن مراده وصال النبي ‪ ‬وتقدم الكلم في قوله وأذقنا بالصلة عيه لذة وصاله والولى‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه كملة( جمع كامل و هو البالغ‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫التعميم )و َ‬
‫الغاية في الشرف والتقوى )الرجال( ولذلك قال ‪ ‬ال ال في أصحابي ل تتخذوهم غرضا من‬
‫بعدي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا لم يبلغ مد أحدهم ول نصيفه ‪.‬‬
‫حرف الميم‬
‫حّمٍد السيد الهمام( أي الملك العظيم الهيبة‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫وفيه أربع صلوات )اللُهّم َ‬
‫ولذلك قال ‪ ‬نصرت بالرعب مسيرة شهر وقال البوصيري ‪ : ‬كأنه وهو فـرد في جللته‬
‫في عسكر حين تلقاه وفي حشم‬
‫حّمٍد أفضل الرسل الكرام( جمع كريم‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫)و َ‬
‫وهو النفيس الكامل )عليه وعليهم أفضل الصلة والسلم على مر( أصله ممر حذفت الميم الولى‬
‫تخفيفا أي مرور )الليالي(جمع ليلة وهو عند الشرعيين من غروب الشمس إلى طلوع الفجر وعند‬
‫سّيِدَنا‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫الفلكيين إلى طلوع الشمس)واليام( جمع يوم وهو النهار ضد الليل )و َ‬
‫حّمٍد صلة تنجينا( تخلصنا معشر المصلين عليه )بـ( سببـ)ـها من الشكوك(‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬‫ُم َ‬
‫جمع شك وهو التردد بين شيئين على حد سواء )والوهام( جمع وهم وهو الطرف المرجوح وإنما‬
‫طلب النجاة منهما لنهما مزرعتان للشيطان في ابن آدم فهما باب الوسوسة وهي باب عظيم لفساد‬
‫الدين لن العبد إذا تشكك في دعواته منع من الجابة وإن أساء الظن بربه هلك لما في الحديث‬
‫الشريف أنا عند ظن عبدي بي وقول الناس إن الوسواس يعتري الصالحين كلم باطل ذكر‬
‫الشعراني ‪ ‬أنه يعتري من كان عنده خبل في عقله أو شك في دينه ويشهد لبطلن قولهم تعالى ‪‬‬
‫إن عبادي ليس لك عليهم سلطان‪ ‬وبالجملة صاحب الشكوك والوهام ل يفلح أبدا ما دام بذلك‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه الئمة( جمع إمام أي المقدمين على‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬‫)و َ‬
‫سائر الخلق ما عدا النبياء )العلم( جمع علم أي كالعلم في الرفعة والظهور والعلم في الراية‬
‫والجبل ‪.‬‬
‫حرف النون‬
‫حّمد سيد( أهل‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫وفيه أربع صلوات )اللُهّم َ‬
‫)الكوان( في الدنيا والخرة والكوان جمع كون وهي السموات والرض أو المراد بالكوان كل‬
‫حّمٍد صلة(‬
‫سِيِدَنا مُ َ‬
‫ل َ‬‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫مخلوق فل حاجة لتقدير أهل )و َ‬

‫‪51‬‬
‫بحيث لو جسمت )تمل المكنة والزمان( المكنة جمع مكان وهو الحيز والزمان جمع زمان‬
‫يطلق على الليل والنهار وفي اصطلح المتكلمين على مقارنة متجدد معلوم لمتجدد موهوم كقولك‬
‫ولد النبي ‪ ‬عام الفيل إن كانت الولدة مجهولة والفيل معلوما عند المخاطب أو بالعكس وفي‬
‫حّمٍد‬‫سِيِدَنا ُم َ‬‫ل َ‬
‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬
‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬‫اصطلح الحكماء على حركة الفلك)و َ‬
‫صلة نرتقي بـ(سببـ)ـها( رقيا معنويا )إلى مقام( وصف ) المعرفة( بال الكاملة )والحسان( هو‬
‫أن تعبد ال كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهذا لفظ الحديث المشهور فأشار بالجملة الولى‬
‫سّيِدَنا‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬
‫إلى عبادة أهل الشهود وبالجملة الثانية إلى عبادة أهل المراقبة )و َ‬
‫حّمٍد وعلى آله وأصحابه الئمة العيان( أي الشراف ‪.‬‬ ‫ُم َ‬
‫حرف الهاء‬
‫حّمٍد العالي( الرفيع )القدر( الرتبة قال‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫وفيه صلتان )اللُهّم َ‬
‫البوصيري ‪: ‬‬
‫ظمًا أحيا اسمه حين يدعى دارس المم‬ ‫عَ‬‫لـــــــــو ناسبت قدره آياته ِ‬
‫)العظيم الجاه( بمعنى ما قبله وفي الحديث الشريف توسلوا بجاهي فإن جاهي عند ال عظيم وقد‬
‫ورد أنه ل يجوز القسم على ال تعالى إل بأسمائه العلية أو بسيدنا محمد كما في الحديث الشريف‬
‫قال ‪ ‬من كان له حاجة عند ال فليقل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بحبيبك المصطفى عندك يا‬
‫سيدنا محمد أتوسل بك إلى ربي في قضاء حاجتي هذه لتقضى لي اللهم شفعه فينا بجاهه عندك‬
‫سِيِدَنا‬‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬
‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫ومن معنى ذلك رواية الدلئل المشهورة ) و َ‬
‫حّمٍد وأطلعنا( أي اجعلنا مطلعين )على أسرار ل إله إل ال( أي هذه الجملة فإنها مفتاح الجنة مع‬ ‫ُم َ‬
‫عديلتها وهي محمد رسول ال فإن أسرارها ل تدخل تحت حصر بل أصل لكل العلوم والمطلوب‬
‫أسرار تليق بغير النبياء ول تحصل تلك السرار غالبا إل لمن أكثر من ذكرها متصفا بآدابها قال‬
‫الشيخ السنوسي ‪ ‬فعلى العاقل أن يكثر من ذكرها متصفا لما احتوت عليه من المعاني حتى‬
‫تمتزج مع معناها بلحمه ودمه فيرى لها من السرار والعجائب مـا ل يدخـل تحت حصر ا هـ ‪.‬‬
‫ولنذكر لك شيئا من آداب الطريق التي هي بابها قال شيخنا المؤلف ‪ ‬في رسالته التي ألفها في‬
‫طريق القوم ولما رأى أهل ال أن التمسك بالتقوى على الوجه الكمل ل يتيسر للنفس إل بأصول‬
‫وآداب شرطوا على من أراد أن يتمسك بها تلك الصول والداب فالصول ستة أولها الجوع‬
‫الختياري بأن ل يزيد على ثلث البطن عند شدة الجوع ولكن المبتدئ ل قدرة له على ذلك غالبا‬
‫فليلزم الصوم حتى ترتاض النفس والثاني العزلة عن الخلق إل لضرورة من علم أو بيع أو شراء‬
‫لمن احتاج والثالث الصمت ظاهرا وباطنا إل عن ذكر ال والرابع السهر للذكر والفكر وأقله ثلث‬
‫الليل الخير إلى طلوع الشمس والخامس دوام الذكر الذي لقنه له شيخه ل يتجاوز إلى غيره إل‬
‫بإذنه والوراد المخصوصة بطريق شيخه السادس الشيخ الذي سلك طريقته وعلم ما فيها وأما‬
‫الداب فهي كثيرة جدا فنقتصر منها على المهمات بعضها يتعلق بحق الشيخ وبعضها يتعلق بحق‬
‫الخوان الذين معه في الطريق وبعضها يتعلق بحق العامة و بعضها يتعلق بنفسه وبالتي نذكرها‬
‫يتيسر له إن شاء ال ما لم نذكره فالداب التي تطلب من المريد في حق الشيخ أوجبها تعظيمه‬
‫وتوقيره ظاهرا وباطنا وعدم العتراض عليه في شيء فعله ولو كان ظاهره أنه حرام ويؤول ما‬
‫اْنَبَهَم عليه ول يلتجئ لغيره من الصالحين ول يزور صالحا إل بإذنه ول يحضر مجلس غيره ول‬
‫يسمع من سواه حتى يتم سقيه مما سر شيخه ول يقعد وشيخه واقف ول ينام بحضرته إل بإذنه في‬

‫‪52‬‬
‫محل الضرورات ول يكثر الكلم في حضرته ولو باسطه ول يجلس على سجادته ول يسبح‬
‫بسبحته ول يجلس في المكان المعد له ول يفعل فعل من المور المهمة إل بإذنه ول يمسك يده‬
‫للسلم وهي مشغولة بشيء بل يسلم عليه بلسانه ول يمشي أمامه ول يساويه في مشيه إل بليل‬
‫مظلم ليكون مشيه أمامه صونا له وأن ل يذكره عند أعدائه وأن يحفظه في غيبته كحفظه في‬
‫حضوره وأن يلحظه بقلبه في جميع أحواله ويرى كل نعمة وصلت له من بركته وأن ل يعاشر‬
‫من كان الشيخ يكرهه وان يصير علي جفوته وإعراضه عنه وأن يحمل كلم شيخه على ظاهره‬
‫فيمتثله إل لقرينة صارفة عن إرادة الظاهر وأن يلزم الِوْرَد الذي رتبه فإن مدد الشيخ في ورده‬
‫فمن تخلف عنه حرم المدد وأن يقدم محبته على محبة غيره ما عدا ال ورسوله فإنها المقصودة‬
‫بالذات ومحبة الشيخ وسيلة أما الداب التي في حق إخوانه فيكون محبا لهم ول يخصص نفسه‬
‫بشيء دونهم ويحب لهم ما يحب لنفسه ويعودهم إذا مرضوا ويسأل عنهم إذا غابوا ويبتدرهم‬
‫بالسلم وطلقة الوجه وأن يراهم خيرا منه ويطلب منهم الرضا ول يزاحمهم على أمر دنيوي بل‬
‫يبذل لهم ما فتح عليه به ويوقر كبيرهم ويرحم صغيرهم ويتعاون معهم على حب ال وليجعل‬
‫رأس ماله مسامحة إخوانه ويخدمهم ولو بتقديم النعال لهم وأما الداب التي تتعلق بالعامة‬
‫فالتواضع وبذل الطعام وإفشاء السلم والصدق معهم في جميع الحوال وأكثر ما تقدم في الداب‬
‫المتعلقة بالخوان تجري هنا وأما الداب التي تتعلق به في نفسه فإنه يكون مشغول بال زاهدا‬
‫فيما سواه غاضا عن المحارم ليس للدنيا عنده قيمة تاركا فضول الحلل كالتوسعة في المأكل‬
‫والمشرب والملبس والمنكح والمركب مقتصرا على قدر الكفاية مديم الطهارة ل ينام على جنابة‬
‫ول يفضي بيده إلى عورته إل في ضرورة ول يكشف عورته ولو بخلوة ول يطمع فيما في أيدي‬
‫الناس يحاسب نفسه في الدوام ل يأكل إل حلل وهو ما جهل أصله يكابد نفسه عن النظر إلى‬
‫الصور الجميلة من النساء والحداث فإن تلك قواطع عن ال تسد باب الفتح أجارنا ال من ارتكابها‬
‫ويطالع كتب القوم ككتب سيدي عبد الوهاب الشعراني فإنها تعلم الداب وحاصل ما هنالك أن‬
‫طريق القوم سداها هذه الداب ولحمتها الذكر فل يتم نسجها إل بهما ويكون في الذكر علي طهارة‬
‫من حدث وخبث مستقِبل إن كان وحده وإل تحلقوا ويستحضر شيخه ليكون رفيقه في السير إلى‬
‫ال ويذكر ال حبا في ال ويغمض عينيه لنه أسرع في تنوير القلب ويميل برأسه في ذكر ل إله‬
‫إل ال إلى الجهة اليمنى بل ويرجع بـإله إلى جهة صدره وبإل ال إلى جهة القلب ويتنعها من‬
‫سرته إلى قلبه حتى تنزل الجللة على القلب فتحرق سائر الخواطر الرديئة ويحقق الهمزة ويمد‬
‫اللف مًدا طبيعيا أو أكثر ويفتح الهاء من إله ويسكن الهاء من ال وأما بقية السماء السبعة التي‬
‫تقدم لك ذكرها فينتعها من سرته وينزل بها على قلبه ويصغي حال الذكر إلى قلبه مستحضرا‬
‫للمعنى حتى كان قلبه هو الذاكر وهو يسمعه ول يختم حتى يحصل له نوع من الستغراق وشوق‬
‫وهيمان ثم إذا ختم سكت وسكن واستحضر الذكر بإجرائه على قلبه مترقبا لوارد الذكر فلعله يرد‬
‫عليه وارد في لمحة فيعمره بما لم تعمره المجاهدة ثلثين سنة وهذا الوارد إما وارد زهد أو ورع‬
‫أو تحمل أذى أو كشف محبة أو غير ذلك فإذا سكت وسكن وكتم نفسه مرارا دار الوارد في جميع‬
‫عوالمه فيجب عليه التمهل حتى يتمكن ومن آدابه المؤكدة عدم شرب الماء عقبه أو أثناءه لن‬
‫للذكر حرارة تجلب النوار والتجليات والواردات وبشرب الماء تطفأ تلك الحرارة وأقله أن يصبر‬
‫نحو نصف ساعة فلكية وكلما كثر كان أحسن انتهى باختصار من الرسالة المذكورة ‪.‬‬
‫حرف الواو‬

‫‪53‬‬
‫حّمد الذي ما نطق(‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬‫عَلى آ ِ‬‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫وفيه ست صلوات )اللُهّم َ‬
‫ول فعل ول أقر أحدا )عن الهوى( أي هوى النفس وأغراضها قال تعالى ‪ ‬ما ينطق عن الهوى إن‬
‫هو إل وحي يوحى‪ ‬فجميع أحواله ‪ ‬بالوحي حتى اجتهاده فالكل مأمور به من حضرة الغيب‬
‫عَلى آ ِ‬
‫ل‬ ‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫ولذا كانت أحواله دائرة بين الواجب والمندوب )و َ‬
‫حّمٍد الذي ما ضل عن الحق( أي ما زال ول تحول عمدا ول خطأ ول نسيانا عن طريق‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫َ‬
‫الهدى )وما غوى( مرادف لما قبله فالغي هو الضلل والنبي معصوم من ذلك بل وجميع النبياء‬
‫سّلْم‬
‫ل َو َ‬ ‫قبل النبوة وبعدها وما ورد مما يوهم ذلك مؤول كما هو مبين في عقائد التوحيد )وصَ ّ‬
‫حّمٍد وألبسنا بالصلة عليه لباس التقوى( وهي حفظ‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫َوَباِر ْ‬
‫البواطن من الغيار والظواهر من مخالفة العزيز القهار سئل الجنيد عن التقوى فقال أن ل يراك‬
‫حيث نهاك وأن ل يفقدك حيث أمرك فشبه التزين بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات باللباس‬
‫واستعار اسم المشبه به للمشبه على طريقة الستعارة التصريحية الصلية نظير قوله تعالى ‪‬‬
‫ولباس التقوى ذلك خير‪ ‬وهو معنى قول صاحب ورد السحر إلهي زين ظاهري بامتثال ما أمرتني‬
‫حّمٍد‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫به ونهيتني عنه وزين سري بالسرار وعن الغيار فصنه )و َ‬
‫حّمٍد وطهرنا( نظفنا )بها من الشكوى(الظاهرية والباطنية لسواك فإنه خسران‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬ ‫َو َ‬
‫)والدعوى( للصلح بأن يزعم أنه تقي أو أنه أفضل من غيره فإن هذا من صفات إبليس طرد من‬
‫رحمة ال بقوله أنا خير منه قال تعالى ‪ ‬فل تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى‪ ‬وقال بعضهم ‪:‬‬
‫وبعيبها مشغولة‬ ‫نفس التقي ذليلة‬
‫حّمٍد وكف( احجب واصرف )عنا بـ(‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫)و َ‬
‫سّلْم‬
‫ل َو َ‬ ‫صّ‬
‫سبب)ـها السوى( ما يسوء الشخص في الدنيا والخرة )والبلوى( المصيبة والمحنة )و َ‬
‫حّمٍد والطف( أوصل إحسانك )بنا( معشر المصلين عليه‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫ل َ‬ ‫عَلى آ ِ‬ ‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫َوَباِر ْ‬
‫)بـ( سبب )بركتها( خيراتها المتزايدة )في السر( ضد الجهر )والنجوى( الجر والجار والمجرور‬
‫وما عطف عليه متعلق بألطف‪.‬‬
‫حــرف ل‬
‫حّمٍد ذي( صاحب )المقام العلى( الرفع‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬ ‫صّ‬ ‫وفيه أربع صلوات )اللُهّم َ‬
‫من كل رفيع دنيا وأخرى قال البوصيري ‪: ‬‬
‫يا سماء ما طاولتها سماء‬ ‫كيف ترقى رقيك النبياء‬
‫)والسر الجلى( أي الوضح المنكشف في الدنيا والخرة لنه سر ال الجامع كما علمت مما تقدم‬
‫حّمٍد في الخل( أي الفضاء وهو بالمد وأما بالقصر فهو الرطب‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫صلّ َو َ‬ ‫)و َ‬
‫من الحشيش وليس مرادا ولكن يقصره القارئ للسجع )والمل( أشراف القوم والجماعات من‬
‫حّمٍد سيد أهل العل(‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬‫ك َ‬ ‫سّلْم َوَباِر ْ‬ ‫ل َو َ‬‫صّ‬‫الناس وهو مهموز ويقصر للسجع أيضا )و َ‬
‫عَلى آ ِ‬
‫ل‬ ‫حّمٍد َو َ‬
‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬‫سّلْم َوَباِر ْ‬‫ل َو َ‬
‫صّ‬ ‫جمع عليا مثل كبرى وكبر وهي الرتب العالية )و َ‬
‫حّمٍد واكشف( أوضح )لنا( معشر المصلين )عن مقامات( رتب )الولء( بالفتح والمد‬ ‫سِيِدَنا ُم َ‬
‫َ‬
‫النسبة الحاصلة بين المعِتق بالكسر ومعتوقه وفي الحديث الولء لحمة كلحمة النسب والمراد هنا‬
‫عتق النفوس فكأنه قال اكشف لنا عن مراتب وأحوال الذين أعتقوا أنفسهم من سجن الطبيعة‬
‫فصاروا أحرارا والمعنى عرفنا حقيقة ذلك فنتصف بها )والستجل( أي النكشاف والمراد به‬
‫البقاء بال بعد الفناء عن الغيار‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫حرف اليـاء التحتية‬
‫وفيه أربع صلوات فجملة ما ذكره من الحروف مائة وتسع وثلثون صلة وقبل الحروف إحدى‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫صلّ َو َ‬
‫وخمسون وفي المسبعات واحدة فإذا نظرت للمكرر تبلغ مائتين وثلثين )اللُهّم َ‬
‫سّلْم‬
‫ل َو َ‬‫صّ‬ ‫عَلى كل نبي ( بالياء لجل السجع وإن كان يجوز فيه الهمز )و َ‬ ‫حّمٍد َو َ‬‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ك‬ ‫ل َو َ‬‫صّ‬
‫حّمٍد وعلى كل ملك وولي( وتقدم الكلم على ذلك كله )و َ‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫َوَباِر ْ‬
‫حّمٍد وعلى كل عالم وتقي( عطف خاص بحسب الصورة وإل فصاحب العلم الخالي‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫ل من عباِدِه العلماُء‪ ‬وفي الحديث ل‬ ‫من التقوى ل يقال له عالم شرعا قال تعالى ‪ ‬إنما يخشى ا َ‬
‫يكون المرء عالما حتى يكون بعلمه عامل‪ .‬انتهى ول تحصل التقوى إل بالعلم قال الجنيد ‪ ‬العلم‬
‫لذة تعرف بها ربك ول تعدو قدرك‪ .‬ومن ذلك قولهم ‪ :‬من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ومن‬
‫حّمٍد‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬
‫سّلْم َوَباِر ْ‬
‫ل َو َ‬
‫صّ‬‫تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن تصوف وتفقه فقد تحقق )و َ‬
‫وعلى آله وأصحابه وأتباعه وعلى سائر( باقي أو جميع )المؤمنين والمؤمنات( من هذه المة‬
‫سّلْم َوَباِركْ‬ ‫صلّ َو َ‬‫وغيرها )الحياء منهم والموات( ففي الحديث من أراد أن يكثر ماله فليقل اللهم َ‬
‫حّمٍد وعلى آله وعلى المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ذكره في الحصن‬ ‫سّيِدَنا ُم َ‬
‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫الحصين )وتابع( واصل )بيننا( معشر المصلين )وبينهم( من ذكر )بالخيرات والبركات( الدنيوية‬
‫والخروية )إنك قريب( قربا معنويا يقال فيه مكانة ل مكان قال تعالى ‪ ‬وإذا سألك عبادي عني‬
‫فإني قريب‪ ‬وفي هذا الدعاء تلميح لهذه الية )مجيب الدعوات( للسائل وإن عصاه )يا رب‬
‫العالمين( أي يا ملك العالمين ورد ما من عبد يقول يا رب إل قال ال لبيك يا عبدي ‪ .‬انتهى أي‬
‫أجبتك إجابة بعد إجابة على سبيل الستمرار )اللهم( أي يا ال )اجعل( صير )خير( أفضل‬
‫)أعمالنا( معشر المصلين )خواتيمها( لن العبرة بها والعبد يبعث يوم القيامة على الحالة التي مات‬
‫عليها )وخير أيامنا يوم لقائك( يا ربنا وهو يوم وقوفنا بين يديك للحساب بأن تجعلنا ممن قلت فيهم‬
‫‪‬فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا‪  ‬وجوه يومئٍذ‬
‫مسفرة ضاحكة مستبشرة‪) ‬ربنا( أي يا ربنا )أتمم لنا نورنا( في الدنيا باليمان والمعرفة وفي‬
‫الخرة باللقاء والمشاهدة )واغفر لنا( استر ذنوبنا عن غيرك ول تؤاخذنا بها كبيرها وصغيرها‬
‫)إنك على كل شيء قدير( أي لنك قدير على كل شيء سوى ذاتك وصفاتك لن القدرة ل تتعلق‬
‫إل بالممكن وفيه اقتباس من قوله تعالى ‪ ‬يوم ل يخزي ال النبي‪ ‬الية وهذه الدعوات التي ختم بها‬
‫ما بين قرآن وأحاديث وهي أشرف الدعوات واقتبس أيضا الية التي هي محكية عن قوم عيسى‬
‫‪ ‬لشرف الدعوات القرآنية كما علمت وليتحقق الجابة بها فقال )ربنا آمنا( صدقنا بقلوبنا وانقدنا‬
‫بظواهرنا )بما أنزلتـ(ـه من جميع الكتب السماوية )واتبعنا الرسول( ويريد الداعي سيدنا محمدًا‬
‫وإن كان المراد به في الية سيدنا عيسى عليهما الصلة والسلم )فاكتبنا( أي أثبتنا في أم الكتاب‬
‫)مع الشاهدين( لك بالوحدانية ولمحمد بالرسالة هكذا يقصد القارئ وإن كان أصلها في عيسى كما‬
‫علمت وفي الحقيقة يلزم من اليمان بمحمد وبما أنزل عليه اليمان بعيسى وسائر النبياء لكونه‬
‫سر ال الجامع ولذلك قال ال تعالى في حقه وحق المؤمنين به ‪ ‬آمن الرسول بما أنزل إليه من ريه‬
‫ل آمن بال وملئكته‪ ‬الية‪ .‬وقال تعالى ‪ ‬والذين آمنوا بال ورسله ولم يفرقوا بين أحد‬ ‫والمؤمنون ك ٌ‬
‫منهم أولئك سوف نؤتيهم أجورهم وكان ال غفورا رحيما‪) ‬اللهم اغفر لنا ما قدمنا( من المعاصي‬
‫والتقصير )وما أخرنا( من المأمورات عن أوقاتها )وما أسررنا( بيننا وبينك )وما أعلنا( بين العباد‬
‫)وما أنت أعلم به منا( من كل معصية وعيب تعلمه منا ول نعلمه من أنفسنا )اللهم أرنا( أصله‬

‫‪55‬‬
‫أرئنا نقلت حركة الهمزة للساكن قبلها فسقطت الهمزة أي أعلمنا )الحق( في نفس المر )حًقا( في‬
‫أنفسنا )فـ(ـيتسبب عن ذلك أن)نتبعه وأرنا الباطل باطل فنجتنبه( وفي تقريره ما في الحق وهو‬
‫كناية عن طلب العصمة في الحركات والسكنات والكلمات والرادات والخطرات من الشكوك‬
‫والظنون والوهام الساترة للقلوب عن مطالعة الغيوب )برحمتك( إنعامك وإحسانك ل وجوبا عليك‬
‫)يا أرحم الراحمين( خص هذا السم الشريف لما ورد في الحديث إذا قال العبد يا أرحم الراحمين‬
‫قال له الرب إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل )اللهم اكفنا( بهمزة الوصل وهذا إلى قوله عمن‬
‫سواك لفظ حديث ورد أن من دعا به وعليه مثل أحد دينا قضاه ال عنه )بحللك عن حرامك‬
‫وأغننا( بهمزة القطع )بفضلك( إحسانك )عمن سواك( من جميع الخلق فالمقصود الغنى القلبي كما‬
‫في الحديث خير الغنى غنى النفس وهو الوثوق بال واليأس مما في أيدي الناس كما قال أبو‬
‫الحسن الشاذلي ‪ ‬نسألك الفقر مما سواك والغنى بك حتى ل نشهد إل إياك وتقدم أن الفقر القلبي‬
‫هو سواد الوجه في الدارين )اللهم يسر لنا أمورنا( الدينية والدنيوية )مع الراحة لقلوبنا( بحيث ل‬
‫جا‪ ‬الية وقال تعالى ‪‬‬ ‫خَر ً‬
‫ل َلُه م َْ‬
‫جَع ْ‬
‫ل َي ْ‬
‫قا َ‬
‫ن يَّت ِ‬
‫تكون مشغولة بغيرك لتحققها بتقواك قال تعالى ‪َ ‬وَم ْ‬
‫سًرا‪) ‬وأبداننا( بأن تجعلها مشغولة بخدمتك لما في الحديث أوحى‬ ‫ن َأْمِرِه ُي ْ‬
‫ل َلُه ِم ْ‬
‫ل يجَع ْ‬
‫ن َيّتق ا َ‬
‫َو َم ْ‬
‫ال إلى الدنيا يا دنيا من خدمني فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه )والسلمة والعافية( بالجر عطف‬
‫على الراحة )في ديننا( بأن تكون العبادة منا كاملة )ودنيانا( بحيث تكون محفوظة علينا من الحلل‬
‫)وآخرتنا( بحيث نأمن من فتنة القبر وعذابه و فتنة الموقف وعذابه وندخل الجنة من غير سابقة‬
‫عذاب ول حساب )إنك على كل شيء قدير اللهم ارزقنا حسن التوكل( العتماد في ظواهرنا‬
‫وبواطننا )عليك ودوام القبال( بالطاعة والمحبة )عليك واكفنا شر وساوس الشيطان( بأن تجعلنا‬
‫ممن قلت فيهم ‪ ‬إن عبادي ليس لك عليهم سلطان‪) ‬وقنا( أصله أوقنا حذفت الواو حمل على حذفها‬
‫في المضارع ثم استغنى عن همزة الوصل فسقطت )شر النس( بًرا وفاجًرا )والجان( بًرا وفاجًرا‬
‫)واخلع علينا خلع الرضوان( تقدم الكلم عليه في حرف الدال )وهب لنا حقيقة اليمان( بأن يكون‬
‫ال ورسوله أحب إلينا من أنفسنا ومن الخلق أجمعين )وتولى قبض أرواحنا( جمع روح واختلف‬
‫فيها على ثلثمائة قول والحق ل يعلمها غير ال ورسوله قال تعالى ‪ ‬ويسألونك عن الروح قل‬
‫الروح من أمر ربي‪) ‬عند( حضور )الجل يبدك( أي قدرتك بحيث ل نشاهد ملًكا يقبضها وإنما‬
‫نشاهدك فنكون من شهداء المحبة فقد ورد أن أرواحهم يقبضها الرحمن )مع شدة الشوق إلى لقائك‬
‫يا رحمن اللهم إني أسألك علًما نافًعا( وهو علم الشريعة )وقلًبا خاشًعا(من هيبتك )ونوًرا ساطًعا(‬
‫معنوًيا في القلب وهو نور اليمان والمعرفة الذي قال ال فيه ‪ ‬مثل نوره كمشكاة فيها مصباح إلى‬
‫يهدي ال لنوره من يشاء ‪ ‬وحسًيا في القيامة بحيث نكون من الذين قلت فيهم ‪ ‬يوم ترى المؤمنين‬
‫والمؤمنات يسعى نورهم ‪ ‬الية )ورزًقا واسًعا( في الدنيا والخرة )وشفاء من كل داء( ظاهري‬
‫وباطني )وأسألك الغنى عن الناس( دنيا وأخرى وهذا الدعاء لفظ حديث ورد في الجامع الصغير‬
‫وغيره )رب اشرح( وسع )لي صدري( قلبي من تسمية الحال باسم المحل )ويسر لي أمري(‬
‫الدنيوي والخروي )واحلل عقدة( لكنة )من لساني يفقهوا( يفهموا )قولي( في الحق وهذا الدعاء‬
‫مقتبس من الية الكريمة التي هي حكاية عن موسى ‪ ‬ولكن الداعي يقصد نفسه كما علمت مما‬
‫ي( والمراد‬‫ى والد ّ‬
‫ي وعل َ‬ ‫تقدم )رب أوزعني( ألهمني )أن أشكر نعمتك التي أنعمت( بها )عل ّ‬
‫حا‬
‫بالنعمة الجنس الصادق بالنعم الدنيوية والخروية التي ل تحصى )و( ألهمني )أن أعمل صال ً‬
‫ي بسببه )وأدخلني بـ( سبب )رحمتك( إنعامك وإحسانك )في( زمرة )عبادك‬ ‫ترضاه( وترضى عل ّ‬

‫‪56‬‬
‫الصالحين( وهم الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين فإن الصلح مقول بالتشكيك فيشمل‬
‫النبياء وغيرهم وهذا مقتبس من الية التي كان يدعو بها سليمان ‪) ‬رب اغفر( استر ول تؤاخذ‬
‫)وارحم( أنعم علينا بعد الغفران بنعم الدارين )وأنت خير الراحمين( لنك راحم الجميع وخالق‬
‫الرحمة فيهم )فائدة( كرر في هذا الدعاء لفظ رب خمس مرات اقتداء بالية الكريمة وهي قوله ‪ ‬إن‬
‫في خلق السموات والرض إلى قوله فاستجاب لهم ربهم‪ ‬رجاء للجابة ولما قيل أنه اسم ال‬
‫سا ودعا استجيب له كما ذكره في تلك اليات ثم ختم كتابه بما ختم ال‬ ‫العظم وأن من كرره خم ً‬
‫سورة الصافات بقوله )سبحان( تنـزيها لـ)ربك( يا محمد )رب العزة( الغلبة كما قال الجلل أو‬
‫ضا أن العزة حية ملتفة حول العرش‬ ‫الهيبة التي خلقها في الملوك وفي سائر الخلق وقد ورد أي ً‬
‫رأسها عند ذنبها )عما يصفون( أي عن أوصافهم في ال بثبوت الشريك والولد والصاحبة وغير‬
‫ذلك )وسلم( تحية لئقة من ال )على المرسلين( جمع مرسل كان من الدميين أو الملئكة وقال‬
‫الجلل المبلغين عن ال التوحيد والشرائع )والحمد ل رب العالمين اللهم صل وسلم وبارك على‬
‫سيدنا محمد في الولين إلى آخره( أي يختم الدعاء بتلك الصيغة المشهورة عند أهل الطريق‬
‫وتمامها )وصل وسلم على سيدنا محمد في الخرين وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت‬
‫وحين وصل وسلم على سيدنا محمد في المل العلى إلى يوم الدين وصل وسلم على جميع‬
‫النبياء والمرسلين وعلى الملئكة المقربين وعلى عباد ال الصالحين من أهل السموات وأهل‬
‫الرضين ورضي ال تبارك وتعالى عن ساداتنا ذوي القدر الجلي أبي بكر وعمر وعثمان وعلي‬
‫وعن سائر أصحاب رسول ال أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين احشرنا وارحمنا معهم‬
‫برحمتك يا أرحم الراحمين يا أل يا حي يا قيوم ل إله إل أنت يا أل يا ربنا يا واسع المغفرة يا‬
‫أرحم الراحمين اللهم آمين( ‪) .‬ل إله إل ال مائة( أي تذكرها مائة فأكثر )وهنا تم ما وفق به‬
‫ف عبده‪) ‬ونعم الوكيل( الكفيل )ول حول( ل‬ ‫الجليل وحسبنا( كافينا )ال( قال تعالى ‪ ‬أليس ال بكا ٍ‬
‫تحول لنا عن معصية ال إل بعصمة ال )ول قوة( لنا على طاعة ال )إل بـ( ـمعونة )ال العلي(‬
‫المنزه عن كل نقص )العظيم( المتصف بكل كمال )والحمد ل رب العالمين آمين( ختم بها لما‬
‫ورد أن آمين خاتم رب العالمين وهي اسم فعل بمعنى استجب تلواتنا وصلواتنا ودعواتنا التي‬
‫جمعت معارف كالبحار الزاخرة ومحاسن كالدرر الفاخرة وخطابك كأنما ُتشاَهُد في الخرة فلله‬
‫ف جمع فيه الكمالت الباطنة والظاهرة وخيري الدنيا والخرة وما أبداه لكم في هذا‬ ‫دره من عار ٍ‬
‫الكتاب فهو بعض صفاته الظاهرة فما بالك بمقامه في الخرة فهنيًئا لتـاليها الصادق الراضي بعين‬
‫البصيرة والباصرة فل شـك أن ال يخلع عليه خلع الرضوان في الدنيا والخرة والحمد ل على‬
‫التمام والصلة والسلم على سيد النام وعلى آله وأصحابه بدور الظلم وأشياخنا وأشياخهم إلى‬
‫منتهى السـلم وقــد تـمـت هـذه الكلمـــات الـمزجــاة البــائرة وبامتزاجهـا بأصلهـا تكـون رابحـة‬
‫فاخرة يوم‬
‫الخميس المبارك عاشر يوم مضى من شهر رمضان سنة‬
‫‪ 1219‬تسعة عشر ومائتين وألف من‬
‫هجرة من له العـز والشرف في‬
‫مشهـد المـــام الحسين‬
‫رضــــي ال عنه‬
‫آمــــين‬

‫‪57‬‬
‫تم‬
‫‪.‬‬

‫شرح‬

‫‪58‬‬
‫المنظومة الدرديرية‬
‫للعالم العلمة والبحر الفهامة الجامع بين الشريعة‬
‫والحقيقة أبي الرشــاد مولنا الشيخ‬
‫أحمد الصــاوي نفعنا ال سبحانه‬
‫وتعالى ببركـاته دنيا وأخرى‬
‫والمسلمين أجمعين بجـاه‬
‫سيد المرسلين‬
‫آمين‬

‫بسم ال الرحمن الرحـــــــــيم‬


‫الحمد ل الذي له السماء الحسنى والصفات العلى وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‬
‫شهادة تبلغنا بها مقامات أهل الول وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي اصطفاه ال فعل صلى ال‬
‫عليه وعلى آله وأصحابه في الخرة والولى )وبعد( فيقول العبد الفقير الراجي من ربه ستر‬
‫المساوي أحمد بن الصاوي المالكي الخلوتي الدرديري لما كانت منظومة أسماء ال الحسنى‬

‫‪59‬‬
‫لشيخنا وشيخ مشايخنا إمام العصر ووحيد الدهر القطب الشهير والشهاب المنير أبي البركات‬
‫ومهبط الرحمات الذي عم فضله الكبير والصغير أحمد بن محمد الدردير المالكي العدوي الخلوتي‬
‫عديمة النظير لحتوائها على الدعوات الجامعة والسرار اللمعة‪.‬‬
‫ولذلك قال مؤلفها إن كل بيت منها حزب مستقل جامع لخيري الدنيا والخرة صارف لسوئهما‬
‫وهي آخر العلوم اللهية التي ظهرت على لسانه وقد ألقيت عليه في ليلة واحدة فقام من فراشه‬
‫وكتبها وقال العارفون أنفع علم يؤخذ عن أهل ال آخر كلمهم لنه زبدة معارفهم وجوامع‬
‫أسرارهم وأخبرني أنه يقرؤها في اليوم والليلة ثلث مرات وقد تعلق بها أتباعه وشاعت بينهم‬
‫وامتزجت بأرواحهم وسرت فيهم سريان الماء في العود الخضر أمرني من ل تسعني مخالفته‬
‫حا يحل ظواهرها‬ ‫خليفته ووارث حاله أخونا في ال الشيخ صالح السباعي أن أضع عليها شر ً‬
‫ويبين بعض خواصها فأجبته لذلك راجًيا من ال تحقيق ما يقول لعلمي بأن لسان العارف ترجمان‬
‫عن ربه وهذه المنظومة من البحر الطويل وأجزاؤه فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن مرتين وقد‬
‫بلغت الغاية في حسن نظمها فأبياتها فرائد ولذلك شرحنا كل بيت على حدته وذكرنا لكل بيت‬
‫خاصية منفردة وهذا غاية فهمي وأعتذر لذوي اللباب أن ينظروا بعين الرضا والصواب فما كان‬
‫من كمال فهو من فيض مؤلفها وما كان من نقص فليقيلوني منه وها أنا أقول راجًيا من ربي لي‬
‫ولحبابي بلوغ المأمول قال رضي ال عنه‪:‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫الباء للستبانة أو للمصاحبة على وجه التبرك متعلقة بمحذوف تقديره أؤلف أو ابتدئ وإنما افتتحت‬
‫البسملة بالباء لما فيها من النكسار والتواضع ‪ ,‬في الحديث ‪ :‬من تواضع ل رفعه ومن تكبر‬
‫وضعه‪ .‬وكان ‪ ‬يفتتح باسمك اللهم إلى أن نزلت ‪‬بسم ال مجراها‪ ‬فكان يفتتح ببسم ال إلى أن‬
‫نزلت ‪‬قل ادعوا ال أو ادعوا الرحمن ‪ ‬فكان يفتتح ببسم ال الرحمن إلى أن نزلت آية النمل فكملها‬
‫في الفتتاح وقال العارفون لفظ الجللة هو السم الجامع أل ترى أن المريض إذا قال يا ال كان‬
‫مراده يا شافي والتائب إذا قال يا ال كان مراده يا تواب وهكذا قال بعضهم لفظ الجللة أربعة‬
‫أحرف حاصلها ثلثة أحرف ولم وهاء فالِلف إشارة إلى قيام الحق بذاته وانفراده عن مصنوعاته‬
‫فإن اللف ل تعلق له بغيره واللم إشارة إلى أنه مالك جميع المخلوقات والهاء إشارة إلى أنه‬
‫هادي من في السموات ومن في الرض ‪ ‬ال نور السموات والرض مثل نوره كمشكاة فيها‬
‫مصباح‪ ‬الية وقال سيدي عبد القادر الجيلني ‪ :‬ال هو السم العظم وإنما يستجاب لك إن قلت يا‬
‫ال وليس في قلبك غيره ولهذا السم خواص عجيبة )منها( أن من داوم على ذكره في خلوة مجرًدا‬
‫بأن يقول ال ال حتى يغلب عليه منه حال شاهد عجائب الملكوت ويقول بإذن ال للشيء كن‬
‫فيكون وهو ذكر الكابر من المولهين وأرباب المقامات وأهل الكشف التام قال ال تعالى لنبيه عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ ‬قل ال ثم ذرهم في خوضهم يلعبون‪ ‬وذكر بعض العلماء أن من كتبه في إناء‬
‫مكرًرا بحسب ما يسع الناء ورش به وجه المصروع أحرق شيطانه ومن ذكره سبعين ألف مرة‬
‫في موضع خال من الصوات ل يسأل ال تعالى شيئا إل أعطاه إياه وإن واظب على ذلك كان‬
‫خَذ لوقته ويكتب بعدد حروفه لسائر المراض ويشربه‬ ‫مجاب الدعوة ومن دعا به على ظالم ُأ ِ‬
‫المريض يعافى بإذن ال ومن قال كل يوم بعد صلة الصبح هو ال سبعا وسبعين مرة رأى بركتها‬

‫‪60‬‬
‫في دينه ودنياه وشاهد في نفسه أشياء عجيبة وغير ذلك ‪ ,‬والرحمن الرحيم صفتان مشتقتان من‬
‫الرحمة بمعنى الحسان أو إرادته والرحمن أبلغ من الرحيم لن معناه المنعم بجلئل النعم والرحيم‬
‫طَع‬
‫طَع بالتخفيف وَق ّ‬
‫المنعم بدقائقها أو لن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى غالبا كما في َق َ‬
‫بالتشديد ولبلغيته قّدَمُه ولنه صار كالَعَلْم من حيث أنه ل يوصف به غيره تعالى لكونه المنعم‬
‫بجلئل النعم وأصولها وذلك ل يكون لغيره وذكر الرحيم ليتناول ما خرج من النعم فيكون كالتتمة‬
‫والرديف له وقيل في معناهما غير ذلك ومن خواص الرحمن أن من ذكره نظر ال إليه بعين‬
‫الرحمة ويصلح ذكًرا لمن كان اسمه عبد الرحمن ومن واظب على ذكره كان ملطوًفا به في جميع‬
‫أحواله وروى عن الخضر ‪ : ‬أنه ما من عبد صلى عصر الجمعة واستقبل القبلة وقال يا ال يا‬
‫رحمن إلى أن تغيب الشمس وسأل ال شيئا من أمور الدنيا والخرة إل أعطاه إياه وإذا كتبه إنسان‬
‫سا وخمسين مرة وحمله كان مبارك الطلعة مهابا مقبول عند كل أحد ومن‬ ‫بمسك وزعفران خم ً‬
‫خواص الرحيم أن من كتبه في ورقة إحدى وعشرين مرة وعلقها على صاحب الصداع برئ بإذن‬
‫ال تعالى ومن كتبه في كف مصروع وذكره في أذنه سبع مرات أفاق من ساعته وأما خواص‬
‫البسملة بتمامها فكثيرة )منها( أنه إذا تلها شخص عدد حروفها سبعمائة وستة وثمانين مرة سبعة‬
‫أيام على أي شيء كان من جلب نفع أو دفع ضرر أو بضاعة خاف عليها أن تكسد حصل‬
‫المطلوب وربحت البضاعة وإذا تلها هذا العدد على قدح ماء وسقى للبليد زال ما به من البلدة‬
‫وحفظ كل شيء سمعه بإذن ال تعالى وإذا تليت في أذن مصروع إحدى وأربعين مرة أفاق من‬
‫ساعته وإذا تلها شخص عند النوم إحدى وعشرين مرة أمن تلك الليلة من الشيطان وبيته من‬
‫السرقة وأمن ميتة الفجأة وغير ذلك من البليا ونقل عن الشاذلي ‪ ‬أن من قرأ بسم ال الرحمن‬
‫الرحيم اثني عشر ألف مرة فك رقبته من النار واستجيبت دعوته وعن بعضهم أن من كانت له‬
‫حاجة إلى ال تعالى فليقرأ بسم ال الرحمن الرحيم اثني عشر ألف مرة ويصلي بعد كل ألف‬
‫ركعتين ويصلي على النبي ‪ ‬ويسأل ال حاجته ويستمر هكذا إلى أن يتم العدد قضيت حاجته‬
‫كائنة ما كانت قال ‪: ‬‬
‫فحمًدا لمولنا وشكًرا لربنا‬ ‫تباركت يا ال ربي لك الثنا‬
‫لما افتتح المصنف ‪ ‬كتابه بالبسملة افتتاحا حقيقيا وهو ما تقدم أمام المقصود ولم يسبقه شيء‬
‫افتتح بالحمد له افتتاحا إضافيا وهو ما تقدم وأمام المقصود ولو سبقه شيء فقال تباركت الخ وإنما‬
‫قدم البسملة اقتداء بالقرآن ولقوة حديثها ومعنى تباركت تعاظمت في البركات أي الخيرات‬
‫المتزايدة دنيا وأخرى فإنها ناشئة منك يا ال والرب المالك والمصلح والمربي كأنه قال يا مالكي‬
‫ومصلحي ومربي والثناء الوصف بالجميل فيشمل كل كمال فكأنه قال لك استحقاق الوصف بكل‬
‫شُكُر شكًرا‬
‫حِمُد حمًدا وَأ ْ‬
‫كمال وقوله فحمًدا منصوب بفعل محذوف وشكًرا معطوف عليه تقديره فأ ْ‬
‫لمولنا متعلق بحمًدا ومعناه مالكنا وولي نعمتنا دنيا وأخرى ولربنا متعلق بشكًرا والحمد معناه لغًة‬
‫الثناء بالجميل علي الجميل الختياري كان في مقابله نعمة أم ل ومعناه اصطلحا فعل ينبئ من‬
‫تعظيم المنعم بسبب كونه منعما على الحامد أو غيره والشكر معناه لغة مرادف للحمد اصطلحا و‬
‫ق لجله فمراد المصنف بالحمد والشكر‬ ‫خِل َ‬
‫اصطلحا صرف العبد جميع ما أنعم ال عليه إلى ما ُ‬

‫‪61‬‬
‫ل ‪ ,‬وفي البيت براعة استهلل وحسن افتتاح إشارة إلى‬
‫ما هو أعم من اللغوي والصطلحي في ك ٍ‬
‫أنه طالب من ربه في هذه القصيدة تزايد البركات والخيرات كما ل يخفى قال ‪: ‬‬
‫أقمت بها الكوان من حضرة الغنى‬ ‫بأسمائك الحسنى وأسرارها التي‬
‫الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال من قوله ندعوك في البيت بعده تقدير فندعوك مقسمين‬
‫عليك ومتوسلين إليك بأسمائك الخ والسماء جمع اسم وهو اللفظ الدال على ذات المسمى وأسماؤه‬
‫تعالى كثيرة قيل ثلثمائة وقيل ألف وواحد وقيل مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا عدد النبياء عليهم‬
‫الصلة والسلم لن كل نبي تمده حقيقة اسم خاص به مع إمداد باقي السماء له لتحققه بجميعها‬
‫وقيل ليس لها حد ول نهاية لنها على حسب شئونه في خلقه وهي ل نهاية لها والحسنى إما‬
‫ف جَمَع ما ل يعقل فيجوز فيه الفراد والجمع َو‬ ‫ف به أو مؤنث أحسن فُأْفِرَد لنه وص ٌ‬
‫ص َ‬‫مصدر ُو ِ‬
‫ن شريفة هي أحسن المعاني لن معناها ذات ال وصفاته‬ ‫سن أسمائه تعالى لنها لدللتها على معا ٍ‬
‫حْ‬
‫ُ‬
‫وهي إما ذاتية كال والرحمن أو صفاتية كالحي والعليم أو فعالية كالمحيي والمميت والصفاتية على‬
‫أقسام أسماء صفات جمال كالرحيم والكريم وأسماء صفات جلل كالكبير والعظيم وأسماء صفات‬
‫كمال كالسميع والبصير والضافة في أسمائك يحتمل أنها للستغراق وأن المراد كل اسم من‬
‫أسمائه تعالى علمناه أو لم نعلمه فطأنه قال أدعوك مقسًما عليك بكل اسم من أسمائك ومعلوم أنها‬
‫كلها حسنى ويشهد له قوله تعالى ‪ ‬ول السماء الحسنى فادعوه بها‪ ‬وقوله تعالى ‪‬قل ادعوا ال أو‬
‫ادعوا الرحمن ‪ ‬الية يحتمل أن المراد بها خصوص التسعة والتسعين التي دعا بها المصنف في‬
‫النظم وإنما خصها لما ورد فيها من الحاديث منها قوله ‪ ‬إن ل تسعة وتسعين اسًما مائة غير‬
‫واحد إنه وتر يحب الوتر وما من عبد يدعو بها إل وجبت له الجنة ‪ .‬ومنها أن ل ‪ ‬تسعة‬
‫وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ‪ ‬هو ال الذي ل إله إل هو‪ ‬إلى آخر الرواية المشهورة التي‬
‫اقتصر عليها المؤلف فيما يأتي وهي أصح الروايات‪ .‬ومنها أن ل تسعة وتسعين اسما من أحصاها‬
‫كلها دخل الجنة أسأل ال الرحمن الرحيم الله الرب الخ‪ .‬ومنها إن ل تسعة وتسعين اسًما مائة إل‬
‫واحد إنه وتر يحب الوتر من حفظها دخل الجنة ال الواحد الصمد الخ ومنها أن ل تعالى مائة اسم‬
‫غير اسم من دعا بها استجاب ال له وكلها في الجامع الصغير في حرف الهمزة مع النون الولى‬
‫عن علي وما بقي عن أبي هريرة رضي ال عنهما والحصاء والحفظ عند أهل الظاهر معرفة‬
‫ألفاظها ومعانيها وعند أهل ال هو التصاف بها والظهور بحقائقها والوقوف على مد ارج نتائجها‬
‫كمقام المصنف ‪ ‬فأنه ما ترجم لنا في هذا الكتاب إل بأوصافه وقوله وأسرارها جمع سر وهو‬
‫ضد الجهر أي نتائجها وعلومها الغيبية التي يخص ال بها من يشاء ‪ .‬ومنها سر القدر الذي قال‬
‫فيه المام علي كرم ال وجهه ‪ :‬هو بحر عميق إلى آخر ما قال وقوله أقمت بها الكوان أي‬
‫أوجدت بتلك السرار المكونات دنيا وأخرى وقوله من حضرة الغنى متعلق بمحذوف حال من‬
‫الكوان أي حال كون المكونات صادرة من حضرة غناك المطلق وهو الستغناء عن السوى أزل‬
‫وأبدا فل يتكمل بشيء يوجده أو يعدمه فإيجاد الخلق وعدمهم سواء وطاعتهم وكفرهم سواء ولذلك‬
‫كان منزها عن الغراض في الفعال والحكام فالغنى بالغين المعجمة والقصر ضد الفقر وقد‬
‫علمت معناه في حقه تعالى قال السيد البكري ‪ ‬إلهي غناك مطلق وغنانا مقيد قال ‪: ‬‬
‫يقيًنا يقينا الهم والكرب والعنا‬ ‫فندعوك يا ال يا مبدع الورى‬

‫‪62‬‬
‫أي فنسألك بذل وانكسار يا ال قدمه لنه السم الجامع كما علمت فجميع السماء مندرجة فيه‬
‫والمبدع الموجد للشيء على غير مثال والورى الخلق وقوله يقيًنا معمول لندعوك لتضمنه معنى‬
‫نسألك أي حق يقين أو علم يقين فالول امتزاج القلب بالتوحيد بحيث ل يخالط قلبه غير ال ومن‬
‫كان كذلك ل يشهدهما ول غيره والثاني هو شهود القلب أن كل شيء من ال وصاحبه راض‬
‫بأحكام ال والثالث هو علمك بالدليل أن كل شيء من ال فإذا جرى على مقتضى علمه رضي‬
‫بأحكام ال وقوله يقينا أصله يوقينا وقعت الواو بين عُدّوتيها فحذفت أي يمنعنا ويصرف عنا الهم‬
‫وهو ما يعتري الشخص من مكروه الدنيا والخرة والكرب شدة الهم والعناء التعب من أي شيء‬
‫فمعنى البيت فنسألك بذل وانكسار يا واجب الوجود المستحق لجميع المحامد يا موجد المخلوقات‬
‫على غير مثال سبق حق يقين أو عين يقين أو علم يقين يمنعنا ويصرف عنا الهم الخ وإسناد‬
‫الوقاية لليقين مجاز عقلي من السناد للسبب والواقي هو ال تعالى وقد تقدم بعض خصوصيات‬
‫هذا السم الشريف في مبحث البسملة وأما خاصية هذا البيت فإنه يستعمل وردا سًتا وستين مرة‬
‫يرى المطلوب من المدعو به إن شاء ال تعالى في ذلك البيت وإنما خص دعوة السم الجامع‬
‫بطلب اليقين لن تجلي السم يكون بذلك وهكذا وليعلم الواقف على هذا الكتاب أن الصل في نداء‬
‫ل يبنى على‬ ‫تلك السماء بناؤها على الضم في النداء لنها أعلم مفردة أو نكرات مقصودة وك ٍ‬
‫الضم في النداء ولكن ضرورة النظم اقتضت تنوينها منصوبة أو مضمومة على حد قول الشاعر‬
‫* سلم ال يا مطٌر عليها * فالسم المنون للضرورة يجوز نصبه وضمه كما هو معلوم من قواعد‬
‫اللغة العربية لقول ابن مالك ‪:‬‬
‫مما له استحقاق ضم بّيًنا‬ ‫واضمم أو انصب ما اضطرار نونا‬
‫قال رضي ال عنه‪:‬‬
‫ولطًفا وإحسانا ونوًرا يعمنا‬ ‫ويا رب يا رحمــان هبنا معارًفا‬
‫أي يا مالكي ومصلحي ومربي كما تقدم والرحمن المنعم بجلئل النعم كّما وكيًفا دنيوية وأخروية‬
‫ظاهرية وباطنية والهبة العطية والمعارف جمع معرفة بمعنى العلم ضد الجهل ولكن ل يوصف‬
‫بها الحق ‪ ‬قيا لنها توهم سبق الجهل وقيل لن أسماؤه توقيفية واللطف والحسان بمعنى واحد‬
‫والنور ضد الظلمة وهو إما معنوي أو حسي فالول كالعلوم والمعارف واليمان والثاني معلوم‬
‫وكل منهما مطلوب وفي قوله يعمنا إشارة إلى قوله ‪ ‬اللهم اجعل لي نورا في قلبي ونورا قبري‬
‫ونورا من بين يدي و نورا من خلفي ونورا عن يميني ونورا عن شمالي ونورا من فوقي ونورا‬
‫من تحتي ونورا في سمعي ونورا في بصري ونورا في شعري ونورا في بشري ونورا في لحمي‬
‫ونورا في دمي ونورا في عظامي الحديث والمراد ما يشمل الحسي والمعنوي في الدنيا والخرة‬
‫بأن يكون مهتديا في نفسه هاديا لغيره تسعى الناس في أنواره دنيا وأخرى وإذا علمت ذلك فعطف‬
‫النور على المعارف من عطف العام على الخاص ولما كان الرحمن المنعم بجلئل النعم كما‬
‫علمت دعا بمقتضى تجليه فإن أصول النعمة النوار الدنيوية والخروية وتقدم لم بعض خواص‬
‫السم الشريف وخاصية هذا البيت في الستعمال ثلثمائة غير واحد يتحقق له المدعو به إن شاء‬
‫ال تعالى قال ‪: ‬‬

‫‪63‬‬
‫إلى حضرة القرب المقدس واهدنا‬ ‫وسر يا رحيم العالمين بجمعنا‬
‫أي اجعلنا سائرين بحولك وقوتك سيرا معنويا وهو التمسك بطاعتك والمسارعة في خدمتك مع‬
‫اجتناب كل منهي عنه والرحيم هو المنعم بدقائق النعم كما وكيفا دنيوية وأخروية ظاهرية وباطنية‬
‫والدقائق ما تفرعت عن الصول التي هي الجلئل كالزيادة في اليمان والعلم والمعرفة والتوفيق‬
‫والعافية والسمع والبصر والعالمين أي الخلئق أجمعين وجمعت باعتبار أنواعها وغلب من يعقل‬
‫على غيره فجمعه بالياء والنون وقوله بجمعنا أي بجميعنا معشر الخوان وقوله إلى حضرة متعلق‬
‫بسْر وإضافة حضرة للقرب على حذف مضاف أي أهل القرب من ال تعالى وهم النبياء‬
‫والصديقون ويحتمل أن الضافة بيانية ومعنى المقدس المنزه عن صفات الحوادث والهداية تطلق‬
‫بمعنى الدللة على المقصود وصلت أم ل وتطلق بمعنى الوصول للمقصود وهو المراد هنا فهو‬
‫بيان لفائدة السير فكأنه قال وواصلنا بعد سيرنا وتقدم بعض خواص هذا السم أيضًا وعدة استعمال‬
‫هذا البيت لمن أراد الظفر بما فيه مائتان وثمانية وخمسون قال ‪: ‬‬
‫لروحي وخلص من سواك عقولنا‬ ‫ويا مالك مّلك جميع عوالمي‬
‫المالك باللف وحذفها وبهما قرئ في السبع والوزن عليهما مستقيم ومعناه المتصرف في خلقه‬
‫باليجاد والعدام وغير ذلك وتسمية غيره تعالى به مجاز وقوله مّلك جميع عوالمي لروحي أي‬
‫صّرف روحي في جميع عوالمي وعوالم الشخص أحواله والمعنى أسألك بحق هذا السم لروحي‬
‫حتى تكون صفاتي كلها روحانية ل نفسانية ول شيطانية ويكون قلبي فارغا من سواك فل يشغلني‬
‫عنك شاغل دنيوي ول أخروي واستعمال هذا البيت تسعون مرة يحصل المدعو به إن شاء ال‬
‫تعالى قال ‪: ‬‬
‫وسّلم جميعي يا سلم من الضنا‬ ‫وقّدس أيا قّدوس نفسي من الهوى‬
‫طّهر ومنزه عن صفات الحوادث والنفس والقلب والهوى بالقصر هو ميل النفس إلى‬ ‫أي طّهر يا ُم َ‬
‫محبوبها والمراد هنا المذموم وقوله سّلم جميعي الخ أي اجعلني سالما يا سلم أي يا مؤمن من‬
‫المخاوف ومنجي من المهالك من الضنى أي هزال المرض الظاهري والباطني وعدته في‬
‫الستعمال مائة وسبعون يحصل المطلوب إن شاء ال تعالى قال ‪: ‬‬
‫وجّمل جناني يا مهيمن بالمنى‬ ‫ويا مؤمن هب لي أمانا وبهجة‬
‫المؤمن هو المصدق لعباده المؤمنين على إيمانهم وإخلصهم لنه ل يطلع على الخلص نبي‬
‫مرسل ول ملك مقرب أو المصدق لنبيائه في دعواهم النبوة بتأييدهم بالمعجزات والمان ضد‬
‫طلع على القلوب الحاضر مع‬‫جنان القلب ‪ ,‬والمهيمن الُم ّ‬
‫الخوف ‪ ،‬والبهجة الشراق والحسن ‪ ,‬وال َ‬
‫الخواطر قال تعالى ‪ ‬قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه ال ‪ ‬والمعنى ما يتمناه الشخص‬
‫ومن العارفين هو شهود قلوبهم لربهم ورضاه عليهم كما قال ابن أبي الدنيا ‪: ‬‬

‫‪64‬‬
‫وليتك ترضى والنام غضـاب‬ ‫فليتك تحلو والحياة مريرة‬
‫وبين العالمين خــراب‬ ‫وبيني‬ ‫وليت الذي بيني وبينك عامر‬
‫وكل الذي فوق التراب تراب‬ ‫إذا صح منك الود فالكل هين‬
‫ي بالمان التام دنيا وأخرى والبهجة والسرور حتى‬‫ومعنى البيت أسألك يا مؤمن أن تتجلى عل ّ‬
‫أكون من الذين قلت فيهم ‪ ‬وجوه يومئٍذ ناضرة إلى ربها ناظرة‪ ‬وزين قلبي يا حاضرا مع القلوب‬
‫بشهود جمالك وجللك وعدة استعمال هذا البيت لحصول المطلوب مائة وخمسة وأربعون قال‬
‫‪:‬‬
‫وبالجبر يا جبار بدد عدونا‬ ‫جْد لي بعٍز يا عزيز وقوٍة‬
‫وُ‬
‫الجود هو الحسان والعطاء والِعْز ضد الذل والعزيز من عز بمعنى غلب وقهر فهو من صفات‬
‫ل فلم يوجد له مثيل فهو من صفات السلوب ‪ ,‬والقوة ضد الضعف‬ ‫عّز بمعنى َق ّ‬
‫الجلل أو من َ‬
‫لصلح وبمعنى القهر وهو المراد هنا والجبار بمعنى المنتقم القهار فيكون‬ ‫والجبر يطلق بمعنى ا ً‬
‫من صفات الجلل أو بمعنى المصلح للكسر يقال جبر الطبيب الكسر أصلحه فيكون من صفات‬
‫الجمال والتبديد التفريق يقال جاءت الخيل بدادا أي مفرقة والعدو ضد الحبيب وهو ما ُيسّر‬
‫لحزنك ويساء لفرحك قال تعالى ‪ ‬إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها‪ ‬ويطلق‬
‫ي بعز الدنيا والخرة وبالقوة التامة في‬
‫على الواحد والمتعدد والمعنى أسألك يا عزيز أن تتجلى عل ّ‬
‫طاعتك وتجل يا جبار بالقهر والتفريق لعدائي الظاهرية والباطنية وعدة استعمال هذا البيت‬
‫مائتان وستة لبلوغ المقصود منه إن شاء ال تعالى قال ‪: ‬‬
‫ويا خالق الكوان بالفيض عمنا‬ ‫وكبر شؤوني فيك يا متكبر‬
‫ظم أحوالي في طاعتك ومحبتك بحيث تكون صفاتي الظاهرية والباطنية منهمكة في خدمتك‬ ‫أي ع ّ‬
‫كما قال السيد البكري إلهي كفانا شرفا أننا خدام حضرتك وقال الشافعي ‪ ‬ل عز لمن تعزه‬
‫التقوى قال بعض العارفين ‪:‬‬
‫معرفة ال فذاك الشقي‬ ‫من عرف ال فلم تغنه‬
‫فالعز كل العز للمتقي‬ ‫ما يصنع العبد بعز الِغَنى‬
‫والمتكبر من الكبرياء وهي العظمة ول تكون إل مختصة بال لما في الحديث ‪ :‬العظمة إزاري‬
‫والكبرياء ردائي فمن نازعني فيهما قصمته والخالق موجد المخلوقات التي هي الكوان ‪ ,‬من العدم‬
‫‪ ,‬والفيض هو العطاء الواسع ‪ ,‬أي عمنا يا خالق المخلوقات بعطائك الواسع بعد تجليك علينا‬
‫بتشريف أحوالنا في طاعتك وعدة هذا البيت سبعمائة وإحدى وثلثون لحصول المطلوب فيه إن‬
‫شاء ال تعالى قال ‪: ‬‬

‫‪65‬‬
‫بفضلك واكشف يا مصور كربنا‬ ‫ويا بارئ احفظنا من الخلق كلهم‬
‫البارئ الذي يخلق الخلق ويطهرهم من العدم فيرجع لمعنى الخالق والحفظ الصيانة والوقاية‬
‫والخلق المخلوقات وكلهم تأكيد والفضل الحسان أي بإحسانك ل وجوبا عليك والكشف الزالة‬
‫والمصور المبدع لشكال الشياء من العدم والمعنى الوقاية والصيانة من جميع مخلوقاتك برا‬
‫وفاجرا دنيا وأخرى وأزل يا مصور الشكال على حسب إرادتك ما نزل بنا من هم الدنيا والخرة‬
‫وعدة استعماله ثلثمائة وستة وثلثون لحصول المطلوب فيه إن شاء ال تعالى قال ‪t‬‬
‫وبالقهر يا قهار أقهر عدونا‬ ‫وبالغفر يا غفار محص ذنوبنا‬
‫الغفر الستر والغفار الستار أي الذي يستر القبائح فيحجبها في الدنيا عن الدميين وفي الخرة عن‬
‫الملئكة ولو كانت موجودة في الصحف أو من الغفر بمعنى المحو والتمحيص بالصاد المهملة هو‬
‫المحو والتخليص والذنوب جمع ذنب وهو ما فيه مخالفة ل تعالى فيشمل حتى المكروه وخلف‬
‫الولى بالنسبة لهل ال المقربين كالمؤلف ‪ ‬ومن هذا القبيل قولهم حسنات البرار سيئات‬
‫المقربين والقهر البطش والغلبة والقهار ذو البطش الشديد فهو من صفات الجلل وتقدم الكلم على‬
‫العدو فالمعنى نسألك محو ذنوبنا أو سترها وعدم المؤاخذة بها بظهور آثار اسمك الغفار وغلبتنا‬
‫لعدونا بظهور آثار اسمك القهار وعدة استعمال هذا البيت ألف ومائتان وإحدى وثمانون لحصول‬
‫المطلوب فيه إن شاء ال تعالى قال ‪: t‬‬
‫جْد َلَنا‬
‫سْع َو ُ‬
‫وللرزق يا رزاق و ّ‬ ‫وهب لي أيا وهاب علما وحكمة‬
‫الهبة العطية والوهاب ذو الهبات العظيمة لغير غرض ول علة والعلم الفهم والدراك والحكمة‬
‫العلم النافع والرزق ما انتفع به من بركات الدنيا والخرة والرزاق معطي الرزاق لعباده قال‬
‫تعالى ‪ ‬وما من دابة في الرض إل على ال رزقها‪ ‬والسعة ضد الضيق والجود العطاء والحسان‬
‫فالمعنى أعطني يا ذا الهبات العظيمة الفهم والدراك والعلم النافع في الدنيا والخرة ووسع لنا يا‬
‫معطي الرزاق رزق الدنيا والخرة والمؤول هو الرزق الحلل وإن كان الرزق عند أهل السنة‬
‫ما انتفع به ولو كان حراما فالمعتزلة القائلين إن الرزق ما ملك فإنها عقيدة فاسدة وعدة استعماله‬
‫ثلثمائة وثمانية لحصول المطلوب فيه إن شاء ال تعالى قال ‪: t‬‬
‫وبالعلم نور يا عليم قلوبنا‬ ‫وبالفتح يا فتاح عجل تكرما‬
‫الفتح ضد القفل والفتاح ذو الفتح لما كان مغلوقا حسيا أو معنويا والعجلة السرعة والتكرم التفضل‬
‫والحسان والعلم تقدم معناه والنور ضد الظلمة والعليم ذو العلم وهو صفة أزلية قائمة بذات ال‬
‫تعالى تتعلق بالواجبات والجائزات والمستحيلت تعلق إحاطة وانكشاف والقلوب العقول فالمعنى‬
‫أظهر فينا سرعة آثار اسمك الفتاح بتيسير كل عسير من خيري الدنيا والخرة تفضل منك‬
‫وإحسانا ونّور عقولنا يا ذا العلم القديم بخلعة العلم منك وعدة استعماله أربعمائة وتسعة وثمانون‬
‫لحصول المطلوب فيه قال ‪: ‬‬

‫‪66‬‬
‫طا لرزقنا‬
‫ويا باسط الرزاق بس ً‬ ‫ويا قابض اقبضنا على خير حالة‬
‫القابض ذو القبض ضد الباسط فهو ‪ ‬قابض للرزاق والرواح وغير ذلك وقوله اقبضنا أي خذ‬
‫أرواحنا عند الجل وقوله على خير حالة أي أحسنها لن العبد يبعث على الحالة التي مات عليها‬
‫والباسط ذو البسط ضد القابض فهو ‪ ‬باسط الرزاق في الدنيا والخرة وباسط القلوب وغير‬
‫ذلك قال تعالى ‪ ‬وال يقبض ويبسط‪ ‬والول من صفات الجلل والثاني من صفات الجمال والبسط‬
‫التوسعة والمعنى نسألك عند ظهور آثار اسمك القابض فينا خير الحوال بالنجاة من الفتن والرضا‬
‫بالقضاء أحياًء وأمواتا وظهور آثار اسمك الباسط فينا بسعة رزق الدنيا والخرة وعدة استعماله‬
‫تسعمائة وثلثة لحصول المطلوب فيه قال ‪: t‬‬
‫ويا رافع ارفع ذكرنا واعل قدرنا‬ ‫ويا خافض اخفض لي القلوب تحببا‬
‫الخافض ضد الرافع أي ذو الخفض لكلمة الكفر وللظالمين ولكل متكبر وغير ذلك وقوله اخفض‬
‫ي من أجل محبتهم لوجهك الكريم وإنما‬‫ي عاطفة عل ّ‬
‫لي القلوب تحببا أي اجعل القلوب مائلة إل ّ‬
‫طلب ذلك لن محبة القلوب في الشخص دليل على محبة ال فيه والرافع ذو الرفع لهل السلم‬
‫والعلماء والصديقين والولياء والسموات والجنة وغير ذلك من الحسي والمعنوي وقوله ارفع‬
‫ذكرنا أي أظهره في المل العلى وبين الصالحين وقوله واعل قدرنا أي رتبتنا عندك برضاك‬
‫علينا والهمزة في وأعل همزة قطع وصلت للضرورة وهذا البيت هو معنى الحديث المشهور وهو‬
‫‪ :‬إن ال إذا أحب عبدا نادى جبريل إني أحب فلنا فأحبه ثم يأمره ينادي في السماء بذلك ثم يوضع‬
‫له القبول في الرض والسم الول من صفات الجلل والثاني من صفات الجمال وعدة استعماله‬
‫ألف وأربعمائة وإحدى وثمانون قال ‪: ‬‬
‫وذلل بصفٍو يا مذل نفوسنا‬ ‫وبالزهد والتقوى معٌز أعزنا‬
‫الزهد هو العراض عن كل ما سوى ال والتقوى امتثال المأمورات واجتناب المنهيات والمعز‬
‫شع‬
‫خالق العز الذي هو ضد الذل وقوله أعزنا أي أظهر فينا آثار عزك وقوله وذلل أي اخفض وخ ّ‬
‫والصفو ضد الكدر وهو الخلو من الغراض الفاسدة والمذل خالق الذل والمعنى تجلى علينا بعزك‬
‫ضع نفوسنا لك ولعبيدك من أجلك ل‬‫بسبب الزهد فيما سواك وامتثال أمرك واجتناب نهيك وخ ّ‬
‫لغرض ول لعلة بحيث تصير نفوسنا كاملة خالصة من كل عائق يحجب عنك وفي الحديث‬
‫الشريف ازهد في الدنيا يحبك ال وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس وقال تعالى‪ ‬إن أكرمكم‬
‫عند ال أتقاكم‪ ‬وفي الحديث أيضا اللهم أحييني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة‬
‫المساكين ففي قوله ‪ ‬بصفو احتراز من الذل لغرض من الغراض فإن النبي ‪ ‬استعاذ منه‬
‫بقوله ومن الذل إل لك وعدة استعماله سبعمائة وسبعون قال ‪: ‬‬
‫وبصر فؤادي يا بصير بعيبنا‬ ‫ونفذ بحق يا سميع مقالتي‬
‫تنفيذ المقالة كناية عن قبول الكلمة عند ال وعباده والحق ضد الباطل والسميع ذو السمع وهو‬
‫صفة أزلية تتعلق بجميع الموجودات تعلق إحاطة وانكشاف والمقالة القول وقوله وبصر فؤادي‬

‫‪67‬‬
‫أي اجعل قلبي بصيرا فإن عمى القلب هو الضار في الدين والبصير ذو البصر وهو صفة أزلية‬
‫تتعلق بجميع الموجودات تعلق إحاطة وانكشاف فهي مساوية في التعلق لصفة السمع ول يعلم‬
‫حقيقة اختلفهما إل ال تعالى والعيب ضد السلمة ومراده كل نقص يحجب عن ال تعالى‬
‫فالمعنى واجعلني يا سميع لكل موجود مقبول الكلمة الملتبسة بالحق عندك وعند عبادك ليهتدي‬
‫بي الضال فأكون آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر واجعل قلبي بصيرا بنقائصي يا بصير بكل‬
‫موجود فلما كان الكلم يسمع بالذان كان مظهر تجلي السميع ولما كان العيب ُيبصر كان مظهر‬
‫تجلي البصير فكأنه قال تجلى علي بسماع الكلمة يا سميع وبإبصار القلب يا بصير وهذا البيت‬
‫معنى حديث واجعلني في عيني صغيرا وفي أعين الناس كبيرا ورؤية عيب النفس مع كونه‬
‫عظيم الشأن عند الناس من أكبر النعم ومن كمال المعرفة وعدة استعماله ثلثمائة واثنان لحصول‬
‫ما فيه قال ‪: t‬‬
‫بعدلك في الشيا وبالرشد قونا‬ ‫ويا حكم يا عدل حكم قلوبنا‬
‫حْكِم التام والعدل أي ذو العدل أو العادل فل يظلم مثقال ذرة والتحكيم التولية‬
‫حَكم ذو ال ُ‬
‫ال َ‬
‫والتصريف والعدل ضد الجور والمراد بالشياء الحوادث والرشد ضد الغي والقوة ضد الضعف‬
‫والمعنى اجعل قلوبنا متصرفة في الشياء الحادثة ملتبسة بالعدل وقونا بالرشد الذي هو الهدى‬
‫الكامل وهذا هو معنى قول السيد البكري قدس ال سره إلهي صرفنا في عوالم الملك والملكوت‬
‫وهيئنا لقبول أسرار الجبروت وهذه الدعوة ل يتحقق بها إل الُكّمل من الولياء والمؤلف من‬
‫كبارهم ‪ ‬وعدة استعماله مائة وأربعة لحصول المطلوب فيه قال ‪: t‬‬
‫وتوجهمو بالنور كي يدركوا المنى‬ ‫وحف بلطف يا لطيف أحبتي‬
‫ف أي أتحف واللطف الحسان واللطف المعطى في صور المتحان والبتلء كإعطاء‬ ‫ح ّ‬
‫قوله ُ‬
‫يوسف الصديق الملك في صورة البتلء بالرقية وآدم الفوز الكبر في صورة ابتلئه بأكله من‬
‫الشجرة وإخراجه من الجنة ونبينا ‪ ‬الفتح والنصر المبين في صورة ابتلئه بإخراجه من مكة‬
‫وهي سنة ال في عباده الصالحين ويطلق اللطيف على لعالم بخفيات المور والحبة جمع حبيب‬
‫بمعنى فاعل أو مفعول وقوله وتوجهم أي زينهم والمراد بالنور المعارف القلبية وكي تعليلية‬
‫والمنى ما يتمناه الشخص من سعادة الدنيا والخرة ومعنى البيت أتحف أحبتي يا لطيف بتجلي‬
‫اسمك اللطيف وزينهم بالعلوم والمعارف والهداية الكاملة لجل وصولهم إلى ما يتمنوه منك وهو‬
‫شهود قلوبهم لذاتك وصفاتك ورضاك عليهم فإن منى العارفين شهودك ورضاك وعدة استعماله‬
‫مائة وتسعة وعشرون لحصول ما فيه قال ‪: t‬‬
‫وبالحلم خلق يا حليم نفوسنا‬ ‫وكن يا خبيرا كاشفا لكروبنا‬
‫الخبير ذو العلم التام بخفيات المور ويطلق بمعنى المخبر أي القادر على الخبار وإيصال الخبر‬
‫لكل ما يريده والمعنى الول يرجع لمعنى اللطف وكل المعنيين صالح لحضرة الحق ‪ ‬والكشف‬
‫خّلق‬
‫الزالة والكروب شدة الهموم والغموم والحلم التؤدة و التأني في المور وسعة الصدر وقوله َ‬
‫خُلًقا لنفوسنا وطبًعا لها والحليم الذي ل يعجل بالعقوبة على من عصاه بل يمهل العاصي‬
‫أي اجعله ُ‬

‫‪68‬‬
‫حلم ال على عباده من أكبر النعم قال تعالى ‪ ‬ولو‬
‫ويستره ويمده بالرزق والعافية فإذا تاب قبله ف ِ‬
‫يؤاخذ ال الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة‪ ‬فقول بعض العوام حلم ال يفتت الكبود‬
‫إساءة أدب وسخافة عقل وعدة استعماله ثمانمائة واثنا عشر لحصول ما فيه قال ‪: t‬‬
‫وفي مقعد الصدق الجّل أحلنا‬ ‫ظم يا عظيم شؤوننا‬
‫عّ‬
‫وبالعلم َ‬
‫العلم ضد الجهل والمراد به هنا علم الشريعة وآلتها والعظيم ذو العظمة والكبرياء قال ‪ ‬سبحان‬
‫من ل يعلم قدره غيره ول يبلغ الواصفون صفته وقال تعالى ‪‬وما قدروا ال حق قدره‪ ‬أي ما‬
‫عظموه حق تعظيمه والشئون الحوال والمقعد مكان القعود والمراد منه هنا المنزلة المعنوية وهي‬
‫القرب من ال تعالى والصدق ضد الكذب والمراد منه هنا الصدق الكامل مع ال الذي يسمى‬
‫صّدًقا بدليل قوله الجل أي العظم وقوله أحلنا أي أنزلنا يقال حل في المكان نزل به‬ ‫صاحبه ِ‬
‫والمعنى تجل على أحوالنا يا عظيم بعظمة العلم النافع لنكون من الذين قال ال فيهم ‪ ‬إنما يخشى ا َ‬
‫ل‬
‫من عباده العلماُء‪ ‬و ‪ ‬يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات‪ ‬وأنزلنا منزلة أهل‬
‫الصدق الكامل فنكون من الذين قلت فيهم ‪ ‬إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك‬
‫مقتدر‪ ‬وعدة استعماله ألف وعشرون لحصول المطلوب فيه قال ‪: t‬‬
‫فبالشكر والغفران مولي خصنا‬ ‫غفور شكور لم تزل متفض ً‬
‫ل‬
‫الغفور بمعنى الغفار وتقدم معناه وكذا الغافر بمعناهما لن المقصود من السماء الشريفة النسبة ل‬
‫المبالغة لنها في أسمائه ل تصح إذا أريد منها البيانية وهي إعطاء الشيء فوق ما يستحقه وهذا‬
‫المعنى مستحيل عليه بل المراد النسبة أو المبالغة النحوية وهي الكثرة والشكور الذي يجازي‬
‫عباده المؤمنين الطائعين بالثناء الجميل والعطاء الجزيل وقوله لم تزل متفضل أي محسنا لعبادك‬
‫الطائعين والعاصين وقوله فبالشكر أي إحسانك للمطيعين والغفران سترك للعاصين والمولى الملك‬
‫أو المعتق أو مولى النعم وكل صحيح وقوله خصنا أي اجعلنا مختصين بشكرك وغفرانك وعدة‬
‫استعماله ألف ومائتان وستة وثمانون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫فسبحانك اللهم عن وصف من جنى‬ ‫ى كبيٌر جّل عن وهم واهم‬
‫عل ّ‬
‫عظَُم‬
‫ل َ‬
‫العلى المرتفع الرتبة المنزه عما سواه والكبير المتصف بكل كمال فيرجع لمعنى العظيم وج ّ‬
‫وتنزه ووهم الواهم ما قام بخيال الشخص من صفات الحوادث فغن كل ما خطر ببالك من صفات‬
‫الحوادث فهو هالك وال تعالى بخلف ذلك وقوله فسبحانك أي فتنزيها لك يا ربنا وقوله عن‬
‫وصف من جنى أي عن وصف الجاني لك وهو الذي يصفك بشيء من صفات الحوادث فإنه جنى‬
‫وعصى في العقيدة قال بعض العارفين من َمّثلك يا إلهي قط ما دراك قال ‪: ‬‬
‫مقيت أقتنا خير قوت وهننا‬ ‫وكن لي حفيظا يا حفيظ من البل‬
‫الحفيظ ذو الحفظ لكل شيء خلقه قال تعالى ‪ ‬وسع كرسيه السموات والرض ول يؤوده حفظهما‪‬‬
‫وقال تعالى ‪ ‬إن ربي على كل شيء حفيظ‪ ‬والبلء المحن بالمراض والسقام وكل ما تكرهه النفس‬

‫‪69‬‬
‫دنيا وأخرى والُمقيت أصله المقوت نقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها فقلبت الواو ياء لمناسبة ما‬
‫قبلها أي خالق القوت للجساد والرواح دنيا وأخرى وقوت الجساد الطعام والشراب ونفعها بذلك‬
‫وتلذذها به وقوت الرواح اليمان والسرار والمعارف وانتفاعها بها والكافر ل قوت لروحه‬
‫وقوله أقتنا أي أعطنا قوت الجساد والرواح وقوله خير قوت أي أفضل قوت قّوت به عبادك‬
‫وألهمنا الفرح والسرور فالمعنى تجل علينا بالحفظ يا حفيظ من كل البليا وتجل علينا بخير‬
‫سرنا بذلك وهذا هو العافية في الدارين وعدة استعماله‬‫القوات دنيا وأخرى يا ُمقيت وفرحنا و ُ‬
‫تسعمائة وثمانية وتسعون لحصول ما فيه قال ‪‬‬
‫وأنت ملذي يا جليل وحسبنا‬ ‫وانت غياثي يا حسيب من الردى‬
‫الغياث المغيث أي المجيب بسرعة والحسيب الكافي من توكل عليه أو الشريف الذي كل من دخل‬
‫حماه تشرف أو المحاسب لعباده على النقير والفتيل والقطمير في قدر نصف يوم من أيام الدنيا أو‬
‫أقل والردى الهلك والملذ الملجأ والجليل العظيم في الذات والصفات والفعال فيرجع لمعنى‬
‫العظيم والكبير وقوله وحسبنا أي كافينا عمن سواك في الدنيا والخرة قال ال تعالى ‪ ‬فإن تولوا‬
‫ف عبده‪ ‬ومعنى البيت أنت مجيري من الهلك سريعا يا‬ ‫فقل حسبي ال‪ ‬وقال تعالى ‪ ‬أليس ال بكا ٍ‬
‫حسيب وأنت ملجئي ألوذ بك في الدنيا والخرة يا جليل وكفايتنا وهذا كما قال السيد البكري الهي‬
‫لو أردنا العراض عنك ما وجدنا لنا سواك فكيف بعد ذلك نعرض عنك وعدة استعماله ثمانون‬
‫لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫وتزكية الخلق والجود والغنى‬ ‫وجد يا كريما منك بالعفو والعطا‬
‫طي ل لغرض ول‬ ‫الكريم المعطي من غير سؤال أو الذي عم عطاؤه الطائع والعاصي لكونه المع ِ‬
‫طى وقوله منك أي من فضلك وإحسانك والرضا هو النعام أو إرادة‬ ‫لعوض والعطاء الشيء الُمْع َ‬
‫النعام وقوله تزكية الخلق أي طهارتها والجود أي والتصاف بالجود وجود العبد هو بذله ماله‬
‫وروحه في طاعة ربه كما قال بعض العارفين ‪:‬‬
‫كذا الوطان كي تدرك سناه‬ ‫وجد بالروح والدنيا خليلي‬
‫والغنى ضد الفقر والمراد غنى القلب ومعنى البيت تجلى علينا يا كريم بكرمك وحقق لنا العطاء‬
‫الواسع ورضاك علينا وطهر أخلقنا من الرذائل واجعلنا متصفين بالجود بأرواحنا وأموالنا في‬
‫طاعتك وامل قلوبنا بالغنى بك ففي الحديث خير الغنى غنى النفس وعدة استعماله مائتان وسبعون‬
‫لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫حكيما أنلنا حكمة منك تهدنا‬ ‫ويا واسعا وسع لنا العلم والعطا‬
‫السعة في حقه تعالى ترجع لنفي الولية والخرية والحاطة فهو من صفات السلوب أو يراد منه‬
‫أن رحمته وسعت كل شيء فتكون من صفات الجمال وتقدم معنى العلم والعطاء والحكيم ذو‬
‫الحكمة وهى العلم التام والصنع المتقن والنالة العطاء والحكمة في حقنا هي العلم النافع وإسناد‬

‫‪70‬‬
‫الهداية لها مجاز عقلي من السناد للسبب فالعبد يهتدي بها في ظلمات الجهل كما يهتدي بالمصباح‬
‫في ظلمات الليل قال تعالى ‪ ‬أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله‬
‫في الظلمات وليس بخارج منها ‪ ‬فالمراد بالنور العلم النافع واليمان والظلمات الجهل والكفر‬
‫والمعنى تجل علينا يا واسع بسعة العلم والعطايا وتجل علينا يا حكيم بالعلم النافع الذي يوصلنا‬
‫إليك وعدة استعماله مائة وسبعة وثلثون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫علينا وشّرف يا مجيد شؤوننا‬ ‫ودود فجد بالود منك تكرما‬
‫الودود أي المحب لعباده الصالحين المحبين الراضي عنهم قال تعالى ‪ ‬هل جزاء الحسان إل‬
‫الحسان‪ ‬أو الودود بمعنى المحبوب لنه محب ومحبوب فمحبته لعباده إنعامه عليهم أو إرادة‬
‫إنعامه فيرجع لمعنى الرضا ومحبة عباده له ميلهم إليه وشغلهم به عمن سواه وقوله فجد بالود منك‬
‫تكرًما أي فأفض المحبة علينا إحسانا منك بأن نصير محبين ومحبوبين لك قال تعالى في مقام‬
‫المتنان على موسى ‪  ‬وألقيت عليك محبة مني‪ ‬وقال لسيد العالمين في الحديث الشريف إن كنت‬
‫اتخذت إبراهيم خليل فقد اتخذتك حبيًبا وقال تعالى ‪ ‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم‬
‫الرحمن ودا‪ ‬وقوله وشّرف أي ارفع وكّمل والمجيد الشريف ومثله الماجد والمعنى تجل علينا يا‬
‫ودود بالمودة لك و لعبادك الصالحين إحسانا منك وشّرف أحوالنا دنيا وأخرى بتجلي اسمك المجيد‬
‫وعدة استعماله سبعة وخمسون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫شهيد فأشهدنا علك بجمعنا‬ ‫ويا باعث ابعثنا على خير حالة‬
‫الباعث الذي يبعث الموات أي يحييهم للحساب ويبعث الرسل لعباده لقامة الحجة عليهم‬
‫والرزاق الدنيوية والخروية وغير ذلك وقوله ابعثنا أي أحينا بعد الموت على أكمل لحوال‬
‫وأحسنها فل نفتضح في القيامة والشهيد المطلع على الظاهر والباطن فيرجع لمعنى الرقيب وأما‬
‫قوله تعالى ‪ ‬عالم الغيب والشهادة‪ ‬فتسميته غيبا بالنسبة لنا وإل فالكل شهادة عنده وقوله فأشهدنا الخ‬
‫أي اجعل قلوبنا مشاهدة لجمالك الباهر ما دمنا في الدنيا لن العارف يرى ال في كل شيء واجعل‬
‫ظواهرنا وبواطننا تشاهد جمالك الباهر في الخرة فنكون من الذين قلت فيهم ‪ ‬وجوه يومئٍذ ناضرة‬
‫إلى ربها ناظرة‪ ‬وعدة استعماله خمسمائة وثلثة وسبعون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫وكيل توكلنا عليك بك اكفنا‬ ‫ويا حق حققنا بسر مقدس‬
‫الحق الثابت الذي ل يقبل الزوال أزل وأبدا فيرجع لمعنى واجب الوجود وقوله حققنا الخ اجعلنا‬
‫محققين ومتصفين بسر أي إخلص كامل مقدس أي منزه عن الشكوك والوهام وعن كل خاطر‬
‫يمنع كمال الخلص والوكيل المتولي أمور خلقه دنيا وأخرى وقوله توكلنا عليك الخ أي فوضنا‬
‫أمورنا كلها إليك فاجعلنا مكتفين بك ول تكلنا لغيرك طرفة عين ول اقل من ذلك قال تعالى‪ ‬ومن‬
‫يتوكل على ال فهو حسبه‪ ‬أي كافيه وعدة استعماله مائة وثمانية لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫ولي حميد ليس إل لك الثنا‬ ‫قوي متين قوي عزمي وهمتي‬

‫‪71‬‬
‫القوي ذو القدرة التامة التي يوجد بها كل شيء ويعدمه على طبق مراده والمتين عظيم القوة أي‬
‫صاحب القوة التي ل تعارض ول يعتريها نقص ول خلل وقوله قو عزمي الخ أي مدني بالقوة‬
‫والعزم التصميم والهمة الرادة والولي الموالى والمتابع الحسان لعبيده أو المتولي للخير والشر‬
‫بمعنى صدور الكل منه فيرجع لمعنى الوكيل ويشهد للول قوله تعالى ‪ ‬ال ولى الذين آمنوا‪‬‬
‫والثاني قوله تعالى ‪ ‬أم اتخذوا من دونه أولياء فال هو الولي‪ ‬وأما الولي من الخلق فمعناه الموالى‬
‫لطاعة ربه المداوم عليها أو من تولى ال أمره فلم يكله لغيره والحميد المحمود أي مستحق الحمد‬
‫كله أو الحامد لعبيده ولنفسه بنفسه وقوله ليس إل لك الثنا أي ليس استحقاق الوصف بالجميل إل‬
‫لك ل لغيرك والمعنى مد عزمي وهمتي بتجلي اسمك القوي والمتين بأولى المر ومستحق‬
‫المحامد وعدة استعماله خمسمائة لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫تعطف علينا بالمسرة والهنا‬ ‫ويا محصي الشياء يا مبدئ الورى‬
‫المحصي الضابط لعدد خلقه جليلها وحقيرها قال تعالى ‪ ‬أحصى كل شيء عددا‪ ‬والشياء جمع‬
‫شيء وهو كل موجود والمبدئ بالهمزة المنشئ من العدم إلى الوجود وأما بغير همزة فمعناه‬
‫المظهر وليس مرادا هنا والورى الخلق والتعطف الحسان والتفضل والمسرة السرور وإلهنا‬
‫مرادف له والمعنى أسألك يا محصي كل موجود ومنشئ الخلق من العدم أن تتفضل علينا بالسرور‬
‫وطيب المعاش دنيا وأخرى وعدة استعماله مائة وثمانية وأربعون لحصول ما فيه قال‪‬‬
‫على الدين يا محيي النام من الفنا‬ ‫أعدنا بنور يا معيد وأحينا‬
‫أي أحينا بعد موتنا يوم القيامة مصحوبين بنور اليمان والمعرفة والعمال الصالحة لنكون في‬
‫حالة النشر والحشر والمرور على الصراط ممن ‪ ‬يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم‪ ‬والمعيد الذي‬
‫يعيد الخلق بعد انعدامهم قال تعالى ‪ ‬وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه‪ ‬واختلف أهل‬
‫السنة في تلك العادة قيل عن عدم محض وقيل عن تفريق أجزاء قال صاحب الجوهرة ‪:‬‬
‫عن عدم وقيل عن تفريق‬ ‫وقيل يعاد الجسم بالتحقيق‬
‫وقوله وأحينا الخ أي اجعل حياتنا في الدنيا كائنة على الدين الكامل يا محيي أي مقوم البدان‬
‫بالرواح للخلئق من الفناء الذي هو العدم أي الناقل لهم من حالة العدم لحالة الحياة وعدة‬
‫استعماله مائة وأربعة وعشرون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫وشرف بذا قدري كما أنت ربنا‬ ‫مميت امتني مسلمـا وموحدا‬
‫المميت خالق الموت وهو عدم الحياة عما من شأنه الحياة قال تعالى ‪ ‬خلق الموت والحياة‪ ‬وقوله‬
‫أمتني الخ اقبض روحي على السلم والتوحيد الكامل وقدري رتبتي وقوله كما أنت ربنا الكاف‬
‫تعليلية أي لنك ربنا موجدنا من العدم واليك المرجع والمآل والدعوة بهذا البيت تكون لحفظ‬
‫اليمان ورفع القدر دنيا وأخرى وعدة استعمـاله أربعمائة وتسعـون لحصــول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫ويا واجد أنت الغني فـــأغننا‬ ‫ويا حي يا قيوم قــــوم أمورنا‬

‫‪72‬‬
‫الحي ذو الحياة وهي في حق مولنا صفة أزلية تصحح لمن قامت به العوالم وسائر الصفات‬
‫الكمالية لن الميت ل تكون له صفة كمال أبدا وهي شرط في جميع الصفات يلزم من عدمها عدم‬
‫لجميع والقيوم القائم بذاته المستغني عن غيره أو المقوم لغيره بقدرته وإرادته فهو المتصرف في‬
‫العالم دنيا وأخرى وقوله قّوم أي اجعل أمورنا الدنيوية والخروية مستقيمة في غاية العتدال‬
‫والصلح والواجد الغني من الوجدان وهو عدم نفاذ الشيء بمعنى انه لو أغنى الخلق جميعا‬
‫وأعطاهم سؤلهم لم ينقص من ملكه ل كما ينقص المخيط إذا ادخل البحر وقوله أنت الغني أي‬
‫المستغنى عن كل ما سواك فهو في الحقيقة شرح للواجد وليس قصده ذكر اسمه لنه سيأتي وقوله‬
‫فأغننا أي تجل علينا بتجلي اسمك الواجد الذي هو المغني فل نفتقر لسواك أبدا وهذه الدعوة‬
‫جمعت عز الدارين وعدة استعماله مائة وستة وخمسون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫ويا واحد فرج كروبي وغمنا‬ ‫ويا ماجد شرف بمجدك قدرنا‬
‫الماجد بمعنى المجيد المتقدم وهو الشريف واسع الكرم وقوله شرف الخ أي تجل علينا باسمك‬
‫الماجد فنحوز الشرف والغنى دنيا وأخرى والواحد الذي ل ثاني له في ذاته ول في صفاته ول في‬
‫أفعاله فهم مستلزم لنفي الكمون الخمسة المتصل والمنفصل في الذات والمتصل في الصفات‬
‫والمنفصل في الفعال والمتصل فيها ول ينبغي بل هو تعلق القدرة والرادة في سائر الكائنات‬
‫إيجادا وإعداما فل غاية له ول نهاية له قال تعالى ‪ ‬كل يوم هو في شأن‪ ‬أي كل لحظة ولمحة في‬
‫شئون يبديها ول يبتديها والوحدة في غيره نقص وفي حقه كمال كما ورد انه واحد ل من قلة بل‬
‫وحدة تعزز وانفراد وتكبر لنعدام الشبيه والنظير والمثيل وقوله فرج كروبي وغمنا الكرب والغم‬
‫شيء واحد وتقدم تفسيره اصرف عنا ما ذكر دنيا وأخرى ولنه ل يصرف السوء غيرك وهذا‬
‫البيت ايضا فيه عز الدارين وعدته ثمانية وأربعون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫تكلني لنفسي واهدنا رب سبلنا‬ ‫ويا صمد فوضت أمري إليك ل‬
‫الصمد الذي ُيصمد أي ُيقصد في الحوائج فهو كالدليل للوحدانية وقوله فوضت الخ أي سلمت حالي‬
‫دنيا وأخرى فل تكلني لنفسي طرفة عين ول اقل من ذلك وقوله واهدنا الخ أي اجعلنا مهتدين‬
‫واصلين إليك في طرقنا الشرعية الَمرضية التي أمرتنا بالتمسك بها على لسان رسولك ‪ ‬وعدة‬
‫استعماله مائة وأربعة وثلثون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫ومقتدر خلص من الغير سرنا‬ ‫ويا قادر أقدرنا على صدمة العدا‬
‫القادر ذو القدرة التامة وهى صفة أزلية قائمة بذاته تعالى تتعلق بالممكنات إيجادا وإعداما على‬
‫وفق الرادة وقوله أقدرنا الخ بكسر الدال من الرباعي كأكرم والهمزة فيه همزة قطع وصلت‬
‫للضرورة أي اجعلنا قادرين على صدمة العدا أي إصابة العداء وهزيمتهم وردهم خاسئين‬
‫والمقتدر أي العظيم القدرة التي ل شبيه لها ول مثيل ول نظير فيرجع لمعنى القوي المتين وقوله‬
‫ف أرواحنا من التعلق بملحظة سواك ولما كلن الخلص الباطن عزيزا وأعظم‬ ‫ص ّ‬‫خلص الخ أي َ‬
‫نعمة على العبد طلب بهذا السم بعد ما طلب القدار على هزيمة العدو من نفس وشيطان‬
‫وغيرهما بالسم الذي قبله فهو ترقي بالمطلوب به فمن تحقق بهذه الدعوة كان ممن قال ال فيهم ‪‬‬

‫‪73‬‬
‫إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ‪ ‬وعدة استعماله سبعمائة وأربعة وأربعون لحصول ما فيه قال‬
‫‪:‬‬
‫وأخر عدانا يا مؤخر بالعنا‬ ‫وقدم أموري يا مقدم ه‬
‫أي اجعل أحوالي الظاهرية والباطنية متقدمة في مراضيك بتجلي اسمك المقِدم بكسر الدال لمن‬
‫خِلعت على منك وقوله‬‫أردته من عبادك وقوله هيبة منصوب على التمييز أي من جهة الهيبة التي ُ‬
‫وأخر عدانا أي وتجل على عدانا بالتأخير عن كل ما أرادوه لنا من المساوي بتجلي اسمك المؤخر‬
‫لمن تريد تأخيره قال تعالى ‪ ‬قل اللهم مالك الملك‪ ‬الية والعنا التعب وعدم بلوغ المال فينا وعدة‬
‫استعماله ثمانمائة وستة وأربعون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫بغير انتهاء أنت في الكل حسبنا‬ ‫ويا أول من غير بدء وآخر‬
‫الول هو الذي ل افتتاح لوجوده فقوله من غير بدء تفسير له والخر الذي ل انتهاء لوجوده فقوله‬
‫بغير انتهاء تفسير له وقوله أنت أي يا ال في كل أحوالنا الظاهرية والباطنية كافينا فل نؤمل في‬
‫سواك شيئا وهذا هو كمال التوحيد واليمان قال تعالى مدحا في أصحاب رسول ال ‪‬الذين قال لهم‬
‫الناس إن الناس قد جمعوا لكم‪ ‬الية وقال العارف بال تعالى أبو الحسن الشاذلي أسألك اليمان‬
‫بحفظك إيمانا يسكن به قلبي من خوف الخلق وهم الرزق واقرب مني بقدرتك قربا تمحق به عني‬
‫كل حجاب محقته عن إبراهيم خليلك فلم يحتج لجبريل رسولك ول لسؤاله منك وهذا المقام عند‬
‫العارفين أعلى مقامات الطلب لن حضرة الشهود حضرة السكوت قال تعالى ‪ ‬وخشعت الصوات‬
‫للرحمن فل تسمع إل همسا‪ ‬ومن هذا المقام ايضا قول أبي الحسن الشاذلي فأغننا بك عن سؤالنا‬
‫منك وعـدة استعماله ثمانمائة وواحـد لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫ويا باطنا بالغيب ل زلت محسنا‬ ‫ويا ظاهرا في كل شيء شؤونه‬
‫الظاهر هو الذي ليس فوقه شيء ول يغلبه شيء أو الظاهر بآثاره وصنعه ويشهد لهذا قوله في كل‬
‫شيء شؤونه أي تصرفاته ومن الحكم ‪ :‬هذه آثارنا تدل علينا‪ .‬قال تعالى ‪ ‬كل يوم هو في شأن‪‬‬
‫والباطن الذي ليس أقرب منه شيء أو الذي تحجب عنا بجلله وهيبته فل تراه البصار في الدنيا‬
‫ول تدرك حقيقته لحد دنيا ول أخرى ويشهد لهذا المعنى قوله بالغيب وقوله ل زلت محسنا أي أن‬
‫إحسانك دائم دنيا وأخرى ل يزول ول يحول وقد جمعت هذه الشياء الربعة في قوله ‪ : ‬اللهم‬
‫أنت الول فليس قبلك شيء وانت الخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وانت‬
‫الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر ‪ .‬وعدة استعماله ألف ومائة وستة‬
‫لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫فبالنصر يا متعاليا كن معزنا‬ ‫ويا واليا لسنا لغيرك ننتمي‬
‫الوالي المتوالي على عباده بالتصريف والقهر واليجاد والعدام فيرجع لمعنى الملك ومعنى ننتمي‬
‫ننتسب والنصر الظفر بالمقصود والمتعالي المنزه عن صفات الحوادث فيرجع لمعنى القدوس‬

‫‪74‬‬
‫والعزاز ضد الذلل فالمعنى ليس انتسابنا إل لك لكونك الموجد والمعدم والمتصرف فينا ظاهرا‬
‫وباطنا دنيا وأخرى فكن معزا لنا بنصرك على أعدائنا الظاهرية والباطنية منزها عن كل نقص‬
‫وعدة استعماله خمسمائة وواحد وخمسون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫نصوح بها تمحو عظائم جرمنا‬ ‫ويا بر يا تواب جد لي بتوبة‬
‫البر المحسن لعباده الطائعين والعاصين والتواب كثير التوبة لعباده المذنبين يقبل توبتهم إذا تابوا‬
‫أو الذي يخلق التوبة في العبد فتظهر فيه قال تعالى ‪‬ثم تاب عليهم ليتوبوا إن ال هو التواب الرحيم‪‬‬
‫وقال تعالى‪ ‬وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات‪ ‬وقوله جد لي الخ أي تجل عل ّ‬
‫ي‬
‫بآثار اسمك البر والتواب بتوبة نصوح وهي التي ل تنقض ول يعود صاحبها للذنب أصل تزيل‬
‫بسببها عظائم سيئاتنا فالجرم بمعنى المعصية و إضافة عظائم له من إضافة الصفة للموصوف‬
‫وإنما خص العظائم لنها التي تتوقف على التوبة بخلف صغائر الذنوب فمكفراتها كثيرة قال في‬
‫الجوهرة ‪:‬‬
‫صغائر وجا الوضوء يكفر‬ ‫وباجتناب للكبائر تغفر‬
‫وقال تعالى ‪ ‬إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخل كريما‪ ‬وقال تعالى ‪‬‬
‫الذين يجتنبون كبائر الثم والفواحش إل اللمم إن ربك واسع المغفرة‪ ‬وعدة استعماله أربعمائة‬
‫وتسعة لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫عفو رؤوف عافنا وارأفن بنا‬ ‫ومنتقم هاك انتقم من عدونا‬
‫المنتقم مرسل النقم والعذاب فهو من صفات الجلل كقهار وهاك اسم فعل بمعنى خذ والمراد هنا‬
‫العجلة والنتقام ضد النعام فهو إنزال العذاب والهلك فمعناه تجل على عدونا بسرعة النتقام ‪,‬‬
‫والعفّو الذي ل يؤاخذ المذنب بالذنوب بل يمحوها ويبدلها بحسنات والرؤوف من الرأفة وهي شدة‬
‫الرحمة ومعناها في حقه النعام أو إرادته وقوله عافنا الخ أي تجل علينا بآثار اسمك الَعفُّو فعافنا‬
‫من بليا الدنيا والخرة وتجل علينا بآثار اسمك الرؤوف فارأف علينا بتمام النعمة في الدنيا‬
‫والخرة فهو على حد قوله تعالى ‪ ‬واعف عنا واغفر لنا وارحمنا‪ ‬فيه تقديم التخلية على التحلية‬
‫وعدة استعماله ستمائة وثلثون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫ويا ذا الجلل الطف بنا في أمورنا‬ ‫ويا مالك الملك العظيم بقهره‬
‫مالك الملك المتصرف فيه على ما يريد ويختار قال تعالى ‪ ‬يحكم ل معقب لحكمه‪ ‬فلذلك قال بقهره‬
‫أي بغلبته وكبريائه وذا الجلل أي صاحب الهيبة والعظمة واللطف الرفق والحسان والمعنى تجل‬
‫علينا يا ملك الدنيا والخرة يا صاحب العظمة والهيبة بالرفق في أمورنا الظاهرية والباطنية دنيا‬
‫وأخرى وعدة استعماله سبعمائة وخمسة وتسعون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫ويا جـامع فاجمع عليك قلوبنا‬ ‫ويا مقسـط بالستقامة قونا‬

‫‪75‬‬
‫المقسط الذي يحكم بالنصاف بين خلقه وضده القاسط بمعنى الجائر والستقامة هي كون العبد‬
‫على حالة ترضي ربه ظاهرا وباطنا ومنه قوله تعالى ‪ ‬اهدنا الصراط المستقيم‪ ‬أي الدين الذي ل‬
‫اعوجاج فيه وقوله قونا أي اجعلنا فينا قوة عليها قال تعالى ‪ ‬وما توفيقي إل بال ‪ ‬والجامع معناه إما‬
‫لكل كمال أو للخلق يوم القيامة قال تعالى ‪ ‬وهو على جمعهم إذا يشاء قدير‪ ‬أو ما هو أعم وهو أولى‬
‫وقوله فاجمع عليك قلوبنا أي تجل بجمع قلوبنا عليك فل يشغلها عنك شاغل وعدة استعماله مائتان‬
‫وتسعون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫ويا مانع امنع كل كرب يهمنا‬ ‫ن أغننا بك سيدي‬
‫غني ومغ ٍ‬
‫الغني ذو الغنى المطلق وهو المستغني عن كل ما سواه المفتقر إليه كل ما عداه والمغني معطي‬
‫الغنى لمن يشاء دنيا وأخرى قال تعالى ‪ ‬وأنه هو أغنى وأقنى‪ ‬فلذلك قال أغننا بك أي فل نفتقر‬
‫لشيء سواك والسيد المالك وهو السيد الحقيقي وفي الحديث السيد ال أي الحقيقي فل ينافي جواز‬
‫السيادة لغيره ولذلك قال بعض العارفين ‪:‬‬
‫والمولى مولى وإن تنزل‬ ‫العبد عبٌد وإن تسامى‬
‫والمانع الدافع عن عبيده المضار الدنيوية والخروية قال تعالى ‪ ‬إن ال يدافع عن الذين آمنوا‪ ‬ولول‬
‫دفع ال الناس بعضهم ببعض لفسدت الرض‪ ‬وقوله امنع كل كرب الخ أي تجل علينا بدفع‬
‫الكروب التي تهمنا دنيا وأخرى وعدة استعماله ألف وتسعون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫ويا نافع انقعنا بأنوار ديننا‬ ‫ويا ضار ضر المعتدين بظلمهم‬
‫الضار خالق الضر ضد النفع وه إيصال الشر لمن شاء من عباده وقوله ضر المعتدين بظلمهم أي‬
‫تجل عليهم بالضر الذي هو الهلك بسبب ظلمهم لنفسهم ولعبادك ويحمل هذا على المعتدين‬
‫الكافرين فإن الظلم يطلق على الكفر قال تعالى ‪ ‬إن الشرك لظلم عظيم‪ ‬أو يراد بالمعتدين ما هو‬
‫أعم ولكن يقصد القارئ الظالمين الذين تجاهروا بالفسق وأما غيرهم فيطلب له الغفران وحسن‬
‫التوبة والنافع خالق النفع ضد الضر وهو إيصال الخير لمن شاء من عباده دنيا وأخرى وقوله‬
‫انفعنا الخ أي تجل علينا بإيصال خيرك لنا بسبب أنوار ديننا التي أرسختها في قلوبنا وعدة‬
‫استعماله ألف وواحد لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫بحبك يا هادي وقوم طريقنا‬ ‫ويا نور نور ظاهري وسرائري‬
‫النور الظاهر في نفسه المظهر لغيره وقوله نور ظاهري الخ أي زينهما بسبب حبك يحتمل أن‬
‫يكون من إضافة المصدر لفاعله أو لمفعوله أي بسبب حبك لي أو حبي لك وبينهما تلزم فزينة‬
‫الظاهر بامتثال المر واجتناب النهي والسرائر بالخلص الكامل قال بعضهم ‪:‬‬
‫هذا لعمري في الفعال بديع‬ ‫تعصى الله وأنت تظهر حبه‬
‫إن المحب لمن يحـب مطيع‬ ‫لو كان حبك صادقا لطعتـه‬

‫‪76‬‬
‫وقال أيضا‪:‬‬
‫ول يأوي مكان فيه جار‬ ‫محب ال ل تؤويه دار‬
‫فما في خدمة الرحمن عار‬ ‫يقول لنفسه كدي وجدي‬
‫والهدي خالق الهدى وهو الرشاد وقوله قوم طريقنا أي اجعلها مستقيمة على تقدم رسولك بأن‬
‫تجعل أعمالنا موافقة لشرعة ‪ ‬قال بعضهم ‪:‬‬
‫من حاد عنها ربنا أرداه‬ ‫واتبع شريعة أحمد خير الورى‬
‫وعدته مائتان وستة وثمانون لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫ويا باقيا بك أبقنا فيك أفننا‬ ‫بديــع فأتحفنا بدائـع حكمة‬
‫البديع أي المبدع والمحكم كل شيء صنعه أو المخترع الشياء على غير سابقة مثال قال تعالى ‪‬‬
‫بديع السموات والرض‪ ‬أي محكمهما ومتقنهما ومخترع لهما على غير مثال سابق والتحاف هو‬
‫إعطاء الشيء المستحسن وبدائع الحكمة غرائبها أي مستحسناتها وتقدم أن الحكمة هي العلم‬
‫النافع ‪ ,‬والباقي الدائم الذي ل يزول ول يحول لن معناه ذو البقاء والبقاء نفي طروء العدم وقوله‬
‫بك أبقنا أي اجعلنا باقين بك ل بأنفسنا بأن نشهدك في الثار فل تشغلنا الثار عنك وقوله فيك أفننا‬
‫أي اجعلنا فانين في شهودك ومحبتك عن شهود نفوسنا وعن كل ما سواك وهذا الفناء مقدمة البقاء‬
‫وإنما أخره لضرورة النظم وإل فأول مراتب الوصول هو الفناء ثم يحصل البقاء وعدة استعماله‬
‫مائة وثلثة عشر لحصول ما فيه قال ‪‬‬
‫رشيد فأرشدنا إلى طـرق الثنا‬ ‫ويا وارثا ورثني علمـا وحكمة‬
‫الوارث الباقي بعد فناء خلقه أو الذي يرجع إليه كل شيء قال تعالى ‪ ‬إنا نحن نرث الرض ومن‬
‫عليها وإلينا يرجعون‪  ‬كل شيء هالك إل وجهه أل إلى ال تصير المور‪ ‬وقوله ورثني الخ أي‬
‫اجعلني وارثا لنبيك في العلم والحكمة فإن النبياء ل يورثون درهما ول دينارا وإنما يورثون‬
‫العلوم والحكم فكأنه يقول اجعلني ممن صدق عليهم قوله ‪ ‬العلماء ورثة النبياء والرشيد‬
‫صاحب الرشد وهو الذي يضع الشيء في محله أو خالق الرشد في عبادك ويؤيد هذا الثاني قوله‬
‫فأرشدنا الخ أي أوصلنا إلى طرق الوصاف الجميلة التي ترضيك عنا تكون مثنيا بها علينا في‬
‫المل العلى لما في الحديث القدسي من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في مل‬
‫ذكرته في مل خير منه وعدته سبعمائة وسبعة لحصول ما فيه قال ‪: ‬‬
‫وحسن يقين يـا صبور ووفنا‬ ‫وأفرغ علينا الصبر بالشكر والرضا‬
‫قوله أفرغ أي أنزل والصبر تحمل المكاره في طاعة ال والشكر صرف العبد جميع ما أنعم ال به‬
‫عليه إلى ما خلق لجله والرضا قبول أحكام ال فيه بحيث يتلذذ بالضراء كما يتلذذ بالسراء ففي‬

‫‪77‬‬
‫كلمه ترق لن مقام الشاكرين الراضين أعلى من مقام الصابرين فكأنه يقول مدنا بالصبر الجميل‬
‫المصحوب بشكر النعمة والرضا بأحكامك كلها خيرها وشرها حلوها ومرها فأكون ممن ورد فيهم‬
‫أنهم الحامدون الذين يحمدون ال في السراء والضراء وقوله وحسن يقين أي ومصحوبا ما ذكر‬
‫بيقين حسن وهو مقام الحسان بأن يعبد ال كأنه يراه والصبور الذي ل يعجل بالعقوبة على من‬
‫عصاه فيرجع لمعنى الحليم وقوله ووفنا أي سؤالنا لك من أول الكتاب إلى هنا فل تخيب منه دعوة‬
‫وفيه براعة اختتام إشارة لتمام السماء وعدة استعماله مائتان وثمانية وتسعون لحصول ما فيه فال‬
‫‪:‬‬
‫تقبل دعانا ربنا واستجب لنا‬ ‫بأسمائك الحسنى دعوناك سيدي‬
‫ولما فرغ من التوسل بها تفصيل شرع بالتوسل بها إجمال ليدعو بدعوات جامعة كل دعوة فيها‬
‫من جوامع الكلم ترجم فيها عن أخلقه وأوصافه ‪ ‬فقال بأسمائك الخ الجار والمجرور متعلق‬
‫بمحذوف حال من دعوناك وتقدم الكلم على قوله أسمائك الحسنى والمعنى سألناك حال كوننا‬
‫متوسلين إليك بأسمائك الخ وقوله دعانا أي في هذا الكتاب وغيره وقوله واستجب لنا مرادف لما‬
‫قبله وضمير الجميع في هذا الكتاب يقصد به نفسه وأتباعه من كل من يتعاطى طريقته وأوراده‬
‫وتارة يقصد عموم المسلمين وسياق المقام يدل عليه قال ‪: ‬‬
‫وحقق بها روحي لظفر بالمنى‬ ‫عّمر فؤادي وظاهري‬
‫بأسرارها َ‬
‫قوله بأسرارها الجار والمجرور متعلق بقوله عّمر والضمير عائد على السماء الحسنى والسرار‬
‫جمع سر والمراد منها تجلياتها الخفية التي تقدم له الدعاء بها بلصق كل اسم ‪ ,‬وقوله عّمر فؤادي‬
‫أي قلبي أي اجعله محل لتك التجليات وقوله وظاهري معطوف على فؤادي أي اجعل ذلك التجلي‬
‫في ظاهري أيضا وقوله وحقق بها روحي أي اجعلها متحققة بتلك التجليات وقوله لظفر بالمنى‬
‫أي لجل بلوغي ما أتمناه منك دنيا وأخرى فمنى العارفين التحقق بتلك التجليات وهذا كما قال‬
‫أنتم حديثي وشغلي‬ ‫أنتم فروضي ونفلي‬ ‫سيدي عمر بن الفارض ‪:‬‬
‫إذا وقفت أصلـي‬ ‫وقبلتي في صــلتي‬
‫إليه وجهت كـلـي‬ ‫جمالكم نصب عيني‬
‫لن من تحقق بهذه المقامات كان من جملة من قال ال فيه في الحديث القدسي كنت سمعه الذي‬
‫يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني أعطيته‬
‫وإن استعاذ بي أعذته ولذلك قال ‪: ‬‬
‫وقو بها ذوقي ولمسي وعقلنا‬ ‫ونور بها سمعي وشمي وناظري‬
‫نور السمع كناية عن حفظه عن كل مشغل عن ال وشهود ال في جميع مسموعاته الذي هو معنى‬
‫قوله في الحديث المتقدم كنت سمعه وما قيل في السمع يقال فيما بعده قال ‪: ‬‬

‫‪78‬‬
‫وزك بها نفسي وفرج كروبنا‬ ‫ويسر بها أمري وقو عزائمي‬
‫هذا تعميم للمطلوب من تلك التجليات أي اجعل أموري الدنيوية والخروية ميسرة بتجليات تلك‬
‫السماء والعزائم والهمم أي اجعلها قويمة بتلك التجليات وقوله وزك بها نفسي أي طهرها بذلك‬
‫وقوله وفرج كروبنا أي معشر المسلمين قال ‪: ‬‬
‫خُلِقي مع الهنا‬
‫خْلِقي و ُ‬
‫وحسن بها َ‬ ‫ووسع بها علمي ورزقي وهمتي‬
‫خلقي حسنين بها فالول بفتح‬ ‫خلقي و ُ‬
‫أي أفسح أي فيها بتلك التجليات وقوله وحسن الخ أي اجعل َ‬
‫الخاء وسكون اللم الخلقة والثاني بضم الخاء واللم وسكونها السجية والطبيعة وقوله مع الهنا أي‬
‫الفرح والسرور دنيا وأخرى وقال ‪: ‬‬
‫وزدني بفرط الحب فيك تفننا‬ ‫وهب لي بها حبا جليل مجمل‬
‫أي وأعطني من فضلك وإحسانك بواسطة تلك السرار حبا عظيما لك ولحبابك حتى أكون من‬
‫الذين قلت فيهم ‪ ‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا‪ ‬أي حبا عظيما وفي‬
‫الحديث الشريف اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك اهـ‪ .‬فإن المحبة‬
‫العظمى من أعظم المنن قال ال تعالى لنبيه موسى عليه الصلة والسلم في مقام المتنان ‪ ‬وألقيت‬
‫عليك محبة مني‪ ‬وقال لسيدنا محمد ليلة السراء في الحديث القدسي إن كنت اتخذت إبراهيم خليل‬
‫فقد اتخذتك حبيبا وقوله مجمل أي مزينا بامتثال الوامر واجتناب النواهي وفي هذا القيد احتراس‬
‫من المحبة التي تخرج العبد عن الحدود الشرعية كمحبة الحلج ونظائره ممن سكروا فلم يغسلوا‬
‫أنفسهم بظواهر الشرع فإنهم ل يقتدي بهم وإن كانوا كاملين في أنفسهم وقوله وزدني بفرط الحب‬
‫الخ أي الحب المفرط فهو من إضافة الصفة للموصوف والمفرط البالغ الغاية في الشدة والتفنن‬
‫بمعنى الفنون أي العلوم الربانية والتجليات الحسانية وهذا أبلغ من قول سيدي عمر ابن الفارض ‪:‬‬
‫* زدني بفرط الحب فيك تحيرا * لن الحيرة ربما أدت إلى الخروج عن ظواهر الشرع بخلف‬
‫سعة الفنون والعلوم فإنها الوراثة الكاملة لسيد النام فالمحبة التي توجب الحيرة صاحبها غائب عن‬
‫الخلق مشغوف بالحق ل يضبط أحواله معهم فل تقتدي به وأما التي تزيد العبد تفننا فصاحبها‬
‫جامع بين الخلق والحق من الهداة الذين يقتدي بهم في القوال والفعال والحوال والكل أحباب ال‬
‫وعليهم راض ول يعلم قدرهم إل ال نقل عن السيد البدوي انه قال في حق هؤلء السكارى ‪:‬‬
‫عزيز على أعتابهم يسجد العقل‬ ‫مجانين إل أن سر جنونهم‬
‫قال رضي ال عنه ‪:‬‬
‫لدري به سر البقاء مع الفنا‬ ‫سا‬
‫وهب لي أيا رباه كشًفا مقد ً‬
‫أي وأعطني من فضلك وإحسانك يا رباه أي يا ربي قلبت الياء ألفا وأتى بهاء السكت وقد ورد في‬
‫السنة نظير ذلك في سياق زيادة التضرع ومن ذلك قول سيدي أبي الحسن الشاذلي ‪ ‬يا رباه يا‬
‫موله يا مغيث من عصاه أغثنا والكشف زوال الحجب عن عين القلب فيشاهد علوم النوار‬

‫‪79‬‬
‫خل على بعض‬
‫ومخبآت السرار وقوله مقدسا أي مطهرا ومنزها عن اللبس لن الشيطان قد ُيد ِ‬
‫الولياء في كشفهم لبسا فربما تشكل لهم باللوح المحفوظ هكذا سمعته من شيخنا المؤلف ‪ ‬وهذا‬
‫كما قال السيد البكري ‪: ‬‬
‫عن اللبس يا رحمن في ذاك خصنا‬ ‫وهب لي أيا وهاب كشفا مقدسا‬
‫وقوله لدري به الخ أي لعلم به علما ضروريا حقيقة البقاء والفناء لن البقاء بال والفناء في ال‬
‫أخلق ذوقية ل تعلم إل بالذوق والعبارة عنهما ل تفيد شيئا قال السيد البكري ‪ : ‬فجاهد تشاهد‬
‫يا مريد تقرب لعل الحشا بالجد ينمو حبوره‬
‫قال رضي ال عنه ‪:‬‬
‫وداوي بوصل الوصل روحي من الضنا‬ ‫وجد لي بجمع الجمع فضل ومنًة‬
‫لما كان جمع الجمع ووصل الوصل أعلى من الفنا والبقاء ترقى إليهما بقوله وجد لي الخ واعلم‬
‫أن لهم مقاما يقال له الفناء ومقاما يقال له البقاء والجمع والفرق ومقاما يقال له جمع الجمع ومقاما‬
‫يقال له الفرق الثاني ومقاما يقال له الوصل ومقاما يقال له وصل الوصل فأما المقام الول الذي‬
‫هو الفناء فهو استغراق العبد في ال حتى ل يشهد شيئا سوى ذات ال ويقال لصاحبه غريق في‬
‫بحار الحدية وأما المقام الثاني وهو البقاء فهو الرجوع بعد الفناء إلى ثبوت الثار بشهود ذات‬
‫وصفات المؤثر فيها ويقال لصاحبها غريق في عين بحر الوحدة فمشاهد الحدية مشاهد للذات‬
‫دون السماء والصفات وآثارها وهو الفاني ومشاهد الوحدة مشاهد للذات متصفة بالسماء‬
‫والصفات مثبتا للثار جامعا بين الحق والخلق وهذا هو الكمال بعينه فلذلك قالوا ل بد لكل فناء من‬
‫بقاء ومقام البقاء هذا هو المسمى بالجمع والفرق فجمعه شهوده لربه وفرقه شهوده لصنعه وأما‬
‫جمع الجمع فهو مقام أعلى من البقاء وهو أن يأخذه الحق بعد بقاءه فيسكره في شهود ذاته تعالى‬
‫فيصير مستهلكا بالكلية عما سوى ال تعالى فمنهم من يبقى بهذه السكرة إلى الموت كالسيد البدوي‬
‫‪ ‬ولذلك قال العارفون انه جذب جذبة استغرقته إلى البد ومنهم من يرد إلى الصحو عند أوقات‬
‫الفرائض والقيان بأمور الخلق كالسيد الدسوقي وأضرابه والمؤلف ‪ ‬فيكون رجوعا ل بال ل‬
‫للعبد بالعبد وهذا الرجوع يسمى بالفرق الثاني وأما الوصل فهو تلذذ القلب بشهود الحق بعد زوال‬
‫الحجب الظلمانية و النورانية فإن دام له الشهود يقال له وصل الوصل أي الوصل الكامل كقولهم‬
‫سر السر وعين العين مبالغة في كمال الشيء والضنا هو المرض والهزال الذي يحصل للعاشق‬
‫عند حجبه عن محبوبه فإذا واصله بشهوده داواه والشهود على أقسام ثلثة شهود أفعال وشهود‬
‫أسماء وصفات وشهود ذات وهو أعلى الرتب قال السيد البكري ‪: ‬‬
‫تجلى علينا في تجلي الذات‬ ‫كم لذة فاقت على اللذات‬
‫نبيك وهو السيد المتواضع‬ ‫وقال ابن الفارض‪ : ‬فيا رب بالخل الحبيب محمد‬
‫إليها قلوب الولياء تسارع‬ ‫أنلنا مع الحباب رؤيتك التي‬

‫‪80‬‬
‫وقــــــــــــــــــــــــال ‪: ‬‬
‫فاسمح ول تجعل جوابي لن تري‬ ‫وإذا سألتك أن أراك حقيقة‬
‫قـــــــــــــــــــــال ‪: ‬‬
‫وفي حضرة القدس المنيع أحلنا‬ ‫وسر بي على النهج القويم موحدا‬
‫ولما كان بلوغ جمع الجمع ووصل الوصل هو مقام الكاملين في الخلفة المقتدى بهم في السير إلى‬
‫ال والوصول إليه رتب على ذلك قوله وسر بي على النهج الخ أي وبعد كمال الخلق بما تقدم‬
‫اجعلني سائرا على الطريقة القويمة التي على طريقة المصطفى ‪ ‬التي ل اعوجاج فيها حال‬
‫كوني كامل في التوحيد دائما أترقى فأدل الورى على ال بالتوحيد والوامر والنواهي إلى غير‬
‫ذلك وقوله وفي حضرة القدس الخ أي وبعد تمام سيرنا إليك في الدنيا فأحلنا في الجنة في الموضع‬
‫الذي يقال له حضيرة القدس وفيه لغتان آخرتان حضيرة وحظيرة تسمى بذلك لنه ل يدخلها إل‬
‫أهل حضرة الرحمن ولنه محظور عن غيرهم قال تعالى ‪ ‬إن المتقين في جنات ونهر في مقعد‬
‫صدق عند مليك مقتدر‪ ‬قال ‪: ‬‬
‫بها نلحق القوام من سار قبلنا‬ ‫ن علينا يـا ودود بجذبــة‬
‫َوُم ّ‬
‫خُلِقِه ‪ ‬المحبة الجليلة والكشف المقدس الذي يدرك به حقيقة البقاء والفناء وجمع‬
‫لما كان من ُ‬
‫الجمع ووصل الوصل أفرد الضمير فيه لنفسه لما علمت مما تقدم أنه لم يضع دعوة في هذه‬
‫القصيدة إل وهو متخلق بها وإنما وضعها تعليما لتباعه اقتداء بالدعوات الواردة في السنة وعمم‬
‫ن علينا الخ أي وأحسن علينا من فضلك بنفحة من عندك نلحق بها الصالحين‬ ‫هنا لتباعه فقال وُم ّ‬
‫الذين ساروا قبلنا إليك وبلغوا المنى قال العارفون إن نفحة الحق لو صادفت عبدا بلغ بها مبلغا‬
‫يعدل عبادة الثقلين قال بعضهم ‪:‬‬
‫نفذت على ساداته أحكامه‬ ‫شرا‬
‫وإذا العناية صادفت عبد ال ِ‬
‫وفي الحديث إن ل في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها وقال سيدي عند الغني النابلسي ‪: ‬‬
‫للمعالي وما لذاك اختيار‬ ‫رب شخص تقوده القدار‬
‫على المصطفى خير البرايا نبينا‬ ‫وصـل وسـلم سيدي كل لمـحة‬ ‫قال ‪: ‬‬
‫وآلهم والصحب جمعا وعمنا‬ ‫وصل على الملك والرسل كلهم‬
‫تباركت يا ال ربي لك الثنا‬ ‫قائل‬ ‫وسلـم عليهم كلمـا قـال‬
‫ختم كتابه بالصلة والسلم على سيد النام لنه باب البواب ووسيلة الطلب رجاء لجابة‬
‫الدعوات ومكافأة لفضله علينا في جميع الحالت والصلة من ال الرحمة المقرونة بالتعظيم ومما‬

‫‪81‬‬
‫سواه تضرع ودعاء والسلم من ال تحية بأن يحييه بالكلم القديم كما يحيي أحدنا ضيفه أو المان‬
‫ومن العبيد الدعاء بذلك وقوله سيدي منادى حذف منه ياء النداء أي يا سيدي وقوله كل لمحة‬
‫تنازعه كل من صلى وسلم واللمحة اللحظة وهو كناية عن دوام الصلة والسلم وتواليهما‬
‫واستغراقهما جميع الزمان وقوله على المصطفي تنازعه الفعلن أيضا والمصطفى المختار وفيه‬
‫إشارة إلى قوله ‪ ‬إن ال اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى‬
‫بني هاشم من قريش واصطفاني من بني هاشم فأنا خيار من خيار من خيار وخير أصله أخيرا أي‬
‫أفضل الخلق على الطلق ونبينا بدل أو عطف بيان على المصطفى ةالضمير عائد على أمته‬
‫وإنما أضيف لضميرهم لكونهم خصهم برسالته مباشرة فل ينافي أنه نبي النبياء وأمَِِمهْم والملك‬
‫جمع ملك بفتح اللم وأصله مألك من اللوك وهو الرسال أخرت الهمزة عن اللم ثم حذفت‬
‫فصار ملك وهي أجسام نورانية ل توصف بذكورة ول أنوثة ول تأكل ول تشرب ول تنام عبيد‬
‫مكرمون ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وهم أكثر المخلوقات عددا قال تعالى ‪ ‬وما‬
‫يعلم جنود ربك ال هو‪ ‬ينتظرون بأعمالهم رضا ال والتنعم برؤية وجهه الكريم في الخرة ف‬
‫يتنعمون بجنة ول يعذبون بنار فدخولهم الجنة والنار على حد سواء فلذا كان منهم خزنة للجنة‬
‫وخزنة للنار يسكنون العالم العلوي وينزلون الرض لتدبير المور التي أقامهم ال فيها رؤساؤهم‬
‫أربعة جبريل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل فجبريل موكل بالوحي وميكائيل موكل بالرزاق‬
‫واسرافيل موكل بالصور وعزرائيل موكل بالرواح ومن سب ملكا مجمعا على ملكيته فقد كفر‬
‫يتشكلون بالصور الغير الدنية ول تحكم عليهم بخلف الجن فتحكم عليهم الصور وقوله الرسل‬
‫جمع رسول وفيه حذف الواو مع ما عطفت أي والنبياء وكلهم تأكيد والرسول إنسان ذكر حر‬
‫أوحي اليغ بشرع وُأمر بتبليغه فإن لم يؤمر به فنبي فقط واخُتِلف في عدة النبياء والرسل فقيل‬
‫النبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا وقيل مائتا ألف وأربعة وعشرون منهم ثلثمائة وأربعة‬
‫عشر أو خمسة عشر أو ثلثة عشر والحق انه ل يعلم عددهم إل ال ‪ ‬يجب اليمان بهم إجمال‬
‫ويجب اليمان تفصيل بمن ذكر في القرآن منهم وهم خمسة وعشرون ثمانية عشر في النعام‬
‫وباقيهم محمد وآدم وصالح وشعيب وإدريس وذو الكفل وهود وقوله وآلهم الخ أي أقارب كل‬
‫ل قيل جمع لصاحب وقيل اسم جمع له والصحابي من‬ ‫المرسلين أو التباع الكل والصحب أي لك ٍ‬
‫اجتمع مع النبي مؤمنا ومات على ذلك وأصحاب رسول ال ل يعلم عددهم إل ال تعالى وهم‬
‫أفضل القرون قال في الجوهرة ‪:‬‬
‫تبـــع‬ ‫لمن‬ ‫فتـابع‬ ‫فتابعي‬ ‫وصحبة خير القرون فاستمع‬
‫كالخــــلفة‬ ‫وأمرهم في الفضل‬ ‫وخيرهم من ولي الخــلفة‬
‫العشرة‬ ‫تمــام‬ ‫عدتهم ســـت‬ ‫قـوم كــرام بررة‬ ‫يليهم‬
‫فبيعة الرضــوان‬ ‫وأهل أحد‬ ‫الشأن‬ ‫فأهل بـدر العظيـم‬
‫وقوله جمعا حال من الل والصحاب أي كونهم جميعا فهي مؤكدة وقوله عمنا أي اجعل الصلة‬
‫شاملة لنا بطريق التبع لخيرتك من خلقك لن الصلة ل تجوز على غير النبياء والملئكة إل تبعا‬

‫‪82‬‬
‫وقوله وسلم عليهم أي على من ذكر من ملئكة ورسل وآل وصحب وعلينا معهم وقوله كلما قال‬
‫ع بقوله تباركت الخ وقد ختمها ‪ ‬بالشكر الذي‬‫قائل ظرف لصل وسلم الخيرين أي كلما دعا دا ٍ‬
‫ابتدأها به على عادة الشعراء وتسمى القصيدة إذ ذاك محبوكة الطرفين وفيه حسن اختتام لختتامه‬
‫بالثناء على ال كما بدأ به رجوع ل ولشكره لشهوده من ربه انه المبدأ والمنتهى هو الول والخر‬
‫والظاهر والباطن أل إلى ال تصير المور ‪.‬‬
‫والحمد ل رب العالمين وصلى ال على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪ .‬وقد تم تسويدها‬
‫ليلة الربعاء المبارك آخر ليلة من رمضان سنة تسع عشرة بعد المائتين واللف من هجرة من له‬
‫العز والشرف صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأحبابه وأشياعه أجمعين‬
‫آمين‪.‬‬

‫البحوث السنية عن بعض رجال أسانيد الطريقة الخلوتية‬


‫تأليف الشيخ محمد زاهد الكوثري وكيل المشيخة السلمية في الدولة العثمانية‬

‫ولد سنة ‪ 1296‬هـ وتوفي بالقاهرة سنة ‪ 1371‬هـ‬

‫‪83‬‬
‫قال الشيخ محمد زاهد الكوثري رحمه ال‪:‬‬

‫‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫الحمد ل وكفى‪ ،‬وسلم على عباده الذين اصطفى ‪ ،‬وما توفيقي إل بال عليه توكلت‬
‫وإليه أنيب‪ ،‬وبعد‬

‫فهذه بحوث سنية عن بعض رجال أسانيد الطريقة الخلوتية ـ قدس ال أسرارهم العلية ـ‬
‫ل لشارة مولنا الستاذ العارف بال الشيخ عبد الخالق الشبراوي ـ أطال ال‬ ‫أثبّتها امتثا ً‬
‫بقاءه في خير وعافية ونفع المسلمين بنفحاته القدسية ـ ولعل في ذلك بعض ما يكشف‬
‫الخفاء عن السانيد ومن ال التوفيق والتسديد‪.‬‬

‫سهرَوردي ُقِدس سُره هو العارف بال الشيخ عبد القاهر بن عبد ال‬
‫)‪(1‬أبو النجيب ال ُ‬
‫بن محمد بن عبد ال عموية بن سعد البكري‬

‫‪84‬‬
‫‪ ،‬ولد في صفر سنة ‪ 490‬هـ‪ ،‬وتوفي في جمادى الخرة سنة ‪ 563‬هـ ودفن في رباط‬
‫بناه في خربة على دجلة كان يأوي إليها‪ .‬كان آية في العلم والورع والرشاد‪ ،‬وله‬
‫مؤلفات كثيرة منها‪:‬‬
‫))آداب المريدين (( ـ شرحه الشيخ علي القارئ شرحاً جيدًا بعد أن تصوف في آخر‬
‫عمره ـ ويتفرع منه كثير من طرق الصوفية‪ ،‬مثل الكبروية والمولية والخلوتية‬
‫والجلوتية والسهروردية وغيرها كما يظهر من ))تبيان وسائل الحقائق في بيان سلسل‬
‫الطرائق(( للشيخ كمال الدين الحريري المتوفى سنة ‪ 1299‬هـ ـ وهو مخطوط في‬
‫ثلث مجلدات ـ‪ .‬أخذ أبو النجيب التصوف عن عمه وجيه الدين أبي حفص عمر‬
‫القاضي‪ ،‬وعن الشيخ أحمد الغزالي‪ .‬أما عمه فكان مقدَم الصوفية في الرباط المعروف‬
‫بسعادة الخادم ببغداد‪ ،‬ولد سنة ‪ 455‬هـ‪ ،‬وتوفي في ربيع الول سنة ‪ 532‬هـ‪ ،‬ودفن‬
‫عند قبر ُرَويم بالشونيزية رحمهما ال تعالى‪ .‬وهو أخذ عن والده نجيب الدين محمد‬
‫ولعله توفي في حدود سنة ‪ 475‬هـ‪ .‬وهو أخذ عن أبيه عبد ال عموية بن سعد البكري‪،‬‬
‫وتكون وفاته سنة ‪ 425‬هـ تقريبًا‪ .‬وهو أخذ عن أحمد السود الدينوري الذي ذكره‬
‫القشيري في الرسالة بعد تراجم قدماء الصوفية‪ ،‬في طبقة من أدركهم وعاصرهم من‬
‫أمثال أبي عبد الرحمن السلمي المتوفى سنة ‪ 412‬هـ‪ ،‬وكان ميلد القشيري سنة ‪376‬‬
‫عُلو‬
‫هـ فيكون أحمد السود معّمرًا عاش إلى حدود سنة ‪ 380‬هـ‪ ،‬لن شيخه ممشاد َ‬
‫الدينوري توفي سنة ‪ 299‬هـ بعد وفاة سيد الطائفة الجنيد رضي ال عنهم أجمعين‪ .‬وأما‬
‫أحمد الغزالي فقد أخذ عن أبي بكر النساج عن أبي القاسم علي الكركاني عن أبي‬
‫عثمان المغربي عن أبي علي الكاتب عن أبي علي الروذباري عن سيد الطائفة عن‬
‫خاله سري السقطي عن معروف الكرخي عن داود الطائي عن حبيب العجمي عن‬
‫الحسن البصري عن علي كرم ال وجهه عن النبي صلى ال عليه وسلم‪ .‬وتراجمهم‬
‫معروفة أمدنا ال تعالى بمددهم أجمعين‪ .‬ومشاهير أصحاب أبي النجيب هم ابن أخيه‬
‫صاحب العوارف شهاب الدين عمر السهروردي‪ ،‬وعمار بن ياسر البتليسي‪ ،‬وقطب‬
‫الدين محمد بن محمد البهري‪.‬‬
‫وأما )الطريقة( الكبروية المنسوبة إلى أبي الجناب نجم الدين أحمد بن عمر الطامة‬
‫الكبرى الخيوقي الخوارزمي‪ ،‬فإنه أخذ عن عمار بن ياسر البتليسي عن أبي النجيب‪.‬‬

‫وأما )الطريقة( المولوية المنسوبة إلى مولنا جلل الدين البكري الرومي فإنه أخذ عن‬
‫برهان الدين المحقق الترمذي عن سلطان العلماء محمد بهاء الدين بن الحسين البكري‬
‫البلخي ـ والد الجلل الرومي ـ عن نجم الدين الكبرى عن عمار بن ياسر عن أبي‬
‫النجيب‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫وأما )الطريقة( الخلوتية المنسوبة إلى الشيخ محمد بن نور الخلوتي الخوارزمي فإنه‬
‫أخذ عن الشيخ إبراهيم الزاهد الكيلني عن جمال الدين التبريزي عن ركن الدين أبي‬
‫الغنائم محمد بن الفضل السنجاني عن قطب الدين البهري عن أبي النجيب‬
‫السهروردي‪.‬‬
‫وأما )الطريقة( الجلوتية المنسوبة إلى الحاج بيرام الجلوتي النقروي‪ :‬فإنه أخذ عن‬
‫حامد القسرائي عن إبراهيم الردبيلي عن صفي الدين أبي إسحق الردبيلي عن‬
‫إبراهيم الزاهد الكيلني بسنده السابق‪ .‬وصاحب "روح البيان" أخذ الطريقة الجلوتية‬
‫عن السيد عثمان الفضلي وهو عن عبد ال الواعظ ذاكر زادة عن أحمد الخطيب دزدار‬
‫زادة عن الشيخ محمود الهدائي الجلوتي عن محمد محي الدين أفتادة عن الشيخ خضر‬
‫درة المقعد عن الشيخ نعمان النقروي المعروف بالحاج بيرام الولي بسنده السابق‪.‬‬
‫سْهَرَوردية تنسب إلى الشهاب صاحب العوارف‪ ،‬ومنها تتفرع طرق‬ ‫و )الطريقة( ال ُ‬
‫كثيرة أسانيدها في "السمط المجيد" و"تبيان وسائل الحقائق" و"حديقة الولياء"‬
‫و"السلسبيل المعين" وغيرها من كتب القوم‪ .‬وترجمة أبي النجيب في غاية من الشهرة‬
‫في كتب الطبقات والتراجم قدس ال سره‪ ".‬اهـ‬
‫)‪ (2‬قطب الدين البهري قدس سره‪ :‬هو محمد بن أحمد كما ذكره السنوسي في‬
‫"السلسبيل المعين في أسانيد الطرق الربعين" ومنه تلقى ركن الدين محمد بن الفضل‬
‫سهَرَورد قرب هذا البلد‪ ،‬ووقع في كثير من الكتب‬‫السنجاني‪ ،‬وقد يقال الزنجاني‪ .‬و ُ‬
‫تحريفات غريبة في هذه النسبة‪ ،‬والصواب كما ذكرناه نسبة إلى بلد زنجان المعروفة‪.‬‬
‫ووفاة قطب الدين البهري في حدود سنة ‪ 590‬هـ‪ ،‬ووفاة الشيخ ركن الدين الزنجاني‬
‫في حدود سنة ‪ 615‬هـ‪ ،‬ووفاة تلميذه الشيخ شهاب الدين محمد بن محمود التبريزي في‬
‫حدود سنة ‪ 629‬هـ‪.‬‬
‫وعنه أخذ الشيخ إبراهيم الزاهد الكيلني المتوفى في حدود سنة ‪ 653‬هـ‪ ،‬وكان زميل‬
‫الشمس التبريزي في الخذ عن الجمال التبريزي وبهذا تتعين طبقته كما يظهر من "ذيل‬
‫ب السابق تبريزي ونسبته إلى شيراز في بعض السانيد‬ ‫الشقائق" للعطائي‪ ،‬والشها ُ‬
‫خطأ‪ .‬وبإبراهيم الزاهد هذا بدأ التسليك بالسماء السبعة والطوار السبعة كما في‬
‫ترجمة "النفحات" ومنه تلقى الشيخ محمد بن نور الخلوتي المتوفى في حدود سنة ‪665‬‬

‫يقال‪ :‬إن صوته بالذكر في خوارزم كان ُيسمع من أربع فراسخ كما في ترجمة‬
‫"النفحات" وكان الشيخ عمر الخلوتي تلقى منه الطريق وكانت وفاته في حدود سنة‬
‫‪ 730‬هـ‪ .‬وعنه أخذ الخ محمد بيرام الخلوتي ولعله توفي في حدود سنة ‪ 780‬هـ‪.‬‬
‫وعنه أخذ الحاج عز الدين الشرواني ووفاته في حدود سنة ‪ 815‬هـ‪ ،‬وقبره قرب‬
‫"دروازه مير علي" في نواحي شماخي بالقوقاس‪ ،‬وعلى قبره شجر بلوط مشهور‬

‫‪86‬‬
‫بالشفاء من الحمى يقصده المحمومون وينامون تحته ويمضغون من ورقه وأغصانه‬
‫فينالون الشفاء بإذن ال تعالى كما في ترجمة" النفحات"‪.‬‬
‫ومنه تلقى الشيخ صدر الدين عمر الخياوي ـ كما في بغية الطالبين للنخلي ـ و"خياوة‬
‫مشكى" اسم قريتين متقاربتين في شروان بالقوقاس وإليها ُينسب الشيخ صدر الدين هذا‪،‬‬
‫وفي هذه النسبة حصلت تحريفات غريبة في كثير من السانيد‪ ،‬وكان صدر الدين أميًا‬
‫نساجًا لكنه كان صاحب كشف ومجاهدات‪ ،‬حتى إن الحاج عز الدين كان يقول‪ :‬مجيئنا‬
‫إلى "خياوة مشكى" إنما هو لجل صدر الدين‪ .‬وفي ترجمة النفحات‪ :‬أن الشيخ الحاج‬
‫محمدًا الحلوائي كان من أفاضل الدهر‪ ،‬وكان ُيقرئ الفصوص والنصوص‪ ،‬وكان من‬
‫أصحاب الذواق والمواجيد الصادقة بين مريدي الشيخ صدر الدين‪ .‬وفي يوم أنشأ يقول‬
‫أثناء الوجد والسماع أمام شيخه صدر الدين ما معناه باللغة الفارسية‪ :‬ل تغترر بحسنك‬
‫الجذاب هذا لن حسنك الجذاب يزّينه عشقي‪ .‬وبعد أن هدأ الحلوائي من َوجده قال صدر‬
‫الدين‪ :‬واعجبًا لطفل يرفعه أبوه بيديه فوق رأسه فيظن الطفل أنه عل على والده‪ ،‬فلو‬
‫تركه والده من يديه لوقع وتقطع‪ .‬فعاد الحلوائي إلى مكانه لكنه أصيب بإسهال شديد‬
‫حتى مات بعد ثلثة أيام‪ .‬ولعل وفاة الشيخ صدر الدين كانت في حدود سنة ‪ 832‬هـ‪.‬‬
‫وفي ترجمة النفحات ص ‪ 572‬أن قبر الشيخ صدر الدين قرب كنبدكبود في نواحي‬
‫شماخي قدس ال سره ‪ ".‬اهـ‬
‫)‪(3‬العارف بال السيد يحيى جلل الدين ابن السيد بهاء الدين الشرواني الباكي قدس‬
‫سره‪ :‬قال ابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب في أخبار من ذهب" في وفيات سنة‬
‫‪ 868‬هـ في ]‪ 7‬ـ ‪ :[308‬وفيها توفي السيد يحيى ابن السيد بهاء الدين الشرواني‬
‫الحنفي الصوفي الخلوتي‪ .‬ثم لخص ما في "الشقائق النعمانية" في صفحة ونصف‬
‫صفحة‪ .‬وقال صاحب "الشقائق" في ص ‪ 304‬في هامش وفيات العيان لبن خلكان‬
‫في المجلد الول‪ :‬ولد الشيخ العارف بال السيد يحيى ابن السيد بهاء الدين الشرواني‬
‫بمدينة شماخي وهي أم مداين ولية شروان بالجنوب الشرقي من القوقاس‪ ،‬وكان أبوه‬
‫من أرباب الثروة‪ ،‬وكان هو صاحب جمال وكمال‪ ،‬وكان يلعب بالصولجان يومًا إذ مر‬
‫عليه الشيخ المعروف ببير زاده ابن الشيخ عز الدين الخلوتي‪ ،‬وكان مريدًا للشيخ صدر‬
‫الدين الخلوتي وتزوج ابنته‪ ،‬ولما رأى أدبه وجماله دعا له بالفوز‪ ،‬فرأى السيد يحيى‬
‫في تلك الليلة رؤيا تغيرت بها أحواله فالتجأ إلى خدمة الشيخ صدر الدين الخلوتي‬
‫الخياوي ولزم خدمته‪ ،‬فكره والده ذلك لدخوله الخلوة مع الصوفية مع هذا الجمال‪،‬‬
‫وأنكر على الشيخ صدر الدين أيضًا لذنه له في ذلك‪ ،‬وقد نصح لبنه السيد يحيى‬
‫مرات فلم ينفع‪ ،‬حتى قيل‪ :‬إنه قصد إهلك الشيخ صدر الدين‪ .‬واتفق أن السيد يحيى لم‬
‫جحًا البقاء في غرفة‬ ‫يحضر الجماعة في صلة العشاء في ليلة باردة من أيام الشتاء مَر ِ‬
‫دافئة أمام موقد ولما أراد أن يقوم لم يستطع القيام حيث تعطلت رجله )عقوبة معنوية‬

‫‪87‬‬
‫على عدم حضوره الجماعة( وحصل له وجع‪ ،‬وبقي أيامًا على تلك الحالة‪ ،‬ثم تسلق‬
‫الشيخ ليلة ودخل بيته من كوة الدار فأخذ بيده وقال‪ :‬قم يا ولدي‪ ،‬فقام وزالت العلة عنه‪،‬‬
‫واطلعت جاريته على هذه الحالة وأخبرت بها والده فزاد إنكاره عليه‪ ،‬وقال لولده‪ :‬لي‬
‫سبب دخل شيخك من الكوة ولم يدخل من الباب وأنت تعتقد أنه متشرع؟‬
‫فقال السيد يحيى‪ :‬خاف من الشوك في الطريق‪ .‬قال‪ :‬وأي شوك هو؟ قال‪ :‬إنكارك عليه‪.‬‬

‫فعند ذلك زال إنكاره ولزم هو أيضًا خدمة الشيخ المذكور‪ .‬ويروى أن الشيخ صدر‬
‫الدين أمر السيد بهاء الدين أن يخدم نعل ولده )يحمله ويضعه أمامه( سنة ليحصل له‬
‫جهاُد النفس بذلك وكان السيد يحيى يتأثر من ذلك غاية التأثر إلى أن أمره الشيخ صدر‬
‫الدين أن يخدم نعل والده كذلك‪ .‬ثم إن الشيخ صدر الدين لما مات وقع خلف بين السيد‬
‫يحيى وبين الشيخ ببير زاده لنه كان قديم الصحبة مع الشيخ صدر الدين ـ وابن شيخه ـ‬
‫ومع ذلك كُثر إقبال الناس على السيد يحيى‪ .‬ولهذا الخلف انتقل السيد يحيى من‬
‫شماخي إلى بلدة باكو ـ في ساحل بحر الخزر في منتهى جبل القوقاس حيث يكثر فيها‬
‫ينابيع الغاز ـ من ولية شروان وتوطن هناك‪ .‬واجتمع عليه الناس مقدار عشرة ءالف‬
‫نفس‪ ،‬ونشر الخلفاء وبعثهم إلى أطراف الممالك‪ ،‬وهو أول من سن ذلك في هذه‬
‫الطريقة‪ .‬وكان يقول‪ :‬يجوز إكثار الخلفاء لتعليم الداب للناس وأما المرشد الذي يقوم‬
‫مقام الرشاد بعد شيخه فل يكون إل واحدًا‪ .‬ويحكى أنه لم يأكل طعاماً في آخر عمره‬
‫مقدار ستة أشهر واشتهى يومًا في تلك المدة طعامًا سماه فأحضروه‪ ،‬ولما أخذ منه لقمة‬
‫اشتغل بتقرير معارف إلهية زمانًا‪ ،‬وأكل الجماعة الطعام وترك هو اللقمة ولم يأكلها‬
‫فقيل له في ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬إن لقمان الحكيم اكتفى عدة سنين في التغذي برائحة بعض‬
‫المعاجين ‪ ،‬ول ُبعد )بمعنى ول استبعاد( أن أتغذى برائحة هذه اللقمة‪ .‬ويروى أنه كان‬
‫يقول إذا ُدعي له بطول العمر‪ :‬أدعوا بطول العمر للمير خليل ـ أمير تلك المقاطعة في‬
‫تلك اليام ـ لن عمري في مدة حياته‪ .‬وكان كما قال حيث لم يعش بعد وفاته إل مقدار‬
‫تسعة أشهر‪ ،‬وتوفي قدس سره في باكو سنة سبع أو ثمان وستين وثمانمائة‪ ،‬والولى‬
‫هي الموافقة لما قيل في تاريخ وفاته‪] :‬جانشين جنت[‪ .‬وِورد الستار له في غاية الشهرة‬
‫بين أهل الطريق وله من المؤلفات "أسرار الطالبين" و"شفاء السرار" و"أسرار‬
‫الوحي" و"كشف القلوب" و"مراتب أسرار القلب" و"أسرار الوضوء" و"رموز‬
‫الشارت" و"منازل العارفين" و"شرح السماء الثمانية" و"شرح سؤالت كلشن راز"‬
‫و"أطوار القلب" و"العلم اللدني" وغير ذلك‪ ،‬وأغلب مؤلفاته باللغة الفارسية‪ ،‬وعلى ِورد‬
‫الستار شروح كثيرة‪ .‬وفي باكو قبره قدس ال سره‪ ،‬ومن مشاهير خلفائه الشيخ محمد‬
‫شني المتوفى في تبريز سنة ‪ 892‬هـ‬ ‫بهاء الدين الرزنجاني والشيخ عمر اليديني الرو َ‬
‫)شيخ الشيخ محمد دمرداش الخلوتي الجركسي المتوفى سنة ‪ 929‬هـ وشيخ الشيخ‬

‫‪88‬‬
‫شاهين الخلوتي الجركسي المتوفى سنة ‪ 954‬هـ وشيخ الشيخ إبراهيم الكلشني المتوفى‬
‫سنة ‪ 940‬هـ(‪ .‬وقد تصرفنا فيما نقلنا عن الشقائق بعض التصرف لليضاح من ترجمة‬
‫النفحات وغيرها‪ ،‬وليراجع في ذلك الشقائق وترجمة النفحات وذيل الشقائق للعطائي‬
‫وتراجم المؤلفين وغير ذلك‪ ".‬اهـ‬

‫)‪ (4‬الشيخ محمد بهاء الدين الرزنجاني قدس سره‪ :‬كان من أخص خلفاء مولنا السيد‬
‫يحيى الشرواني‪ ،‬ولد في كثرليج من ملحقات أرزنجان‪ ،‬بل معروف في الناضول‬
‫الشرقي‪ ،‬ومن أجل خلفائه الجمال الخلوتي القسرائي‪ ،‬وتاج الدين إبراهيم القيصري ‪،‬‬
‫ومن الثاني تتفرع الطريقة الجراحية بالستانة‪ .‬توفي الشيخ الرزنجاني في أرزنجان‬
‫سنة ‪ 879‬هـ ودفي في مقبرة الجامع الكبير هناك قدس ال سره‪ .‬وله من المؤلفات‬
‫"مقامات العارفين ومعارف السالكين" محفوظ بمكتبة المرادية في مغنيسا بأزمير كما‬
‫ذكره صديقنا المغفور له محمد طاهر البروسوي في كتابه "عثمانلي مؤلفلري" ـ تراجم‬
‫المؤلفين العثمانيين ـ في قسم مشايخ التصوف ] ‪ 1‬ـ ‪[ 47‬‬

‫)‪ (5‬محمد جمال الخلوتي المعروف بجلبي سلطان القسرائي قدس سره‪ :‬وهو من نسل‬
‫جمال الدين القسرائي )شارح الموجز واليضاح من سللة الفخر الرازي البكري(‬
‫كان تحنف ابنه وأحفاده وتراجمهم في الفوائد البهية لعبد الحي اللكنوي‪ .‬وإقسرائي بلدة‬
‫معروفة إليها نسبة جده العلمة جمال الدين‪ .‬وأما صاحب الترجمة فقد ولد في أماسيا‬
‫من بلد الناضول الوسطى‪ ،‬وقد توسع في ترجمته صاحب الشقائق وذكر مبدأ أمره‬
‫ل‪ ،‬وعند اشتغاله بالشرح‬ ‫ومنتهاه وذكر شيوخه‪ .‬ومما قال هناك‪ :‬إنه اشتغل بالعلم أو ً‬
‫المختصر للتلخيص في البلغة‪ ،‬غلب عليه محبة الصوفية‪ ،‬فاتصل بالشيخ عبد ال‬
‫القرماني‪ ،‬وشيخه علء الدين الخلوتي ـ من خلفاء السيد يحيى الشرواني ـ وبعد وفاته‬
‫اتصل بالشيخ موسى بن طاهر التوقادي الخلوتي التركماني‪ ،‬وبعد وفاته ذهب إلى خدمة‬
‫الشيخ محمد بهاء الدين الرزنجاني وصحبه مدة ثم قصد التشرف بأعتاب السيد يحيى‬
‫الشرواني حيث كان في قيد الحياة إذ ذاك‪ ،‬فسافر من أرزنجان قاصدًا نحوه ولما قطع‬
‫مرحلتين بلغته وفاة السيد يحيى فعاد إلى خدمة الشيخ الرزنجاني وصحبه إلى أن‬
‫استخلفه وبعثه إلى بلد الروم لرشاد الفقراء ـ وكان بناء الزاوية المعروفة باسم )قوجه‬
‫مصطفى باشا( في الستانة لجل الجمال الخلوتي ـ ثم ذكر ما تم له مع السلطان بايزيد‬
‫خان ابن السلطان محمد الفاتح ببسط إلى أن ذكر أن السلطان بايزيد بعثه إلى الحج‬
‫ل من أصحابه ليدعوا هناك لدفع الطاعون من بلد الروم ومات في‬ ‫ومعه أربعون رج ً‬
‫طريق ذهابه‪ ،‬وبعد أن توجه الشيخ غلى الحج أخذ الطاعون يخف بل انقطع عدة سنين‬
‫من قسطنطينية وما والها كما في الشقائق وترجمة النفحات‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫وكانت وفاة الجمال الخلوتي سنة ‪ 899‬هـ وفي رواية اللحظات سنة ‪ 912‬هـ في‬
‫حساء( وحمى تبوك وأوصى أن‬ ‫المرحلة التاسعة في طريق الحج من الشام تسمى ) ِ‬
‫يدفن في ممر سبيل الحجاج وموطئ أقدامهم‪ ،‬قدس ال سره‪ .‬وله نحو عشرين مؤلفًا‬
‫منها تفسير الفاتحة‪ ،‬وسورة الضحى إلى آخر القرءان‪ ،‬وشرح الربعين النووية‪،‬‬
‫وجامعة السرار والغرائب‪ ،‬وزبدة السرار‪ ،‬وتفسير آية الكرسي‪ ،‬وجواهر القلوب‪،‬‬
‫وأسرار القلوب‪ ،‬وأسرار الوضوء‪ ،‬ورسالة الطوار‪ ،‬والكوثرية‪ ،‬وغير ذلك كما في‬
‫تراجم المؤلفين العثمانيين ‪ 1‬ـ ‪ 51‬قدس ال سره‪.‬‬
‫و ) جلبي ( في لغة التراك بمعنى )الرباني ( و ) سلطان ( يستعمل في كبار الولياء‬
‫عندهم باعتبار أن لهم التصرف في المعنى ‪ ".‬اهـ‬

‫)‪ (6‬خير الدين التوقادي ثم القونرابي ثم السكداري قدس سره‪ :‬من أجلة خلفاء الجمال‬
‫الخلوتي‪ ،‬أصله من )توقاد( بلد في أواسط الناضول وسكن )قونرابا( ـ دوزجه ـ وبه‬
‫تخرج الشيخ مصلح الدين القونرابي والشيخ شعبان القسطموني‪ .‬قال العطائي في ذيل‬
‫الشقائق ]‪ :[1/62‬ومن أجلة خلفاء الجمال الخلوتي الشيخ خير الدين القونرابي كان من‬
‫العزة أصحاب الكرامات مات في أسكدار ودفن بها‪ ،‬وبه تربى مصلح الدين القونرابي‬
‫وشعبان القسطموني‪ .‬وقال العطائي أيضًا في ]‪1‬ـ ‪ [199‬عند ترجمة الشيخ شعبان‬
‫القسطموني‪ :‬تربى لدى الشيخ مصلح الدين القوانرابي‪ .‬اهـ‪ .‬فظهر من ذلك أن الشيخ‬
‫شعبان القسطموني تربى في مبدأ أمره عند الشيخ مصلح الدين القونرابي ثم أتم السلوك‬
‫عند شيخ شيخه خير الدين التوقادي ثم القونرابي ثم السكداري‪ ،‬وتاريخ وفاة الشيخ‬
‫خير الدين غير معلوم لنا لكن بالنظر إلى تاريخ وفاة شيخه الجمال الخلوتي ووفاة تلميذه‬
‫الشيخ شعبان القسطموني تكون وفاة الشيخ خير الدين في حدود سنة ‪ 940‬هـ‪.‬‬
‫وضريح الشيخ مصلح الدين القونرابي في قرية )قراكوي العليا( في دوزجة ـ بلدنا على‬
‫خمس مراحل شرقي الستانة ـ ولما ُهدم ضريح الشيخ مصلح الدين سنة ‪ 1312‬هـ‬
‫ل أحد صغار تلميذه لم ُيصبه البلى‬ ‫لجل تجديده بمعرفة حاكم المركز برزت رج ُ‬
‫فدهش الناس وعمروا الضريح بعناية بالغة ـ كما سمعت من شهود عيان من أعيان‬
‫القرية المذكورة ـ قدس ال سره‪.‬‬
‫و)قونرابا( اسمها الحالي )دوزجة( وكان فاتح تلك الجهات )قوكورآلب( القائد التركي‬
‫سميت باسم )قوكرابا( ـ بالختزال ـ من اسم القائد بالكاف‬ ‫في عهد السلطان أورخان ف ُ‬
‫النونية المعروفة عند التراك فجعلنا فجعلنا الكاف نونًا تبعاً لنطقهم‪.‬‬

‫)‪ (7‬الشيخ شعبان القسطموني قدس سره‪ :‬أصله من )طاش كبرى( ـ بلدة في ولية‬
‫سميت باسم قنطرة معمولة من الحجر هناك‪ ،‬ومعنى )طاش كبرى( قنطرة‬
‫قسطموني ـ ُ‬

‫‪90‬‬
‫من حجر‪ .‬وله كثير من الخلفاء انتشروا في بلد ال لنشر الطريقة‪ ،‬وإليه تنسب الطريقة‬
‫الشعبانية‪ ،‬وبعض كلماته القدسية وكراماته السنية في مناقبه المطبوعة سنة ‪ 1293‬هـ‪.‬‬
‫أخذ عن الشيخ مصلح الدين القونرابي المعروف بالتوقادي كما سبق‪ ،‬وضريحه في‬
‫قسطموني‪ ،‬وكانت وفاته سنة ‪ 976‬هـ‪ ،‬وجدده محمود سري باشا الجركسي زوج‬
‫البرنسس فاطمة المصرية )هي كريمة الخديوي إسماعيل خديوي مصر من سنة‬
‫‪ 1279‬هـ إلى سنة ‪ 1296‬هـ حيث عزل وتوفي بعد ذلك بالستانة سنة ‪1312‬هـ‪( .‬‬
‫حوالي سنة ‪ 1312‬هـ لكرامة ظهرت له )هي أنه كان في مبدأ أمره في قسطموني في‬
‫تعقب بعض المهربين فأصاب بعضهم إصابة تؤدي به إلى المحاكمة فالتجأ إلى شعبان‬
‫الولي ونذر أنه إذا أنجده في إنقاذه يخدم ضريحه بما يستطيع فرآه في النوم يقول له‪:‬‬
‫سر على بركة ال إلى مصر وهناك تسعد‪ .‬ففعل فأصبح من أصهار العائلة المالكة‬
‫بمصر‪ ،‬ولم يكن ذلك بالحسبان فوفى بنذره‪ (.‬ـ وهي مشهورة هناك تتناقلها اللسن ـ‬
‫ووقف له أوقافًا دائرة ‪ ،‬وتوفي الباشا المذكور أثناء عودته من الحج ودفن في ضريح‬
‫الشيخ الكبر في صالحية دمشق بأمر السلطان عبد الحميد الثاني رحمه ال‪.‬‬

‫)‪ (8‬الشيخ محي الدين القسطموني قدس سره‪ :‬هو من كبار العارفين‪ ،‬وهو خليفة الشيخ‬
‫شعبان القائم مقامه في سجادة الرشاد بخانقاهه في قسطموني‪ ،‬مات في حدود سنة‬
‫‪ 1000‬هـ‪ ،‬ودفن في الضريح الشعباني‪ ،‬قدس ال سره )قال الشيخ الكوثري‪ :‬كنت‬
‫كتبت إلى بعض أصدقائي من المشايخ في قسطموني لتحقيق وفاة الشيخ محي الدين‪،‬‬
‫خليفة الشيخ شعبان قدس ال سره‪ ،‬وأتاني جوابه يقول فيه‪ :‬إن الضريح مقفول لم يتمكن‬
‫من فتحه إل بصعوبة‪ ،‬وبعد فتح الضريح علم أنه ليس على شاهد قبره تاريخ وفاته إل‬
‫أنه علم أن القائم مقام الشيخ شعبان )المتوفى سنة ‪ 976‬هـ أو سنة ‪ 977‬هـ( هو الشيخ‬
‫عثمان وقد توفي بعده بأربعين يومًا‪ ،‬ثم حل محله الشيخ خير الدين وبقي في المشيخة‬
‫عشر سنوات‪ ،‬فتكون وفاته سنة ‪ 987‬هـ وهما في الضريح‪ .‬وحل محله بعده الشيخ عبد‬
‫الباقي وهو غير مدفون في الضريح‪ .‬ثم حل محله الشيخ محي الدين ـ وكلهم من خلفاء‬
‫الشيخ شعبان قدس سره مباشرة ـ وكان الشيخ عمر الفؤادي شيخ الخانقاه سنة ‪1013‬‬
‫هـ‪ ،‬فيكون شيخه محي الدين توفي حوالي سنة ‪ 1000‬هـ تقريبًا‪ ،‬وهو مدفون في‬
‫الضريح الشعباني‪ ".( .‬اهـ‬

‫)‪(9‬الشيخ عمر الفؤادي قدس سره‪ :‬أخذ من الشيخ محي الدين القسطموني‪ ،‬وخلفه‬
‫ومات سنة ‪ 1046‬هـ ودفن في الضريح الشعباني في قسطموني‪ ،‬وله من المؤلفات‪:‬‬
‫"مناقب الشيخ شعبان الولي" طبع سنة ‪ 1293‬هـ كما سبق‪ ،‬و"معيار الطريقة"‬

‫‪91‬‬
‫و"الواقعات" و"رسالة التوحيد" و"مصلح النفس" و"ديوان شعر" وغير ذلك كما يظهر‬
‫من ذيل العطائي على الشقائق‪ ،‬وتراجم المؤلفين العثمانيين‪ ،‬قدس ال سره‪.‬‬

‫)‪ (10‬الشيخ إسماعيل الجورومي ـ نسبة إلى جوروم بلٌد في الناضول ـ قدس سره‪:‬‬
‫تلقى التصوف من الشيخ عمر الفؤادي بقسطموني‪ ،‬ـ وإن سقط من السند في تاريخ‬
‫الجبرتي عند ترجمة شيخ السلم محمد بن سالم الحفناوي ـ توفي في حدود سنة‬
‫‪ 1070‬هـ ودفن قرب بلل الحبشي رضي ال عنه في مقبرة الباب الصغير بدمشق ‪،‬‬
‫وقول الجبرتي )في بيت المقدس( سبق قلم‪ ،‬قدس سره‪.‬‬

‫)‪ (11‬الشيخ علي قراباش الولي قدس سره‪ :‬هو الشيخ علي علء الدين الطول‬
‫العربكيري ـ نسبة إلى عربكير بلد في شرق الناضول ـ المعروف بقراباش )أي‬
‫السود الرأس( الولي‪ .‬حصل على العلوم في الستانة ثم رحل إلى قسطموني وأدرك‬
‫عمر الفؤادي‪ ،‬وتربى عند الشيخ إسماعيل الجورومي‪ ،‬وأخذ عنه الخلفة‪ .‬ثم سكن‬
‫الستانة ونشر بها الطريقة وهو رئيس فرع القراباشلية من الخلوتية‪ .‬وفيه يقول الشيخ‬
‫مصطفى البكري‪ :‬وخيرهم طريقنا العلية = من قد ُدعوا بالقراباشلية وله مؤلفات كثيرة‬
‫منها )كاشف أسرار الفصوص( و)جامع أسرار الفصوص( و)معيار الطريقة( و)أساس‬
‫الدين( و)تفسير سورة طه( و)الصول الربعين ( و)سماع الصوفية( و)التعبير( وغير‬
‫ذلك‪ .‬وأشير إلى هذا الولي الكامل في )الفتوحات الموصلية( للشيخ الكبر ]ابن عربي[‬
‫)قال الشيخ الكوثري‪ :‬والفتوحات الموصلية للشيخ الكبر لم أرها ولعلها في إحدى‬
‫مكتبات الستانة؛ ونص ما نقله طاهر بك في )عثمانلي مؤلفلري( في ترجمة قراباش‬
‫ولي هو‪" :‬بعد النبي المصطفى العظم العلي الطول الكرم الحسم غنم ختم وهو يختم‬
‫الزمان" وفيه إشارة إلى ظهور الشيخ علي الطول المذكور و"ختم" = ‪ ، 1040‬تاريخ‬
‫خلفته‬

‫و"غنم" = ‪ ، 1090‬تاريخ نفيه‬

‫و"الطول" = ‪ 77‬مدة عمره‬

‫و"الكرم" = ‪ 658‬عدد خلفائه‬

‫هكذا يشرحه طاهر بك ول أدري إن كان رآها في الكتاب أم نقلها من أحد الكتب‪ .‬اهـ‬
‫كلم الكوثري‪ ".‬اهـ(‬

‫‪92‬‬
‫كما بينه صاحب )تراجم المؤلفين العثمانيين(‪ ،‬توفي أثناء عودته من الحج سنة ‪1097‬‬
‫هـ عن سبع وسبعين سنة‪ ،‬قدس سره‪.‬‬

‫)‪ (12‬الشيخ مصطفى المعنوي الِدْرنوي الخلوتي قدس سره‪ :‬هو نجل الشيخ قراباش‬
‫الولي‪ ،‬تربى عند والده وذاع صيته‪ ،‬واشتهر بالوعظ والرشاد حتى رغب السلطان‬
‫محمد الرابع في ملقاته‪ ،‬فأقام الشيخ في أِدرنه حيث كان السلطان يقيم هناك إلى أن‬
‫مات السلطان سنة ‪ 1104‬هـ‪ .‬ثم انتقل الشيخ إلى اصطنبول وكان يعظ في )يكي‬
‫جامع( ويرشد السالكين‪ ،‬وكان واسع العلم محدثًا واقفًا على العلوم العربية‪ ،‬شاعرًا‬
‫وكان له ـ كما يقول الجبرتي ـ نحو أربعمائة وأربعين خليفة‪ .‬وله من المؤلفات )شرح‬
‫الفصوص( و)ديوان شعر(‪ .‬توفي في جمادى الثانية سنة ‪ 1114‬هـ بإصطنبول ودفن‬
‫في تكية نصوحي في )طوغا نجيلر( في أسكدار‪ ،‬قدس ال سره‪ ،‬وترجمته في السجل‬
‫العثماني وتراجم المؤلفين العثمانيين‪.‬‬

‫)‪ (139‬الشيخ عبد اللطيف الحلبي الخلوتي قدس سره‪ .‬هو الشيخ عبد اللطيف بن‬
‫حسام الدين الخلوتي‪ ،‬نزيل دمشق‪ ،‬ولد في حلب وخرج منها وسافر وطاف‪ ،‬وأخذ عن‬
‫شيخه مصطفى الدرنوي في مصر القاهرة‪ ،‬وأقام عنده واختلى به خلوات عديدة‪ ،‬ثم‬
‫نزل دمشق وأقام بها واشتهر وساد إلى أن توفي بدمشق في أول رجب سنة ‪ 1121‬هـ‬
‫ودفن بتربة مرج الدحداح قدس سره‪ .‬وتوسع تلميذه العارف بال الشيخ مصطفى‬
‫البكري في ترجمته في كتاب حافل ألفه في بيان أحواله وأطواره ومقامه العالي كما‬
‫ذكره المرادي في )سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر(‪ .‬وترجمة الشيخ مصطفى‬
‫البكري المتوفى سنة ‪1162‬هـ في تاريخ الجبرتي‪ ،‬وفي )سلك الدرر( وعنه أخذ شيخ‬
‫السلم محمد بن سالم الحفناوي المتوفى سنة ‪ 1181‬هـ‪ ،‬وعنه أخذ الشيخ محمود‬
‫الكردي المتوفى سنة ‪ 1195‬هـ‪ ،‬وعنه أخذ الشيخ عبد ال الشرقاوي المتوفى سنة‬
‫‪ 1227‬هـ‪ ،‬وعنه أخذ الشيخ أحمد الدمهوجي المتوفى سنة ‪ 1246‬هـ‪ .‬والحفناوي‬
‫والشرقاوي والدمهوجي ممن تولوا مشيخة الزهر‪ .‬وصلى ال على سيدنا محمد وءاله‬
‫أجمعين ترجمة من ألف الشيخ محمد زاهد الكوثري كتابه )البحوث السنية عن بعض‬
‫رجال أسانيد الطريقة الخلوتية( من أجله منقولة من كتاب الخبار التاريخية لزكي‬
‫مجاهد الشيخ عبد الخالق عبد الخالق عبد السلم بن عمر جعفر الشبراوي ـ وينتهي‬
‫نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ الشافعي المذهب ومن الولياء الصالحين‪.‬‬
‫ولد سنة ‪ 1305‬هـ ‪1887‬ر في شبرازنجي وبها نشأ وتربى في منزل والده وحفظ‬

‫‪93‬‬
‫القرءان الكريم ومبادئ العلوم ثم سافر إلى القاهرة والتحق بالزهر الشريف وحضر‬
‫العلم على مشاهير علماء عصره كالشيخ طاهر أبو فايد ومحمد سالم النجدي شيخ‬
‫الشافعية وبسيوني عسل والدسوقي العربي وعبد المعطي الشرشيمي وأبو عليان ومحمد‬
‫بخيت ومحمد مخيمر غيث ومحمد علي أبو النجا وحسين نصار ‪ ،‬ونال إجازة العالمية‬
‫سنة ‪ 1914‬ر ثم اشتغل بالتدريس بالزهر‪ ،‬وإمام وخطيب مسجد الفتح بعابدين‪ .‬وكان‬
‫من المشتغلين بالعلم ونشره ويعظ الناس بالعلوم الدينية والتصوف وأخذ العهد في‬
‫الطريق على عمه سيدي عثمان الشبراوي والشيخ منصور هيكل الشرقاوي وقال‪:‬‬
‫أجزته كما أجازني جده بأخذ العهد على من يريد‪ .‬ومن السيد محمد راغب السباعي وقد‬
‫أجازه بإجازة ممتعة مطولة وأخذ العهد على الطريقة الخلوتية والشاذلية والنقشبندية‬
‫)وقد أخذ عهد الطريقة النقشبندية عن العارف بال مولنا سلمة العزامي خليفة مولنا‬
‫محمد أمين الكردي النقشبندي(‪ .‬وانتسب إلى طريقته الشبراوية كثير من العلماء‬
‫والعظماء والموظفين من جميع الطبقات بمصر والخارج تبركًا بالشيخ لصلحه وتقواه‬
‫وإرشاده لنشر الدين السلمي ومكارم أخلقه‪ .‬منهم الشيخ عبد ال أبو النجا وكيل كلية‬
‫اللغة العربية بالزهر ومحمود بك سامي وعبدالقوي باشا وعبد القادر أحمد عطا‬
‫والشيخ علي عبد المقصود هلل من علماء الزهر وعلي حسن سيد العير موظف‬
‫بالقصر العيني‪ .‬وكانت له خلوة سنوية في بيته ومجالس ذكر في كل أسبوع يوم الجمعة‬
‫في مسجد الشيخ عبدال الشرقاوي في قرافة المجاورين وكان كريم الخلق محسنًا‬
‫للفقراء يحترم شيوخه‪ ،‬واسع الطلع في العلوم الدينية والتصوف‪ ،‬وجمع مكتبة كبيرة‬
‫في العلوم الدينية والتصوف والدب والتاريخ وغيرها من العلوم‪ .‬وحج بيت ال الحرام‬
‫وزار قبر النبي صلى ال عليه وسلم من مال حلل وأنفق كثيرًا من الصدقات على‬
‫فقراء مكة والمدينة‪ .‬توفي سنة ‪ 1366‬هـ ‪1947‬ر بالقاهرة ودفن في مسجده المشهور‬
‫بمسجد الشبراوي بقرافة المجاورين ويعمل به مجلس ذكر كل أسبوع ومولد سنوي‪.‬‬
‫مؤلفاته‪:‬‬

‫أ( مراتب النفس وبهامشه وصيته‪.‬‬

‫ب( رسالة سراج أهل البدايات في التصوف‪.‬‬

‫ج( رسالة السلسل الذهبية في العقائد وبعض أوراد الخلوتية والشاذلية‪ ".‬اهـ‬

‫‪94‬‬
‫‪‬‬
‫‪50‬‬ ‫حرف الباء‬ ‫خطبة الكتاب‬
‫‪52‬‬ ‫حرف التاء‬ ‫أول المسبعات العشر‬
‫‪56‬‬ ‫حرف الثاء‬ ‫صيغة حجة السلم الغزالي‬
‫‪57‬‬ ‫حرف الجيم‬ ‫صيغة سيدي أحمد البدوي‬
‫‪59‬‬ ‫حرف الحاء‬ ‫صيغة سيدي عبد السلم بن بشيش‬
‫‪60‬‬ ‫حرف الخاء المعجمة‬ ‫صلة سيدي إبراهيم الدسوقي‬
‫‪61‬‬ ‫حرف الدال المهملة‬ ‫صيغة أولي العزم‬
‫‪65‬‬ ‫حرف الذال المعجمة‬ ‫صيغة الملئكة‬
‫‪65‬‬ ‫حرف الراء‬ ‫صيغة نور القيامة‬
‫‪65‬‬ ‫حرف الزاي‬ ‫صيغة السعادة‬
‫‪66‬‬ ‫حرف السين المهملة‬ ‫صيغة صلة النجاة‬
‫‪66‬‬ ‫حرف الشين‬ ‫صيغة الرضا‬
‫‪67‬‬ ‫حرف الصاد المهملة‬ ‫صيغة الرءوف الرحيم‬
‫‪68‬‬ ‫حرف الضاد‬ ‫صيغة الفاتح لسيدي محمد البكري‬

‫‪70‬‬ ‫صيغة النور الذاتي لبي الحسن‬


‫حرف الطاء المهملة‬
‫الشاذلي‬
‫‪71‬‬ ‫حرف الظاء المشالة‬ ‫صيغة كرم الصول‬

‫‪71‬‬ ‫صيغة أهل الطرق المشهورة‬


‫حرف العين المهملة‬
‫بالكمالية‬

‫‪95‬‬
‫‪72‬‬ ‫حرف الغين المعجمة‬ ‫صيغة النعام‬
‫‪72‬‬ ‫حرف الفاء‬ ‫صيغة تسمى بالكمالية أيضا‬
‫‪73‬‬ ‫حرف القاف‬ ‫صيغة الوصال‬
‫‪75‬‬ ‫حرف الكاف‬ ‫صيغة الطب الظاهري والباطني‬
‫‪75‬‬ ‫حرف اللم‬ ‫صيغة العالي القدر‬
‫‪76‬‬ ‫حرف الميم‬ ‫صيغة اللطف الخفي‬
‫‪76‬‬ ‫حرف النون‬ ‫صيغة اللطف الخرى‬
‫‪77‬‬ ‫حرف الهاء‬ ‫صيغة أمهات المؤمنين‬
‫‪80‬‬ ‫حرف الواو‬ ‫صيغة الطاهر المطهر‬
‫‪81‬‬ ‫حرف ل‬ ‫صيغة ذات المناقب الفاخرة‬
‫‪81‬‬ ‫حرف الياء التحتية‬ ‫صيغة الوسيلة والفضيلة‬

‫‪88‬‬ ‫شرح المنظومة‬


‫صيغة محتوية على خمس صلوات‬
‫الدرديرية‬
‫البحوث السنية‬
‫‪122‬‬ ‫صيغة محتوية على أربع صلوات‬

‫صيغة محتوية على صلتين‬


‫حرف الهمزة‬

‫‪‬‬

‫‪96‬‬

Вам также может понравиться