Вы находитесь на странице: 1из 7

‫للصوف أن ينشغل بخالصه الفردي‬ ‫سعاد الحكيم‪ :‬لم يعد ّ‬

‫يحق‬
‫ي‬

‫تاري خ ر‬
‫النش‪ :‬الخميس ‪ 06‬أكتوبر ‪2016‬‬
‫الثقاف)‬
‫ي‬ ‫أحمد فرحات ربيوت (االتحاد‬
‫اإلنسان‬
‫ي‬ ‫الصوف مطالب اليوم بمواجهة عمليات تسييس اإلسالم واخياله ووقف تخريب األوطان وهدم جسور العيش‬ ‫ي‬
‫المشيك‬
‫ّ‬
‫للهوية الصوفية طعم خاص ال يدركه إال متذوقه ومريده وعاشقه‪ ،‬وكذلك المبحر يف فضاء النصوص والمجاهدات والمواجيد‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعيا بالغ الفرادة‪ ،‬متحر ًكا‪ ،‬ييجم نفسه ف ّ‬
‫ً‬
‫تغي الذات وتجاوزها‪ ،‬عقال وروحا وفؤادا مفتوحا عىل الجمال‬ ‫ي ر‬ ‫الت تتكثف معانيها‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫األكي‬
‫غي المحدود بمكان وزمان وفضاءات وما بعد فضاءات‪ ،‬وخصوصا إذا كان المتصوف شخصية من وزن الشيخ ر‬ ‫اإلله‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫الخبية يف علم التصوف‪ ،‬والمتصوفة عىل طريقتها‬
‫ر‬ ‫لب سعاد الحكيم‪ ،‬الباحثة‬‫مح الدين بن عرن‪ ،‬الذي خطف ب «فتوحاته» ّ‬
‫ّ ري‬ ‫ي‬
‫األخية‪.‬‬ ‫واإلسالم يف العقود الخمسة‬ ‫العرن‬ ‫ّ‬
‫العميقة المتجددة‪ ،‬فاختصت به‪ ،‬حت صارت ترجمانه األول يف لبنان والعالم‬
‫ر‬ ‫ي‬ ‫ري‬ ‫ّ‬ ‫ولقد ّ‬
‫فلسف آخر تسقطه عىل قراءاتها هنا‪ ،‬بل‬
‫ي‬ ‫تفكي‬
‫األكيية» أال تستخدم نهج ر‬ ‫ر‬ ‫تعمدت باحثتنا باشتغالها عىل «النصوص‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫الصوف عينه؛ «فمن ال مرشد له وال ترجمان‪ ،‬فالشيخ نفسه مرشده‬ ‫ي‬ ‫عرن بالنهج‬
‫فضلت التعامل المباش مع نتاج ابن ر ي‬
‫وترجمانه‪».‬‬
‫ام مع د‪.‬سعاد الحكيم تطرقنا إىل شؤون ساخنة شت‪ ،‬لعل أهمها واقع التصوف يف زمن العنف والمغاالة‬ ‫يف هذا الحوار البانور ي‬
‫ّ‬
‫الت تتيس‬‫اإلسالم اليوم‪ ،‬ربما ال تزال يف فصولها األوىل؛ وأن الفئات ي‬
‫ي‬ ‫وه ترى أن الحرب الفكرية داخل الصف‬
‫ً‬ ‫يف التطرف‪ .‬ي‬
‫بالدين لتقتل وتذبح وتعيث فسادا يف األرض‪ ،‬يعلو صوتها‪ ،‬ألنها ترجمت أفكارها بأعمال دموية تظهر عىل شاشات التلفزة‬
‫وصفحات الجرائد‪ ،‬مشيعة الذعر والرعب ربي الناس‪.‬‬
‫مي يف‬‫وإنسان خارج حدود جماعته‪ ،‬مطالب بالتشارك مع عامة المسل ر‬
‫ي‬ ‫اجتماع‬
‫ي‬ ‫والصوف‪ ،‬برأيها‪ ،‬مطالب اليوم بالقيام بدور‬
‫ي‬
‫ً ر ً‬
‫مواجهة تسييس اإلسالم واخياله بما ليس فيه‪ .‬إذ لم يعد يحق له‪ ،‬عقال وشعا‪ ،‬أن ينشغل بخالصه الفردي‪ ،‬أو خالص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والسع لممارسة دور فيه‪ ،‬كحامل لرسالة اإلسالم يف‬
‫ي‬ ‫يتعي عليه االنفتاح عىل المجتمع التعددي المحيط به‪،‬‬
‫طائفته‪ ،‬بل ر‬
‫العالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫واإلنسان‬
‫ي‬ ‫األخالف‬
‫ي‬ ‫بعده‬
‫والمتصوفي‪ ،‬من أبرزها‪ :‬المعجم‬
‫ر‬ ‫فيما يىل نص الحوار مع د‪.‬سعاد الحكيم الت وضعت ر‬
‫عشات الكتب يف عالم التصوف‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫األخص لمن‬ ‫ألف صفحة‪ ،‬ويشكل مرجعا لكل دارس يف التصوف‪ ،‬وعىل‬ ‫نحو‬ ‫ف‬ ‫يقع‬ ‫الذي‬ ‫الكلمة‪،‬‬ ‫حدود‬ ‫ف‬ ‫الحكمة‬ ‫أو‬ ‫الصوف‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫عرن‪.‬‬
‫ري‬ ‫بن‬ ‫ا‬ ‫كون‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫الخوض‬ ‫عىل‬ ‫تعينه‬ ‫أدلة‬ ‫مفاتيح‬ ‫يريد‬
‫والعالم‬
‫ي‬ ‫اإلسالم‬
‫ي‬ ‫العرن ‪-‬‬
‫ري‬ ‫*ما الذي يمكن للصوفية أن تفعله يف زمن العنف وكرنفاالت الدم الذي يسيطر عىل المشهدين‪:‬‬
‫اليوم؟‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫اإلسالم ليس نوعا واحدا‪ ،‬بل الصوفية نوعان‪ .‬وبأنه ال يمكن وضع الصوفية كافة‬ ‫ي‬ ‫**ال بد من التنويه‪ ،‬بداية‪ ،‬بأن التصوف‬
‫العلم‪ ،‬قد تكون نوعية وأساسية‪ ،‬أو من جنس التفاوت‪ ،‬أو التباين ربي‬ ‫ي‬ ‫سلة واحدة‪ ،‬فالفروقات ربي رجاالت هذا القطاع‬‫يف ٍ‬
‫الصوف يشيك بسمات‬ ‫ي‬ ‫وف كل األحوال‪ ،‬وعىل الرغم من الفوارق‪ ،‬فالجميع يف الفضاء‬ ‫‪.‬‬
‫األفراد المتعددة ضمن النوع الواحد ي‬
‫ّ‬
‫ومالمح‪ ،‬ويتشارك يف قناعات ومبادئ‪ ،‬ويتشاطر قراءة لإلسالم تتسم بالرحمة الشاملة‪ ،‬والمحبة اإلنسانية وقبول اآلخر‬
‫الديت أم المنتسب إىل ديانة‬ ‫المخالف بالفكر‬ ‫الم رشف عىل نفسه أم‬ ‫وتفهمه؛ سواء كان هذا اآلخر‪ ،‬هو اإلنسان العاص أم ُ‬‫ّ‬
‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫غي اإلسالم‪.‬‬‫ر‬
‫لقد استدللنا من دراسة تاري خ التصوف وأعمال رجاالته‪ ،‬وما وصل إلينا من مواقفهم الوجودية وأساليبهم الحياتية‪ ،‬أن‬
‫ّ‬
‫نوعي‪ :‬نوع يقوم عىل تزكية النفس بالمجاهدة والرياضة‪ ،‬وعىل اكتساب صفاء القلب بتخليه عن كل ما قد‬ ‫ر‬ ‫الصوفية عىل‬
‫ر‬ ‫ّ‬
‫يعكر َصفو العالقة باهلل‪ .‬وعادة ما تكون نصوص أهله يف محاسبة النفس وفقه القلب‪ .‬وهذا النوع يمكن رصد زمن نشأته‬
‫ً‬
‫مع الحسن البرصي (ت ‪110‬ـه‪728 /‬م)‪ ،‬مرورا بالكالباذي (ت ‪380‬ـه‪990 /‬م) صاحب كتاب «التعرف لمذهب أهل‬
‫والمك (ت ‪386‬ـه‪996 /‬م) صاحب كتاب «قوت‬ ‫ي‬ ‫والطوس (ت ‪378‬ـه‪988 /‬م) صاحب كتب «اللمع»‬ ‫ي‬ ‫التصوف»‬
‫ً‬
‫اىل (ت ‪505‬ـه‪1111/‬م) يف كتابه «إحياء علوم الدين»‪ .‬وهذا النوع قابل‬ ‫القلوب»‪ ،‬وصوال إىل أكمل صورة مع اإلمام الغز ي‬‫ّ‬
‫(ف حال اعتداله وتأصيله)‬
‫المسلمي ي‬
‫ر‬ ‫للتعلم والتعليم‪ ،‬وعىل أساسه اليبوي تقوم الطرق الصوفية‪ .‬وهو مقبول من عامة علماء‬
‫ومعدود لديهم كجزء بنيوي من اإلسالم‪ ،‬ويدعو البعض اليوم (وألسباب مختلفة) إىل إعادة تسميته بيع اسم التصوف عنه‬
‫وإعطائه اسم‪ :‬علم اليكية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫وبي‬ ‫ثان من الصوفية‪ ،‬هو مثار الجدل وموطن الخالف‪ ،‬وقد ُح ريت فيه آالف الصفحات ربي ر‬
‫تكفي َلبعض أفكار أهله‪ ،‬ر‬ ‫ٍ‬ ‫ونوع‬
‫ر‬ ‫ر ََ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫سء‪،‬‬ ‫روحيا‪ ،‬فأشغلهم عن كل ي‬ ‫رشوح وردود ودفاعات‪ .‬ويتجىل هذا النوع عند أفر ٍاد من الناس وهبهم هللا سبحانه حاال‬
‫ّ‬
‫اإلله‪ ،‬وقد تعشقوا شغافه‪ ،‬ولم ييكوا فيه‬ ‫معمرة قلوب هم بالحب‬‫وج َذ َبهم إىل الجمال اإلله‪ ،‬فصاروا موجودين هلل فقط‪ّ ،‬‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫اإلله‪ ،‬وما وهبهم هللا سبحانه من معارف‪ ،‬وما أشهدهم من‬ ‫ي‬ ‫ثغرة لمنافس‪ .‬وعادة ما تكون نصوصهم يف المواجيد والحب‬
‫مشاهد‪ ،‬وما فتح لهم من فتوحات‪ .‬وهؤالء الصوفية‪ ،‬أهل الحال الروحانية مع هللا‪ ،‬لكل واحد منهم بصمة روحية ال ّ‬
‫تتكرر‪،‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬
‫وال تعلم‪ ،‬وال تكتسب بأعمال‪ .‬ونرصد بداية هذا النوع مع السيدة رابعة (ت ‪180‬ـه‪796 /‬م)‪ ،‬مرورا بذي النون المرصي (ت‬
‫الحسي النوري (ت ‪295‬ـه‪907 /‬م) والحالج (ت ‪309‬ـه‪/‬‬ ‫ر‬ ‫البسطام (ت ‪261‬ـه‪874 /‬م) ر ي‬
‫وأن‬ ‫ي‬ ‫‪245‬ـه‪ً 859 /‬م) ر ي‬
‫وأن يزيد‬
‫عرن (ت ‪638‬ـه‪1240 /‬م)‪..‬‬ ‫مح الدين بن ر ي‬ ‫األكي ي‬ ‫‪922‬م)‪ ،‬وصوال إىل أكمل لحظة حضورية له مع الشيخ ر‬
‫اآلن‪ ،‬وبعد هذا اإلطار الجامع‪ ،‬يمكن اإلجابة عن سؤال عما يمكن للصوفية أن تفعله يف زمن العنف‪ ،‬وأقول إن الجواب له‬
‫تفريعات‪:‬‬
‫ً ر ً‬ ‫ً‬
‫وشعا‪ ،‬أن ينشغل بخالصه‬ ‫الثان‪ ،‬أنه لم يعد يحق له‪ ،‬عقال‬
‫ي‬ ‫الصوف‪ ،‬سواء كان من أهل النوع األول أم‬‫ي‬ ‫أوال‪ ،‬أن يدرك اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والسع لممارسة دور فيه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫يتعي عليه االنفتاح عىل المجتمع التعددي المحيط به‪،‬‬ ‫الفردي أو بخالص طائفته فقط‪ ،‬بل ر‬
‫والعالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫واإلنسان‬
‫ي‬ ‫األخالف‬
‫ي‬ ‫كحامل لرسالة اإلسالم يف بعدها‬ ‫ٍ‬
‫ً‬
‫المبت عىل الصفاء والتصفية‪ ،‬ومهما كان رأينا يف أدائها‬
‫ي‬ ‫الفعىل للتصوف اليبوي‬
‫ي‬ ‫ه الوارث‬ ‫ي‬ ‫الت‬
‫ي‬ ‫ثانيا‪ ،‬إن التجمعات الصوفية‪،‬‬
‫ً‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫المعش‪ ،‬رحيما‬ ‫عي عقود الزمان المتوالية إنسانا لطيف‬ ‫التاريح‪ ،‬وتقييمنا ألدائها المعارص‪ ،‬فال يمكننا أن ننكر أنها قد أنتجت ر‬ ‫ًي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫والقيم يف‬
‫ي‬ ‫األخالف‬
‫ي‬ ‫إصالحه‬ ‫ولكن‬ ‫‪.‬‬‫والغريب‬ ‫والجار‬ ‫والقريب‬ ‫العشي‬
‫ر‬ ‫مع‬ ‫األخالق‬ ‫مكارم‬ ‫يمارس‬ ‫‪،‬‬‫حليما‬ ‫الصدر‬ ‫واسع‬ ‫‪،‬‬ ‫ما‬ ‫متفه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫أغلب األحيان‪ّ ،‬‬
‫اإلنسان‪ .‬وبكالم آخر‪ ،‬إن هذا‬
‫ي‬ ‫ظل ذاتيا‪ ،‬وجزءا من عبادته لربه‪ ،‬من دون نظر منه أو انتظار لمردود يف الجانب‬
‫ً‬ ‫ٌ‬
‫وإنسان خارج حدود جماعته الصوفية‪ ،‬وبأن يتشارك مع عامة‬ ‫مطالب أخالقيا اليوم‪ ،‬بالقيام بدور اجتماع‬ ‫وف‬ ‫الص ي‬
‫ي ً ي ً‬
‫المسلمي‪ ،‬بما يمتلك من مخزون وتجربة‪ ،‬للوقوف ‪ -‬معرفيا ووجوديا ‪ -‬يف مواجهة عمليات تسييس اإلسالم واخياله‪ ،‬واعتماد‬ ‫ر‬
‫خطاب عنف يدمر الذات اإلنسانية‪ ،‬ويخرب األوطان‪ ،‬وي هدم جسور العيش المشيك‪ ،‬ويعزل المسلم عن حدقة الكون‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫الت تصلح ألن تتخذها‬ ‫الثان ثرية بالتجارب الشخصية‪ ،‬والمفاهيم الكونية‪ ،‬واإلنسانية‪ ،‬ي‬ ‫ثالثا‪ ،‬إن الخزانة الصوفية ّ ألعالم النوع ي‬
‫والتطرف وإرادة قهر كل آخر مغاير‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتعصب‬ ‫كعدة عمل تعيد توظيفها يف معركتها ضد الجهل والعنف‬ ‫النخبة العالمة اليوم‪ُ ،‬‬
‫ِ‬
‫أو مختلف‪.‬‬
‫حرب األفكار‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ ّ ً‬ ‫*باتت الحروب تستخدم‪ ،‬ر‬
‫شوها طبعا) سالحا أمض وأفتك من أي سالح آخر‬ ‫وأكي من أي وقت مض يف التاري خ‪ ،‬الدين (م‬
‫غي أن يخش‬ ‫تدمي المجتمعات من الداخل وتفكيك بنيتها االجتماعية والدينية والثقافية والتاريخية والحضارية بعامة‪ ..‬من ر‬ ‫يف ر‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ُمشغلو هذه الحروب بالوكالة شيئا يذكر‪ ،‬بل إنهم يحققون مراميهم االسياتيجية عىل نحو يفوق‪ ،‬حت تصوراتهم المسبقة‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وف مواجهة مثل هذه الحروب‬ ‫انيات عىل اختالفها يف رأب ما تصدع‪ ،‬ي‬ ‫حولها‪ ..‬فهل تنفع «إيديولوجيا» القيم واألخالق والطهر‬
‫ً‬
‫العرن من التاري خ والجغرافيا معا؟‬ ‫ري‬ ‫الت تجتث إنساننا‬
‫الشية ي‬
‫ً‬ ‫**لديك حق‪ ،‬إن الرصاع الدائر اليوم ف مجال وجودنا ر‬
‫البشي؛ سواء كان رصاعا عىل المكاسب المالية أم عىل السلطة أم‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫حت دفاعا عن النفس‪ ،‬فإنه يتخذ شكل الحرب باألفكار‪ .‬لقد أصبحت «األفكار»‪ ،‬إما نعمة وإما نقمة‪ .‬ومن هنا نفهم قوله‬
‫‪ َ َ ُ َ َ َّ َ َ َ َّ َ ُ َّ :‬ر َ َ َّ‬
‫ف قد َر﴾‪.‬‬ ‫﴿إنه فكر وقدر * فق ِتل كي‬ ‫تعاىل [المدثر ‪ِ ]19 - 18‬‬
‫وجوابا عن سؤالك عن جدوى إيديولوجيا األخالق ف مواجهة هذه الفئات ر‬ ‫ً‬
‫الت تستخدم سالح «األفكار الدينية»‬ ‫ي‬ ‫الشسة‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫النيان المشتعلة‬
‫التنظيات األخالقية‪ ،‬لن تتمكن من إطفاء ر‬‫ر‬ ‫لتدمي كل من يقف يف وجه مراميها االسياتيجية؛ أقول‪ :‬قطعا إن‬ ‫ر‬
‫ً‬
‫مضادة‪ ،‬ويراكم ّ‬ ‫ً‬ ‫التني»‪ ،‬ولكن إن تحولت هذه األفكار األخالقية إىل برنامج عمل‪ُ ،‬ي ر ئ‬
‫الخي‬
‫قوة ر‬ ‫نش حركة‬ ‫المنبعثة من جوف « ر‬
‫ّ‬
‫والتدمي‪ ،‬الحب والكراهية‪ ،‬الرحمة والعنف‪ .‬لو تمكن‬
‫ر‬ ‫يف الناس‪ ،‬فإنه سيتمكن من فرض نفسه يف رصاع الحياة والموت‪ ،‬البناء‬
‫واألخالف‪ ،‬من تجميع جهودهم وإجماع آرائهم‪ ،‬ألمكنهم أن يفرضوا‬‫ي‬ ‫اإلنسان‬
‫ي‬ ‫الحاملي لرسالة اإلسالم‪ ،‬يف بعدها‬
‫ر‬ ‫جميع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وميرا‬
‫الت تستخدم اسم اإلسالم سالحا ر‬ ‫أنفسهم‪ ،‬محليا ودوليا‪ ،‬عىل أنهم هم «المتكلمون باسم اإلسالم»‪ ،‬وليس تلك الفئات ي‬
‫والتدمي‪.‬‬
‫ر‬ ‫للقتل‬

‫اإلسالم ًدائرة‪ ،‬وربما ال تزال يف فصولها األوىل‪ ،‬حول اإلسالم واإلنسان‪ .‬وإن الفئات ي‬
‫الت‬ ‫ي‬ ‫إن الحرب الفكرية داخل الصف‬
‫تتيس باإلسالم لتقتل وتذبح وتعيث فسادا يف الزرع والنسل‪ ،‬يعلو صوتها‪ ،‬ذلك ألنها ترجمت أفكارها إىل أعمال دموية تظهر‬ ‫ّ‬
‫يف أنحاء المعمورة عىل شاشات التلفزة‪ ،‬وعىل صفحات الجرائد‪ ،‬مشيعة الذعر والرعب‪.‬‬
‫ً‬
‫واألكاديميي‪ ،‬وكل من خاض تجربة روحية‪ ،‬أو أعلن عن نفسه حامال لرسالة اإلسالم يف تكاملها‬‫ر‬ ‫المثقفي‬
‫ر‬ ‫المني‬
‫وندعو من هذا ر‬
‫واإلنسان‪ ،‬إىل تجميع جهودهم‪ ،‬وإىل التواصل لنقل الفكر من مجال النظر إىل أرض الواقع‪ ،‬وربما إىل محاولة‬ ‫ي‬ ‫واألخالف‬
‫ي‬ ‫الديت‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫التفكي معا إلبداع‬
‫ر‬ ‫يكف أن ندين الجريمة‪ ،‬بل ال بد من‬
‫ي‬ ‫فال‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫باسم‬ ‫تكب‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫جريمة‬ ‫لكل‬ ‫عالميا‬ ‫المبثوث‬ ‫العلت‬
‫ي‬ ‫»‬ ‫المحو‬ ‫«‬
‫والخي والجمال‪.‬‬ ‫ه للحق‬ ‫‪:‬‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫أساليب عالمية للمحو المباش‪ ،‬أعمال تقول لهذه الفئات إن الكلمة األخ رية ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ر ي‬
‫والتكنولوج ذي الوتائر المتسارعة؟‬ ‫العلم‬
‫ي‬ ‫محصنة بالمعرفة العرفانية يف زمن التقدم‬ ‫*ما معت كونك‬
‫الشهية‪:‬‬
‫ر‬ ‫**عندما قالت السيدة رابعة يف نجواها‬
‫ِّ‬
‫إن جعلتك يف الفؤاد ُم َحد ر ين‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫جلوس‬
‫ي‬ ‫جسم من أراد‬
‫ي‬ ‫وأبحت‬
‫ٌ‬
‫مؤانس‬ ‫فالجسم ِم ّ يت للجليس‬
‫ُ‬

‫أنيش‬
‫ي‬ ‫قلت ف ي الفؤاد‬
‫وحبيب ر ي‬
‫األفف‪،‬‬
‫ي‬ ‫المتناه‬
‫ي‬ ‫ر ي‬
‫الخارج المادي‬ ‫الروحان الشمدي العمودي مع الزمن‬
‫ي‬ ‫الداخىل‬
‫ي‬ ‫رسمت بهذه الصورة الجمالية‪ :‬تقاطع الزمن‬
‫ّ‬
‫عالمي‪ ،‬يعيشهما‬
‫ر‬ ‫الصوف صاحب التجربة الوجدانية ينفتح وجوده عىل‬
‫ي‬ ‫الصوف‪ .‬ودلت عىل أن الشخص‬
‫ي‬ ‫يف ذات اإلنسان‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وف‬
‫ه تسمع يف قلبها عن رب ها‪ ،‬ي‬‫وتخارج‪ ،‬من دون إخالل بالتوازن‪ ،‬ومن دون طغيان لواحد عىل اآلخر‪ .‬فها ي‬
‫ٍ‬ ‫بتداخل‬
‫ٍ‬ ‫معا‪،‬‬
‫الوقت نفسه تؤانس جليسها بكالمها‪ ،‬ولم يشغلها اإلنصات لحديث القلب عن تحديث الجليس باللسان‪.‬‬
‫وأرى أن هذه خية صوفية جديرة بأن يستثمرها اإلنسان ف حياته الشخصية‪ ،‬حت يحافظ عىل ذاته وحياته الداخلية ُ‬
‫وب رعده‬ ‫ي‬ ‫ر‬
‫ً‬
‫الخارج‪ ،‬بضجيجه وشعة جريانه يأخذه بعيدا عن ذاته‪ ،‬وعن العيش يف‬ ‫ر ي‬ ‫الروحان يف عالم متسارع الوتائر‪ ،‬فال يدع العالم‬
‫ي‬
‫بصية الروح وشفافيتها‪.‬‬ ‫طيب مؤنس‪ ،‬وإىل كل علم أو عرفان ينبع من ر‬ ‫ظالل قلبه‪ ،‬وعن اإلنصات إىل كل خاطر ّ‬
‫ُ ّ‬ ‫ّ‬
‫والتقت‪ ،‬مع‬
‫ي‬ ‫العلم‬
‫ي‬ ‫نف ذهنه لمواكبة التقدم‬ ‫ر ي‬
‫الخارج‪ ،‬وي ي‬ ‫ان يزيد من طاقة اإلنسان عىل العمل يف العالم‬
‫ّ‬ ‫وهذا العمران الجو ي‬
‫ر ي‬
‫الخارج عمره كله‪ ،‬يف غفلة منه‪.‬‬ ‫تحصينه من أن يقع رهينة «رق األكوان»‪ ،‬ومن أن يشق الزمن‬
‫عرفانية جديدة‬
‫*برأيك‪ ،‬هل نحتاج إىل ثقافة عرفانية جديدة من أجل تضامن ر‬
‫أكي فعالية ربي الحركة العلمية والسياسية والمعتقدية بشكل‬
‫العرفان أن يجري إصالحات عرفانية؟ وكيف؟‬ ‫أكي من ذلك‪ ،‬هل بات عىل‬‫عام؟‪ ..‬ر‬
‫ي‬

‫َ‬ ‫ً‬
‫المساءلة؛ وبخاصة فعالية‬ ‫والعرفان يف موضع‬
‫ي‬ ‫الصوف ‪-‬‬
‫ي‬ ‫**هذان السؤاالن يضعان الثقافة الصوفية ‪ -‬العرفانية‪ ،‬وأيضا الفكر‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫ي‬ ‫دورهما يف الحراك‬
‫تنسيف ربي حركة العلم والحياة والفكر‪.‬‬
‫ي‬ ‫الصوفيي ليسا جاهزين اليوم وبشكل منجز‪ ،‬للنهوض بدور‬
‫ر‬ ‫الواقع‪ ،‬أن الثقافة والفكر‬
‫وهما بحاجة إىل إعادة إنتاج‪ .‬وهذا العمل‪ ،‬أي إعادة اإلنتاج‪ ،‬أراه قد بدأ بوضوح‪ ،‬ومن مواقع مختلفة‪ ،‬وجهات متباعدة‪ .‬نراه‬
‫العرن ودول أوروبا وأمريكا)‪ ،‬أو يف مؤلفات‬ ‫ر‬
‫والمشق‬ ‫العرن‬ ‫(ف المغرب‬ ‫ّ‬
‫ري‬ ‫ري‬ ‫يف خطاب قيادات التجمعات الصوفية المعارصة ي‬
‫ّ‬
‫وتتمحور عملية إعادة اإلنتاج‬ ‫لبنانيي‪ ،)...‬أو لدى أصحاب تجارب شخصية‪.‬‬ ‫اقيي أو‬
‫ر‬ ‫(مغاربيي أو مرص ريي أو عر ر‬
‫ر‬ ‫أكاديميي‬
‫ر‬
‫ً‬
‫تقريبا حول أفكار أساسية منها‪ :‬ال إكراه ف الدين‪ ،‬رؤية المؤتلف ف المختلف‪ ،‬رؤية ر‬
‫الكية يف الوحدة‪ ،‬والوحدة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫لدى الجميع‬
‫اإلسالم‪ ،‬بناء اإلنسان‬ ‫الصوف إىل الموقع‬ ‫الكية‪ ،‬وحدة الكون المخلوق‪ ،‬ترابط الكائنات‪ ،‬العمل عىل االنتقال من الموقع‬ ‫ف ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي ّ‬
‫المسلمي من المشاركة يف صنع الحياة‪.‬‬
‫ر‬ ‫وغي ذلك من أفكار تمكن‬‫ان‪ ،‬ر‬ ‫ي‬ ‫اإلنس‬ ‫والجوار‬ ‫باألمة‬ ‫االنهمام‬ ‫دي‪،‬‬ ‫التعد‬
‫غي الصهيونية والبوذية‪...‬إلخ؟ وهل‬
‫تتقاطعي مع مثيالتك وأمثالك من ديانات أخرى كالمسيحية واليهودية ر‬
‫ر‬ ‫*كعرفانية كيف‬
‫اإلسالم المركزي ومن فضائه ومسالكه؟‬
‫ي‬ ‫الصوف الجديد لدينا من مشح التقليد‬
‫ي‬ ‫خرج برأيك الفكر‬
‫الشيع‪ ،‬للداللة عىل «التصوف» و«اإلنسان‬ ‫ي‬ ‫عرفان» متداوالن يف الثقافة الفارسية‪ ،‬والفضاء‬ ‫ي‬ ‫**إن لفظ «عرفان» و«‬
‫الفارس‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فإن‬ ‫الصوف من دالالت سلبية يف التاري خ‬ ‫ّ‬
‫التغيي‪ ،‬هو ما حمل اسم التصوف ولفظ‬ ‫ر‬ ‫الصوف»‪ .‬وسبب هذا‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫التميي والتخصيص لدى البعض اآلخر‪.‬‬ ‫ر‬ ‫لفظ التصوف والعرفان قد يردان عىل سبيل اليادف لدى البعض‪ ،‬أو عىل سبيل‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ذان كإنسان أوال‪ .‬ومن ث ّم كأستاذة أكاديمية باحثة‪ ،‬وكناشطة يف المجال‬ ‫ي‬ ‫مع‬ ‫أتعامل‬ ‫وإنما‬ ‫كصوفية‪،‬‬ ‫نفش‬
‫ي‬ ‫إىل‬ ‫أنظر‬ ‫قلما‬ ‫وأنا‬
‫اللبنان‬
‫ي‬ ‫الثقاف ‪ -‬لبنان) أو المشاركة يف إنشاء جمعيات‪ ،‬منها «تجمع الصداقة‬ ‫ي‬ ‫ثقاف (مركز دندرة‬
‫عي رئاسة مركز ي‬ ‫االجتماع‪ ،‬ر‬
‫ي‬
‫األكاديم عىل نشاط جمعيات( منها ‪ wake).‬وأنا أسع بشكل‬ ‫ر‬
‫اإلسالم( تصالح )‪ gladic‬أو اإلشاف‬ ‫المسيح ‪-‬‬ ‫للحوار‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫جتماع‪ ،‬والبعد‬
‫ي‬ ‫التعاون اال‬
‫ي‬ ‫الصوف‪ ،‬والبعد‬
‫ي‬ ‫(السلف)‪ ،‬والبعد‬
‫ي‬ ‫الفقه‬
‫ي‬ ‫‪:‬‬
‫إسالم بشمولية أبعاد أربعة البعد‬ ‫ي‬ ‫حثيث لممارسة‬
‫يح‪ ،‬المتنوعة ال المتعارضة‪،‬‬‫ي‬ ‫ر‬ ‫التا‬ ‫اإلسالم‬ ‫ات‬‫ر‬‫تيا‬ ‫بي‬
‫ر‬ ‫قنوات‬ ‫فتح‬ ‫عىل‬ ‫بالعمل‬ ‫الفكري‬ ‫السع‬
‫ي‬ ‫هذا‬ ‫وأترجم‬ ‫‪.‬‬‫واإلنسان‬
‫ً ي‬ ‫األمم‬
‫ي‬
‫ً‬
‫وأقتنع عميقا بأن هذا األمر رصوري‪ ،‬ويجمع الجهود‪ ،‬ويقرب اآلراء‪ ،‬ويحمل بذورا قابلة للنماء والتطوير‪.‬‬
‫أجدن أتقاطع معه‪ ،‬عىل كون‬
‫ي‬ ‫وأمثاىل من ديانات أخرى‪ ،‬أي مع كل إنسان عىل وجه األرض‪،‬‬
‫ي‬ ‫وأقول‪ ،‬عندما أتعامل مع مثيال ين‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫الحقيقة اإلنسانية واحدة لدى كل البش‪ ،‬وعىل جوهر الدين ووظيفته األخالقية والروحية‪ ،‬وعىل كون الرحمة اإللهية و ِسعت‬
‫الخ ْلق هو رحمة إلهية للمخلوقات‪ ،‬وأن مآل الجميع إىل الرحمة اإللهية‪ .‬وأن ّ‬
‫الديان هو هللا سبحانه‪،‬‬
‫َ‬
‫سء‪ ،‬وأن بداية‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫َ ْ ّ‬ ‫كل ي‬
‫ّ‬
‫وكلف اإلنسان بالدعوة إليه‪ ،‬وتحبيبه إىل الخلق كلهم‪ ،‬ولم يكلفه مهمة التفتيش يف عقائد الناس‪.‬‬
‫اتهامات‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫*هل هناك تيارات صوفية بعينها سليمة المعتقد‪ ،‬أو قريبة من سالمة المعتقد‪ ،‬يمكنك شخصيا التعاون معها بغية تجنب‬
‫الرم بالكفر والتجديف بالدين والقرآن؟‬
‫ي‬
‫واألفغان ورشيد رضا‪ )...‬الصوفية يف قفص االتهام‪،‬‬ ‫**منذ وضع ّ‬
‫رواد اإلصالح يف زمن النهضة (من أمثال محمد عبده‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫وغي ذلك‪ ،‬عكف أرباب الصوفية عىل إعادة صياغة الذات‪ ،‬بما‬ ‫ووجهوا إليهم جملة تهم تتعلق بالعقيدة ر‬‫ّ‬
‫والشيعة والمجتمع ر‬ ‫ٍ‬
‫ر‬
‫والعشين‪ ،‬تحرص‬ ‫ّ‬
‫التجمعات الصوفية الموجودة يف أنحاء المعمورة يف القرن الحادي‬ ‫يدفع تلك التهم‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فإن معظم‬
‫ر‬
‫عىل التدليل عىل سالمة عقيدتها‪ ،‬وحسن اليامها بالشيعة‪ ،‬واهتمامها بمجتمعها الخاص‪ ،‬والعمل عىل ربط حياة اإلنسان‬
‫بمعتقداته اإليمانية‪.‬‬
‫سالكي‪ ،‬ومعظمهم يشغل مناصب‬ ‫لدي صداقات يف أطوال الدنيا‪ ،‬مع قيادات صوفية‪ ،‬ومع مريدين‬ ‫لذا‪ ،‬فإنت أفخر بأن ّ‬
‫ر‬ ‫ي‬
‫عامة يف التعليم واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‪.‬‬
‫ّ‬
‫رمان بالكفر‪ .‬وأحرص عىل أن‬ ‫ذنت‪ ،‬إن هو ي‬ ‫فإنت أجتهد صادقة يف أن أجنب أي ٍأخ مسلم ر ي‬ ‫بالكفر»‪ ً ،‬ي‬ ‫الرم‬
‫أما عملية «تجنب ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪.‬‬
‫إلسالم الرباعية األبعاد‪ ،‬كما سبق وذكرت وقد يخلط البعض ربي أفكاري‬ ‫ي‬ ‫كممارست‬
‫ي‬ ‫الشخض متوازنا تماما‬
‫ي‬ ‫نض‬
‫يكون ي‬
‫العلم‪ .‬وهنا‪ ،‬ال أقول ذلك ألتنصل من أقوالهم‪ ،‬ولكن ألقول‪ ،‬ي‬
‫إنت‬ ‫ي‬ ‫اختصاص‬
‫ي‬ ‫الصوفيي موضوع‬
‫ر‬ ‫وبي أفكار كبار‬ ‫الشخصية ر‬
‫بكل تواضع وصدق‪ ،‬لم أصل إىل مستوى كشوفاتهم الوجودية‪ ،‬وإن كنت مأخوذة بفتوحاتهم يف جوهر اإلنسان ومقتنعة‬
‫ّ‬
‫أكيية» (نسبة إىل الشيخ‬ ‫بإنجازاتهم يف هذا المجال وأرى رصور ًته يف العرص‪ .‬وأنا كشخص‪ ،‬وإن كان يحلو للبعض أن يصن ي‬
‫فت « ر‬
‫األكي ابن عرن) أو «صوفية» عموما (نسبة إىل اختصاص)‪ ،‬إال أنت ‪ -‬عىل الصعيد العقدي والعمىل ‪ -‬أنتسب إىل ر‬
‫جم ٍع‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ري‬
‫صوف منفتح عىل الجميع‪.‬‬ ‫ي‬ ‫إسالم‬
‫ي‬ ‫اتجاه‬ ‫اوية‬
‫ر‬ ‫(الدند‬ ‫‪.‬‬‫اإليمانية‬ ‫لمعتقدان‬
‫ي‬ ‫تسجيل‬ ‫كتبها‬ ‫وف‬
‫ي‬ ‫اوية‪،‬‬‫ر‬ ‫الدند‬ ‫األشة‬ ‫هو‬ ‫مسلم‪،‬‬
‫وانتش يف كل أصقاع األرض)‪.‬‬ ‫ر‬ ‫نشأ يف مرص‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫حد فككت رموز لغة هذا‬ ‫األكي‪ ،‬أسألك أوال‪ ،‬إىل أي ٍ‬ ‫عرن‪ ،‬شيخ المتصوفة ر‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫مح الدين بن‬‫ي‬ ‫المختصة عميقا بنصوص‬ ‫*أنت‬
‫ً‬
‫أت خطابات‬ ‫كثية يف «فتوحاته» عالقة عليك حت اللحظة‪ .‬ثانيا‪ ،‬كيف قر ِ‬ ‫القطب وبعض «مذاهبه» الرمزية؛ وهل ما زالت أمور ر‬
‫إال نصوص الشيخ عينه‪ ،‬وكيف تحققت لديك ّ‬ ‫ّ‬
‫جراء ذلك معادلة «التصوف القديم بالجديد‬ ‫الشيخ من دون دليل مصاحب‬
‫ً‬
‫مؤوال»؟‬
‫ّ‬ ‫سفر ٌ‬ ‫ً‬
‫واحدا‪ ،‬وهو ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بالمحطات‪ ،‬ولكن‬ ‫غت‬
‫ي‬ ‫األكي‪ ،‬هو مغامرة معرفية تستغرق أعمارا‪ ،‬ال عمرا‬ ‫**إن االرتحال يف عالم الشيخ ر‬
‫ّ‬
‫ال وصول فيه وال عودة لواصل‪ .‬وإن نصوصه من النوع الذي يتشب من نوافذ الحواس‪ ،‬ومخابر الفكر‪ ،‬إىل حياة المسافر‬
‫اف اللغة‪ ،‬واتكأت عىل‬ ‫عىل مراكب السطور‪ ،‬ويتغلغل ف قاع وجوده‪ .‬لذا اخيت أن أركب سفينة إبحاري ف عوالمه من مر ئ‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫معرفت العقلية بما نتج عن تجربته الصوفية من أفكار ورؤى‪ .‬ونعم أيضا‪ ،‬لقد زرعت ‪ -‬يف‬ ‫ي‬ ‫المفاهيم لتفكيك الرموز‪ ،‬ولبناء‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫كثية‪ ،‬ال تزال يف «فتوحاته» تشغل‬ ‫طاقت ‪ -‬للمبحرين من بعدي‪ ،‬بعض األضواء يف شواهق النصوص‪ ،‬ولكن أمورا ر‬ ‫حدود ُ ي‬
‫‪:‬‬
‫عقىل‪ ،‬وتطل بعد رقدة سنوات لتسأل هل من جديد يف المعطيات؟!‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصوف‬
‫ي‬ ‫عرن‪ ،‬بل فضلت أن أتعامل مع نتاجه بالنهج‬ ‫اءن البن ر ي‬
‫أسقطه عىل قر ي‬‫فلسف» ِ‬ ‫ي‬ ‫تفكي‬
‫لقد تعمدت أال أستخدم «نهج ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت أدخلها‬‫ه أرض الحقيقة ي‬ ‫المعرف»‪ ،‬ي‬
‫ي‬ ‫إىل بمثابة «منصات للشهود‬ ‫عينه‪ .‬وبكالم آخر‪ ،‬لقد كانت نصوص ّابن ر ي‬
‫عرن بالنسبة ي‬
‫عرن‪،‬‬‫اشتغاىل عىل ّ النصوص‪ ،‬أن من ال مرشد له‪ ،‬وال ترجمان‪ ،‬يف قراءة ابن ر ي‬ ‫ي‬ ‫مت واقع‬‫أللتف صاحبها يف حدود الكلمات‪ .‬وعل ي‬ ‫ي‬
‫فالشيخ نفسه يرشده‪ ،‬وييجم نفسه بنفسه؛ أي إن المعت كله يف النص‪ ،‬ومفاتيح مغاليق عبارة من العبارات‪ ،‬أو مقطع من‬
‫ً‬
‫عول عىل ما ُيسفر‬ ‫بعضا‪ ،‬والقارئ كالمسافر ُي ّ‬ ‫المقاطع‪ ،‬موجودة يف عبارات أخرى أو يف مقاطع أخرى‪ ..‬نصوص ييجم بعضها‬
‫له سفره من فتوح يف النص‪.‬‬
‫المكان‪ ..‬والمكانة‬
‫ّ‬
‫يؤنث ال ُي ّ‬
‫عول عليه»؟‬ ‫الشهية‪« :‬ما ال‬
‫ر‬ ‫عرن‬
‫*وكيف تعاملت‪ ،‬معت ورؤية‪ ،‬مع مقولة ابن ر ي‬

‫عول عليه»‪ ،‬جاءت يف سياق تأنيث المكان‪ ،‬فقال (ص ‪« :)17‬المكان‬ ‫**الواقع أن عبارة ابن عرن الواردة ف «رسالة ما ال ُي ّ‬
‫ي‬ ‫ري‬
‫يعول عليه‪ ،‬يعت المكانة»‪ ،‬وبشكل واضح قال ف الصفحة نفسها‪« :‬المكان إذا لم يكن مكانة‪ ،‬ال ّ‬
‫يعول عليه»‪.‬‬ ‫إذا لم يؤنث‪ ،‬ال ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫وبكالم آخر‪ ،‬كل مكان ييل فيه إنسان (وكل منصب أو موقع وظيف)‪ ،‬إن لم ينعكس مكانة (قيمة معنوية) عىل نازله‪ ،‬فال ّ‬
‫يعول‬ ‫ي‬
‫عليه‪.‬‬
‫عرن أعظ‬ ‫أمام المجال للقول إن ابن ر ي‬ ‫عرن‪ ،‬ولم ً تحبسها بالمكان والمكانة‪ ،‬مما يفسح ي‬ ‫أعجبت أنك أطلقت مقولة ّابن ً ر ي‬ ‫ي‬ ‫ولكن‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫ممية يف كتاباته‪ ،‬وتجىل كاتبا إنسانيا يخاطب الذكر واألنت عىل حد سواء‪ ،‬ويعيف بأهلية المرأة لكل ما هو متاح‬ ‫المرأة مكانة ر‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أنت لم أصادف نصا لديه يقلم‬ ‫عي الزمان‪ ،‬هو ي‬ ‫وأوثقت يف عالمه‪ ،‬وولد بيننا صداقة ر‬ ‫ي‬ ‫للرجل حت «مقام القطبية»‪ .‬ما شد ين‬
‫الثان يف اإلنسانية‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فيه أظافر المرأة أو يقص أجنحتها‪ ،‬أو يجعلها يف الصف ي‬
‫تؤنث كل ر‬ ‫ّ‬
‫وكأن أسمعه من ربي‬ ‫ي‬ ‫سء يف وجودها وعالمها المحيط‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الت أعطاها المرأة‪ ،‬فكأنه يحثها عىل أن‬ ‫وب هذه المكانة ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫أعطان مجاال فكريا‬ ‫ي‬ ‫األسطر والكلمات يقول‪« :‬حولوا كل ما هو ذكوري إىل أنثوي‪ ،‬وال تعيشوا يف عالم أحادي ذكوري»‪ .‬وهذا‬
‫جمع ُ‬ ‫عظيما ألن ر‬ ‫ً‬
‫المسلم ( األشة الدندراوية) محفوظة فيه مكانة المرأة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫حظ‬
‫ي‬ ‫ألن أحاول تأنيث كل ما لمسته وشغلته‪ .‬وكان‬
‫أعطان مجال حركة أوسع‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪..‬‬
‫وف «المكان» الذي تستحقه وهذا‬ ‫إىل جنب الرجل‪ ،‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اىل‬
‫المواقف والمخاطبات» لمحمد بن عبد الجبار النفري؟ وهل ترين أن هذا المتصوف االخي ي‬ ‫*أي حفر أحدثه فيك كتاب «‬
‫ّ‬
‫عرن لديك؟‬
‫دفي وسارح‪ ،‬هل هو يف ميلة ابن ر ي‬ ‫الشاهق‪ ،‬وصاحب الغموض الشفاف عىل عمق ر‬
‫وخصصت لصاحبه فقرات يف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للنفري‬ ‫أعجبت كتاب «المواقف»‬ ‫الصوف‪،‬‬ ‫ّ‬
‫النص‬ ‫اشتغاىل يف الدكتوراه عىل‬ ‫**منذ بداية‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ه نوع من إرادة اإلمساك بلحظات مواقفه‬ ‫‪:‬‬ ‫ر‬
‫النفري ي‬
‫ً‬
‫وبصيته عند نقطة الصمت»‪ .‬إن كتابة‬
‫ً‬
‫ر‬ ‫الصوف‬
‫بحت المعنون «وجدان ً ي‬ ‫ي‬
‫ألثي عنده صورة‪ ،‬شاهدا عىل الوجود‪ ،‬يستعيد بالنظر إليها‪ :‬اللحظة‬ ‫لنفسه أو ر ٍ‬ ‫عي تدوينها بالكلمات‪ ،‬تماما كمن يأخذ‬ ‫ر‬
‫ً‬
‫اإلنسان يكاد يكون غائبا يف مواقف النفري‪.‬‬ ‫ي‬ ‫فالمخاطب‬ ‫‪.‬‬‫والموقف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عرن‬‫نظيا لكتاب المواقف‪ ،‬هو كتاب‪« :‬مشاهد األشار القدسية»؛ حيث يقول ابن ر ي‬ ‫عرن مؤلفا‪ ،‬ر‬ ‫وقد وجدت يف تراث ابن ر ي‬
‫اإلسبان المعروف‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫أشهدن‪ ...‬وقال يىل‪ .‬وقد قمت بتحقيقه ونشه بالشاكة مع د‪.‬بابلو بنيتو‪ ،‬المستشق‬ ‫يف مطلع كل مشهد‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫األكيية (النص منشور بالعربية مع اليجمة اإلسبانية)‪.‬‬ ‫يف مجال الدراسات ر‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الت تمارس تصنيفا لآلخرين‪ ،‬فتقدم‬ ‫فإنت ال أنتسب إىل تلك الفئة من الناس ي‬ ‫عرن والنفري‪ ،‬ي‬
‫أما بخصوص المقارنة ربي ابن ر ي‬
‫بمعايي تضعها‪ ،‬بل أرى أن كل واحد‪ ،‬هو هوية مكتملة بذاتها‪ ،‬ودالة يف زمنها ومكانها‪ ،‬وتتمتع بفرادة تجعلها ال تتكرر‬
‫ر‬ ‫وتؤخر‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫العلم وتنوعه‪ ،‬وأيضا عىل قدرة مدونته‬
‫ي‬ ‫وال تستنسخ؛ ومع ذلك‪ ،‬فإن المقارنة قد تكون مسموحة عىل مستوى حجم اإلنتاج‬
‫ر‬ ‫ً‬
‫واألكي‬ ‫الصوفية يف ً تحريك العقول والمواجيد إلنشاء مدرسة صوفية أو تيار فكري‪ .‬وهنا‪ ،‬أظن أن ابن ر ي‬
‫عرن هو األوسع نتاجا‬
‫تالمذة ونفرا‪.‬‬
‫الفضاء‪ ..‬رقصة كونية‬
‫ّ ّ ً‬
‫ه الوجه‬‫الفيياء ي‬
‫الخارج ليس سوى رقصة كونية عمالقة‪ ،‬وأن ر‬‫ر ي‬ ‫أحس مبكرا أن الفضاء‬ ‫األمي يك فريتجوف كابرا‪،‬‬
‫الفيياء ر‬
‫*عالم ر‬
‫تعلقي؟‬
‫ر‬ ‫‪..‬‬ ‫ر‬
‫اآلخر للتصوف الش يف بماذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عرن وجالل الدين‬
‫األمي يك تشابها وتماثال ربي رؤية العالم عند أعالم الصوفية الكبار كابن ر ي‬
‫**جميل أن يجد هذا العالم ر‬
‫الفريقي ‪ -‬هو عبارة عن منظومة من‬
‫ر‬ ‫الفيياء؛ فالعالم ‪ -‬يف رؤية‬
‫وبي رؤية العالم يف اللحظة العلمية الراهنة يف حقل ر‬
‫الروم ر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المكونات الميابطة والمتفاعلة والدائمة الحركة نحو خلق جديد‪.‬‬
‫تفسيات علمية لآليات الكونية يف القرآن الكريم‪ ،‬ولكن المقاربة ربي الشهود‬
‫ر‬ ‫ه عىل نسق ما نجد من‬ ‫وأرى أن هذه المقاربة ي‬
‫والفيياء الحديثة»‬
‫ر‬ ‫الش يف‬‫الصوف والنظرية العلمية‪ ،‬ال تزال ف طور الوالدة والتكوين‪ ،‬ونأمل أن يجد كتاب كابرا «التصوف ر‬
‫ً‬ ‫ً ّ ي‬ ‫ي‬
‫الصوف يف حدقة العلم ثانيا‪.‬‬ ‫مشاهد‬ ‫خالله‬ ‫من‬ ‫نرى‬ ‫عله ينشأ عنه ٌ‬
‫تيار‬ ‫‪،‬‬‫أوال‬ ‫ياء‬
‫الفي‬
‫ر‬ ‫علماء‬ ‫لدى‬ ‫صدى‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫أخيا‪ :‬ماذا تحب ري أن ت ي‬
‫سأىل؟‬ ‫* ر‬
‫نفش‪ :‬هل أمضيت عمرك‪ ،‬عىل مستوى الدراسة والعمل‪ ،‬بما يستحق عمرك؟‬
‫ي‬ ‫**السؤال الذي طرحته عىل‬
‫والعية ّ‬
‫بتوجه‬ ‫ر‬ ‫أسي عليه‪،‬‬ ‫ولكنت راضية عن اختياري للطريق الذي ر‬ ‫ي‬ ‫ان‪،‬‬
‫إنت راضية عن إنجاز ي‬ ‫والجواب‪ :‬الحمد هلل‪ ..‬وال أقول ي‬
‫الوجه والقلب‪ ،‬ال بأطوال المسافات‪.‬‬
‫يعول عليه‬ ‫بغي ُخ ُلق ال ّ‬
‫عرن‪ :‬التصوف ر‬
‫ٍ‬ ‫ابن ر ي‬
‫ّ‬
‫البيان وعصام محفوظ‬ ‫ي‬ ‫* ُيصنف بعض الشعراء والنقاد العرب واألجانب (وعىل رأسهم أدونيس وخليل حاوي وعبد الوهاب‬
‫ّ‬
‫صوف‪ ..‬ما تعليقك؟‬ ‫ي‬ ‫عرن بأنه شاعر يف المقام األول‪ّ ،‬ثم بعد ذلك متفلسف‬ ‫وهانز دوييش وهرمان راديش ‪ -‬ألمانيا) ابن ر ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عرن‬‫أقول‪ ،‬إن ابن ر ي‬ ‫ولكنت‬
‫ي‬ ‫فهم لفكره‪ ،‬هو الوحيد المطابق لحقيقته؛‬‫ي‬ ‫ع أن‬ ‫ي‬ ‫عرن‪ ،‬وال أد‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ع الملكية الحرصية البن‬ ‫ي‬ ‫**ال أد‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫هو واحد من الهامات العالية‪ ،‬كعمود نور يتجذر يف األرض ويتطاول نحو السماء‪ ،‬ويصيب كل مقيب منه قبسا‪.‬‬
‫يرصح‬ ‫عرن هو شاعر؟ أقول‪ ،‬كما قال هو البن رشد‪ :‬نعم وال‪ .‬إن نمط الكتابة لديه يشبه تجربة الشاعر ف الكتابة؛ ّ‬
‫ي‬ ‫ُْ‬ ‫هل ابن ر ي‬
‫األخية‪ ،‬صارت الكتابة نوع إمالء‪ ،‬وكأن اإللهام‬ ‫ر‬ ‫إنها يف البدايات كانت من جنس اإللهام المعنوي (ملهم المعت) ثم يف كتبه‬
‫ّ‬
‫ومجدول بالرموز واإلشارات‪ ،‬وتنفتح ألفاظه عىل‬ ‫ٌ‬ ‫ف‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫مكث ٌ‬ ‫الصوف‬ ‫نصه‬‫(م ْلهم المبت)‪ .‬إضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن ّ‬ ‫أصبح عبارة ُ‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬
‫المعان‪ .‬كما أن الخيال الخالق‬ ‫ي‬ ‫الصوف» رصد «معراج الكلمة» يف‬
‫ي‬ ‫كتان «المعجم‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫التعددية يف المعت‪ ،‬وقد حاولت يف مقدمة‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ويظل‬ ‫يظل الفارق واضحا‪،‬‬ ‫عي الزمان والمكان؛ ولكن‪،‬‬ ‫تفسي مشاهده ومكاشفاته ولقاءاته الصوفية ر‬ ‫ر‬ ‫يلعب دورا واضحا يف‬
‫الصوف‪.‬‬
‫ي‬ ‫الصوف الذي ال ينحبس يف هوية الشاعر‪ ،‬وال يف هوية المتفلسف‬ ‫ي‬ ‫عرن‪ ،‬من وجهة نظري‪ ،‬هو‬ ‫ابن ر ي‬
‫يعول عليه»‪ ،‬و«التصوف إذا لم ّ‬ ‫بغي خلق‪ ،‬ال ّ‬ ‫ً‬ ‫يقول ف «رسالة ال ُي ّ‬
‫يعم‬ ‫للنوعي من التصوف‪« :‬التصوف ر‬ ‫ر‬ ‫عول عليه»‪ ،‬جامعا‬ ‫ي‬
‫الوج ال يعول عليه»‪ ،‬أي‬ ‫بشى ال يعول عليه»‪ ،‬و«النوم إذا لم يصحبه‬ ‫مكارم األخالق‪ ،‬ال يعول عليه»‪ ،‬و«النوم إذا لم يعط ر‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ر‬
‫ه‬ ‫وج تشي ع‪ .‬ونقول‪ :‬فإن كان النوم الذي يعول عليه هذه صفته‪ ،‬فكيف ي‬ ‫وج الفهم للقرآن والنصوص القدسية ال ي‬ ‫ي‬
‫اليقظة؟!‬
‫هللا لم يكلفنا التفتيش يف عقائد الناس‬
‫أجدن أتقاطع معه‪ ،‬عىل كون الحقيقة‬ ‫ي‬ ‫وأمثاىل من ديانات أخرى‪ ،‬أي مع كل إنسان عىل وجه األرض‪،‬‬ ‫ي‬ ‫مثيالن‬
‫ي‬ ‫عندما أتعامل مع‬
‫سء‪،‬‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ر‬
‫عت كل ي‬ ‫ّ‬
‫اإلنسانية واحدة لدى كل البش‪ ،‬وعىل جوهر الدين ووظيفته األخالقية والروحية‪ ،‬وعىل كون الرحمة اإللهية و ِس‬
‫الديان هو هللا سبحانه‪ ،‬وكلف اإلنسان‬ ‫وأن بداية ال َخ ْلق هو رحمة إلهية للمخلوقات‪ ،‬وأن مآل الجميع إىل الرحمة اإللهية‪ .‬وأن ّ‬
‫ّ‬ ‫َ ْ ّ‬
‫بالدعوة إليه‪ ،‬وتحبيبه إىل الخلق كلهم‪ ،‬ولم يكلفه مهمة التفتيش يف عقائد الناس‪.‬‬
‫ّ‬
‫عرن والنفري‬
‫ابن ر ي‬
‫ّ‬
‫وتتمتع بفرادة تجعلها ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تتكرر‪ ،‬ومع ذلك فإن المقارنة‬ ‫عرن والنفري لكل منهما هوية مكتملة بذاتها ودالة يف زمنها ومكانها‬ ‫ابن ر ي‬
‫ً‬
‫العلم وتنوعه‪ ،‬وأيضا عىل قدرة مدونته الصوفية يف تحريك العقول والمواجيد‬ ‫ي‬ ‫قد تكون مسموحة عىل مستوى حجم اإلنتاج‬
‫صوف‪.‬‬
‫ي‬ ‫إلنشاء مدرسة صوفية أو تيار‬

Вам также может понравиться