Академический Документы
Профессиональный Документы
Культура Документы
يعد العبدري من أهم الرحالين المغاربة في القرن السابع الهجري ،وكان الهدف من
رحلته أداء فريضة الحج ،وطلب العلم.
وقد دون العبدري مشاهداته قي رحلة جليلة الفوائد ،عظيمة القيمة ،هي " رحلة العبدري"
) (1أو " الرحلة المغربية ".
قام العـبدري برحلته في 25ذي القعدة من سنة 677هـ براا من بلده " حاحة " على
المحيط الطلسي في المغرب القصى ،وقطع كثيرا من المدن في المغرب والجزائر وتونس
وليبيا ومصر ،ثم دخل أراضى الحجاز ،فأدى فريضة الحج ،ويمم شطر فلسطين فزار بعض
مدنها ثم عاد إلى بلده برا.
اهتم العبدري في رحلته بالناحية العلمية للبلدان التي مر بها ،وترجم لعدد من الشيوخ
الذين لقيهم ،ودوون ما أخذ عن كل واحد منهم من فقه ،وحديث و أدب ،وغير ذلك ،مما جعل
الرحلة اقرب ما تكون إلى فهرس لشيوخه.
ولم يغفل العبدري النواحي العمرانية في البلدان التي مر بها ،ول الثـــار الباقية ،ول
النواحي الجتماعية والقتصادية ،والجغرافية والتاريخية ،مما يزيد في قيمة الرحلة ويجعلها
مصدرا مهما للدارسين.
اسمه ونسبه:
لم تسعفنا المصادر القديمة بترجمة وافية لحياة العبدري ،إذا خلت كتب التراجم والطبقات
والفهارس من ذكره ،وأقدم من ترجم له – فيما نعلم – ابن القاضي المكناسي )ت 1025هـ( في
كتابه " جذوة القتباس " ) (2غير أن هذه الترجمة جاءت مختصرة ل تكاد تفيد كثيرا ،فهي ل
صل في أخبار نشأته .ويبدو أن ابن القاضي استقى
تذكر حديث ولدته ،ول زمن وفاته .ول تف ص
ترجمة العبدري من رحلته ،وكذلك فعل من جاء بعده ،وترجم لصاحبه الرحلة(3).
فالرحلة فيما نظن هي المصدر الرئيس الذي أفاد منه كل الذين ترجموا للمؤلف ،ولولها
لضاع ذكر العبدري فيما ضاع من تراث المة.
وثمة احتمال أن يكون ابن عبد الملك المراكشي) ،ت 703هـ(ترجم للعبدري ترجمة
وافية في كتابه " الذيل والتكملة " ) (4لما كان بينهما من علقة وطيدة ،إذ يبدو انه جمعت
بينهما بعض حلقات الدرس في مراكش ،ول سيما حلقة شيخهما قاضي الجماعة بمراكش أبى
عبد ا محمد بن علي بن يحيى بن يحيى المدعو بالشريف (5) .ونجد العبدري يذكر ابن عبد
الملك بقوله :صاحبنا الفقيه الوحد ويصف كتابه بالتقان والفادة ) ،(6ولكن هذا الحتمال يبقى
رهنا ا بعثورنا على الجزء الخاص الذي ترجم فيه للمحممدين(7).
ولذلك كان لزاما علينا أن نسعى وراء الخبار ،وما استيسر من دللتها ،لنجمع ترجمة
اقرب ما تكون إلى الصحة لهذا الرحالة الديب.
والعبدري كما جاء في صدر مخطوطات رحلته :محمد بن محمد علي بن أحمد بن سعود.
وينتهي نسبه إلى عبد الدار بن قصي بن كلب ،واليهم نسبة العـــبدري.
اختلفت الراء في أصله ،فبعض مترجميه ) (8ععددوه أندلسيا ا هاجر من الندلس أيان
اشتعالها بالحروب والفتن ،واستقر في "حاحة " على شاطئ المحيط الطلسي.
وبعضهم ) (9يرى أن أسرة العبدري كانت تقطن في بلنسية ،ثم هاجرت إلى المغرب،
وأقامت ،وفيها كانت ولدة المؤلف.
ولعل نشأة العبدري في "حاحة " هي التي حملت الستاذ محمد الفاسي على القول :إن
العبدري مغربي ل أندلسي).(10
وليس بين أيدينا ما يرجح أحد القولين ،وان كنا ل نلمس في رحلته ول في شعره ذكرا
للندلس يدل على تعلق العبدري بها ،على حين انه كان يذكر مراكش على أنها موطنه(11).
وإذا نظرنا إلى تراجم العبدريين في المصادر الدبية ،وكتب التراجم المختلفة فإننا نجد أن
موطنهم بلنسية ) ،(12ولعل هذا المر هو الذي حمل بعضهم إلى رد نسبته إلى الندلس ،غير
أن من رحل من المشرق من بني عبــــد الدار سكنوا بلنسية ،فمن المحتمل أن يكون اصل قوم
الرجل أقاموا في الندلس ،غير أن أهله الدنيين رحلو ا إلى المغرب و أقاموا في حاحة ،وثمة
ولدته ونشأته كما سلف.
قام العبدري برحلته في الخامس والعشرين من ذي القعده عام ثمانية وثمانين وستمائة،
وكان عندها في عنفوان عمره كما قال له شيخه أبو زيد الدباغ ).(13فإذا فرضنا انه كان
حينذاك في الخامس والربعين لنه قال عن ابن خميس التلمساني – الذي كان – حين لقبه
بتلمسان في الثامنة والثلثين من عمره – بأنه " فتي السن " فتكون ولدته زهاء سنة )643هـ(
ونظن أن وفاته كانت بعد سنة )700هـ( وهذا قريب مما قدمه الدكتور عمر فروخ ،إذ جعل
وفاته سنة )720هـ()(15
ويبدو أن المر قد التبس على الزركلي إذ صنع ترجمتين متتاليتين للعبدري على انه
شخصان مختلفان ) (16ووقع في الوهم نفسه عمر رضا كحالة ،والحقيقة أن الترجمتين هما
للعبدري صاحب الرحلة.
وثمة خلف آخر في كنية الرجل ،فبعضهم يكنيه أبا محمد ) ،(18وبعضهم الخر أبا عبد
ا ) ،(19ول حاجة للطالة في الحديث عن هذا الخلف ،فكنية الرجل هي أبو عبد ا كما
وردت في صدر النسخ المخطوطة للرحلة ،وكناه بها أيضا البلوي الذي أورد له أبياتا ثانية في
رحلته (20).
أما الكنية الخرى فقد تأتت من ذكره لبنه محمد في رحلته .ول يعضدها أي دليل آخر.
ثقافته
ل يذكر العبدري شيئا عن دراسته الولى ،ول تسعفنا المصادر بمعرفة بدايات تكوينه
الثقافي .ول يستبعد انه تتلمذ على يد والده ،ودخل الكتاب في بلدته " حاحة " ،فحفظ القران
الكريم ،وتعلم على الطريق المتبعة عصرئذذ من التدرج في حفظ المتون ،وتعلم العمليات
الحسابية ،ثم ارتقى إلى أن أصبح من الطلب ،فانتقل حينئذ إلى مراكش التي كانت مركزا
علميا مرموقا فاخذ ،عن علمائها ما استطاع وذكر منهم محمد بن علي بن يحيى الشريف).(21
وقد أفاد العبدري من كثرة مشايخه وتنوع ثقافتهم ،فجاءت ثقافته منوعة شاملة كثير من
الفنون ،وهذا ما ظهر جليا في رحلته الذي يظهر فيها المؤلف حافظا القران والحديث ،مطلعا
على الدب العربي نثره مشعره وخطبه ورسائله ،عارفا بأيام العرب وغزواتهم ،وفصحاء
خطبائهم وله معرفة بالسماء واللقاب والكنى ،وأسماء الماكن وبمصطلحات علوم الدب
والبلغة والعروض.
ولعل في سرد أسماء الشيوخ الذين التقاهم في رحلته وما أخذ عن كل واحد منهم ما
ينهض دليلا على سعة ثقافته وتنوعها:
-1محمد بن صالح الكناني الشاطبي ))(22ت 699هـ( وكان عالما بالحديث ،لقيه
العبدري في بجاية ،وقرأ عليه بعض كتاب " الموطأ " وبعض كتابي " التيسير " و"المقنع "
لبي عمر الداني )ت 444هـ( وجميع قصيدة الشاطبي في القراءات وبعض كتاب "شمائل
النبي" للترمذي ،وبعض كتاب " رياضة المتعلمين " للحافظ أبى نعيم )ت 430هـ( وكتاب "
فضل قيام الليل " و " فضل تلوة القران " للمام أبي بكر الجري ،كما قرأ عليه " قصيدة
معراج المناقب " لبن أبي الخصال ،وأنشده بعض شعر ابن برطلة )ت 661هـ( وأجازه إجازة
عامة.
-2الحسن بن بلقاسم بن باديس )) (23ت 688هـ( لقيه في قسنطينة ،وسمع عليه صدرا
من " الموطأ"
-3حسين بن محمد الطبلي ))(24ت 688هـ( لقيه في باجة وقرأ عليه بعض كتاب "
المقرب في النحو " لبن عصفور.
-4أبو محمد بن هارون ))(25ت 702هـ( لقيه العبدري في تونس عند الورود
والصدور ،وقرأ عليه بعض كتاب "الموطأ" وبعض كتاب "التيسير " للداني ،ودول من "
صحيح مسلم " ،وقرأ عليه " فهرسة جده أبى جعفر بن خلصه الحميري " " وفهرسة أبى القاسم
بن بقي " وقرأ عليه " برمجة في أسماء شيوخه " وكتــاب " الوعد والنجاز " ،لبن الطيلسان
)ت 642هـ( ،وكتاب " درر السمط " لبن البار )ت 658هـ(.
-5أبو جعفر اللبلي )ت 691هـ( ) :(26لقيه في تونس ،وقر أعليه بعض " الموطأ" ،و
" جامع الترمذي " ،وكتاب " شمائل النبي " و " قصيدة الشاطبي في القراءات " و :كتاب
التيسير " للدلني ،وأجازه إجازة عامة.
-6أبو عبد ا بن هريرة )ت بعد 691هـ() :(27لقيه في تونس ،وقرأ عليه كتابه الذي
جمعه في "وفيات المشاهير " ،وقرأ عليه"القصيدة الشقراطسية " لبي محمد الشقراطسي )ت
466هـ(.
-7أبو زيد الدباغ )ت 699هـ( ) :(28عالم بالحديث والفقه ،لقيه العبدري في القيروان،
وقرأ عليه بعض أحاديثه الثنائية السناد من حديث مالك بن أنس ،وبعض أحاديثه التساعية،
وناوله " الحاديث الربعين في عموم رحمة ا لسائر المؤمنين " ،وسمع عليه كثيرا من
الحاديث والشعر.
-8أبو العباس الغماز )ت 693هـ() :(29لقيه في تونس ،وأخذ عنه " جامع البخاري "
وسمع عليه دول من "الموطأ " و" صحيح مسلم " و" سنن أبى داوود " و" جامع الترمذي "،
وقرأ عليه "أكثر التيسير" لبي عمرو الداني،وقرأ عليه " برنامجه في أسماء شيوخه" ،وسمع
منه دو ا
ل من كتاب "الكتفاء في مغازي رسول ا صلى ا عليه وسلم " ،و"مغازي الثلثة
الخلفاء " لبي الربيع بن سالم )ت 634هـ( ،وكتاب "مفاوضة القلب العليل " لبي الربيع بن
سالم )ت 634هـ( ،و" دول من التيسير " لبي عمرو الداني ،وأجازه إجازة عامة.
-10أبو الحسن بن رزين المرسي )ت 692هـ)) :(31له عناية في الدب ،لقيه في
تونس فقرأ عليه " فهرسته في أسماء شيوخه" وكتاب "الصلة" لبن بشكوال ،وقرأ عليه "
المثال الكامنة في القران" ،وأجازه إجازة عامة.
-14محمد بن أبى القاسم القسي) :ت 708هـ() :(35لقيه في تونس ،وقرأته جزء في "
فضيلة من اسمه محمد وأحمد " وهو مجموع يشتمل على مجموعة من الحاديث الضعيفة.
-15جابر بن محمد الوادي آشي )ت 694هـ() :(36لقيه العبدري في تونس ،وقرأ عليه
قصيدة "الشاطبي في القراءات " ،و"أرجوزة السخاوي في المتشابه من ألفاظ القرآن " وأجازه
إجازة عامة.
-16أبو القاسم بن زيتون )ت 690هـ() :(37لقيه في تونس ،وأجازه إجازة عامة بكل
ما يجمله.
-19أبو عبد ا بن صالح )ت بعد 688هـ( ) :(40لقيه في تونس وقرأ عليه برنامجه
في أسماء شيوخه وبعض " درر السمط " لبن البار ،وبعض كتاب "المحتوي على الشواذ من
القراءات " ،وكتاب" القربة إلى رب العالمين في فضل الصلة على سيد المرسلين " و "
مختصر حلية الولياء " وكتاب "المصابيح " تأليف الحسيـن بن سعود )ت 642هـ(.
ودمون الععببدري في رحـــــلته إلى جانب شيوخه أسماء أصحابه الذين روى عنهم ،وسجل
ذكرياته معهم ،وأورد لخم كثيرا من مروياتهم وأشعارهم كالشاعر ابن خميس التلمساني )ت
703هـ( ،الذي أثبت له كثيرا من شعره).(48
ولعلنا نجد في بعض النماذج التي سنوردها من رحلته دليل واضحا على سعة ثقافة
العبدري ،وتنوع معرفته ومدى ما أفاد من شيوخه:
قال منكراا على أهل مصر اشتغالهم بعلم المنطق ) ..." :(49وأن المر المنكر عليهم ،و
النكر المألوف لديهم تدارسهم لعلم الفضول ،وتشاغلهم بالمعقول عن المنقول ،في إكبابهم على
علم المنطق واعتقادهم أن من ل ييحسنه ل يحسن أن ينطق ،فليت شعري هل قرأه الشافعي
ومالك ؟ أو هو أضاء لبي حنيفة المسالك ؟ وهل عــاركه احمد بن حنبل ؟ أو كان الثـــوري )
(50على تعلمه قد أقبل ؟ وهل استعان به اياس ) (51في ذكائه ؟ أو بلغ عمرو ) (52ما بلغ
من دهائه ؟ أو تمرس به قس وسحبان )(53؟"........
وقال في ذكر مدينة " بونة " مستخداما بعض مصطلحات العروض في وصفها )" :(54
ثم وصلنا إلى مدينة بونا فوجدناها بطوارق الغير مغبونة ،مبسوطة البسيط ،ولكنها بزحف
النوائب مطوية مخبونة"....
وأدل دليل على عمق ثقافة العبدري ،وتمكنه من العلوم المختلفة تصديه بالنقد لمشاهير
العلماء ،وتغليطه لهم ،مع ما يتحلون به من مكانة علمية مرموقة ،فهو ل يتـــردد في نقد
القاضي عياض بن موسى وتغليطه فيقول عنـــد الكــــلم على اليجحفة ) " :(55قال عياض:
إنما سميت اليجحفة من سبب سيل الجحاف الذي اجتحف الحجاج عام ثمانون ول ادري كيف
ينطلق اللسان بحكاية مثل هذا ؟ وبعد أن يحكى كيف ل ينتبه عليه ؟ وذلك أنها كانت تسمى
اليجحفة قبل السلم والى الن ..وكان سيل الجحاف في إمارة عبد الملك بن مروان وكيف
سميت به قبل وجوده ؟ وأغرب من ذلك أن سيل الجحاف كان بمكة واجتحف الحجاج من
المحصب ،وذهب بهم وبأمتعتهم ،وهدم بمكة دور كثيرة ودخل المسجد الحرام ،وأحاط بالكعبة،
وكان ذلك سحر يوم التروية من عام ثمانين ،وما شأنه واليجحفة حتى سميت به ؟ وهذا مما
يكون الضراب عنه صفاحا أولى ".
وتصدى العبدري لبي القاسم السهيلي )ت 581هـ( وصحح له كثيرا من المعلومات التي
أوردها في كتابه " الروض النف " ).(56
وتعقب العبدري أبا عبيد البكري )ت هـ( في مصنفه " المسالك والممالك " خطوة خطوة،
وصووب له المعلومات التي أوردها وكانت تصويباته صادرة عن شاهد عيان ،رأى المواضع
وعاينها ممما جعل كلمه يتصف بالدقة والموضوعية ،سنكتفي بإيراد مثال واحد للدللة على
ذلك ،قال العبدري ) " :(57وما زال أهل التقان يقعون في مثل هذا ،أل ترى إلى أبي يعبيد
ي ،مع تحقيقه وفرط اعتنائه ،ونبل تواليفه قد أودع في )مسالكه( من الغلط في صفات
البكر م
البلدان ،وتحديدها وترجمتها إلى مال غاية ورائه فمن ذلك قوله في الياء مدينة بيت المقدس :أن
الجبال محيطة بها ،و إنما هي نـععشز من الرض كما ذكر ،وليس بالقرب منها جبل"...
ومما ييضاف إلى ما تقدم أن العبدري كان عارفا ا باللغة البربرية ،ومتقنا لها ،ول عجب
في ذلك لن قبيلته كانت تستوطن في منطقة يقطنها البربر ،وآية ذلك تغليطه لبي عبيد البكري
في تسميته " تاد مكة " بقوله ) ...:(58ومن ذلك انه ذكر من بلد الصحراء بلدة يقال لها :تاد
مكة ،وترجمها فقال :معنى)تاد( الهيئة ،أي أنها على هيئة مكة .وليس معنى تاد الهيئة كما ذكر،
ول الهيئة اسم في لسانهم البتة ،و إنما معنى تاد هذه ،وهي من أسماء الشارة عندهم ،يقولون
لهذا :واد ،ولهذين وهؤلء ويد ،ولهذه تاد ،ولهاتين وهؤلء تيد ،وليس للمثنى عندهم عبارة
سوى الجمع إل في ألفاظ العدد ،فمعنى تاد مكة :أي مشبهتها ".
مكانته العلمية
لئن كان أصحاب كتب التراجم من معاصري العبدري لم يعطوه ما يستحق فإن الشيوخ
الذين لقيهم في رحلته عاملوه بقدر كبير من الجلل والتقدير اللذين يتناسبان ومكانته العلمية ،إذ
كان العبدري يعامل باحترام حيثما حمل ،لن مناقشته العلمية ومناظراته كانت مثار إعجاب
هؤلء ،وموضع تقديرهم ،فالشيخ تاج الدين الغرافي ،على علو منزلته ،يعامله معاملة الند،
فيأخذ كل منهما عن الخر ،يقول العبدري ) " :(59وقيد اسمي ونسبي في برنامج شيوخه،
وقيـــد عني أبياتا من شعري ،وكتب بخطه جميع القصيدة التي كتبتها إلى ولدي محمد بن
القيروان " .
أما الشيخ شرف الدين الدمياطي فقد كتب له و لبنائه الثلثة بالجازة على صغر سنهم).
(60
وهذا هو الشيخ المسن أبو القاسم الحضرمي البيدي يقدمه ليؤمم به في الصلة مع انه كان
قارب التسعين من عمره(61).
وبلغ من علــــــم الرجل ومكانته انه أمسك عن الخــذ عن رجال رآهم دونه في العلم،
ول يحسن له أن يأخذ عنهم ،فهو لم يأخذ عن محمد بن عبد السيد في طرابلس ) ،(62ول عن
أبى البدر بن جماعة )ت 733هـ( في القدس ).(63
إن وسيلتنا إلى دراسة شخصية العبدري شبه قاصــــــرة لضيــــاع أكثر أخباره ،وسنعتمد
على شعره ،وعلى ما تناثر من أخباره مع العلماء الذين لقيهم في رحلته ،وأقوالهم فيه ،في رسم
ملمح الشخصية.
وأول ما يطالعنا في شخصية العبدري هو حرصه على مكارم الخلق ،وبره بأبنائه
لنستمع إليه وهو يخاطب ابنه:
قضاءء جاعء ـمن عمـــلك علمي عجرى القدير اليمتايح لنا ببين
يدموعــا ا في ي
ضها مثيل التي وأ يببـدلت المآقي من كراهــا
وتتصف شخصية العبدري بالصراحة في كل ما كتبه ،وقد كان وفيا لما قرره في مفتتح
رحلته حين قال ) " :(65وبعد ،فاني قاصد بعد استخارة ا سبحانه إلى تقييد ما أمكن تقييده،
ورسم ما تيسر رسمه وتسويده ،مما سما إليه الناظر المطرق ،في خبر الرحلة إلى بلد
المشرق ،من ذكر أوصاف البلدان ،وأحوال من بها من القطان ،حسبما أدركه الحس والعيان ،
وقام عليه بالمشاهدة شاهد البرهان ".
ويرى صلح الدين المنجد أن العبدري " اختص بميزة في رحلته لم يشاركه به أحد من
الرحالين ،وهي الجرأة في التعبير عن رأيه وشعوره ،والنــــقد اللذع ") (66فمـــن ذلك قوله
في مدينة قابس وأهلها ) ..." :(67ثم وصلنا إلى مدينة قابس ،ذات المخبر الخبيث و المحيا
العابس ،هواء وخيم ،ولؤم طبع وخيم ) (68وتضييع المصليات والمساجد ،وقلة اعتناء بكل
راكع وساجد ".
على أن العبدري كان شخصية محببة للناس ،يلقى عناية كبيرة من الشيوخ حيث حل،
ويحتفون به ويستأنسون ،ويشعرون بالوحشة لفراقه) ،(69وكان بعضهم يهديه كتابه الخاص )
،(70وبعضهم يجلس معه طوال النهار ،وهو يملي عليه ،فل يقوم إل لتجديد الطهارة )(71
والمؤلف رجل متمسك بدينه متضلع بالفقه ،مطلع على كتب الحديث المختلفة صحيحه
وضعيفه ،عارف بعلله وأحكامه ،لذلك لم يكن يؤمن إل بما يطابق تعاليم القران ،وما صح على
النبي صلى ا عليه وسلم ،ونراه يحارب الخرافات وندد بمن يعتقدها ،ويخضع كثيرا من
المور إلى منطق العقل والعلم ،فنراه مثل عند كلمه على الغار الذي دخله النبي صلى ا عليه
وسلم وأبو بكر الصديق في جبل ثور عند هجرتهما إلى المدينة يذكر انه " غار له بابان،
وأحدهما ضيق اقل من شبرين ،فيتكلفون النفوذ فيه ،وشاع من جهلهم أن من لم ينفذ به فهو ولد
زنى ،وتقرر ذلك في معتقدهم الفاسد")(72
ومن ذلك أيضـــــا انه اخبر أن مدينة عسقلن بئر في مسجدها عظيمة متقنة العمل،
عجيبة الصفة تعرف ببئر إبراهيم ،قال " :ويحكى في فضائلها أشياء ل تقع الثقة في صحتها " )
(73
فشخصية العبدري إما تبرز من خلل هذه الخلق التي طبعت على الخير فهو امرؤ
مؤمن كل اليمان بال تعالى ،وتتمثل فيه أخلق المسلم الحق من صدق ،وأمانة في الرواية،
وحرص على العلم ،وتحمل بمكارم الخلق.
الوارقاة
أ -الحواشي
(2اسمه كامل :جذوة القتباس في ذكر من حل من العلم مدينة فاس ،طبع بالمغرب
(4هو كتاب " الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة " طبعت أجزاء منه في بيروت
والرباط.
(5مقدمة محمد بن شريف للسفر الثامن من كتاب الذيل والتكملة 42-8/1
(6الرحلة 302
(11الرحلة .302
(13الرحلة 164
(14الرحلة 53
(16العلم .32-7/31
(22الرحلة 84
(23الرحلة 95
(24الرحلة 105
(25الرحلة 114
(26الرحلة 116
(27الرحلة 117
(28الرحلة 163
(29الرحلة 489
(30الرحلة 495
(31الرحلة 512
(32الرحلة 521
(33الرحلة 544
(34الرحلة 497
(35الرحلة 534
(36الرحلة 539
(37الرحلة 519
(38الرحلة 549
(39الرحلة 557
(40الرحلة 558
(41الرحلة 228
(42الرحلة 245
(43الرحلة 267
(44الرحلة 289
(45الرحلة 299
(46الرحلة 429
(47الرحلة 564
(48الرحلة 53
(49الرحلة 284
(50سفيان بن سعيد ين مســــروق ،مفسر ،محدث ،كان عالم المة و عابدها و زاهدها
توفي بالبصرة 161هـ.
(51إياس بن معاوية ،قاضي البصرة ،ضرب به المثل بالذكاء والفطنة ،توفي ستة 12هـ
(52عمرو بن العاص ،أحد عظماء العرب ودهاتهم ،فاتح مصر ،توفي سنة 43هـ.
(53قس بن ساعدة اليادي ،وسحبان وائل ،فصيحان من فصحاء العرب يضرب بهما
المثل في البلغة
(54الرحلة 104
(55الرحلة 350
(56هو كتاب الروض النف في شرح السيرة النبوية لبي القاسم السهيلي ،طبع غير
ممرة.
(57الرحلة 338
(58الرحلة 339
(59الرحلة 267-266
(60الرحلة 299
(61الرحلة 296
(62الرحلة 187
(63الرحلة 473
(64الرحلة 176
(65الرحلة 28
(67الرحلة 180
(69الرحلة 266
(70الرحلة 164
(71الرحلة 490
(72الرحلة 391
(73الرحلة 476
المصادر والمراجع
.1بلنثيا ،انخل .تاريخ الفكر الندلسي ،ترجمة حسين مؤنس ،القاهرة 1955م.
.2البلوي ،خالد ،ناج المفرق في تحلية علماء المشرق ،تحقيق الحسن السائح،
المحمدية ،بدون تاريخ.
.3ابن تاويت ،محمد ،الوافي بالدب العربي بالمغرب القصى ،الدار البيضاء
1982م.
.4حسن ،زكي محمد ،الرحالة المسلمون في العصور الوسطى ،القاهرة ،بدون تاريخ.
.9العبدري ،محمد بن محمد ،رحلة العبدري ،تحقيق علي إبراهيم كردي ،دار سعد
الدين ،دمشق 1419هـ1999 ،م.
.11ابن القاضي المكناسي ،احمد .جذوة القتباس في ذكر من حل بالعلم .مدينة فاس،
الرباط 1974م.
.14مخلوف ،محمد .شجرة النور الزكية في طبقات المالكية بيروت بدون تاريخ.
.16المراكشي ،محمد بن عبد الملك ،الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ،إحسان
عباس ومحمد بن شريفة ،بيوت والرباط 1964م وما بعد.
.17المقري ،شهاب الدين أحمد ،نفح الطيب ،تحقيق إحسان عباس ،بيروت 1968م.