Академический Документы
Профессиональный Документы
Культура Документы
www.alukah.net
www.alukah.net 1
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
www.alukah.net
2
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
المبحث الثاني:
أثر القياس في العلوم عامة والفقه خاصة
المطلب األول :أنواع القياس.
المطلب الثاني :أثر القياس في العلوم العامة.
المطلب الثالث :أثر القياس في الفقه وأستدالالت الفقهاء.
الخاتمة وجاء فيها أهم النتائج التي توصلت إليها في هذا البحث.
فهرس المصادر والمراجع.
فهرس الموضوعات.
وأرجو من هللا تعالى أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ،ويجعله في ميزان حسناتنا،
وأخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين.
((وصلــــى اللـــه علــــى ســــيدنا محمــد وآلــه وســــــلم))
المبحث األول
نظرة على القياس
تمهيد:
لقد كثر الحديث حول القياس بين الفقهاء كثرة غير متعارفة ،وكتبت عنه
المجلدات ،وكان موضع خالف كثير ،ونظرا ً لما يترتب عليه من ثمرات فقهية
واسعة ،اقتضانا أن نطيل الحديث فيه ،عارضين مختلف وجهات النظر وأدلتها
على أساس من المقارنة وفق ما رجعنا اليه سابقا ً من نهج العلماء في القياس
وأول ما يواجهنا منها اختالفهم في تعريفه فنقول مستعينين باهلل طالبين لتوفيقه:
www.alukah.net
3
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
المطلب األول:
تعريف القياس:
القياس في اللغة :المشهور أنه تقدير شيء على مثال شيء آخر و تسويته به و
لذلك سمي المكيال مقياسا و فالن ال يقاس بفالن أي ال يساويه .1
و أما في اإلصطالح :فاختلفوا أوال في إمكان حده فذهب إمام الحرمين وابن
المنير المالكي إلى أنه يتعذر الحد الحقيقي في القياس الشتماله على حقائق
مختلفة كالحكم فإنه قديم و الفرع و األصل فإنهما حادثان و الجامع فإنه علة .2
واستفاض هذا النقل عن إمام الحرمين -رحمه هللا -بيد أني قد وجدته حده في
كتابه الورقات في أصول الفقه فحده بقوله هو رد الفرع إلى األصل بعلة
.3 الحكم في تجمعهما
والمذهب الثاني هو مذهب جمهور العلماء إلى إمكان حده و اختلفوا في حده
.4 عشرحدا ثالثة من أكثر على
وسبب اختالفهم في تعريفه تبعا الختالفهم في أنه هل هو دليل شرعي كالكتاب
و السنة نظر المجتهد أم لم ينظر أو هل هو عمل من أعمال المجتهد فال يتحقق
بوجوده. إال
فمن ذهب إلى األول كاآلمدي و ابن الحاجب عرفه بأنه :مساوة فرع ألصل في
حكمه. علة
و من ذهب إلى الثاني كالباقالني و اإلمام الرازي و البيضاوي عرفه بما يفيد أنه
عمل من أعمال المجتهد و المختار عند الجمهور تعريف البيضاوي بأنه :إثبات
5
مثل حكم معلوم في معلوم آخر الشتراكهما في علة الحكم عند المثبت أ .ه
وهناك اصطالح آخر للقياس ،شاع استعماله على ألسنة أهل الرأي قديما ً،
وفحواه :التماس العلل الواقعية لالحكام الشرعية من طريق العقل ،وجعلها
مقياسا ً لصحة النصوص التشريعية ،فما وافقها فهو حكم هللا الذي يؤخذ به ،وما
www.alukah.net
4
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
– 1الحمل :هو اإللحاق والتسوية ،أي إلحاق الفرع ،باألصل ،ومساواته له في
حكمه بجامع العلة.
وال تنافي بين كون القياس دليالً شرعيا ً ،وجد المجتهد أم ال ،وبين كون الحمل
فعالً للمجتهد ،ألنه ال مانع من أن ينصب الشارع حمل المجتهد دليال ،على أن
حكم الفرع في حقه وحق مقلديه ما وقع الحمل فيه من حل أو حرمة.
– 3لمساواته له في علة حكمه :أي لوجود علة المحمول عليه بتمامها في
المحمول.
– 4عند الحامل :الحامل هو المجتهد القائس ،وهذا القيد إنما زيد إلدخال القياس
الفاسد في الواقع ونفس األمر.
وذلك ألن القياس هو إثبات حكم األصل في الفرع بجامع العلة في نظر المجتهد،
سواء أكانت هذه العلة هي المزادة لصاحب الشرع في الواقع ،أم ال.
www.alukah.net
5
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
إذ لو كان القياس مقتصرا ً على الصحيح ،والعلة مقتصرة على ما يريده الشارع
في نفس األمر ،لما وجد في الدنيا قياس البتة ،بل لو كان واجب المجتهد أن
يصيب في اجتهاده ما في علم هللا لتعطلت الشرائع ،ألنه ال سبيل إلى ذلك.
اذا فأركان القياس التي يقوم عليها اربعة هي االصل والفرع والعلة والحكم
االركان: هذه توفر من قياس لكل والبد
فاالصل :هو المعلوم الذي ثبت حكمه بالشرع وهوما يقاس عليه ويشبه الفرع
به.
والفرع :هو االمر الذي لم يرد حكمه في الشرع ابتداء وهو ما يطلب قياسه علي
االصل.
والفرع. االصل بين الجامع الوصف هي والعلة:
والحكم :هو ثمرة قياس الفرع على األصل.
www.alukah.net
6
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
المطلب الثاني:
مكانته في الشريعة:
القياس هو المصدر الرابع من مصادر التشريع اإلسالمي بعد الكتاب،
والسنة ،واإلجماع ،فالقرآن أصل األصول بال منازع؛ فكان أحق بتقدمه؛ ولذا،
كان المصدر األول من مصادر التشريع.
والسنة شارحته ،ومبينة مجمله ،غير أنها قد تستقل بتشريع أحكام لم ينص
عليها فيه؛ لذلك كانت المصدر الثاني.
وأما المصدر الثالث ،فهو اإلجماع ،ومعناه" :اتفاق مجتهدي األمة بعد وفاة
النبي - -في عصر على أي أمر كان.7
وإنما تأخر اإلجماع في المرتبة عن الكتاب والسنة؛ لكونه راجعًا إليهما،
وكاشفًا عن دليل منهما؛ إذ ال بد لإلجماع من مستند يستند إليه المجمعون ،وهذا
المستند إما نص من الكتاب ،أو من السنة .وحتى لو جوزنا أن يكون مستند
سا من األقيسة ،فال إشكال؛ ألن القياس إثبات للحكم بمعنى النص، اإلجماع قيا ً
فهو راجع للنص أيضا.8
ثم يأتي القياس في المرتبة الرابعة بعد الكتاب والسنة واإلجماع.
وقد يقول قائل :إذا كان القياس راجعًا إلى النص – كاإلجماع -ف ِلم قدم
اإلجماع عليه ؟
والجوابَّ :
أن اإلجماع -وإن كان راجعا إلى النص ،كالقياس -إال أنه تميز
بمزايا اقتضت تقدمه على القياس في المرتبة ،ومنها:
أن اإلجماع -في مجمله -حجة قطعية عند الجمهور ،بخالف القياس ،فإنه
دليل ظني في األعم األغلب؛ البتنائه على إعمال النظر واالجتهاد ،والدليل
القطعي أعلى مرتبة من الدليل الظني.
www.alukah.net
7
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
www.alukah.net
8
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
www.alukah.net
9
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
انتفاء الغاية والنهاية؛ فإن نصوص الكتاب والسنة محصورة مقصورة ،ومواقع
اإلجماع معدودة مأثورة ،ونحن نعلم قطعًا أن الوقائع -التي يتوقع وقوعها -ال
نهاية لها .والرأي المبتوت المقطوع به عندنا ،أنه ال تخلو واقعة عن حكم هلل
تعالى ،متلقى من قاعدة الشرع ،واألصل الذي يسترسل على جميع الوقائع:
القياس وما يتعلق به من وجوه النظر واالستدالل ،فهو -إذً ا -أحق األصول
باعتناء الطالب ،ومن عرف مآخذه ،وتقاسيمه ،وصحيحه ،وفاسده ،وما يصح
من االعتراضات عليها ،وما يفسد منها ،وأحاط بمراتبها جال ًء وخفا ًء ،وعرف
مجاريَها ومواقعها ،فقد احتوى على مجامع الفقه .14
www.alukah.net
10
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
المطلب الثالث:
اركان القياس وأقسامه:
سنتكلم في هذا المطلب على أركان القياس ،وهي األمور التي ال بد منها لكل
قياس حتى يتحقق وجوده ،وهي :األصل ،والفرع ،وحكم األصل والعلة أجماالً
ثم اقسام القياس.
اوأل ً :أركان القياس:
الركن لغة :جانب الشيء األقوى ،وهو يأوي إلى ركن شديد أي إلى عز ومنعة،
كما يطلق على جزء من أجزاء ماهية الشيء التي ال توجد إال بوجوده .15
واصطالحا ً :يطلق على ما كان داخالً في حقيقة الشيء وماهيته ،16وهو بذلك
يتفق مع المعنى اللغوي نحو أركان الصالة والوضوء ،وهو بذلك يفارق الشرط
الذي هو خارج عن الماهية.
وعليه فأركان القياس هي أجزاؤه التي يقوم عليها ،وقد ذكر جمهور األصوليين
أن القياس يقوم على أربعة أركان هي :17
-1األصل :ويسمى المقيس عليه وهو الواقعة التي ورد النص ببيان حكمها.
-2الفرع :ويسمى المقيس وهو الواقعة التي يراد معرفة حكمها ولم يرد فيها
نص.
-3العلة :وهي الوصف الجامع بين األصل والفرع والذي بني عليه حكم
األصل وبه يعرف الحكم في الفرع.
www.alukah.net
11
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
ولم يذكر األصوليون حكم الفرع من أركان القياس ألنه ثمرة القياس ونتيجته،
ألن ظهوره للمجتهد متأخر عن حكم األصـل ،وثمرة الشيء ال يصح أن تكون
من
ثانيا:
أقسام القياس
- 18انظر :منتهى الوصول واألمل ص ،167مناهج العقول شرح منهاج الوصول .36/3
www.alukah.net
12
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
يقسم العلماء القياس إلى :قياس عقلي ،وقياس شرعي ،وهناك تالزم في بعض
ما يدل عليه كل منهما ،إال أن هذا الفصل موضوع للقياس عند الفقهاء فال يشمل
القياس المنطقي العقلي.
يقول الشيخ عيسى منون (:حاصل القياس في نظر األصوليين كما علمت يرجع
إلى االستدالل بحكم شيء على شيء من غير أن يكون أحدهما أعم من
اآلخر ويسمى ذلك عند علماء المنطق بالتمثيل فيخصون اسم القياس باالستدالل
بحكم العام على الخاص ...فعندهم أنواع االستدالل ثالثة :االستدالل بحكم جزئي
على آخر وهو القياس األصولي ويسمى بالتمثيل ،واالستدالل بحكم جزئي على
كلي ويسمى باالستقراء ،واالستدالل بحكم كلي على جزئي ويسمى بالقياس قال
الغزالي :تسمية المنطقيين لهذا بالقياس ظلم على االسم وخطأ على الوضع ،فإن
القياس في وضع اللسان يستدعي مقيسا ً ومقيسا ً عليه ألن حمل فرع على أصل
لعلة جامعة ).19
وأما أنواع القياس األصولي ،فيمكن أن نفهمها بتدرج ظهورها في كتب
األصوليين بدءا ً من الرسالة للشافعي التي تعد أول مصنف في هذا العلم (علم
األصول) وقد قسم الشافعي القياس إلى نوعين:
أن يكون الشيء في معنى األصل ،فال يختلف القياس فيه. -1
أن يكون الشيء له في األصول أشباه ،فذلك يلحق بأوالها به وأكثرها -2
شبها ً فيه وقد يختلف القياسيون في هذا.20
ويذهب الشافعي – رحمه هللا – يستدل على تقسيماته للقياس بشواهد منها:
أن أقوى القياس أن يحرم هللا في كتابه أو رسوله القليل من الشيء ،فيعلم أن
قليله إذا حرم كان كثيره مثل قليله في التحريم أو أكثر بفضل الكثرة على القلة...
www.alukah.net
13
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
القسمة األولى:
حسب المعنى الجامع هل هو في الفرع أولى منه في األصل ،أم هو مساو ؟ أم
هو أولى.
ويمثل لألول :تحريم ضرب الوالدين بالنسبة إلى تحريم التأفيف لهما أو ما في
معناه ،وسواء كان قطعيا ً أو ظنيا ً.
وللثاني :بإلحاق األمة بالعبد في تقويم نصيب الشريك على المعتق.
والثالث :كما في إلحاق النبيذ بالخمر في تحريم الشرب وإيجاب الحد.
القسمة الثانية:
ويقسمها إلى جلي وخفي.
ويقسم الجلي لقسمين:
األول :ما كانت العلة فيه منصوصة ،ومثاله :كإلحاق تحريم الوالدين بتحريم
التأفيف لهما ،بعلة كف األذى عنهما.
والثاني :ما كانت العلة غير منصوصة ومثاله كإلحاق األمة بالعبد في تقويم
النصيب.
وأما القياس الخفي :فما كانت العلة فيه مستنبطة من حكم األصل ،كقياس القتل
بالمثقل على المحدد.
القسمة الثالثة:
قسمها إلى مؤثر ومالئم ،وقسم المؤثر باعتبارين:
ما كانت العلة الجامعة فيه منصوصة بالصريح أو اإليماء أو مجمعا ً -1
عليها.
ما أثر عين الوصف الجامع في عين الحكم ،أو عينه في جنس الحكم، -2
أو جنسه في عين الحكم.
وأما المالئم :فما أثر جنسه في جنس الحكم ،وذهب يذكر بعض وجوه الخالف.
القسمة الرابعة:
www.alukah.net
14
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
قسمها إلى:
قياس علة :ومثاله كالجمع بين النبيذ والخمر في تحريم الشرب بواسطة الشدة
المطربة ،ونحوه.
قياس الداللة :ومثاله كالجمع بين النبيذ والخمر بالرائحة الفائحة المالزمة للشدة
المطربة ،وهكذا.
القياس في معنى األصل :مثاله إلحاق األمة بالعبد في تقويم نصيب الشريك على
المعتق بواسطة نفس الفارق بينهما.
القسمة الخامسة :ويقسمه إلى:
( قياس اإلحالة ـ الشبه ـ السبر ـ االطراد).22
ومن الواضح أن بعض هذه األقسام يتداخل ،لذا فقد أبرز المتأخرون هذه األنواع
في صورة أخرى بقسمة ثالثية هي:
باعتبار قوته وضعفه :ويقسمه إلى جلي وخفي. -1
باعتبار ذكر العلة فيه وعدم ذكرها ،ويقسمه إلى :علة ،داللة ،ومعنى. -2
باعتبار درجة الجامع في الفرع :ويقسمه إلى :كون الجامع في -3
الفرع أقوى منه في األصل ،وكون الجامع في الفرع مساويا ً له في األصل،
وكون الجامع في الفرع أدون منه في األصل.23
ويمكن أن يجمع ذلك كله في تقسيم القياس على ضربين:
المنصوص على علته والمستنبط للعلة وهللا تعالى أعلم.
www.alukah.net
15
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
المطلب الرابع:
حجية القياس:
القياس هو المصدر الرابع من مصادر التشريع المتفق عليها ،بعد كتاب هللا،
وسنة رسول هللا ،واإلجماع.
www.alukah.net
16
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
وخالصة القول :إن حجية القياس بمعنى أن القياس أصل ودليل نصبه الشارع
ليستنبط منه المجتهد الحكم الشرعي كالكتاب والسنة .26لذلك قال الخطيب
البغدادي :وكذلك هو حجة في الشرعيات ،وطريق لمعرفة األحكام ،ودليل من
أدلتها من جهة الشرع.27
وبعد التعرف على معنى (الحجية) أحب أن أبين أن اختالف العلماء في حجية
القياس إنما هو في المسائل الشرعية ،أما ما كان من المسائل الدنيوية فهو حجة
باتفاقهم .وقد نقل االتفاق على ذلك اإلمام الرازي 28واإلسنوي ،29والزركشي
حيث قال :وهو حجة في األمور الدنيوية باالتفاق.30
وقد مثلوا له باألدوية واألغذية ،كقياس دواء على دواء آخر في النفع في مرض
معين ،أو قياس نبات على نبات آخر في فوائده وخصائصه في نفعه لإلنسان في
ناحية معينة ،فكل هذه القياسات متفق عليها وال خالف بين األصوليين.
وقد بين العطار في حاشيته السبب في كونها دنيوية وليست شرعية فقال :ووجه
كونه دنيويا ً ليس المطلوب به حكما ً شرعيا ً بل ثبوت نفع هذا الشيء لذلك
المرض.31
أما الخالف فقد وقع في حجية القياس الشرعي ،وهو أن يرد نص معين على
واقعة معينة ،وقياس واقعة أخرى غير منصوص عليها على الواقعة المنصوص
عليها إذا اشتركا في العلة ،وهذا هو القياس األصولي المختلف فيه وفي حجيته
وهذا هو محل النزاع ،ويرجع إلى مذهبين في الجملة:
- 26نبراس العقول للشيخ عيسى منون ،52/1أصول الفقه لوهبة الزحيلي ج ،607/1الوجيز
في أصول الفقه للدكتور زيدان ص.220
- 27الفقيه والمتفقه ج.178/1
- 28المحصول في علم األصول ج.29-2/2
- 29نهاية السول ج.10/3
- 30البحر المحيط ج.16/5
- 31حاشية العطار على شرح الجالل المحلي على جمع الجوامع ج.241/2
www.alukah.net
17
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
هؤالء مثبتوا القياس .32قال السمرقندي :قال عامة الفقهاء والمتكلمين إنه حجة
يجب العمل بها.33
وقد استدل المثبتون لحجية القياس بأدلة كثيرة من المنقول والمعقول نوردها
تباعا ً كما يلى:
www.alukah.net
18
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
www.alukah.net
19
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
بعضها على بعض ،فتعميمها إلى األمور الشرعية موقوف على السبر والتقسيم
الدور. فيلزم غيره، أو
.4قوله تعالى (( :فجزاء مثل ما قتل من النعم )( 37وقد استدل بها الشافعي
على حجيته حيث قال :فهذا تمثيل الشيء بعدله ،وقال :يحكم به ذوا عدل منكم،
وأوجب المثل ،ولم يقل أي مثل ،فوكل ذلك إلى اجتهادنا ورأينا.38
والجواب :إن الشارع وإن ترك لنا أمر تشخيص الموضوعات ،إال أنه على وفق
ما جعل لها الشارع ،أو العقل من الطرق ،وكون القياس الظني من هذه الطرق
كالبينة هو موضع الخالف ،واآلية أجنبية عن إثباته.
ثانيا ً:
أدلتهم من السنة:
وتقريبه :إن رسول هللا أقر اإلجتهاد بالرأي في طول النص بإقراره إلجتهاد
للقياس. بإطالقه شامل وهو معاذ،
ثانيهما :ما ورد من األحاديث المشعر بعضها بإستعمال النبي للقياس ،وبما أن
عمله حجة باعتباره سنة واجبة اإلتباع ،فإن هذه الطائفة من األحاديث دالة على
كثيرة. ذكروها التي واألحاديث القياس. حجية
- 37سورة المائدة آية .59
- 38إرشاد الفحول ص.201
- 39إسناده ضعيف إلبهام أصحاب معاذ وجهالة الحارث بن عمرو ،ثم هو مرسل ،وقد سلف
الكالم عليه عند الحديث رقم ( .)22007أبو عون الثقفي :هو محمد بن عبيد هللا وأخرجه
الترمذي ( )1327من طريق وكيع بن الجراح ،بهذا اإلسناد وأخرجه ابن أبي شيبة 239/7
و 177/10من طريق وكيع بن الجراح ،وأخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" 188/1من
طريق عفان بن مسلم والمصدر السابق ص.202
www.alukah.net
20
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
منها :حديث الجارية الخثعمية أنها قالت ( :يا رسول هللا ،إن أبي أدركته فريضة
الحج شيخا ً زمنا ً ال يستطيع أن يحج ،إن حججت عنه أينفعه ذلك ؟ فقال لها:
أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته ،أكان ينفعه ذلك ؟ قالت :نعم ،قال :فدين
)).40 بالقضاء أحق هللا
ووجه اإلحتجاج به كما قربه اآلمدي ( إنه ألحق دين هللا بدين اآلدمي في وجوب
). القياس عين وهو ونفعه، القضاء
ومنها :الحديث الذي جاء فيه ( :إنه قال ألم سلمة ،وقد سئلت عن قفبلة الصائم:
هل أخبرته أني أقبل وأنا صائم ) وإنما ذكر ذلك فيما يقول اآلمدي تنبيها ً على
عليه. غيره قياس
ومنها :قوله لما سئل عن بيع الرطب بالتمر ( :أينقص الرطب إذا يبس ؟ فقالوا:
نعم ،فقال :فال إذن ).41
ثالثا ً:
هو :أن آحادا ً منهم ،أفتوا إستنادا ً إلى القياس ،وسكت الباقون فلم ينكروا عليهم،
وسكوتهم يكون إجماعا ً ،أو أن بعضهم صرح باألخذ بالرأي من دون إنكار
عليه ،ومن ذلك قول أبي بكر في الكاللة( :أقول فيها برأيي ،فإن يكن صوابا ً
فمن هللا ،وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ،وهللا ورسوله بريئان منه) .43
www.alukah.net
21
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
44
ومنه قول عمر( :أقضي في الجد برأيي ،وأقول منه برأيي)
www.alukah.net
22
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
www.alukah.net
23
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
والمذهب الثاني :مذهب نفاة القياس مثل النظام وأتباعه ،والشيعة اإلمامية
والظاهرية ،أن القياس ليس بحجة شرعية وهو عندهم مستحيل عقالً وشرعاً،
ويطلق على هؤالء نفاة القياس .46
قال السمرقندي :وقال أصحاب الظاهر مثل داود األصفهاني ومن تابعه ،وقوم
من المعتزلة مثل النظام...إنه ليس بحجة وهو قول من نفى القياس العقلي من
الملحدة واإلمامية والخوارج.47..
www.alukah.net
24
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
ش ْيءٍ )) ،48وقولهَ (( :ون ََّز ْلنَا َعلَي َْك ب ِم ْن َ قوله تعالىَ (( :ما فَ َّر ْ
طنَا فِي ْال ِكتَا ِ
ين
ب ُم ِب ٍ ب َو َال يَابِ ٍس ِإ َّال فِي ِكتَا ٍ يءٍ )) ،49وقولهَ (( :و َال َر ْ
ط ٍ ش ْ ْال ِكت َ َ
اب تِ ْبيَانًا ِل ُك ِل َ
50
))
وجه الداللة :أن تلك اآليات دلت على أن الكتاب اشتمل على جميع األحكام
الشرعية فإذن :كل ما ليس في الكتاب وجب أن ال يكون حقا ً.
وعندئ ٍذ تقول :ما ثبت بالقياس :إن دل عليه الكتاب فهو ثابت بالكتاب ال
بالقياس.
وإن لم يدل عليه الكتاب كان باطالً :أي ليس بمشروع ،حكمه أن يبقى على
النفي األصلي.
وعلى هذا فال حاجة إلى القياس.
الدليل الثاني:
اح ُك ْم بَ ْينَ ُه ْم ِب َما أ َ ْنزَ َل َّ
َّللاُ )) .51 قوله تعالىَ (( :وأ َ ِن ْ
وجه الداللة :اآلية أ فادت أن الحكم ال يكون إال بقرآن ،أو سنة ،ألنهما
المنزالن من عند هللا ،والحكم بالقياس حكم بغير ما أنزل هللا – تعالى – وكل
حكم لم ينزله هللا تعالى يكون ابتداعا ً في الدين ،وهذا منهي عنه ،فالقياس منهي
عنه.
الدليل الثالث:
52
سو ِل ))
الر ُ يءٍ فَ ُردُّوهُ إِلَى َّ
َّللاِ َو َّ قوله تعالى (( :فَإ ِ ْن تَنَازَ ْعت ُ ْم فِي َ
ش ْ
وجه الداللة :أن هذه اآلية قد دلت على أن األمة إذا تنازعت في شيء ،ولم
تعرف الحكم فيه ،فيجب أن ترده إلى الكتاب والسنة لتعرف الحكم منهما ،فأنتم
خالفتم صريح تلك اآلية ،اورددتم معرفة حكم المتنازع فيه للرأي واالجتهاد.
www.alukah.net
25
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
إذن الحكم بالقياس ليس حكما ً هلل ،وال مردودا ً إليه وال إلى رسوله ،فكان
باطالً فيمتنع.
قال ابن حزم -رحمه هللا :-جاءت نصوص بإبطال القياس .53
فمن ذلك قول هللا تعالى (( :يأيها الذين آمنوا ال تقدموا بين يدي هللا ورسوله
)).54
وقال تعالى (( :وال تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك
)). مسؤوال عنه كان
)). شئ من الكتاب في فرطنا ((ما تعالى: وقال
وهذه نصوص مبطلة للقياس ،وللقول في الدين بغير نص ،الن القياس على ما
بينا قفو لما ال علم لهم به ،وتقدم بين يدي هللا تعالى ورسوله (صلى هللا عليه و
سلم) واستدراك على هللا تعالى ورسوله (صلى هللا عليه و سلم) ما لم يذكراه أ.ه
عليه العلماء جمهور رد وقد
قال ابن كثير في تفسير االية (55أي :ال تسرعوا في األشياء بين يديه ،أي :قبله،
بل كونوا تبعا له في جميع األمور ،حتى يدخل في عموم هذا األدب الشرعي
ح ديث معاذ ،لما قال له النبي صلى هللا عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن" :بم
تحكم؟" قال :بكتاب هللا .قال" :فإن لم تجد؟" قال :بسنة رسول هللا .قال" :فإن لم
تجد؟" قال :أجتهد رأيي ،فضرب في صدره وقال" :الحمد هلل الذي وفق رسو َل
هللا. رسول يرضي لما هللا، رسو ِل
وقد رواه أحمد ،وأبو داود ،والترمذي ،وابن ماجه فالغرض منه أنه أخر رأيه
ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة ،ولو قدمه قبل البحث عنهما لكان من
ورسوله.أ.ه هللا يدي بين التقديم باب
أما استدالله بقوله تعالى (( :وال تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر
)) مسؤوال عنه كان أولئك كل والفؤاد
قال االلوسي في روح المعاني (واحتج باآلية نفاة القياس ألنه قفو للظن وحكم به
- 53اإلحكام ج.1055/8
- 54سورة الحجرات .1
- 55تفسير ابن كثير ج.340/7
www.alukah.net
26
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
) 56وأجيب بانهم أجمعوا على الحكم بالظن والعمل به في صور كثيرة فمن ذلك
الصالة على الميت ودفنه في مقابر المسلمين وتوريث المسلم منه بناء على أنه
مسلم وهو مظنون والتوجه إلى القبلة في الصالة وهو مبني على االجتهاد
بإمارات ال تفيد إال الظن وأكل الذبيحة بناء على أنها دبيحة مسلم وهو مظنون
والشهادة فإنها ظنية وقيم المتلفات واروش الجنايات فإنها ال سبيل إليها اال
الظن ،ومن نظر ولو بمؤخر العين رأى أن جميع األعمال المعتبرة في الدنيا من
األسفار وطلب األرباح والمعامالت إلى اآلجل المخصوصة واالعتماد على
صداقة األصدقاء وعداوة األعداء كلها مظنونة وقد قال صلى هللا عليه وسلم« :
نحن نحكم بالظاهر وهللا تعالى يتولى السرائر » فالنهي عن اتباع ما ليس بعلم
قطعي مخصوص بالعقائد وبأن الظن قد يسمى علما ً كما في قوله تعالى (( ِإذَا
َجاء ُك ُم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن هللا أ َ ْعلَ ُم بإيمانهن فَإ ِ ْن َع ِل ْمت ُ ُمو ُه َّن مؤمنات
فَالَ ت َ ْر ِجعُو ُه َّن ِإلَى الكفار)) 57فإن العلم بإيمانهن إنما يكون بإقرارهن وهو ال
يفيد إال الظن وبأن الدليل القاطع لما دل على وجوب العمل بالقياس كان ذلك
الدليل دليالً على أنه متى حصل ظن أن حكم هللا تعالى في هذه الصورة يساوي
حكمه في محل النص فانتم مكلفون بالعمل على وفق ذلك الظن فههنا الظن واقع
في طريق الحكم وأما ذلك الحكم فهو معلوم متيقن )انتهي
و أما استدالله بقوله تعالى ((ما فرطنا في الكتاب من شئ ))
ب َمسْأَلَةُ ْال َج ِدَ ،و ْ ِ
اإل ْخ َوةِ، ْس فِي ْال ِكتَا ِفقد قال اإلمام الغزالي-رحمه هللاَ (( -ولَي َ
ب ((.58 اس ِم ْن ْال َمعَانِي الَّتِي فِي ْال ِكتَا ِ َو َمسْأَلَةُ ْال َح َر ِام إذَا لَ ْم يَ ُك ِن ِاال ْقتِبَ ُ
وقال ابن قدامة (الجواب أما قوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء فإن
القرآن دل على جميع األحكام لكن إما بتمهيد طريق االعتبار وإما بالداللة على
اإلجماع والسنة وهما قد دال على القياس فيكون الكتاب قد بينه وإال فأين في
الكتاب مسألة الجد واإلخوة والعول والمبتوتة والمفوضة والتحريم وفيها حكم هلل
شرعي ثم قد حرمتم القياس وليس في القرآن تحريمه) 59انتهي
www.alukah.net
27
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
www.alukah.net
28
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
و رد بأنه حديث منكر تفرد به نعيم بن حماد و قد أنكره عليى يحي بن معين و
دحيم
قالوا و بالتسليم بصحتها -واألمر على غير ذلك -فقوله يحلون الحرام ويحرمون
الحالل فهم استعملوا رأيهم في مقابلة النصوص والقياس المخالف للنص فاسد
االعتبار
اما استداللهم بما ورد عن بعض الصحابة والتابعين من ذم الرأي وأهله قال
الشاطبي بعد ان نقل اثارا كثيرة في ذم الرأي وعدم اتباع االثار قال( :والحاصل
من جيمع ما تقدم أن الرأي المذموم ما بني على الجهل واتباع الهوى).65
وقال ابن قدامة ردا علي ذلك قال ( :قلنا هذا منهم ذم لمن استعمل الرأي
والقياس في غير موضعه أو بدون شرطه فذم عمر رضي هللا عنه ينصرف إلى
من قال بالرأي من غير معرفة للنص أال تراه قال أعيتهم األحاديث أن يحفظوها
وإنما يحكم بالرأي في حادثة ال نص فيها فالذم على ترك الترتيب ال على أصل
القول بالرأي ولو قدم إنسان القول بالسنة على ما هو أقوى منها كان مذموما
وكذلك قول علي رضي هللا عنه وكل ذم يتوجه إلى أهل الرأي فلتركهم الحكم
العلماء بعض قال كما أولى هو الذي بالنص
أهل الكالم وأهل الرأي قد جهلوا ..علم الحديث الذي ينجو بها الرجل
لو أنهم عرفوا اآلثار ما انحرفوا ...عنها إلى غيرها لكنهم جهلوا ) 66ا.ه.
و نخلص من هذا كله بأن الصحابة الذين ثبت عنهم ذم الرأي و الحث على
العمل بالقياس قد ثبت أيضا عنهم مدح الرأي و الحث على العمل بالقياس فدل
هذا على أن المذموم من القياس و الرأي هو ما كان مقابال للنص و هذا ال يقول
أحد به
و أخيرا و بعد أن تناولنا أدلة كل من الفريقين المثبت و النافي و رأينا بيان و
مناقشة و توجيه جمهور العلماء سلفا و خلفا ألدلة النافين لحجية القياس ال يسعنا
إال أن نضرب صفحا عن مذهب هؤالء المخالفين ونتمسك بما قرره جمهور
العلماء من إثبات القياس وجوازه شرعا لقوة ما استدلوا به من أدلة وبراهين
ولهذا جمد المذهب الظاهري و أصبح مقلدوه أندر من الكبريت األحمر وهذا
ألمرين
األول كثرة األقوال الشاذة الناتجة عن عدم القياس كقول ابن حزم في قوله تعالى
www.alukah.net
29
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
(وال تقل لهما أف)أن هذه األية ناهضة بالنهي عن التأفيف و ساكتة عن الضرب
أخر أدلة له الضرب عن النهي لكن و
الساكن بالماء بالتغوط جوازه و
و عدم صحة نكاح البكر إن تكلمت ألن إذنها صماتها إلى آخر هذه األراء الشاذة
ثانيا أنه مذهب ال يغطي احتياجات العصور المتعاقبة التي تتولد فيه أالف
النظائر التي لم تكن في العهد النبوي
لهذا كان الراجح هو لزوم سبيل المؤمنين و جماهير العلماء القائلين بأن القياس
أعلم. تعالى وهللا ثابتة شرعية حجة
www.alukah.net
30
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
المبحث الثاني
أنواع القياس وأثرها في العلوم عامة والفقه خاصة
تمهيد:
لقد بينا في المبحث السابق التعريف بالقياس وأركانه وأقسامه وحجيته ومن ثم
سنتحدث في هذا المبحث ونجعله خاصا ً بأنواع القياس وأثرها في جميع مناحي
العلوم عامة وأثرها في الفقه خاصة وقد جعلت هذا المبحث في ثالثة مطالب
سنوردها تباعا ً وذلك لبيان أهمية القياس في ما سبق ذكره سلفا ً فنسأل هللا عونه
وتوفيقه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
المطلب األول:
للقياس أنواع َعرفها فقهاء مذاهب العامة في أصولهم الفقهية وأختلفوا فيها كما
أختلفوا في غيرها من المباني والقواعد األصولية قديما ً وحديثا ً وعلى أية حال
صنف فقهاء المذاهب القياس باصناف عدة واقسام شتى منها ما أتفق عليه ومنها
ماهو محل خالفهم قال القاضي أبو بكر بن العربي﴿ :قال علماؤنا أقسام القياس
﴾.67 شبهة وقياس داللة وقياس علة قياس ثالثة
س ْمعَانِي َِ :وقَ ْد قَ َّ
س َمهُ أبن ُ
س َريْجٍ وجاء في البحر المحيط اقساما للقياس ﴿ :قَا َل أبن ال َّ
ص َحا ِبنَا َم ْن زَ ادَ َعلَى ذَ ِل َك ثم ذكر منها ستة أنواع هي﴿ : س ٍامَ ،و ِم ْن أ َ ْ
إلى ث َ َمانِ َي ِة أ َ ْق َ
قياس العلة قياس الشبه قياس العكس قياس الداللة القياس في الفارق قياس ما هو
﴾.68 المنصوص من أولى
ثم فصل الكالم في هذه األنواع وسوف نختصر كالمه فيما يناسب المقام:
www.alukah.net
31
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
الظاهر بين المقيس والمقيس عليه ،واما القسم الثاني فهو القياس الخفي وهو ما
احتاج إلى نظر حتى تتبين علته ليتمكن الفقيه من استعمال القياس على حسب
رأيه. وقبلها عقله استنبطها التي العلة
سنة والجماعة – بأن للقياس وقال الجيزاني في -معالم أصول الفقه عند أهل ال ُ
أقساما متعددة بعدة اعتبارات حيث صنف األول ﴿على اعتبار قوته وضعفه﴾
خفي. وقياس جلي قياس إلى ينقسم حيث
القياس الجلي :هو ما قُطع فيه بنفي الفارق المؤثر ،أو كانت العلة فيه منصو ً
صا
صور. ثالث فهذه عليها، مجمعًا أو
وهذا النوع من القياس ال يحتاج فيه إلى التعرض لبيان العلة الجامعة ،لذلك
سمي بالجلي ،وأيضا ً هذا النوع من القياس متفق عليه ،وهو أقوى أنواع القياس ُ
به. مقطوعا ً لكونه
القياس الخفي :وهو ما لم يُقطع فيه بنفي الفارق ولم تكن علته منصوصا ً أو
مجمعا ً عليها فهذا النوع ال بد فيه من التعرض لبيان العلة وبيان وجودها في
مقدمتين: إلى فيحتاج الفرع،
المقدمة األولى :إن السكر مثالً علة التحريم في الخمر فهذه المقدمة إنما تثبت
الشرع. بأدلة
المقدمة الثانية :إن السكر موجود في النبيذ ،فهذه المقدمة يجوز أن تثبت بالحس
والعقل والعرف وأدلة الشرع وهذا النوع متفق على تسميته قياسا ً .69
إن القياس الخفي هو ما يسمى عند اإلمامية بقياس منصوص العلة حيث سنجد
في أصول اإلمامية ما يشبه هذا القياس حتى في مثال الشراب المسكر كما
سيأتي.
- 69معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة – الجيزاني ج.174 / 1
www.alukah.net
32
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
ومثل األصوليون له بـ﴿العبد﴾ ،فهل يُلحق بالجمل الشتراكهما في ْال ِملك ،أو
؟ اإلنسانية في الشتراكهما الحر بالرجل
فالعبد له وصفان :اإلنسانية وكونه مملوكا ً ،فبأيهما كان أكثر شبها ً يُلحق به.
فهو من ناحية التصرف مملوك ،يُلحق بالمملوكات ،فيُتصرف فيه كما يتصرف
األخرى. المملوكات في
وهو من ناحية اإلنسانية :مكلف بالغ ،له أوصاف اإلنسان من العقل والتكليف
والبلوغ وحصول األجر على الطاعة ،وحصول اإلثم على المعصية .فيُلحق
به. شبها ً بأكثرهما
قال الفقهاء بأنه ال يُلجأ إلى قياس الشبه مع إمكان أستعمال قياس الداللة ،أو
.70 العلة قياس
www.alukah.net
33
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
المالزمة. الرائحة
والثاني :كقولنا في القتل بالمثقل قتل أثم به صاحبه من حيث كونه قتال ،فوجب
فيه القصاص كالجارح ،فكونه إثما ليس هو بعلة بل أثر من آثارها.
والثالث :كقولنا في مسألة قطع األيدي باليد الواحدة إنه قطع موجب لوجوب
الدية عليهم فيكون موجبا لوجوب القصاص عليهم ،كما لو قتل جماعة واحدا
فوجوب الدية على الجماعة ليس نفس العلة الموجبة للقصاص بل حكم من أحكام
العلة الموجبة للقصاص ،بدليل اطرادها وانعكاسها ،كما في القتل العمد العدوان
العمد. وشبه والخطأ
الفارق في القياس الخامس: النوع
ذكر الزركشي هذا النوع من القياس قائالً وقد اختلف في تسميته قياسا أو
استدالال ،واألول قول إمام الحرمين ،والثاني قول الغزالي ،ألن القياس يقصد به
التسوية ،وإنما قصد نفي الفارق بين المحلين ،وقد جاء في ضمن ذلك االستواء
العلة. في
المنصوص من أولى هو ما السادس: النوع
وهذا النوع من القياس يسمى أيضا ً بقياس االولوية أيضا ً كأولوية الضرب على
التأفيف. بآية عليه الفقهاء أستدل حيث التأفيف
تقسيمات أخرى منها تقسيم القياس على اعتبار محله وينقسم إلى قسمين سوف
نوردهما في المطلب التالي لعالقتهما به وهللا تعالى اعلم.
المطلب الثاني:
أثر القياس وأنواعه في العلوم العامة:
وفي هذا المطلب سنذكر قسما ً من القسمين المشار إليهما سلفا ً وهي في جانب
هي: العلوم من األول النوع
األول:
والعقائد: التوحيد في القياس أثر
اتفق فقهاء العامة على أن القياس ال يجري في التوحيد إن أدى إلى البدعة
واإللحاد ،وتشبيه الخالق بالمخلوق ،وتعطيل أسماء هللا وصفاته وأفعاله.
وإنما يصح القياس في باب التوحيد إذا استدل به على معرفة الصانع وتوحيده،
ويستخدم في ذلك ﴿قياس االولوية﴾ لئال يدخل الخالق والمخلوق تحت قضية كلية
www.alukah.net
34
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
الثاني:
أثر القياس في القراءات:
كثر كالم القراء في القياس ،وتباينت عباراتهم حوله ،وقد نظرت فيما تيسر منها
فخرجت بأقسام أربعة اشتمل عليها كالمهم ،وها هي:
• القسم األول:
المروي: نظيره على روي ما حمل
وهذا يمكن تسميته بالقياس المؤ ِكد ،ويكثر دوره في كتب القراءات ،خصوصا
عند تعرضها لالحتجاج والتوجيه ،أو االختيار بين األوجه ،ولم أر من منعه،
وال ثمت داع إلى منعه.
-معلقا على إدغام وإظهار واو ﴿هو﴾ مثال ذلك قول اإلمام الداني –
المضموم الهاء" :وبالوجهين قرأت ذلك ،وأختار اإلدغام الطراده وجريه على
قياس نظائره ،وقد رواه نصا عن اليزيدي ابنه وابن سعدان والسوسي )).75
• القسم الثاني :حمل فروع لم ترو على أصولها المروية.
نص عن األئمة فيالمقصود بهذا النوع أن يوجد فرع من فروع القراءة لم يرد ٌّ
كيفية قراءته ،فيرجعه العلماء إلى أصله المطرد ،وهذا واقع في كتب القراءات،
وأكثر من احتفل به علماء الغرب اإلسالمي ،وله أمثلة وافرة في كتبهم ،وهو
الذي يعنيه اإلمام مكي بقوله " :فجميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم إلى ثالثة
أقسام:
قسم قرأت به ونقلته ،وهو منصوص في الكتب موجود.
وقسم قرأت به وأخذته لفظا أو سماعا ،وهو غير موجود في الكتب.
وقسم لم أقر به وال وجدته في الكتب ،ولكن قسته على ما قرأت به؛ إذ ال يمكن
- 73سورة النحل آية .60
- 74سوالة الشورى آية .11
- 75النشر في القراءات العشر ج.283/1
www.alukah.net
35
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
فيه إال ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص ،وهو األقل ،وقد نبهت على كثير
مضت.76 مواضع في منه
ويقول عنه اإلمام الداني في آخر كتاب اإلبانة له" :77وكثير مما ذكرنا في كتابنا
هذا ،من أحكام الراءات والالمات ،النص فيه معدوم عن األئمة ،وإنما بينا ذالك
وشرحناه ،ولخصنا جليه وخفيه ،قياسا علي األصول التي ورد النص فيها،
وحمال عليها ،لحاجتنا إليه ،واضطرارنا إلى معرفة حقيقته .والقياس على
األصول وحمل الفروع عليها سائغ في سائر األحكام وغيرها عند الجميع ،وقد
بذلك في قوله﴿ :لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾ ،وال يلتفت إلى من أذن هللا
غلط ،وبعد إدراك تمييز ذلك عن فهمه من منتحلي القراءات ،فأنكر ما حددناه
وبيناه ،وحكمنا عليه بالقياس الصحيح ،واالستنباط الواضح ،لعدم وجود أكثر
ذلك مصنفا في كتب من تقدم من علمائنا ،ومن تأخر من مشايخنا ،إذ ذلك غير
بيناه. لما فيه قادح وال ذلك، في الزم
وال يخفاك أن قوله" :والقياس على األصول وحمل الفروع عليها سائغ في سائر
األحكام وغيرها عند الجميع" واضح في حكاية االتفاق على األخذ بهذا النوع
من القياس ،وقد أكد هذا االتفاق العالمة القيجاطي 78فقال" :واعلم أن القياس
في أوجه القراءات ليس متروكا بإطالق ،بل البد منه عند االضطرار والحاجة
إليه فيما لم يرد فيه نص صريح عن بعض القراء ،أو عن جملتهم ،فإن كان له
أصل ثابت عند القراء يرجع إليه فإن الشيوخ من أهل األداء متفقون على رده
إليه ،وذلك كثير في باب الراءات والالمات ،وقد نص الحافظ أبو عمرو والشيخ
أبو محمد مكي وغيرهما من شيوخ أهل األداء علي جواز استعماله وإن كان له
أصالن عند القراء فيختلف الشيوخ من أهل األداء على أي األصلين يحمل.
وللمزيد من أمثلة هذا القسم وأقوال العلماء فيه ينظر ما جمعه العالمة المنتوري
في شرحه على الدرر اللوامع ،فقد أجاد وأفاد رحمة هللا عليه.
•القسم الثالث :حمل ما لم يرو مطلقا على ما روي:
ما لم يرو مطلقا أعني به ما لم ترد عينه وال أصله ،ومثاله ما ذكره البعض من
﴿المرء﴾ أخذا بالقياس ،قال اإلمام أبو عبد هللا الفاسي" :
ِ ترقيق راء ﴿مريم﴾ وراء
وكأنهم قاسوا كسرة همزة ﴿المرء﴾ على كسرة راء ﴿شرر﴾ حيث كانتا قويتين؛
- 7676النشر في القراءات العشر ج.18/1
- 77اإلبانة لمكي بن أبي طالب.
- 78هو محمد بن محمد بن علي الكناني القيجاطي األندلسي،قرأ على ابن الفخار وابن مرزوق،
وقرأ عليه المنتوري وهو عمدته،وهو صاحب التكملة المفيده لحافظ القصيدة،توفي سنة811هـ.
www.alukah.net
36
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
لكونهما في حرف قوي ،وقاسوا استشعار الثقل فيه على استشعار الثقل في نحو
﴿القرءان﴾ و﴿الظمآن﴾ حيث ترك ورش المد ألجله ،وقاسوا الياء الواقعة بعد
الراء الساكنة على الكسرة الواقعة قبلها ،وجميع ذلك ال أثر له مع ضعف النص
عدمه. أو
ومن هذا النوع ما يكون قياسا مع الفارق ،ومنه قول اإلمام مكي متحدثا عما
يجوز رومه وإشمامه في الوقف" :من ذلك ميم الجمع ،وقد أغفل القراء الكالم
عليها ،والذي يجب فيها على قياس شرطهم أن يجوز فيها الروم واإلشمام؛ ألنهم
يقولون :ال فرق عندهم بين حركة اإلعراب وحركة البناء في جواز الروم
واإلشمام "...ثم قال" :ومما يقوي جواز ذلك فيها نصهم على هاء الكناية -فيما
الهاء. مثل فهي واإلشمام، بالروم - ذكرنا
فهذا قياس مع الفارق في نظر المحقق ابن الجزري الذي يقول" :وشذ مكي
فأجاز الروم واإلشمام في ميم الجمع لمن وصلها قياسا ً على هاء الضمير،
وانتصر لذلك وقواه .وهو قياس غير صحيح؛ ألن هاء الضمير كانت متحركة
قبل الصلة ،بخالف الميم ،بدليل قراءة الجماعة ،فعوملت حركة الهاء في الوقف
معاملة سائر الحركات ،ولم يكن للميم حركة ،فعوملت بالسكون ،فهي كالذي
الساكنين. اللتقاء تحرك
•القسم الرابع :حمل ما لم يرو على ما لم يرو:
-متحدثا هذا هو الذي سماه اإلمام ابن الجزري القياس المطلق ،قال -
عن ما ي َُرد من القراءات" :وبقي قسم مردود أيضا ً،وهو ما وافق العربية
والرسم ولم ينقل ألبتة ،فهذا رده أحق ،ومنعه أشد ،ومرتكبه مرتكب لعظيم من
الكبائر ،وقد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي
المقري النحوي ...وقد عقد له بسبب ذلك مجلس ببغداد حضره الفقهاء والقراء،
وأجمعوا على منعه ،وأوقف للضرب ،فتاب ورجع ،وكتب عليه بذلك محضر...
ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق ،وهو الذي ليس له أصل في القراءة
يرجع إليه ،وال ركن وثيق في األداء يعتمد عليه ...ولذلك كان الكثير من أئمة
القراءة ،كنافع وأبي عمرو ،يقول :لوال أنه ليس لي أن أقرأ إال بما قرأت لقرأت
79
حرف كذا كذا ،وحرف كذا كذا"
www.alukah.net
37
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
ثالثا:
أثر القياس في النحو:
وكما ذكرنا اثر القياس في العلمين السابقين نشير هنا إلى اثره في النحو من
خالل بحث مقدم في جامعة أم القرى سنذكر منه أهم النتائج في هذا البحث
والذي هو بعنوان ظاهرة القياس وأثرها في النحو العربي والذي أعده أخونا أ.د/
عبد هللا علي محمد إبراهيم أستاذ النحو والصرف كلية اآلداب والعلوم اإلدارية
للبنات جامعة أم القرى
www.alukah.net
38
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
ولقد أثرت ان اكتفي في هذا المطلب بهذه العلوم الثالثة وأفراد الباب األخير لعلم
الفقه واثر القياس فيه وذكر القسم الثاني المشار له سابقا ً في المطلب التالي وهللا
تعالى اعلم.
المطلب الثالث:
أثر القياس وانواعه في الفقه وأستدالالت الفقهاء:
الشرعية األحكام في القياس ً
اوال:
منع بعض فقهاء العامة إستخدام القياس في جميع األحكام الشرعية ،ألن في
األحكام ما ال يعقل معناه فيتعذر إجراء القياس في مثله .80
وعارضهم آخرون قائلين بأن كل ما جاز إثباته بالنص جاز إثباته بالقياس ،فقد
أدعوا بأنه ليس في هذه الشريعة شيء يخالف القياس فقد صرح به أبن تيمية
حرا في األدلة الشرعية أمكنه أن يستدل على غالب األحكامقائالً﴿ :ومن كان متب ً
بالنصوص وباألقيسة﴾ 81وقال أبن القيم أيضا ً....﴿ :ليس في الشريعة شيء
يخالف القياس ،وال في المنقول عن الصحابة الذي ال يعلم لهم فيه مخالف ،وأن
القياس الصحيح دائر مع أوامرها ونواهيها وجودًا وعد ًما﴾.82
قال اإلسنوي :مذهب الشافعي كما قال في المحصول أنه يجوز القياس في
الحدود و الكفارات و التقديرات والرخص إذا وجدت شرائط القياس فيهاو قالت
الحنفية ال يجوز القياس في الحدود و الكفارات و التقديرات و الرخص وترتب
عليه الخالف في جواز التداوي بالنجاسات قياسا على أبوال اإلبل –و هذا قياس
على رخصة -والقياس على أقل الحيض -وهذا في التقديرات -وإيجاب قطع
النباش قياسا على السارق و هذا في الحدود وثبوت الكفارة في القتل العمد قياسا
.83 الروح إزهاق علة بجامع الخطأ القتل على
وللقياس تقسيم آخر وهو ﴿باعتبار الصحة والبطالن﴾ حيث ينقسم إلى ثالثة أقسام
األول وهو ما أطلقوا عليه القياس الصحيح والثاني القياس الفاسد والثالث ماهو
بينهما. متردد
سنة على حد تعبير فقهاء أما األول وهو ما جاءت به الشريعة في الكتاب وال ُ
www.alukah.net
39
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
العامة ،وهو الجمع بين المتماثلين ،مثل أن تكون العلة موجودة في الفرع من
غير معارض يمنع حكمها ،ومثل القياس بإلغاء الفارق .والفاسد ما يضاده.84
قال أبن تيمية في بيان صحة القياس وفساده ﴿ :وكل قياس دل النص على فساده
صا بمنصوص يخالف حكمه فقياسه فاسد ،وكل فهو فاسد ،وكل من ألحق منصو ً
من سوى بين شيئين أو فرق بين شيئين بغير األوصاف المعتبرة في حكم هللا
فاسد﴾.85 فقياسه ورسوله
أما القسم الثالث هو القياس ﴿المتردد بين الصحة والفساد﴾ فال يقطع بصحته وال
بفساده ،فهذا يتوقف فيه حتى يتبين الحال فيقوم الدليل على الصحة أو الفساد﴿ -
نفس المصدر السابق﴾ فلفظ القياس إذن لفظ مجمل يدخل فيه الصحيح
والفاسد﴿نفس المصدر السابق ﴾ وهذا على حد تعبير أبن تيمية.
وقال أبن القيم في بيان العلة من عدم ذكر القياس في كتاب هللا ﴿ :ولهذا أيضا ً لم
يجئ في القرآن الكريم مدحه وال ذمه ،وال األمر به وال النهي عنه ،فإنه مورد
86
وفاسد﴾ صحيح إلى تقسيم
وهذا الكالم متعارض مع كالم أغلب فقهاء الحنفية الذين أستدلوا على القياس
باألمثلة التي ضربها هللا في كتابه الكريم وقالوا بأنها تدل على التحريض على
القياس.
ومن هنا نجد أن فقهاء العامة قد اختلفوا في حجية القياس فمنهم من أعطى
للقياس حجية كحجية النص ومنهم من صنفه دون اإلجماع ،وأختلف فقهاء
المذاهب في القياس إلى طرفين ووسط فطرف أنكر القياس أصال ،وطرف
أسرف في استعماله حتى رد به النصوص الصحيحة.87
أما الذي أستخدم القياس في أصوله الفقهية فقد جعل له ضوابط وقوانين وضعها
دون دليل يُذكر فما كان دليلهم فيه إال الرأي الذي يخطئ ويصيب فالضابط
األول هو أال يوجد في المسألة نص ألن وجود النص يسقط القياس.88
قال الشافعي ﴿ :ونحكم باإلجماع ثم القياس ،وهو أضعف من هذا ،ولكنها منزلة
ضرورة ،ألنه ال يحل القياس والخبر موجود ،كما يكون التيمم طهارة في السفر
عند اإلعواز من الماء ،وال يكون طهارة إذا وجد الماء ،إنما يكون طهارة في
- 84مجموع الفتاوى ألبن تيمية -ج 505 – 504 / 20وإعالم الموقعين ج.133/ 1
- 85مجموع الفتاوى ألبن تيمية ج .288 ،287/19
- 86إعالم الموقعين ألبن القيم الجوزية ج.133 / 1
- 87معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة ج / 1ص.179
- 88نفس المصدر السابق.
www.alukah.net
40
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
اإلعواز﴾.89
والضابط الثاني الذي وضعه الفقهاء للقياس هو أن يصدر القياس من فقيه
اإلجتهاد.90 شروط استجمع قد مؤهل،
والضابط الثالث هو أن يكون القياس في نفسه صحيحا ً ،قد استكمل شروط
الصحيح.91 القياس
ثانيا ً:
أثر القياس على الفتوى :92
وال يخفى أن إنكار القياس الشرعي الصحيح الذي ذكر األصوليون أركانه ،وما
يشترط لكل ركن ،وذكروا قوادحه واالعتراضات عليه مكابرة يقع في مخالفتها
أصحابها ،ولعلهم أرادوا القياس الفاسد والرأي المذموم .93
وثمت مسائل اختلف فيها هل هي من باب القياس ،أو من باب داللة األلفاظ؟ مع
اتفاق الجميع على العمل بها ،والخطب فيها يسير إذا روعيت الحقائق ،كالعلة
المنصوصة ،قال الشوكاني رحمه هللا" :واعلم أنه ال خالف في األخذ بالعلة إذا
كانت منصوصة ،وإنما اختلفوا هل األخذ بها من باب القياس ،أم من العمل
بالنص؟ فذهب إلى األول الجمهور ،وإلى الثاني النافون للقياس.94" ...
هذا ومن أجل اجتناب األقيسة الفاسدة التي اشتهر ذمها عند األئمة ،وشنعوا على
عني األصوليون بضبط القياس الشرعي الصحيح -الذي يصار القائلين بها؛لقد ُ
إليه عند الحاجة ،وال تعارض به نصوص الكتاب والسنة -وتحريره ،فجعلوا له
طا وضوابط واعتبارات ،وبينوا قوادح العلة أركانا ،ولهذه األركان شرو ً
ومبطالتها ،95التي يعترض بها على صحة القياس وصالحيته ،بما فيه من
www.alukah.net
41
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
www.alukah.net
42
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
الخاتمة:
بعد حمد هللا تعالى على منه وتلطفه علي في إتمام هذا البحث ،أوجز أهم النتائج التي
ظهرت لي:
)1تفاوتت عبارات األصوليين في تعريف القياس بالفاظها وتقاربت في معناها ،فأمكن
تعريف القياس بأنه ( :حمل معلوم ،على معلوم ،لمساواته له في علة حكمه ،عند
الحامل ).
)2أن القياس هو المصدر الرابع من مصادر التشريع اإلسالمي بعد الكتاب ،والسنة،
واإلجماع.
)3تعدد تقسيم العلماء القسام القياس وان القياس له اقسام أصلية وأخرى تندرج تحت هذه
األقسام.
)4اختلف في حجيته على قولين ،األول :يصح االحتجاج ،والثاني :اليصح ،واألول هو
الذي أميل إليه.
)5ذكرنا أنواع القياس في بابها وأدرجنا تحت هذه االنواع تعريف كل نوع.
)6أن القياس وأنواعه معمول به في مناحي علمية مختلفة وله فيه بالغ األثر.
)7لما كان القياس المصدر الرابع من مصادر التشريع أصبح الزاما ً ان يكون له أثر في
الفقه وأصوله.
)8نقلت إلينا كتب الفقهاء كثير من المسائل الفقهية الخالفية المبنية على الخالف في صحة
االستدالل بالقياس وانواعه ،ومن الفقهاء الذين استعملوه :اإلمام الشافعي ،وغيره.
)9أثر القياس وانواعه على صحة الفتوى واألستدالل الشرعي.
ان الحاجة للقياس وانواعه تدخل في علوم اخرى غير ما ذكر كالعلوم الدنيوية. )10
وأما ما نوصي به في نهاية هذا البحث فهو التطرق لنظر القياس وأنواعه من مناحي علوم
الحياة ال في باب الفقه واالصول فقط وانه لم ياخذ حقه في العلوم الدنيوية التي يدخل فيها كما
ينبغي على كل طالب علم يطلب الفقه حقا ً التضلع من علم األصول كما قال شيخنا الدكتور
حسين أطال هللا بقائه
وكما قال شيخنا المغفور له بإذن هللا وكرمه الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه هللا في
منظومته في أصول الفقه:
www.alukah.net
43
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
وفي ختام هذا البحث ال يسعنا إال ان نتقدم بالشكر بعد شكر هللا تعالي الذي نسأله التوفيق
والسداد لكل من تفضل علينا بمعلومة من أصحاب المصادر السابقة في كتبهم ولشيخنا الذي
افادنا في شرحه ورحابة صدره ولوالدي أطال هللا في عمرهما.
وهللا اسأل ان يتقبل هذا الجهد هذا وما كان من صواب فمن هللا وما كان من خطاء فمن نفسي
والشيطان ثم أساله سبحانه ان يعصمنا من الزلل وأن يوفقنا للخير في القول والعمل.
وصلى هللا على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
www.alukah.net
44
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
www.alukah.net
45
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
بن بهادر الزركشي (المتوفى794 :هـ) طبعة دار الكتبي الطبعة :األولى،
1414هـ 1994 -م.
بحوث في اإلجماع والقياس للدكتور عبد الحميد أبو المكارم الشبكة )15
العنكبوتية.
البرهان في أصول الفقه لعبد الملك بن عبد هللا بن يوسف بن محمد )16
الجويني ،أبو المعالي ،ركن الدين ،الملقب بإمام الحرمين (المتوفى478 :هـ)
المحقق :صالح بن محمد بن عويضة الطبعة :الطبعة األولى 1418هـ -
1997م.
تفسير القرآن العظيم ألبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي )17
البصري ثم الدمشقي (المتوفى774 :هـ) المحقق :سامي بن محمد سالمة
الناشر :دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة :الثانية 1420هـ 1999 -م.
التمهيد في تخريج الفروع على األصول عبد الرحيم بن الحسن بن )18
علي اإلسنوي الشافعي ،أبو محمد ،جمال الدين (المتوفى772 :هـ) المحقق:
د .محمد حسن هيتو الناشر :مؤسسة الرسالة – بيروت.
س ْورة بن موسى بنالجامع الكبير -سنن الترمذي لمحمد بن عيسى بن َ )19
الضحاك ،الترمذي ،أبو عيسى (المتوفى279 :هـ) المحقق :بشار عواد
معروف الناشر :دار الغرب اإلسالمي – بيروت سنة النشر 1998 :م.
جامع بيان العلم وفضله ألبو عمر يوسف بن عبد هللا بن محمد بن عبد )20
البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى463 :هـ) تحقيق :أبي األشبال
الزهيري الناشر :دار ابن الجوزي ،المملكة العربية السعودية الطبعة :األولى،
1414هـ 1994 -م.
الجرح والتعديل ألبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر )21
التميمي ،الحنظلي ،الرازي ابن أبي حاتم (المتوفى327 :هـ) الناشر :طبعة
مجلس دائرة المعارف العثمانية -بحيدر آباد الدكن -الهند ودار إحياء التراث
العربي – بيروت الطبعة :األولى 1271 ،هـ 1952م.
جمع الجوامع في اصول الفقه لالمام تاج الدين عبد الوهاب ابن )22
السبكي بشرح المحلي على جمع الجوامع للشيخ العالمة عبد الرحمن بن جاد
هللا البناني المغربي.
حاشية العطار على شرح الجالل المحلي على جمع الجوامع المؤلف: )23
حسن بن محمد بن محمود العطار الشافعي (المتوفى1250 :هـ) الناشر :دار
الكتب العلمية .
الرسالة للشافعي أبو عبد هللا محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن )24
شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي المكي (المتوفى:
204هـ) المحقق :أحمد شاكر الناشر :مكتبه الحلبي ،مصر الطبعة :األولى،
1358هـ1940/م.
www.alukah.net
46
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لشهاب الدين )25
محمود بن عبد هللا الحسيني األلوسي (المتوفى1270 :هـ) المحقق :علي عبد
الباري عطية الناشر :دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة :األولى1415 ،
هـ.
روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه على مذهب اإلمام أحمد )26
بن حنبل ألبو محمد موفق الدين عبد هللا بن أحمد بن محمد بن قدامة
الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي ،الشهير بابن قدامة المقدسي
(المتوفى620 :هـ) الناشر :مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة:
الطبعة الثانية 1423هـ2002-م.
سنن ابن ماجه أبو عبد هللا محمد بن يزيد القزويني ،وماجة اسم أبيه )27
يزيد (المتوفى273 :هـ) تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي الناشر :دار إحياء
الكتب العربية -فيصل عيسى البابي الحلبي.
شرح التلويح على التوضيح سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني )28
(المتوفى793 :هـ) الناشر :مكتبة صبيح بمصر.
شرح الكوكب المنير لقي الدين أبو البقاء محمد بن أحمد بن عبد العزيز )29
بن علي الفتوحي المعروف بابن النجار الحنبلي (المتوفى972 :هـ) المحقق:
محمد الزحيلي ونزيه حماد الناشر :مكتبة العبيكان الطبعة :الطبعة الثانية
1418هـ 1997 -م.
شرح الورقات في أصول الفقه -محمد الحسن الددو الشنقيطي - )30
دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة اإلسالمية –الدرس الخامس.
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية إلسماعيل بن حماد الجوهري )31
تحقيق احمد عبد الغفور عطار الناشر :دار العلم للماليين طبعة .1990
صفة الفتوى والمفتي والمستفتي أبو عبد هللا أحمد بن حمدان بن شبيب )32
بن حمدان النميري الحراني الحنبلي (المتوفى695 :هـ) تحقيق :محمد ناصر
الدين األلباني الناشر :المكتب اإلسالمي -بيروت الطبعة :الرابعة –
1404هـ.
غاية المأمول في شرح ورقات األصول أحمد بن أحمد بن حمزة )33
الرملي تحقيق عثمان يوسف حاجي أحمد األصولي مؤسسة الرسالة ناشرون،
دمشق ،بيروت الطبعة األولى لعام 1426هـ.
فتح الباري شرح صحيح البخاري أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل )34
العسقالني الشافعي الناشر :دار المعرفة -بيروت1379 ،م.
الفقيه و المتفقه ألبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي )35
الخطيب البغدادي (المتوفى463 :هـ) المحقق :أبو عبد الرحمن عادل بن
يوسف الغرازي الناشر :دار ابن الجوزي – السعودية الطبعة :الثانية،
1421هـ.
www.alukah.net
47
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
القاموس المحيط لمجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى )36
(المتوفى817 :هـ) تحقيق :مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة
سوسي الناشر :مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر بإشراف :محمد نعيم العرق ُ
والتوزيع ،بيروت -لبنان الطبعة :الثامنة 1426 ،هـ 2005 -م.
الكتاب المصنف في األحاديث واآلثار ألبو بكر بن أبي شيبة ،عبد هللا )37
بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي العبسي (المتوفى235 :هـ)
المحقق :كمال يوسف الحوت الناشر :مكتبة الرشد – الرياض الطبعة :األولى،
1409هـ.
كشف األسرار شرح أصول البزدوي لعبد العزيز بن أحمد بن محمد، )38
عالء الدين البخاري الحنفي (المتوفى730 :هـ) الناشر :دار الكتاب
اإلسالمي.
لسان العرب لمحمد بن مكرم بن على ،أبو الفضل ،جمال الدين ابن )39
منظور األنصاري الرويفعى اإلفريقى (المتوفى711 :هـ) الناشر :دار صادر
– بيروت الطبعة :الثالثة 1414 -هـ.
المجتبى من السنن ( السنن الصغرى ) للنسائي أبو عبد الرحمن أحمد )40
بن شعيب بن علي الخراساني ،النسائي (المتوفى303 :هـ) تحقيق :عبد الفتاح
أبو غدة الناشر :مكتب المطبوعات اإلسالمية -حلب الطبعة :الثانية1406 ،
– .1986
مجلة البحوث الفقهية المعاصرة العدد 81للدكتور عبد الرحمن )41
السديس.
مجموع الفتاوى لتقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية )42
الحراني (المتوفى728 :هـ) المحقق :عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الناشر:
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ،المدينة النبوية ،المملكة العربية
السعودية عام النشر1416 :هـ1995/م.
المحصول في أصول الفقه للقاضي محمد بن عبد هللا أبو بكر بن )43
العربي المعافري االشبيلي المالكي (المتوفى543 :هـ) المحقق :حسين علي
اليدري -سعيد فودة الناشر :دار البيارق – عمان الطبعة :األولى1420 ،هـ -
.1999
المحصول ألبو عبد هللا محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي )44
الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى606 :هـ) دراسة
وتحقيق :الدكتور طه جابر فياض العلواني الناشر :مؤسسة الرسالة الطبعة:
الثالثة 1418 ،هـ 1997 -م.
مختار الصحاح لزين الدين أبو عبد هللا محمد بن أبي بكر بن عبد )45
القادر الحنفي الرازي (المتوفى666 :هـ) تحقيق :يوسف الشيخ محمد الناشر:
المكتبة العصرية -الدار النموذجية ،بيروت – صيدا الطبعة :الخامسة،
www.alukah.net
48
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
www.alukah.net
49
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
www.alukah.net
50
أنواع القياس وأثرها في استدالل الفقهاء
www.alukah.net
فهرس الموضوعات
عنوان الموضوع
مسلسل
المقدمة.
1
المبحث األول :نظرة على القياس – تمهيد.
2
المطلب األول :تعريفات القياس.
3
المطلب الثاني :مكانته في الشريعة.
4
المطلب الثالث :أركان القياس وأقسامة.
5
المطلب الرابع :حجية القياس.
6
المبحث الثاني :أنواع القياس وأثرها في العلوم
عامة والفقه خاصة – تمهيد 7
www.alukah.net
51